الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالجِذل. ويلزم من الدَلْك الموصوف ذهابُ النتوء. ومنه قالوا الحَكيكُ: الكعبُ (وهو ما يسمى بَزّ الرجل، وعُقْدة القَصَبة أو الأنْبوب) المحكوك (المقصود: غيرُ المنتبر)، والحافر النَحِيتُ ""وكلُّ خَفِى نحيتٍ حكيكٌ " (الخفاء يُعْنَى به هنا الاستواء وعدم الانتبار كقولهم "رجل خَفِىّ البطن: ضامره خفيفه ". ومنه الأَحَك: الذي لا سِنّ في فمه الأدْرَد "(كلمة أَحَك مصوغة من الفعل (حكك) بكسر العين. وصيغة الفعل هذه معناها هنا المطاوعة، وهي هنا قريبة من معنى المفعولية. فالأحكّ كأن أسنانه حُكَّتْ أي نُحِتت أو أزيلت).
ومن الدَلك السطحي المجازي: "جاء بالحُكَيْكَات -على صيغة التصغير، وبالأَحَاجىّ وكذلك الحَكَّاكات- بالتضعيف: المشْتَبِهات ووَسَاوس الشيطان ". وكذلك "ما حَكّ هذا الشيءُ في صدري أي ما عَمِلَ "أي لم يقشر الظاهر وينفذ إلى قلبي).
•
(حكم):
{إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غافر: 48]
"حَكَمة اللجام -محركة: ما أحاط بحَنكَى الدابّة، وفيها العِذاران (حبلان من جانبيها يَشُدّانها إلى الرأس) وحكمة الإنسان: أسفلُ وجهه، وحكمة الضائنة: ذَقَنها ".
° المعنى المحوري
ضَبْطٌ يمنع التسيب ويمكّن من جَعْل الشيء -أو جريانه- على ما ينبغي ويراد. كحكمة اللجام تضبط الدابة وتمنعها من التسَيب أي تمكن من إيقافها وتوجيهها حسب مراد راكبها (وحَكَمةُ الإنسان والضائِنَة مشتبَّهَةٌ بموضع حَكَمة الدابة، وربما نظر إلى أن الفك الأسفل يُحِكم الاطباق على الحنك).
ومن ذلك الضبط استُعمل التركيب في ضبط المُرَكَبات بعضها مع بعض أي مَنعها من التفكّك والتسيب سواء كانت مادّية أو معنوية أو كلاما "أحكمتُ البناء: بنيته بناه لا يتداعى "[الزينة لأبى حاتم 2/ 103].
ومن الضبط حكمة اللجام التي ذكرناها. و "حَكمتُ الفَرَس (نصر) وأحكمته وحكّمته -ض: وَزَعْتُه وكفَفْته ". ومما يصدق ماديًّا ومعنويًّا بالمنع من الفساد "حَكَمت السفيه وأحكمته: أخَذْت على يده، وحكَم الشيءَ وأحكمه: منعه من الفساد وأصْلحه "كانوا يعضلون المرأة فأَحْكَمَ اللهُ عن ذلك ونَهَى: أي مَنع منه -وأحكمْتُ الشيءَ فاستحْكَم: صار محُكَمًا، واحْتكم الأمر واستحكم: وَثُق ".
وفي قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} [هود: 1] قال الزمخشري "نُظِمتْ نظما رصينا محكمًا لا يقع فيه نقض ولا خلل. كالبناء المحكم الرصْف، ويجوز ان يكون نقْلا بالهمزة من حكُم بضم الكاف إذا صار حكيما أي جُعِلت حكيمة كقوله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس: 1] وقيل مُنِعت من الفساد ". كما تُفَضل الفرائد، من دلائل التوحيد، والأحكام، والمواعظ والقصص، أو جُعلت فُصُولًا سورة سورة، وآية آية، وفُرّقت في التنزيل ولم تُنزل جملة واحدة، أو فُصِّل فيها ما يحتاج إليه العباد أي بُيّن ولُخّص
…
و "ثم "ليس معناها التراخي في الوقت، ولكن في الحال (أي أنها للعطف فحسب). كما تقول:"فلان كريم الأصل ثم كريم الفعل "اه. باختصار. والذي جاء في [مفاتيح الغيب للرازي الغد العربى 8/ 465 و 4/ 83 - 85] وفي [بحر 5/ 201] غير بعيد مما قال الزمخشري، وقريب منه ما في المحرر الوجيز [قطر 7/ 234] والخلاصة أنهم يعبرون عن:
أ) توفر الإحكام اللفظي (المفردات الدقيقة المناسبة، والصياغة المتينة البليغة).
ب) والإحكام من جهة المعنى (دقة التعبير عن المعاني بالمفردات ومناسبة الأحكام واتساق المقررات الكريمة بعضها مع بعض لا تختلف اختلاف تناف).
ج) ثم إن كلامهم يسمح بأن يشمل الإحكامُ الإجمالَ المَغنىَّ به جوامع الكلم.
وقد فصّل الرازي كون الإحكام من جهة المعنى في قوله تعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران: 7] يشمل ما دلالته نص أو ظاهر راجح (باصطلاح الأصوليين)[الغد العربي 4/ 83 - 85] أي أنه نظر إلى حسم المعنى بأن يكون المراد بالآية منها محددًا واضحًا ليس فيه احتمالات) وهن هذا {مُحْكَمَةٌ} [محمد: 20]، وكل {حَكِيمٌ} في وصف القرآن {وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: 58] وكذا ما في [يونس: 1، لقمان: 2، يس: 2، الزخرف: 4] وكذا {كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] محكم من قضاء الله عز وجل. أما في وصف الله عز وجل فهي بمعنى (المحكِم) في ما يقضي به ويجريه سبحانه.
ومن الضبط ومنع التسيب جاء "الحكم: القضاء "لأن القاضي يَضْبط أمر كل من الفريقين وَيفْصِل، مانعًا أن يدخل أيّ منهما على الآخر في حقَه. وكذا الحاكم: السلطان هو من الضبط العام، وإن كان معنى تسميته يمكن أن يُؤْخذ من الحُكم بمعنى القضاء أيضًا {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58]، {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]، وكل (حَكَم) ومضارعها وأمرها فهو بمعنى القضاء والفصل في خصوعات أو نحوها، ما عدا {تَحْكُمُونَ} في {كَيْفَ تَحْكُمُونَ} أي لأنفسكم وتقضون بهذا الباطل