الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى كون وكين
الكَوْن والكينونة: [الحدث]، والكائنة: الحادثة. وكوَّنه: أَحدثه. وكوّن الله الأَشياءَ: أَوجدها. والمكان: الموضع، والجمع: أَمكنة وأَماكن ويسمى هذا العالَم الفانى عالَم الكون والفساد، قال:
كل صعود إِلى هُبوط
…
كل نَفَاق إِلى كساد
وكيف يرجى صلاح حال
…
فى عالمَ الكون والفساد
وفى المثل: المقضىّ كائنٌ. قال.
مالا يكون فلا يكون بحيلة
…
أَبدًا وما هو كائن سيكون
وقال آخر:
إِن الهوان هو الهوى بعض اسمه
…
فإِذا هويت فقد لقيت هوانا
واذا هويت فقد تعبّدك الهوى
…
فاخضع لإلفك كائنا ما كانا
وكان من الأَفعال الناقصة، يعبرّ به عن الزمن الماضى. وفى كثير من وصف الله تعالى ينبئ عن الأَزليَّة. وما استعمل منه فى جنس الشىء متعلِّقا بوصف له هو موجود [فيه] فتنبيه أَن ذلك الوصف لازم له، قليل الانفكاك عنه؛ نحو قوله تعالى فى الإِنسان:{وَكَانَ الإنسان كَفُوراً} ، وكقوله فى فى الشيطان:{وَكَانَ الشيطان لِرَبِّهِ كَفُوراً} .
وإِذا استعمل فى الزمان الماضى فقد يجوز أَن يكون المستعمل [فيه] قد بقى على حالته كما تقدم آنفا. ويجوز أَن يكون قد تغيَّر، نحو كان فلان كذا ثم صار كذا ثم لا فرق بين أَن يكون الزمان المستعمل فيه (كان) قد تقدَّم تقدما كثيرا. نحو أَن تقول: كان فى أَوّل ما أَوجد الله العالَم، وبين أَن يكون فى زمان قد تقدَّم بزمان واحد عن الوقت الذى استعمل فيه (كان)، نحو أن تقول: كان آدم كذا، وأَن تقول: كان زيد هاهنا ويكون بينك وبين ذلك الزمان أَدنى وقت. ولهذا صح أَن قال: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المهد صَبِيّاً} فأَشار بكان إِلى عيسى وحالته التى شاهدوه عليها. وقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} إِشارة إِلى أَنكم كنتم فى تقدير الله وحكمه. وقول من قال: معنى كنتم هنا معنى الحال فليس بشىء. وقوله: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ} فقد قيل معناه: وقع وحصل. واكتان بمعنى كان. والمصدر الكون والكيان والكينونة، ويقال كُنَّاهم أَى كنَّا لهم. وكنت الغَزْل أَى غزلته. ويقال: كنت الكوفة أَى كنت بها ويقال: منازل كأَن لم يكنها أَحد أَى لم يكن بها.
وكان التامّة تكون بمعنى ثبت. وثبوت كل شىء بحسبه. فمنه الأَزليّة: كان الله ولا شىء معه؛ وبمعنى حدث، نحو قوله:(إِذا كان الشتاءُ فأَدفئونى) وبمعنى قوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} ؛ وبمعنى وقع: ما شاءَ الله كان؛ وبمعنى أَقام، نحو:
كانوا وكنا فما ندرى على مهل
ووزن كان فَعَل بفتح العين خلافا للكسائى فيما نَقَل عنه أَبو غانم المظفَّر بن حمدان، فإِنه قال: وزنها فَعُل بضمّ العين. وقال ابن الأَنبارىّ كان من الأَضداد: يكون للماضى، ويكون للمستقبل، ومنه قول الشاعر:
فأَدركت من قد كان قبلى ولم أَدع
…
لمن كان بعدى فى القصائد مصنعا
أَى لمن يكون بعدى. واستكان: سكن عن الدعة، وقلق، قال تعالى:{فَمَا استكانوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} .
كأَيّن: مركَّب من كاف التشبيه وأَى المنوّنة، ولهذا جاز الوقف عليها بالنون، ورسم فى المصحف نونا
ويوافق كم فى خمسة أُمور: الإِبهام، والافتقار إِلى التمييز، والبناء، ولزوم التصدير، وإِفادة التكثير تارة والاستفهام أخرى وهو نادر. قال أُبَىّ لابن مسعود: كأَيّن تقرأ سورة الأَحزاب آية؟ فقال: ثلاثة وسبعين.
ويخالفها فى خمسة أُمور:
الأَول: أَنها مركَّبة، وكم بسيطة على الصحيح.
الثانى: أَن مميّزها مجرور بمن غالبا، وزعَم بعضهم لزومه.
الثالث: أَنها لا تقع استفهاميَّة عند الجمهور.
الرابع: أَنها لا تقع مجرورة، خلافا لمن جوز بكأَينْ تبيع هذا؟.
الخامس: أَن خبرها لا يقع مفردا.
وقد ورد فى القرآن فى ثلاثة مواضع: {وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا} ، {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} ، {وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لَاّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا الله يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} .