الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعاني اللغوية للحروف الألفبائية في اللغة العربية
استخلصتُ المعاني اللغوية العامة للحروف الألفبائية العربية استخلاصًا علميًّا، اعتبرت فيه الأساسين التاليين:
الأول: هو معاني كلمات التراكيب المكونة من الحروف المراد تحديد معناها، سواء استغرق ذلك التكوين كلّ أحرف التركيب، أو غلب عليها، بأن يتكون التركيب من حرفين مع حرف علة. وذلك مثل:"الببَّة بمعنى الشاب الممتلئ البدن نَعمةً وشبابًا / السمين / الكثير اللحم "فإن كلمة الببَّة هنا مكونة من ثلاث باءات هي الحروف الأصلية لهذه الكلمة، فيمكن أن يؤخذ منها المعى اللغوي لحرف الباء وحده، ولا يكون في ذلك تكلف، وكما في كلمة (ادد):"أددُ الطريق: دَرَرُهُ "(أي مَتْنُه ومَدرَجَته) فإن كلمة (أَدد) مكونة من همزة ودالين، فيمكن أن يؤخذ منها ومن مثلها المعنى اللغوي لحرف الدال دون تكلف، وبخاصة عندما نعرف المعنى اللغوي للهمزة ونطرحه من معى كلمة (أدد) وهكذا. واستنباط المعاني اللغوية للحروف الألفبائية أخذًا من التراكيب المكونة من حرف مكرر هو منهج ليس فيه خروج عن العِلْمية، لولا قِلَّة هذا النوع من التراكيب، وإنما شرطه إحكام الاستنباط. أما التراكيب التي يغلب في بنائها حرف معين فحاجتها إلى إحكام الاستنباط أشد. وهناك من نوع هذا المنهج صور أخرى لم نذكرها هنا.
الأساس الثاني لتحديد معنى الحرف: هو هيأة تكونه في الجهاز الصوتي؛ فإن هيأة التكون هذه يشعر بها الإنسان عند التنبه لذلك، ويستطيع أن يُحس منها بمذاقٍ للحرف يُسهم مع الاستعمالات اللغوية له في تحديد معناه. وقد كان الخليل (ت 170 هـ) ومَن بعدَه من الأئمة يسمون تجربة نطق الحرف من أجل تحديد مخرجه:"ذَوْقا "و "تذوقا ". ولا يخفى أن هذا الأساس الثاني الصوتي ليس في قوة الأساس الأول الاستعمالي.
وإنما استمد قوّته من إمكان ربطه به -أي من إقامة الصوتي على الاستعمالي.
وهذه هي المعاني اللغوية للحروف الأبجدية حسب الأساسين المذكورين: فالهمزة: تعبّر عن ضغط كما يتمثل في "الآء (تركيبه: أوَأ): ثَمَرُ شجر السَرْح / يأكله النعام، وهو يشبه الزيتون (وثمرة الزيتون دقيقة صلبة كأنها مضغوطة). فهذا الضغط الدقيق المتمثل في الصلابة هو الملحوظ لمعنى الهمزة. ويتمثل صوتيًّا في تكوين الهمزة بضغط الزمير أثناء خروجه من الوترين الصوتيين في الحنجرة ضغطًا يؤدي إلى انطباقهما وتوقف الزمير، أو بضغط الزمير آنَ انطلاقه من الوترين عند انفتاحهما بعد إغلاق.
والضغط الذي تعبر عنه الهمزة ينصَبُّ (في الاستعمالات اللغوية) على ما تعبر عنه الحروف التي تصحبها في نفس الكلمة (كما في أكل / كلأ؛ فالكَلَال فَقْد الحدّة، والهمزة قبله تقويه فِعْلا، وبعده تقويه انفعالا؛ لأن الكلأ يؤكل)، أو على معنى العبارة التي تليها كما في همزة الاستفهام. والخلاصة أن الهمزة ليس لها معنى لغوي مستقل بل يظهر معناها في غيرها، ومن أجل ذلك خففها الحجازيون بتسهيل نطقها أو بحذفها تمامًا بحيث لا يبقى محقَّقَ الهمز حتمًا في كلامهم إلا ما وقع في أول النطق بكلامٍ ما. ولو كان لها معنًى لغويٌّ مشقل ما أمكنهم حذفها حتى لا يستعجم كلامهم.
والباء تعبّر عن تجمعٍ تراكميٍّ رخوٍ -مع تلاصقٍ ما: كما في "البَبَّة: الشاب الممتلئ البدن نَعمةً وشبابَا / السمين / الكثير اللحم "(لحم وشحم متراكم تعبر عنهما باء مكررة، فيؤخذ منه معنى الباء الذي ذكرناه)، وصوت الباء يتكون بانطباق الشفتين انطباقًا تامًّا في نقطة أقرب إلى باطنهما من نقطة التقائهما حين نطق الميم. وواضح أن الشفتين كُتلتا لحم رخو، وما تلتقيان من قرب باطنهما في نطق الباء مع إحساسٍ بالتصاق خفيف، والشعور بنطقها هكذا يلتقي مع الاستعمال
اللغوي للباء، كما في لفظة البَبَّة، ويُصَدِّق تعبير الباء عن تجمع تراكمي رِخو.
والتاء: تعبّر عن ضغط دقيق (يؤدي إلى حبس ضعيف أو غير شديد، وقد يؤدي إلى قطع) كما يتمثل عند الاستعمال اللغوي في "التِيتاء وهو الزُمَلِق الذي يَقذِف قبل أن يخالِط، وكذا في قولهم: أتَّه أي غتَّه بالكلام أو كبته بالحجة وغلبه ". فإسكات الخصم بالكلام والحجة حبسٌ بضغط، ولكنه ضعيف نسبيًّا؛ لأنه حبس غير مادي، والتاء تتكون صوتيًّا بالتقاء طرف اللسان (وهو دقيق) بأصول الثنايا العليا التقاءً يحب النفَس، وهو حبسٌ ضعيف لدقة نقطة الالتقاء، ولأنه بطرف اللسان وحده. وأيضًا بالنسبة للحبس في أختي التاء، وهما الدال والطاء، فالشعور بنطق التاء هكذا يلتقي مع المعنى المستنبط لها من الاستعمالات التائية.
والثاء: تعبّر عن نفاذِ دِقاقٍ بكثافة وانتشارٍ ما كالتفشي، أخذًا من قولهم:"شَعرٌ أثيث: غزير طويل، وكذلك النبات. وقد أثَّ النبتُ: كَثُر والْتف. ولحية أثَّة: كَثَّةُ أثيثة "(يُلحظ دِقَّة الشعر والنبت). وهذا يلتقي مع الشعور بتكون الثاء صوتيًّا بمد طرف اللسان بين أطراف الثايا العليا والسفلى، وخروج النفَس خيوطًا هوائية دقيقة منتشرة من منافذ الفم التي يسمح بها وضع اللسان ذاك من جانبيه وحول طرفه.
والجيم: تعبّر عن تجمُّعٍ هَشّ له حدة ما. أخذًا من "أَجِيج النار: تلهُّبها / توقدها. وماء أجَاج: شديد الملوحة والحرارة "(فهذا وذاك تجمع هش لأن لهب النار هش وكذلك الماء. والحدة هي الحرارة والملوحة). وكذلك "الجاجَة: الخرزة الوضيعة التي لا قيمة لها "فعدم قيمتها هشاشةٌ وضعفٌ معنوي. ومن ضعفها الحسي أنها جِرمٌ مثقوب أي فارغ الجوف، أما حدّتها فتتمثل في قوة أثرها في تزيين شكل مَن تَتَحلَّى بها. ومعنى الجيم ذاك يلتقي مع الشعور بتكون صوت الجيم الفصحى بارتفاع وَسَطِ مُقَدَّم اللسان بعَرْضه إلى ما يحاذيه من الحنك الأعلى حتى
يلتقي به التقاءً محكمًا يحبس الهواء. فهذا الوضع يُشعر بنوع من امتلاء الفم بالجيم - وهذا تجمُّع هش، أما تعبير صوتها عن الحدة فمأتاه جهرها، وأيضًا تعطيشها، والتعطيش هو صدى الين الذي يخالط صوتها، وبخاصة عندما ينفجر هواؤها، وهو صَدَى قَوى يَغشى الأُذُن.
والحاء: تعبر عن جفاف في الباطن مع احتكاك بِعِرَض يبرِز وجود الممر الجاف في الجوف. وذلك أخذا من "الأُحاح-: العَطش (جفاف في الباطن)، ومن "أَحَّ بمعنى: سَعَلَ " (احتكاك). ومن جفاف الباطن هذا جاء (الأُحاحُ: الغيظُ والضِغْن ". وهذا يلتقي مع الشعور تكون صوت الحاء باحتكاك الهواء المار لإخراجها بوسط الحلق احتكاكًا جافًّا ليس فيه نعومة العين وبَلالها، لكن فيه إحساسٌ بوجود ممر باطني (يؤخذ منه وجود اتساع في الباطن).
والحاء: تعبّر عن تخلخل ونحوه في أثناء غِلَظ، وذلك أخذًا من "الخَوخَة: وهي كوَّة في البيت تؤدي إليه الهواء، ومُخترَق ما بين كل دارين لم يُنصَب عليه باب، وباب صغير كالنافذة الكبيرة تكون بين بيتين " (فالخوخة في جدار البيت وبين الدارين الملتحمين فراغٌ هو التخلخل). وهذا المعنى يلتقي مع الشعور بتكون الخاء بارتفاع أقصى اللسان حتى يماسّ أقصى الحنك الرخو صانعًا حاجزًا رخوًا مُتخلالًا، مع مرور هواء نَفَسِ الخاء متخللا ذلك التجمع الرخو محتكًّا به، فيتموج جانباه لرخاوتهما، ويُسمَع صدى ذلك الاحتكاك برخو يتموج: خاءً.
والدال: تعبّر عن امتدادٍ طولي دقيق مع انحصار، أي احتباس عن العِرَض. وذلك أخذا من "الدَد: اللهو واللعب "الذي يُغْري بالاستمرار مع الانصراف عن غيره، ومن "الدُود المعروف، والدَوْداة، (وهي عُود، دقيق نسبيًّا)، ممتدٌّ أفقيًّا يُركز وسطه على مرتفع ويتأرجح الصبيان على طرفيه) وما ممتدان ولا فرصة فيهما للعِرَض، ومن "أدَد الطريق: دَرَره (أي متنه ومدرجته) حيث يمتد واضحا من
كثرة الوطء والمرور عليه دون ما حوله، والطُرق قديما لم تكن عريضة. وهذا يلتقي مع الشعور بخروج الدال بالتقاء متنِ مقدَّمِ اللسان إلى طرفه بما فوقه من سقف الحنك حتى أصول الثنايا العليا مع الجهر وحبس المس. ويتميز التقاء اللسان مع سقف الحنك في الدال بأن ارتكازه على متن اللسان من مقدَّمه إلى نهاية طرفه، أي لمسافة أطول كثيرا مما مع التاء، وهذا يشعر بالامتداد.
والذال: تعبِّر عن ثخين رطب أو غض (محتوى) ينفذ: وذلك أخذًا من قولهم "شفرة أَذوُذٌ: تقطع الشحم والكبد "، ومن التعبير عن المحتوى في البطن بـ ذي البطن:"ألقت ذا بطنها: ولدت ". "الذئبُ مغبوطٌ بذي بَطْنه ": أي جَعْوه، وكذلك من الآذِيّ: موج البحر الشديد. (وهو ينتبر منه). وهذا الذي تعبر عنه الذال يلتقي مع الشعور بتكون صوتها بمد طرف اللسان مستعرضًا حتى يتوسط ما بين الثنايا العليا والسفلى، فيبرز قليلا، ويخرج صوتها مجهورا، على ذلك.
والراء: تعبر عن سيولة الجرم مع استرسالٍ، أي شيء من التماسك يجعل الاتصال والامتداد واضحين. وذلك أخذًا من قولهم:"مُخٌّ رَارٌ، ورِيرٌ -بالفتح والكسر: ذائب رقيق من الهُزَال / كان شحمًا في العظام ثم صار ماء أسودَ رقيقًا. والرَير -بالفتح: الماء يخرج من فم الصبي "ومن قولهم: "أرَّ سَلْحُه: استطلق حتى يموت، والإرّة- كهِرّة: النار "(تمتد ألسنة لهبها). وهذا يلتقي مع تكوُّن صوت الراء بامتداد طرف اللسان حتى يمس طرفُه المرتعدُ لثةَ الثنايا العليا أكثر من مَسَّةٍ سريعة التوالي، ويخرج صوتها على ذلك كأنه موجات متتالية تكرارا، وهذا هو معنى الاسترسال فيها.
والزاي: تعبِّر عن شدة اكتنازٍ بازدحام أشياء أو أجزاء بعضها إلى بعض. وذلك أخذًا من "الزِيزَى والزِيزاء والزِيزاءة: ما غلُظ من الأرض / القُفّ الغليظ المشرِف الخشن " (الغليظ من الأرض هو الصُلب المرتفع. والصلابة والارتفاع تكُون من
انضغاط مكوناتها من تراب الأرض بعضها في بعض اتضغاطا شديدا فيتداخل ويصلُب). وكذلك أخذا من قولهم: "بيت أزَز: مليء بالناس، ومجلس أزَزٌ: ضيق كثير الزحام ". وهذا المعنى اللغوي للزاي يلتقي مع الشعور بخروج الزاي حُزْمَةَ هواء مشحونةً بزمير الجهر، ومضغوطة في المضيق بين طرف اللسان من ناحية، وصفحات الثنايا العليا إلى ما بين أطراف الثنايا العليا والسفل من ناحية أخرى.
والسين: تعبِّر عن امتدادٍ دقيق (حادٍّ أو قوي) نافذ في جرم أو منه. وذلك أخذا من "السِيساءة: المنقادة من الأرض المستدقة، والسِيساء -بالكسر فيهما: ظهر الحمار، ومنتظَمُ فِقار الظهر (كل منها خطٌّ أو نتوءٌ طويل صُلب). ومن السُوس والساس: العُثّة التي تقع في الصوف والثياب والطعام (= حب القمح) (وهي دقيقة تَخترقُ وتنفذ) والحَوَاسُ: شجر كالمرخ من أفضل ما اتخذ منه زَنْد، يقتدَحُ به (يستخرج به شرر النار) ولا يَصلِدُ ". (= لا يتوقف عن إخراج الشرَر إذا قُدِح) ومن "الأُسّ -بالضم وكسحاب: أصل البناء "(يمتد في الأرض إلى أسفل). وهذا المعنى للسين يلتقي مع الشعور بخروج السين خيطَ هواءٍ دقيقًا قويًّا ينفُذ -ممتدًّا- من المضيق الذي بين طرَف اللسان المستند إلى اللثة السفلى وبين صفحة الثنايا العليا. ثم من المضيق بين أطراف الثنايا العليا والسفلى التي تتقارب حتى تكاد تلتقي.
والشين: تعبّر عن تسيُّب وتفرقٍ أي انتشار وتفشٍّ وعدم تجمع أو تعقد. وذلك أخذًا من قولهم: "ناقة شَوْشاة: أي خفيفة سريعة (الانتقال الخفيف تفرق وانتشار)، ومن الشيشاء- بالكسر، وهو التمر الذي لا يشتد نواه / التمر الذي لا يَعقِد نوى، وإذا أنوى لم يشتد
…
" (هشاشةٌ وتسيب)؛ ومن "الأَش -بالفتح: الخبز اليابس الهش، وأشت الشَحمةُ: أخذت تتحلَب " (تذوب- وهذا تسيب). وهذا المعنى للشين يلتقي مع الشعور بتكونها بخروج الهواء متفشيا منتشرًا - بعد المضيق
الذي يعترضه بسبب ارتفاع وسط مقدم اللسان قرب طرف إلى ما يحاذيه من الحنك. وقد وصفوها بالتفشي، وهو أقوى أوصافها، ويمثل معناها.
والصاد: تعبِّر عن كونِ الشيء غليظًا قويًّا في ذاته خالصًا مما يخالطه -أو نفاذٍ كذلك. وذلك أخذا من "صَياصي البقر: قرونها، واحدها صِيصة. والصِّيص من ثمر النخل: الذي لا يشتد نواه أو لا يكون له ثوى أصلا، والصِيصاء- بالكسر: حَبُّ الحنظل الذي ليس في جوفه لبٌّ، الرجل الصُوص -بالفم- وهو اللئيم / المنفرد بطعامه لا يؤاكل أحدًا ". ومن قولهم: "بناء أصيص: محكَم، وناقة أصوص: شديدة موثقة، وقد أَصَّت: اشتد لحمُها وتلاحكت ألواحها ". وذلك المعنى للصاد يلتقي مع الشعور بتكونها بخروج هواء الزفير حُزْمَةً كثيفة (غليظة) ممتدة بين اللسان الذي يتقعر حينئذ، وأعلى الحنك الذي يصير كالطبق له، فيحس الناطق بها حزمة كثيفة (غليظة) من الهواء الخالص، لا يخالطها زمير الجهر، ينفذ من الفم بأثر الإطباق.
والضاد: تعبِّر عن غِلظٍ وثقلٍ له حِدَّةٌ ما، يخالط فيَضغَطُ بغِلَظِهِ وثقله ما خالطه. وذلك أخذا من "الضَوْضى والضَوضاء: الجلَبة وأصوات الناس " (توحي بتجمع كثيف ثقيل على الأذن)، ومن "الأَض: الكسر، وناقة مُؤْتَضَّة: أخذها كالحرقة عند نِتاجها فتصلَّقت (أي تقلبت) ظهرا لبطن. والأَضُّ -بالفتح: المَشَقّة، وأَضَّهُ: أحزنه وأجهده. وأضَّته إليه حاجة: أجهدته / ألجأته واضطرته " (وكل هذا فيه حدة وغِلظ مخالط وضغط). وهذا المعنى يلتقي مع الشعور بتكون صوت الضاد: حيث يمتد طرف اللسان إلى لثة الثنايا العليا، مع استعلاء أقصاه، وتقعر وسطه تقعرا واصلا إلى ترب طرفه، واستعراض جوانبه، فيملأ الفم؛ فلا يجد النفَسُ سبيلا للخروج إلا جانبي اللسان أو أحدَهما. فامتلاءُ الفم، وخروج النفَس بجُهد من الجانبين أو أحدهما، وغِلَظ الصوت الخارج، كل ذلك يُشعر بالغلظ والثقل وسائر
ما تعبر عنه الضاد.
والطاء: تعبر عن نوع من الضغط بغلظ وثقل مع حدة مخالطة.
وذلك أخذًا من قوله "الأَطّاط: الصَيَّاح، قال يصف إبلًا امتلأت بطونها:
يَطحرن ساعاتِ إِنَى الغُبُوق
…
من كظَّةِ الأَطَاطة السَنُوق
[يَطحَرن: أي يتنفسن تنفسًا شديدًا كالأنين، والإنَى: وقت الشرب، والأطّاطة التي تسمع لها صوتًا]: وقال الآخر: {على مُلَحَّبِ أَطَّاط} يعني الطريق. و "الأطيط: صوت الرَحلِ الجديد، والإبلِ مِنْ ثِقَلها من ثقل أحمالها ". وقال علي بن حمزة: "الأطيط: صوت أجوافها من الكِظّة إذا شربت. وأطَط -بالتحريك: بلد، سُميت بذلك لأنها في هَبْطة من الأرض،
…
والأَطّ: نقيض صَوتِ المحامل والرِحال إذا ثقل عليها الرُكبان. والأطيط: صوت الباب من الزحام عليه، وصوت تمد لي النِسع، وصوت القَناة عبد تقويمها. والأَطّ الثُمَام " (ويلحظ أن تفسير الاستعمالات هنا صُبَّ في جُلِّه على صوت الأشياء من ضغطٍ (: الكِظة امتلاء البطن، صوت الباب من ضغط الزحام، تمدد النسع من زيادة الشدِّ وهو ضغط، ضغط القناة عبد تقويمها)، لكني نظرت إلى سبب ذلك الصوت، وهو الضغط الشديد في كل، كما هو واضح. وأما الأَط: الثُمَام، فضغطه أنه يُحْشى به. هذا واستعمالات جذر (طوط) و (طيط) فيها شيء من هذا المعنى، فمنها: "الطوط بمعنى القطن، وأرجِّح أنهم نظروا إلى جَوزه، المَحشوِّ بالقطن. فقد ذكروا قول أمية بن أبي الصلت:
والطُوطُ نزرَعه أغنَّ جِراؤُه
…
فيه اللباسُ لكل حَول يعضَدُ
فالجِراء هنا هي جَوْزه.
ومعنى الطاء ذاك الذي استخلصناه من الاستعمالات اللغوية يلتقي مع الشعور بتكون الطاء بالتقاء ظهر مقدم اللسان مستعرضًا بما فوقه من الحنك ولثة الثنايا العليا، مع ارتفاع أقصى اللسان (استعلاء)، فتكون هناك بين وسط اللسان
المتقعر وما فوقه من الحنك طبقةٌ من الهواء المجهور (حِدة عرصة مضغوطة).
والظاء: تعبر عن حِدة تخالط الشيء الكثيف، أي هي تَسري في أثنائه. وذلك أخذا من قولهم:"الظياةُ -كقناة: الرجلُ الأحمق، وأظوى الرجلُ: حمُق، والظيان - كحسّان: نبت باليمن يُدْبغ بورقه "-وهذا كله يعني حدةً في أثناء الشيء: فالحمق حِدة فساد، والدبغ حِدَّةُ حَرَافة يُدبَغ بها الجلد "أديم مُظيًّا: مدبوغ بالظيَّان ". وهذا المعنى للظاء المستخلص من الاستعمالات اللغوية يلتقي مع الشعور بتكون الظاء بامتداد طرف اللسان بين أطراف الثنايا العليا والسفلى، مع استعلاء أقصاه، وتقعر وسطه، ومرور الهواء مجهورًا- والجهر حدة في الأثناء، وتقعر وسط اللسان ووجود الهواء بينه وبين سقف الحنك يوحي بكثافةٍ واحتباسٍ ما. لكن الإحساس بالكثافة والاحتباس هنا أقل مما مع الطاء والضاء، لأن تقعر وسط اللسان أقل؛ لامتداده إلى ما بين أطراف الثنايا، وسبيل الهواء هنا أكثر يسرًا منه مع الضاد. أما الحدة فهي في الضاد أقوى.
والعين: تعبر عن رخاوة جرم ملتحم (اتساعا أو امتدادا). وذلك أخذا من قولهم: "عَيَّعَ القوم تَعْييعا: عَيُوا عن أمرٍ قصدوه (فهذه رخاوة ضعف)، ومن قولهم: "الوعْوع: الرجل الضعيف / الجبان ". وهذا التحديد لما تعبر عنه العين مستخلَصًا من الاستعمالات (العينية) المتاحة، يلتقي مع الشعور بمذاق تكوُّن العين في وسط الحلق، بمرور زمير الجهر بين المضيق من أثناء السد البليل الرخو الذي يعترضه من تراجع جذع اللسان مع الغشاء العريض الرخو الذي يتصل به- إلى الجدار الخلفي الرخو، وبسبب نفاذ الصوت من ذلك التجمع الرخو يشعر الناطق بتلك الرخاوة الملتحمة، ويكتسب الصوت عِرَض صداه ورقّته ونصوعه.
والغين: تعبر عما يشبه الغشاء الذي له شيءٌ من كثافةٍ أو قوة وحدة، مع تخلخلٍ ما. وذلك أخذا من قولهم: "الغَوغاء: الصَوت والجلَبة، والجراد حين (ينبت
جناحه) ويخف للطيران. والغاغ: الحَبَق (وهو نبتٌ طيب الرائحة حديد الطعم، ورقه عريض منه سُهْلي ومنه جبلي، وليس بمَرعى) ويكثر نباته على الماء " (1). فالجراد يبلغ ذلك الطور في الموضع الذي بِيضَ فيه، وهو يكون كثيرًا جدا، يغطي مساحة عريضة من الأرض، ويطير معًا كأنه سحابة صغيرة مخفضة، فهو كالغشاء، والحَبَق بوصفه هذا يشبه ما يسمّى ورد النيل، وهو يغطي الماء كالغشاء -والجلبة تحس كذلك بالنسبة للأذن، وفي كل من تلك الطبقات تخلخل ما. وهذا كله يلتقي مع الشعور بتكون الغين بوصول الهواء زامرًا إلى المضيق بين أقصى اللسان بما عليه من أغشية رقيقة وبين الحنك الرخو، وهما ملتقيان أو كالملتقيين، ويمر الهواء الزامر من بينهما بتموج محدثًا ما يشبه الغرغرة حسًّا وصوتا، كأنه ينفذ من غشاء له شيء من الكثافة والقوة مع تخلخل ما.
والفاء: تعبّر عن النفاذ بقوة (كالطرد والإبعاد) إلى ظاهر الشيء مع اتساع النافذ أو انتشاره. وذلك أخذًا من "الفُوفة -بالضم: القشرة الرقيقة تكون على النواة / (على) النواة دون لحمة الثمرة، والقشرة التي على حبة القلب (قشرة الشيء مُفرَزةٌ منه إلى ظاهر). والفُوف أيضًا: البياض الذي يكون في أظفار الأحداث (كأنه ذاك). ومن "الفَيف والفَيفاء- بالفتح فيهما: المفازة التي لا ماء فيها مع الاستواء والسعة " (تبخر الماء الذي يتوقع أن يكون في جوفها)، ومنه "الأُف: وسخ الأذن، والوسخ الذي حول الظفر " (وسخ الأذن إفراز منها، والآخر شبيه به). و "اليأفوف: الأحمق الخفيف الرأي (فارغ العقل). واليأفوفة: الفراشة " (جسمها دقيق هي كأنه دقيق، وأبرز ما فيها أجنحتها المنتشرة وطيرانها). وهذا المعنى
(1) هذا النوع من الحبق هو المراد هنا [ينظر غوغ وحبق في تاج العروس، وذُكر في تاج العروس (حبق) أنواع أخرى].
الاستعمالي للفاء يلتقي مع الشعور بتكون الفاء بدفع الهواء بقوة بين المضيق المعترض بالتقاء الثنايا العليا بباطن الشفة السفلى، ويوجِّهه وضع الشفة العليا بالنسبة له. ويُلحظ الشعور بدفع الهواء إلى الخارج. وهذا يؤكد التعبير عن معنى الطرد والإبعاد.
والكاف: تعبر عن تجَمُّعٍ (متعقد) ذي حدَّة في باطن السيء أو عمقه (قد ينفذ منه). وذلك أخذا من "القَقَّة: العِقْي الذي يخرج من بطن الصبي حين يولد، والقَقَّة أيضًا: حَدَث الصبي كالقَقَقَة -بالتحريك. والمعنى فيه واضح، ومن اليققة- بالتحريك: جُمَارة النخلة (وهي قُلبها وشَحمها: تُقطع قمة رأس النخلة ثم يُكشط عن جُمَّارةٍ في جوفها بيضاء، كأنها قطعة سَنام ضخمة، وهي رَخْصة تؤكل .. والكافور يخرج من الجمارة بين مَشَقّ السَعفتين) (1) - والتجمع المتعقد في الجوف واضح هنا أيضًا، وحِدَّتها أنها يخرج منها الكافور الذي يضم جنين تمر النخل، ومن "القُوق والقاق: الطويل القبيح الطول، والقُوقة: الصلعة) (حدة باطنية تُنتج الطول، ونَفْيَ شعر الرأس)، ومن "القِيقاءة: مكان ظاهر غليظ كثير الحجارة / الأَظِرّة .. (الظِرار: حجرٌ له حافة حادة يمكن أن تستعمل للذبح) لا تكاد تستطيع المشيَ فيها .. وتحت الحجارة الأظِرّة حجارة عاضٌّ (2) بعضها ببعض لا تقدر أن تحفر فيها. والقِيقَة -بالكسر أيضًا: القِشرة الرقيقة التي تحت القَيض من البيض " (غِلَظُ ما بالباطن هنا هو كتلة البيضة المتماسكة بالسلق ونحوه / أو أنها تحوي جنينا)، وقشرة البيضة الداخلية متينة نسبيًّا (وهذا هو غلظها)، إذ يمكن نزعها متماسكة بعد سلق البيض أو شيِّه. وهذا المعنى اللغوي للقاف يلتقي مع الشعور بتكون
(1) الكلام عن الجمار من تاج العروس (جمر).
(2)
أي متداخل.
صوت القاف بالتقاء أقصى اللسان بما فوقه من الحنك اللين (أي في عمق الفم) التقاءً شديدًا محكَمًا في سبيل الصوت الزامر، مشعرا بكتلةٍ معقدة شديدة في جوف جهاز النطق.
والكاف: تعبر عن ضغط غئوري مع حِدّة أو دقة. وذلك أخذًا من "الكَيكَة: البيضة "، فقشرها متماسك لكنه دقيق، وكذلك إمساكها (حفظها) ما بداخلها "والكَيكاءُ: من لا خير فيه من الرجال " (للضعف المأخوذ من دقة التماسك). ومن "الأَكّة: شدة الحر مع سكون الريح (سكون الريح وقوف وثبات كالتماسك، والعامة تقول في مثل هذه الحالة: الجو ماسك / الهوا محبوس) والحر حِدة، وسكون الريح مع الحر جو يحيط بالناس في أثنائه. ومن الحدة في الأثناء "الأكة: سُوء الخُلُق، والحِقدُ، وضيقُ الصدر، والزحمة " (لأن المزاحَم يشعر أنه معصور محصور في أثناء ما زحمه). ومن تماسك الأثناء أيضًا:"رجل كُواكيةٌ، وكَوكاة: قصير "(غير مُنبسط- وهو تماسك متوهَّم). وهذا المعنى اللغوي للكاف يلتقي مع الشعور بنطق الكاف بالتقاء جزء دقيق من قرب أقصى اللسان بما فوقه من الحنك الصلب التقاءً محكَمًا يمنع تسرب الهواء، ويُشعر بسدٍّ وحبسٍ دقيق (تماسك) في الأثناء، أي في عمق جهاز الصوت.
واللام: تعبر عن نوع من الامتداد من شيء كالتعلق مع تميز أو استقلال. وذلك أخذًا من قولهم: "أُذُن مُؤلَّلَةٌ: محددة منصوبة ملطفة (دقيقة ممتدة إلى أعلى)، وألَلَا السكينِ والكتفِ وكلِّ شيء عريض: وَجْهَاه "(الوجه للشيء العريض ذي الوجهين جانبٌ منه متميز كالمستقل)، "والألَّة -بالفتح: الحربة في نَصْلها عِرَض " (والامتداد في السكين والحربة والكتف عَرْضي، وهو لدعم عملهن). ومن الامتداد من الشيء مع تميزه عن حقيقته: "ألَّ لونُه لَيلُ: صفا وبرق (امتداد بريق)، والأَلِيل: صليل الحجر أيًّا كان (امتداد صوت)، وألِلَ السقاء- كتعب: تغير ريحه
(بسبب امتداد زمني). أما "أل فلان: سأل فأطال المسألة "فهذا الإلحاح من الامتداد والتعلق. وهذا المعنى اللغوي للّام يلتقي مع الشعور بنطق اللام بامتداد طرف اللسان حتى يلتقي بأعلى اللثة كالمعلَّق مفسحًا جانبيه لمرور صوت اللام مجهورا قويا.
والميم: تعبر عن تضامٍّ أو استواءٍ ظاهريٍّ لشيء أو على شيء. وذلك أخذًا من "أم الرأس: الخريطة / الجلدة التي تجمع الدماغ "(= المخ). فهذا ضم وجمع في كيس جامع، ومنه "أمَّةُ الطريق وأمُّه: معظمه، والإمام- ككتاب: الصُقع من الطريق والأرض " (مساحة أو مسافة متصلة تجمع وتضم من فيها). ومن "الموُم: المفازة الواسعة الملساء التي لا ماء بها ولا أنيس (تَضامٌّ ظاهري مع جفاف). وكذلك "المُوم: الجُدَرِي الكثير المتراكب (تضامٌّ على الظاهر مع جفاف)، وشَمع العسل (يَضُم العسل في جوفه وهو متماسك كالصُلب). ومن (اليَم: البحر /
…
الذي لا يدرك قعره ولا شطّاه "- فهذا أيضًا تجمع في مساحات ظاهرة لا نهاية لها. وذلك المعنى اللغوي للميم يلتقي مع الشعور بتكون الميم بالتقاء الشفتين في نقطة أقرب إلى ظاهرهما- مع خروج زمير الجهر من الأنف. فالضم والاجتماع هنا أقل قوةً مما مع الباء.
والنون: تعبِّر عن امتدادٍ لطيف في جوفٍ أو باطن جرمٍ أو منه. وذلك أخذًا من "النَنّ: الشعر الضعيف "(ينفذ من الجلد بلطف). ومن "النُونة: الثُقبة في ذقن الصبي الصغير، والسمكة، (غئور في جلد الذقن وفي الماء). ومن قوله: "أُنَّ ماءً ثم أغْلِه "أي صُبَّه (في إناء) ثم أغله، فهذا صب في جوف شيء: وهذا المعنى اللغوي للنون يلتقي مع الشعور بخروج النون زميرًا يمر في الخياشيم وقصبة الأنف حتى يخرج منها -مع التصاق طرف اللسان بأعلى لثة الثنايا العليا.
والهاء تعبِّر عن فراغ الجوف أو إفراغ ما فيه بقوة "وذلك أخذًا من قولهم: "هَه
الرجل: لُثِغَ واحتبس لسانه " (هذا الاحتباس انقطاع لما يُتوقَّع صدوره من المتكلم يوحي بفراغ جوفه كأنه ليس عنده (في جوفه) كلام، ومن "الهوهاة- بالفتح: البئر التي لا مُتعلَّقَ بها، ولا مواضع فيها لرِجْل نازلها لبعد جَالَيْها، (= جوانبها من الداخل)(كأنها جُبٌّ لا قاع له، فهذا فراغ كامل). وهذا المعنى يلتقي مع الشعور بتكون صوت الهاء بإخراج هواء الرئتين دفعة كبيرة إلى الخارج بلا عائق؛ إذ يكون مجرى الهواء متسعًا ونُحِسُّ بإفراغ الهواء من الجوف بقوة.
والواو: تعبِّر عن اشتمال واحتواء. وذلك أخذًا من "الواو "وهو اسم للبعير الفالج، وهو ذو السنامين (1). ولما كانت الإبل المعتادة المتعارَفة عند العرب ذات سنام واحد، فإن ذا السنامين يُعَدُّ جامعًا ومشتملا على أكثر من غيره. وهذا يتفق مع المعنى الاستعمالي للواو الذي استخلصناه من استعمالها حيثما وقعت، كما سيتضح في المعالجات التفصيلية. وهذا المعنى يلتقي مع تكوُّن الواو باستدارة الشفتين (مع ارتفاع في أقصى اللسان). والمستدير يضم ويشمل ما يحيط به. ومعنى الشمول والضم في الواو هو الذي عَبَّر عنه النحاة بالعطف؛ لأن العطف يُدخِل المعطوف في حكم المعطوف عليه ويضمه إليه، فيشمله المعنى المنسوب للمعطوف عليه وهذا المعنى أيضًا متحقق في واو الجمع، وواو القسم (تُدْخِل المقْسَمَ به في
(1) جاء هذا في مستدرك الزبيدي على الفيروز آبادي (واو)، وجاء له بشاهد. وقد نقله الزبيدي عن البصائر وعن البرماوي في شرح اللامية، وفسره أي البرماوي بأنه الذي ليس له سنام. ولا شك أنه وهم لا هذا التفسير؛ لأن الشاهد الذي جاء به يتمدح صاحبه بإغنائه المجتدي، ولا يُتمَدَّح بمنح / إبل ليس لها أسنمة. والشاهد هو:
وكمْ مجتدٍ أغنيتُه بعد فقره
…
فآب بواوٍ جمةٍ وسَوامِ
الأمر كأنه شاهد -كقوله تعالى {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} وكقولهم: شَهِدَ اللهُ، عَلِمَ الله، وواو الحال (تقرن بين الأمر والحال)، وواو المعيَّة .. كذلك.
والياء: تعبِّر عن اتصال الممتد شيئًا واحدًا، وعدم تفرقه أو تسيبه. وذلك أخذًا من "الإيَاء- كسَماء وبناء ورِضا: شُعاع الشمس (يمتد كالخيط). وآية الرجل: شخصه (جِرم وكتلة واحدة). وقولهم: تأيّا: توقف وتمكث / تلبّث وتحبس، تأنّى في الأمر. ليس ذلك المنزل بدارِ تَئِيَّة أي: بمنزلةِ تلبُّثٍ وتحبُّس ". وكل ذلك تماسك وعدم تسيب. وهو من صور الاتصال. ومعنى الياء هذا يلتقي مع الشعور بتكونها بامتداد الزمير، مارًّا -دون أن ينقطع- من المضيق الذي يسببه ارتفاع مقدم اللسان، مقتربًا مما يوازيه من الحنك.