الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى كفر
كَفَر الشىءَ وكفَّره: غطَّاه، يقال: كفر السّحابُ السّماءَ، وكَفَر المتاعَ فى الوعاء، وكَفَر الليلُ بظلامه. وليل كافر. ولبِس كافرَ الدُّروع، وهو ثوب يلبس فوقها. وكفرت الريحُ الرسْمَ، والفَلَاّحُ الحَبَّ، ومنه قيل للزُّراع الكُفَّار. وفارس مكفَّر ومتكفِّر. وكفَّر نفسه بالسّلاح. قال ابن مفرّغ:
حَمَى جارَهُ عَمْرُو بن عَمْرِو بن مَرْثد
…
بأَلْفَىْ كَمِىٍّ فى السلاح مُكَفَّرِ
وتكفَّرْ بثوبك: اشتمِل به. وطائر مكفَّر: مغطَّى بالريش، قال:
فأُبت إِلى قوم تُريح نساؤهم
…
عليها ابنَ عِرْس والأِوزّ المكفَّرا
وغابت الشمس فى الكافر، أَى البحر. ورجل مكفَّر: محسان لا تُشكر نعمته. وكَفَّر العِلجُ للملك تكفيرا: أَومأ له بالسّجود. وخرج نَوْرُ العِنب من كافوره وكُفُرَّاه: من طَلْعه. والكَفْر: القرية، وفى الحديث:"أَهل الكُفُور أَهل القبور. وليُفتحنَّ الشَّام كَفْرًا كَفْرًا".
وأَكفره وكفَّره: نسبه إِلى الكُفر. وكفَّر اللهُ خطاياك.
وأَعظم الكُفْر جحود الوحدانيّة أَو النبوَّة أَو الشريعة، والكافر متعارَف مطلقا فيمن يجحد الجميع. والكُفْران فى جحود النِّعمة أَكثر استعمالاً، والكُفْر فى الدِّين، والكُفُور فيهما. ويقال فيهما: كَفَر فهو كافر. قال
تعالى فى الكفران: {ليبلوني أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} ، وقوله:{فَعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الكافرين} ، أَى تحرَّيت كُفران نعمتى.
ولمَّا كان الكفران جحود النعمة صار يستعمل فى الجحود: {وَلَا تكونوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} أَى جاحد وساتر.
وقد يقال: كَفَرَ لمن أَضلَّ بالشريعة، وترك ما لزمه من شكر الله تعالى عليه، قال تعالى: / {مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} ، ويدلّ على ذلك مقابلته بقوله:{وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} . وقوله: {وَلَا تكونوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} أَى لا تكونوا أَئمة فى الكفر فيقتدى بكم. وقال: {وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلك فأولائك هُمُ الفاسقون} ، وعنى بالكافر الساتر للحقّ، فلذلك جعله فاسقاً، ومعلوم أَن الكفر المطلق هو أَعظم من الفسق، ومعناه: من جحد حقَّ الله فقد فسق عن أَمر ربه بظلمه. ولمَّا جُعل كلُّ فعل محمود من الإِيمان جعل كلُّ مذموم من الكفر. وقال فى السّحر: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ولاكن الشياطين كَفَرُواْ} ، وقال:{وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت} إِلى قوله: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين} .
والكَفُور: المبالِغ فى كفران النعمة، قال تعالى:{إِنَّ الإنسان لَكَفُورٌ} فإِن قيل: كيف وَصَف الإِنسان بالكَفُور هاهنا، ولم يرض حتى أَدخل عليه (إِنَّ) وكل ذلك تأكيد، وقال فى موضع آخر: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ
الكفر والفسوق} ؟ قيل: {إِنَّ الإنسان لَكَفُورٌ} تنبيه على ما ينطوى عليه الإِنسان من كفران النعمة، وقلَّة ما يقوم بأَداءِ الشكر، وعلى هذا قوله تعالى:{قُتِلَ الإنسان مَآ أَكْفَرَهُ} ، {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور} . وقوله:{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السبيل إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} تنبيه أَنَّه عرَّفه الطَّريقين؛ كما قال: {وَهَدَيْنَاهُ النجدين} فمِن سالك سبيل الشكر، ومن سالك سبيل الكفر.
والكَفَّار أَبلغ من الكَفُور، كقوله:{كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} . وقد أَجرى الكَفَّار مُجرى الكَفُور فى قوله: {إِنَّ الإنسان لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} . والكُفَّار فى جمع الكافر المضادّ للمؤْمن أَكثر استعمالاً، كقوله:{أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار} . والكَفَرَة فى جمع كافر النعمة أَكثر استعمالاً؛ كقوله: {أولائك هُمُ الكفرة الفجرة} ، [أَلا ترى أَنه وَصف الكفرة بالفجرة]، والفجرة قد يقال للفسّاقِ من المسلمين. وقوله:{جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ} أَى الأَنبياء ومن يجرى مَجراهم ممّن بذلوا النصح فى دين الله فلم يُقبل منهم.
وقوله: {إِنَّ الذين آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ} ، قيل عُنى بقوله آمنوا أَنهم آمنوا بموسى عليه السلام، (ثم كفروا) بمن بعده. وقيل: آمنوا ثم كفروا بموسى إِذ لم يؤْمنوا بغيره. قيل: هو ما قال:
{وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الكتاب آمِنُواْ بالذي أُنْزِلَ عَلَى الذين آمَنُواْ وَجْهَ النهار واكفروا آخِرَهُ} ، ولم يرد أَنهم آمنوا مرّتين، بل ذلك إِشارة إِلى أَحوال كثيرة. وقيل: كما يصعد الإِنسان فى الفضائل فى ثلاث درجات، يتسكع فى الرذائل فى ثلاث دَرَكات، فالآية إِشارة إِلى ذلك.
ويقال: كفر فلان: إِذا اعتقد الكفر، ويقال: كفر: إِذا أَظهر الكفر وإِن لم يعتقد، لذلك قال:{مَن كَفَرَ بالله مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان} . ويقال: كفر فلان بالشيطان: إِذا كفر بسببه. وقد يقال ذلك أَيضا إِذا آمن وخالف الشيطان، كقوله:{فَمَنْ يَكْفُرْ بالطاغوت وَيْؤْمِن بالله} . وقد يعبر عن التبرىّ بالكفر، نحو:{ثُمَّ يَوْمَ القيامة يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ} .
وقوله: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكفار نَبَاتُهُ} ، أَى أَعجب الزُّرَّاعَ بدلالة قوله:{يُعْجِبُ الزراع لِيَغِيظَ بِهِمُ الكفار} ، ولأَن الكافر لا اختصاص له بذلك. وقيل: عنى الكُفَّار، وخصّهم لكونهم معجَبين بالدنيا وزخارفها، وراكنين إِليها.
والكَفَّارة: ما يغطّى الإِثم، ومنه كفَّارة اليمين والقتل والظهار. والتكفير: ستر الذنب وتغطيته، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الكتاب آمَنُواْ واتقوا
لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أَى سترناها حتى تصير كأَن لم تكن، أَو يكون المعنى نُذْهبها ونُزِيلها، من باب التمريض لإِزالة المرض، والتقْذية لإِذهاب / القَذَى، وإِلى هذا يشير قوله تعالى:{إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات} .
والكافور والقافور: طِيب أَبيض يوجد فى أَجواف القَصَب المعروف ببلاد الهند، وهو أَنواع، قال تعالى:{كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً} .