الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استرسال. {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 17] هذا تصوير لهيئة ابتلاعه الماء الصديد الذي ذُكر في الآية السابقة لهذه.
•
(جرف):
{أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: 109].
"الجُرف - بضمة وبضمتين: ما أَكَلَ السيلُ من أسفل شِقّ الوادي والنهر، فإن لم يكن من أسفل شقه فهو شط وشاطئ "- جَرَفَ السيلُ الوادي (كنصر) جوّخه. وكانت المرأة ذاتَ لِثَة فاجترفها الطبيب أي استحاها عن الأسنان. وجَرَفت الطينَ: كَسَحته، والشيءَ: ذهبت به كله ".
° المعنى المحوري
قطعٌ وإزالةٌ من أصْل جِسْم الشيء الرخو كتجويخ السيل الوادي، وجرْف اللثة المسترسلة على الأسنان (تحت الشفة) والطين وكلٌّ منها رخو.
•
(جرم):
{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} [المائدة: 8].
"جَرَمَ التمرَ: صَرَمَه (أي قَطَع عُذُوقَه المتدلية من النخل جَنْيًا له). جَرَم النخل: صَرَمه/ خَرَصه وجَزَّه. والجريم والجرام - كسَحَاب: النَوَى، والتَمْرُ اليابسُ. وتمر جريم: مجروم. وأجرم: حان جِرامه. والجُرامة: ما سقط من التمر/ ما التُقِط من التمر بعد ما يُصْرَم يُلقط من الكَرَب. وجَرَمْتُ صوفَ الشاة: جززته ".
° المعنى المحوري
حَصْدُ عُذُوق التَمْر المعلَّقة بالنخل (تجريدًا) بعد تمام حاله. كما هو واضح من الاستعمالات ومن إدخال الخَرْص وهو حَزْر الكَمِّية
التي سَتُحْصَدُ قبل الجزّ، وكذلك من تفسير الجريم بالتمر اليابس، وبالنوىَ وهو صُلْبٌ، ومن تفسير أَجْرم بالحينونة، وتفسير الجُرامة. وقد صُرّح بملحظ يُبْس التمر المجروم في تفسير المرزوقي للمفضليات عند قول سلمة:(فَرَاشُ نُسُورها عَجَمٌ جَريم). وجَرْم صُوفِ الشاة محمولٌ على جَرْم التمر، وهو يبين دخول ملحظ التجريد ضمن معنى الجرم.
ومن معنوى القطع أو الانقطاع بعدَ التمام قولهم: "تجَرَّمَ القَرْنُ (من الزمان) أي انْقَضَى وانصرم ""حَوْلٌ مُجَرَّم - كمعظم: تامْ، وسنة مجرّمة: تامة. والعام المُجَرّم: الماضي المكمَّل. سنة مجرَّمة، وشهر مجرَّم وكَريتٌ فيهما، ويوم مجرَّم وكريت وهو التامّ. تجرَّمت السَنَةُ: انْقَضَت، وتجرَّم الليل: ذهب. وجرَّمنا هذه السنة - ض: أي خَرَجْنا منها. وجرّمنا القومَ - ض: خَرَجْنا عنهم ".
وتلك الاستعمالات تعطي معنى الانفصال. ونقول إن منه قولهم "لا جَرَم "أي لا فكاك ولا انفصال كما قالوا "لا بُدَّ "ومعنى البَدّ التفريق. وهذا أسلوب عربي. فقد قالوا ما زال، وما انفك، وما برح - وكلها تعبيرات عن اللزوم، وأصلها نفي المفارقة. وهذا يحقق تفسير لا جرم بـ لا بد ولا محالة {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ} [النحل: 62] وكذلك كل {لَا جَرَمَ} . وقولهم إن معناه حقًّا هو مأخوذ من ذلك. فإن ما لا بد ولا مفر منه هو واقع حقًّا. وأما من أرجعها إلى أن جَرم فِعْل بمعنى (وجب وحق) أو أنها من جَرَمْت بمعنى كسبت وأن "لا "موقوفٌ عليها [ينظر تاج] فتأويل لا ضرورة له. وما أصّلنا هو ما سبق الفراء إلى خلاصته بأن (لا جرم) كلمة كانت في الأصل بمنزلة (لا بد) و (لا محالة)، فجرَت على ذلك وكثُرت حتى تحولت إلى معنى القسم، وصارت بمنزلة حقًّا،
فلذلك يجاب عنها باللام، كما يجاب بها عن القسم. ألا تراهم يقولون لا جرم لآتينك ".
ومن وجوه المعنى المحوري جَرَم بمعنى كسب (كما أن الجَرْح الذي أصله كشط الظاهر يستعمل في معنى الكسب "فلان مجرح لعياله. والجوارح: أعضاء الإنسان التي تكتسب وهي عوامله من يديه ورجليه. والجوارح: ذواتُ الصيد من السباع والطير ". [تاج] يقال "فلان جَريمة أهله أي كاسبهم. وخرج يَجرِم أهلَه أي يكسِبُهم. ويجْتَرم: يكتسب ويطلب ويحتال ".
ومنه قالوا "جَرَم إليهم وعليهم جريمة "كما قالوا جَنَى عليهم جناية وجر عليهم جريرة.
ثم من هنا يفسَّر {لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ} [هود: 89]، وكذلك {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} [المائدة: 2 وكذا ما في 8] بـ لا "يَكْسِبنكم "والفعل معدًّى لمفعولين. وأما بضم ياء المضارعة فلا إشكال. لكنها فسرت في [ل] بـ "لا يُدْخِلنكم في الجُرْم "أي من الإجرام.
ومن العذوق (التي تقطع) في المعنى المحوري - وكل منها تجمع كثيف للتمر اليابس - يتأتى "الجِرْم بمعنى الجَسَد/ البَدَن/ ألواح الجسَد وجُثْمانه. ألقى عليه أَجْرامه أي ثِقَل جِرْمه ". ثم منه أن "المُدّ "من الحب يسمى جَريما وذلك في الحجاز، يقال "أعطيته كذا وكذا جَرِيمًا من طعام ".
وأخيرًا فإن ما سبق من معنى الجِرم وأنه كتلة كبيرة ثقيلة، ومع ملحظ الجفاف يجعلني أؤيد تمامًا ما جاء في [الكليات 41] أن "الجُرم لا يطلق إلا على