الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
(حيي):
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]
"الحيّة: الحَنَش. والحيّ من النبات: ما كان طريًّا يهتز. وأرض حَيَّة: مُخْصِبة. وأحْيَيْناها: وَجَدْناها حَيّة النبات غَضّة. وحياءُ ذوات الظلف والخف: رَحِمُها ".
° المعنى المحوري
امتلاء بالطراءة التي لها حِدّةٌ ما أو فاعلية تتمثل في رهافة الحسّ وفي النمو حركة أو امتدادًا: كجِرْم الحية ممتدَّا يتحرك (والامتداد يصور النمو)، وتتجلى طراءته في مرونته وتَلَويِّه دُونَ أن ينقطع كأنه مليءٌ بمانع. والتلوِّى دون انكسار يعطي التماسكَ أيضًا، وكالنبات الطري ينمو، واهتزازه دون أن ينكسر يبدي تماسكه. والحياءُ مجتمعُ الجرم على طراءة وهو حادّ الحس (وهو للمرأة حَيّ -بالفتح. وقد ارتبط تركيب (حيي) في القرآن الكريم بالماء في أكثر من عشرة مواضع مثل {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30]، {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [النحل: 65]. ومن ذلك أيضًا "الحيا: المطر "(به تكون الطراءة والنمو، وفُسِّر أيضًا بالخِصْب). ومنه أيضًا: "المحاياة: الغِذَاء للصبي "(به نموه وغضاضته)(وعند الفلاحين أول سَقْية لبعض ما يزرعون تُسَمى رَيَّة المحاياة). "وأحيا القومُ: أُمطِروا فأصابت دوابُّهم العُشْب حتى سَمِنت. وحَيُوا هُمْ أنفسُهم بعد الهزال ". (السِمَن عن شحم متراكم وهو طري) وقالوا "حَيَّ الطريقُ: استبان "(وهو حينئذ ممتد متصل متماسك) ومن ذلك الأصل "الحياة نقيض الموت "(قوة سارية تتمثل في الحِسّ والنموّ وهو حركة واتصال وامتداد مع الطراءة. وجسمُ الميت يتصلب). {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ} [الأعراف: 25] {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ
يُمِيتُكُمْ} [الحج: 66]"والحيوان: الحياة الدائمة الباقية "{وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت: 64]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الحياة ضد الموت -عدا التحية والحياء. وعنه الاستحياء إبقاء الشخص حيًّا أي عدم قتله {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة: 49، الأعراف: 141، إبراهيم: 6] وكذلك ما في [الأعراف: 127، والقصص: 4، وغافر: 25].
ومن "الأصل التحيّة: البقاء "إذ هو امتداد واتصال مع رقة الحياة والحركة ومنه قول زهير بن جناب الكلبي:
ولَكُلُّ ما نالَ الفَتَى .. قد نِلْتُه إلا التحية
(أي الخلود) والتحيةُ: السلامُ من ذلك أيضًا فالشائع بين عرب الجزيرة إلى الآن: "حَيّاك الله "ومعناها أحياك الله أي أبقاك، "وأعمرك الله " [ل 236/ 237] وهذا المعنى مازال شائعًا إلى الآن (أطال الله عمرك وأبقاك وعافاك إلخ) وقد كان شائحًا قديمًا عند العرب والعجم [ل 237] وما أظنه كان خاصًّا. والتحيةُ في هذا صِنْو السلام من حيث المعنى فهو من السلامة وهي بقاء أو سبب للبقاء {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] ومثلها ما في [المجادلة: 8]، وكل كلمة (تحية). وقولنا في التشهد "التحياتُ لله "معناها البقاء والدوام والسلامة (من كل نقص) كقوله تعالى:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] وفيها معنى التنزيه مثل (سبحان الله، وتعالى الله). وفُسّرت بأنها جَمْع أنواع التحية: السلام. وقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} [البقرة: 26] (أي لا يستبقى ذلك ولا يمنع منه ولا يحجزه -وأنا
أستريح لهذا التفسير هنا) وفي [طب 1/ 398، ول 238/ 18] جُعِلَتْ من الحَياء الذي هو نحو الخجل.
ومما في الأصل من تجمع مع رقة في الباطن قالوا: "الحَيّ: الواحدُ من أحياء العرب، والبطنُ من بطون العرب "(فهذا تجمع لقوم يربطهم الدم والرحم وهما رقة تضادّ جَفَافَ الأجانب وجفاءهم، مع التعاطف (إحساس)، ولتجمع القوم حركة كثيرة ونمو أيضًا).
والحياءُ الذي هو ضد الوقاحة هو من الامتلاء بالغضاضة والطراءة والحس المرهف المتمثل في سرعة التأثر. والعامة تصف الحيِىّ بأنه عنده دم وأنه حسّاس، ومن توقح بأنه فاقد الدم والإحساس، ويقال لمن عانَى مخجلًا: أراق ماءَ وجهه. قال الشاعر:
عساها تنجلي وخلاك ذم
…
وماء الوجه في الوَجَنات جار
ومن وقع في ما يُستحيا منه يقول إنه مَبْلول، والشوام يقولون مَغْسول) {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص: 25]، {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53]. وتأثر المستحْيي يغلب أن يكون انقباضًا، وقد عُرّفَ الحياءُ بأنه التوبةُ والحشمةُ. والتوبة انقباض وإمساك. وقالوا "لا حَيَّ عنه ولا حَدَدَ: أي لا مَنْعَ منه لا يَحُدّ عنه شيء " [ل 233/ 10] والمنع إمساك وقبض.
ومن الصفة (حيّ) ولوازمها استعملوا كلمة (حَيّ) بمعنى شَخْص ذي حياة قال: {وَحَيَّ بَكْرٍ طَعَنّا} ، "أدركتُ حَيَّ أبي حفص "، "إن حيَّ ليلى لَشاعرة "يريدون ليلى، "أتانا حيُّ فلان أي أتانا في حياته "، "وسمعت حَيّ فلان يقول كذا