الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى لولا
وهى على أَربعة أَوجه:
أَحدها: أَن تدخل على اسمية ففعليَّة لربط امتناع الثانية بوجود الأَولى، نحو: لولا زيد لأَكرمتك، أَى لولا زيد موجود. وأَمَّا قوله صلى الله عليه وسلم:"لولا أَن أَشُقَّ على أُمَّتى لأَمرتهم بالسواك عند كل صلاة"، فالتقدير: لولا مخافة أَن أَشق لأَمرتهم أَمر إِيجاب، وإِلَاّ لا نعكس معناها؛ إِذِ الممتنع المشقَّة والموجود الأَمر. والمرفوع بعد لولا مبتدأ، والخبر يكون كوناً مطلقا.
الثانى: يكون للتحضيض والعَرْض، فيختص بالمضارع أَو ما فى تأْويله؛ نحو:{لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ الله} ونحو: {لولا أخرتني إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ} والفرق بينهما أَن التحضيض طلب بحثٍّ، والعَرْض طلب برفع وتأَدّب.
الثالث: أَن تكون للتوبيخ والتنديم، فتختصّ بالماضى؛ نحو قوله تعالى:{لَّوْلَا جَآءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ} ، {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الذين اتخذوا مِن دُونِ الله قُرْبَاناً آلِهَةَ} ، ومنه:{ولولا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ} ، الَاّ أَن الفعل أُخّر، وقوله:
تعدُّون عَقْرَ النِّيب أَفضلَ مجدكم
…
بنى ضَوْطَرَى لولا الكِمىَّ المقنَّعا
إِلَاّ أَن الفعل أضمر، أَى لولا عددتم.
وقد فُصلت من الفعل بإِذا وإِذا معمولين له، وبجملة شرط معترَضة. فالأَول نحو:{ولولا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ} ، {فلولا إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ} ، والثانى والثالث:{فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الحلقوم وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ ولاكن لَاّ تُبْصِرُونَ فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَآ} ، المعنى: فهلَاّ ترجعون الروح إِذا بلغت الحلقوم إِن كنتم غير مربوبين وحالتكم أَنكم تشاهدون ذلك. ولولا الثانية تكرار للأُولى.
الرابع: الاستفهام؛ نحو: {لولا أخرتني إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ} ، {لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} هكذا مثَّلوا. والظاهر أَن الأُولى للعَرْض، والثانية مثل:{لَّوْلَا جَآءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ} .
وذكر بعضهم قسماً خامساً وهو: أَنها تكون نافية بمعنى لَمْ، وجعل منه:{فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلَاّ قَوْمَ يُونُسَ} ، والظاهر أَن المعنى على التوبيخ، أَى فهَلَاّ كانت قرية واحدة من القرى المهلَكة تابت عن الكفر قبل مجئ العذاب فنفعها ذلك؛ وهو تفسير الأَخفش والكسائىّ والفرّاء وعلى بن عيسى والنحاس. ويؤيده قراءَة أُبَى وعبد الله؛ (فَهَلَاّ) ، ويلزم من هذا المعنى النفى؛ لأَن التوبيخ يقتضى عدم الوقوع.
وذكر الزمخشرى فى قوله تعالى: {فلولا إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ} : لكنه جئ بلولا ليفاد أَنهم لم يكن لهم عذر فى ترك التضرع، إِلَاّ عنادهم وقسوة قلوبهم وإِعجابهم بأَعمالهم التى زيَّنها الشيطان لهم. وقول القائل:
أَلا زعمت أَسماءُ أَن لا أحبّها
…
فقلتُ بَلَى لولا ينازعنى شُغلى
قيل: إِنها الامتناعية، والفعل بعدها على إِضمار أَن، على حدّ قولهم: تسمعُ بالمُعَيدِىّ خير من أَن تراه. وقيل: ليس من أَقسام لولا، قيل: هما كلمتان بمنزلة قولك: لو لم، والجواب محذوف، أَى لولم ينازعنى شغلى لزرتك.
و (لَوْما) بمعنى لولا تقول: لوما زيد لأَكرمتك، ومنه قوله تعالى:{لَّوْ مَا تَأْتِينَا بالملائكة} : وزعم بعضهم أَن لوما لا يستعمل إِلا للتحضيض. والله أَعلم.