الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى كسب
الكَسْب: طَلَبُ الرزق. وكَسَبَهُ: جمعه. والكِسب - بالكسر - لغة فصيحة، والفتح الفُصحى، تقول منه: كسبت شيئاً. وفلان طيّب الكسب والمكسَب والمكتسَب والمكسِبة - مثال المغفرة - والكِسبة مثال الجِلسة. وكسبت أَهلى خيراً، وكسبت الرجل مالاً فكسبه. وهذا ممّا جاءَ على فَعَلته ففَعَلَ. وقال ثعلب: كلّ الناس يقولون: كَسَبَكَ فلان خيراً، إِلَاّ ابن الأَعرابىّ فإِنه يقول: أَكسبك فلان خيراً.
وفى الحديث الصحيح من قول خديجة: "إِنَّك لتصل الرّحِم، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعْدُومَ". هكذا يروونه. والصّواب وتكسب المُعْدِم أَى تعطى العائل وتُرفده. وتكسب بفتح التاءِ أَفصح من ضمها.
والكسب وإِن كان فى الأَصل ما يتحرَّاه الإِنسان ممّا فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظّ ككسب المال فإِنه قد يستعمل فيما يظنّ الإِنسان أَنَّه يجلب منفعة ثمّ يستجلب به مضرّة. فالكسب يقال فيما أَخذه لنفسه ولغيره، والاكتساب / لا يقال إِلَاّ فيما استفاده لنفسه. وكلّ اكتساب كسب، وليس كلّ كسب اكتساباً. وقوله تعالى:{أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} أَى جمعتم، وفى الحديث:"إِن أَطيب ما يأْكل الرّجل من كسبه، وإِن ولده من كسبه".
وقد ورد فى القرآن فى فعل الصّالحات والسيِّئات. فمما استعمل فى الصّالحات قوله تعالى: {أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِهَا خَيْراً} ، وممّا استعمل فى العكس:{أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ} . وقوله تعالى: {ثُمَّ توفى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ} متناوِل لهما.
والاكتساب قد ورد فيهما أَيضاً، ففى الصالحات قوله تعالى:{لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكتسبوا وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكتسبن} . وقوله: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت} قيل: خُصَّ الكسب هاهنا بالصّالح، والاكتساب بالسّيىء. وقيل: عنى بالكسب ما يتحرّاه من المكاسب الأُخرويّة، وبالاكتساب ما يتحرّاه من المكاسب الدّنيوية. وقيل: عنى بالكسب ما يفعله الإِنسان من فعل خير، وجلب منفعة إِلى غيره من حيث ما يجوز، والاكتساب ما يحصله لنفسه من نفع يجوز تناوله. فنبّه على أَنَّ ما يفعله الإِنسان لغيره من نفع يوصّله إِليه فله الثواب، وأَن ما يحصّله لنفسه وإِن كان من حيث يجوز فقلَّما ينفكّ من أَن يكون عليه؛ إِشارة إِلى ما قيل: ومن أَراد الدّنيا فليوطِّن نفسه على المصائب.