الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونصب لجدران وبيوت وإقامتها على أساس: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128]، {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} [غافر: 36]، {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} [البقرة: 22].
وقد ورد بناء السماء في القرآن الكريم سبع مرات، غير بناء الصرح والغرف، من ثنتين وعشرين استعمالًا في البناء؛ وذلك لما في البناء من ارتفاع واضح؛ ولذا جاء في [ل] "بَنا في الشرف يَبْنو "كأنه يعني: ارتفع.
ومن هذا التركيب ومعناه: الابن (وأصله بَنَو أو بَنَى) إذ هو امتداد لأبيه ناشئ منه يمد ذريته ويقيمها: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46]، والبنت: أصلها بِنْو أو بِنْي - بالكسر - أبدلوا من واوها أو يائها تاء (1).
والذي جاء في القرآن الكريم من التركيب هو كله من أحد معنيين: البناء المقام بجدران أو عَمَد أو ما هو ممن قبيله، والابن: الولد مذكرًا أو مؤنثًا والجمع والمصغر منه. وسيَاق كل منهما يعيّنه بلا لبس.
•
(بون - بين):
{قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [ابقرة: 256]
"البِينُ - بالكسر: القِطعة من الأرض قدرُ مَدّ البصر، والبانُ شجر يسمو ويطول في استواء مثلَ نبات الأَثْل. والبِوَان - ككتاب وغُراب: عمود من أعمدة الخباء ".
° المعنى المحوري
هو: امتداد بين طرفين أو جانبين مع فصل كبير أو
(1) ينظر [تاج بنى].
اتساع: كما يرفع البِوان سقف الخباء فيفصله عن الأرض ويُوسِّعه، وكشجَر البان بطوله، واستواؤه يُشْعِر بمزيد امتداده. والبين - بالكسر - ممتدٌّ كالفارغ لأن النظر ينصب على نهايته البعيدة. وفي صفته صلى الله عليه وسلم:"ليس بالطويل البائن "أي المفرط طولًا الذي بَعُد عن قدّ الرجال الطوال [ل].
ومن ذلك الامتداد والفصل أو الاتساع: "البائنةُ: البئر البعيدة القَعْر. بئر بَيُون: واسعة ما بين الجالين "(الجال والجُول: كل ناحية من نواحي البئر إلى أعلاها من أسفلها - فهذه السعة حقيقية، وقد يلزمها الامتداد عمقًا؛ لأنها تُسَنّيه). ومن ذلك أيضًا "البَون - بالفتح والضم: مسافة ما بين الشيئين "فهذه المسافة مساحة فاصلة. ومنها قالوا إن البَيْن يعني الفُرْقة كما يعني الوصل وإنه من الأضداد. وإنما الأصل ما ذكرنا، فالمسافة نفسها فَصْل لكنها هي مَوْصِلٌ للطرفين.
ومن ذلك الفصل استُعملت في معنى التخصيص بشيء؛ إذ هو عزل وتمييز "طلب فلان البائنة إلى أبويه: إذا طلب منهما أن يُبِيناه بمال (أي يخُصَّاه به فيعزلاه له) وقد أبانه أبواه حتى بان يبين بيونا "(الغريبين 1/ 236).
ومن ذلك الفصل والتمييز جاء معنى الوضوح والظهور؛ لأن المفصول المتميز عن غيره يلفت النظر، وهو المعنى الذي جاءت به كل مفردات التركيب القرآنية - عدا الظرف (بين):"بان الشيء: اتّضَح فهو بَيّن (كسيّد). والبَيَان: ما بُيِّن به الشيءُ من الدَلالة وغيرها ": {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ} [آل عمران: 118]، {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا
…
} [سبأ: 14]، {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} [البقرة: 160]: بَيّنوا الذي جاءهم من الله فلم يكتموه ..
فالآية التي قبلها: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [انظر طب 3/ 260، والكشاف 1/ 248. قال (طب) في هذه [3/ 159]: "والبيّنات "التى أنزلها الله: ما بَيَّنَ من أمر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ومَبْعثِه وصفته في الكتابين (التوراة والإنجيل). {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ} [البقرة: 87]"هي ما أُظْهِر على يديه من الحُجَج والدلالة على نبوته: من إحياء الموتى، وإبراء الأكمه، ونحو ذلك من الآيات التي أبانت منزلته من الله، ودلت على صدقه وصحة نبوته "[طب/ شاكر 2/ 318](فالبينات هنا تعني المعجزات تثبت صدق دعوى النبوة بأمور ظاهرة واضحة للجميع). {كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} [البقرة: 211]: "واضحة أنها من أدلتي على صدق نُذُرِي ورُسُلي "[نفسه 4/ 271] أي أنه يفسر البَيّن - كسيِّد - من المتعدي واللازم، وهي في [ق] من اللازم، كما يوافق القواعد، فهي آيات بينات أي ظاهرات واضحات في نفسها؛ فتُسَلَّم بلا جدال، أو في أنها من عند الله. {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19]: "ظاهرة بَيِّنة للناس أنها فاحشة، مبيَّنة (على المفعولية): قد بُيّنَتْ لكم وأُعْلِنَتْ وأُظْهِرت "[طب شاكر 8/ 121]. بان الشيء واستبان وبيّن وتبين وأبان: ظَهر ووضَح: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55](تتبيّن)، {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: 168] (واضح أمره تمامًا، وهو أيضًا مجاهر بعداوته لكم): {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82 وينظر الأعراف: 15، 16]، وقد حذَّرَنا الله تعالى منه:{يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 27]، وآيات أخرى كثيرة في المعنيين.