الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى قلب
القَلب: الفؤاد، وقد يعبَّر به عن العقل. وقال الفرَّاءُ فى قوله تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لذكرى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} ، أَى عقل. يقال: ما قَلْبك معك، أَى ما عقلك. وقيل: القلب أَخصُّ من الفؤاد، ومنه الحديث:"أَتاكم أَهل اليمن أَرقَّ قلوباً وأَلْينَ أَفئدةً"، فوصف القلوب بالرِّقة، والأَفئدةَ باللين. وقوله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ لكل شىء قلبا، وقلب القرآن يس"، قال الليث: هو من قولك: جئت هذا الأَمر قَلْبا، أَى محضا خالصاً لا يشوبه شىء، ومن قولهم: عربىّ قَلْب، ويستوى فيه المذكر والمؤنَّث والجمع. وإِن شئت قلت: عربيَّة قَلْبة، وثنَّيت وجمعت. وذو القلبين: جميل بن معمر بن حبيب الجُمَحىّ. وكانت قريش تقوم له: ذو القلبين، فنزل فيه قوله تعالى:{مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} .
وقوله تعالى: {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ} ، أَى أَصبح نادما، وتقليب الكفَّين من فعل الأَسِف النادم، قال:
كمغبونٍ يَعَضّ على يديه
…
تبيَّن غَبْنُه عند البِياع
وقلب الشىء قلباً: حوّله عن وجهه. وقلب رداءََه. وقَلَبَه: كبَّه لوجهه، وقلبه ظَهْرًا لبطن؛ قال تعالى:{وَقَلَّبُواْ لَكَ الأمور} . وقوله تعالى:
{وَبَلَغَتِ القلوب الحناجر} ، أَى الأَرواح. وقوله:{وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} أَى تثبت به شجاعتكم وَيزول خوفكم. وعلى عكسه: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرعب} وقوله: {ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} أَى أَجلب للعفَّة، وقوله:{قُلُوبُهُمْ شتى} أَى متفرقة.
وقيل: القلب ورد فى القرآن على ثلاثة معان:
الأَوَّل: بمعنى العقل: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لذكرى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} .
الثانى: بمعنى الرأْى والتدبير: {قُلُوبُهُمْ شتى} أَى آراؤهم مختلفة.
الثالث: بمعنى حقيقة القلب الَّذى فى الصَّدر: {ولاكن تعمى القلوب التي فِي الصدور} . وهذا النَّوع من القلب على سبعة أَوجه:
1-
قلب الكافر: {قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ} .
2-
قلب المنافق: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} .
3-
قلب العاصِين: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ الله} ، {كَلَاّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} .
4-
قلب خواصّ العباد {وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} .
5-
قلب المحبِّين: {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السمع وَهُوَ شَهِيدٌ} .
6-
قلب الخائفين: {الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} ، {يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} .
7-
قلب العارفين: {إِلَاّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} .
وقال بعض المفسّرين: القلوب سبعة:
1-
قلب الكافر فى غِلاف وغطاءٍ: {أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ} ، {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ} ، {وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ} .
2-
وقلب المنافق فى حجاب الرّياءِ: {خَتَمَ الله / على قُلُوبِهمْ} ، {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} .
3-
وقلب المبتدع فى الزَيْغِ والهَوَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} ، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا} ، {فَلَمَّا زاغوا أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ} .
4-
وقلب الفاسق الغريق فى بحر العناءِ: {لِيَجْعَلَ الله ذلك حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} ، {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب} .
5-
وقلب الغافل الرّاغب فى الدنيا ودار الفناءِ: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا} .
6-
وقلب العابد المنتظر ثواب حضرة الكبرياءِ: {إِلَاّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} .
7-
وقلب العارف المنتظر اللِّقاءَ فى دار البقاءِ: {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان} ، {وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ الله أَلَا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب} .
وسمّى قلباً لتقلّبه كثيرًا من حال إِلى حال. وفى الحديث: "لَقَلْبُ ابن آدمَ أَسرع تقلّباً من القِدْر إِذا استجمعتْ غَلْيا". وفيه أَيضاً: "إِنَّ مِن قلب ابن آدم إِلى كلّ وادٍ شُعْبة، فمن أَتبع قلبه الشُعَبَ كلَّها لم يبال الله فى أَىّ وادٍ أَهلكه". وفى الصّحيحين: "القلوب بين إِصبعين من أَصابع الرحمان يقلِّبها كيف يشاءُ" وتقليب الله القلوب صرفها من رأى إِلى رأى.
والتَقلّب: التصرّف، قال تعالى:{أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ} . وانقلب رأيُه. وانقلب فلان سوءَ مُنْقَلَبٍ، قال تعالى:{وَسَيَعْلَمْ الذين ظلموا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} . وأَنا أَتقلَّب فى نعمائة، وقال تعالى:{فانقلبوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ} .