الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
تحديد مجلس العقد
الغرض من تحديد مجلس العقد: تحديد أجل للقبول يكون للقابل فيه حق التروي، فيقبل في خلاله.
وهو ما يمكن أن نطلق عليه اصطلاحًا (نظرية مجلس العقد).
وتعد هذه النظرية من أهم النظريات التي سبق إليها الفقه الإسلامي، والتي تمتاز بالدقة والإتقان، ولكن يؤخذ على بعض الفقهاء أنهم غالوا في تحديد مجلس العقد تحديدًا ماديًا وشكليًا بعيدًا عن روحه ومقصوده.
[م - 66] فالحنفية بالغوا في اشتراط وحدة المكان في مجلس العقد، فجعلوا التتابع، وهما يمشيان أو يركبان، ولو دابة واحدة غير منعقد لاختلاف المجلس؛ لأن القبول يقع في غير مكان الإيجاب، فالمشي يعتبر فاصلًا بين الإيجاب والقبول، وعليه فالعقد لا يعتبر مستكملًا شروطه في هذه الحالة، فلا ينعقد، ولم يعتبروا السير على السفينة مؤثرًا، وذلك أن المجلس فيها لا يتبدل بجريانها بخلاف المجلس في المشي وفي السير على الدابة فإن المجلس يتبدل فيها، فيؤثر في صحة العقد؛ ولأن السفينة لا يملك المتعاقدان إيقافها، بخلاف الدابة
(1)
.
وذهب الجمهور في تحديد مجلس العقد: بأن المجلس هو الزمن الذي يظل فيه المتعاقدان مشتغلين بالتعاقد، فإن أعرضا عن العقد واشتغلا عنه بما يقطعه عرفًا فقد انقطع المجلس، ومن الإعراض عن العقد انفضاض المجلس.
(1)
بدائع الصنائع (5/ 137)، الجوهرة النيرة (1/ 184)، البحر الرائق (5/ 294).
جاء في البحر الرائق: «المجلس المتحد: أن لا يشتغل أحد المتعاقدين بعمل غير ما عقد له المجلس، أو ما هو دليل الإعراض عن العقد»
(1)
.
وقال أيضًا: «القيام - يعني عن المجلس - دليل الإعراض»
(2)
.
فالعبرة هو الإعراض عن العقد، سواء كان ذلك بالقيام من المجلس، أو كان ذلك بالإعراض عنه والاشتغال بغيره، ولو كان المجلس باقيًا، فلا ينبغي أن يؤثر انتقالهما من مجلس إلى مجلس آخر ما داما منشغلين بالعقد.
وجاء في درر الحكام «وصورة اختلاف المجلس: أن يوجب أحدهما، فيقوم الآخر قبل القبول، أو يشتغل بعمل يوجب اختلاف المجلس»
(3)
.
(4)
.
وقال في الإنصاف: «وإن تراخى القبول عن الإيجاب: صح ما داما في المجلس، ولم يتشاغلا بما يقطعه. قيد الأصحاب قولهم «ولم يتشاغلا بما يقطعه» بالعرف»
(5)
.
ومن هنا كان مجلس العقد بالمكالمة الهاتفية: هو زمن الاتصال ما دام الكلام في شأن العقد، فإن انتقل المتحدثان إلى حديث آخر انتهى المجلس،
(1)
البحر الرائق (5/ 293).
(2)
المرجع السابق، الصفحة نفسها.
(3)
درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 326).
(4)
مواهب الجليل (6/ 240).
(5)
الإنصاف (4/ 263).
وإن كان الاتصال ما زال جاريًا، وقد نقلت كلام الفقهاء المعاصرين في هذا الشأن في مسألة مستقلة.
وبهذا يتبين أن المجلس يقصد به ما هو أعم من الجلوس فقد يحصل اتحاد المجلس مع الوقوف، ومع تغير المكان والهيئة.
* * *