الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى لا
/ وهى على ثلاثة أَوجه: نافية، وموضوعة لطلب الترك، وزائدة. فأَمَّا النافية فعلى خمسة أَوجه:
أَحدها: أَن تكون عاملة عمل إِنَّ. وإِنما يظهر نصب اسمها إِذا كان خافضا، نحو: لا صاحب جود ممقوت، وقول المتنبِّى:
فلا ثوب مجدٍ غيرَ ثوب ابن أَحمد
…
على أَحد إِلَاّ بلؤم مرقَّع
أَو رافعاً، نحو: لا حَسَناً فعلُه مذموم؛ أَو ناصباً، نحو: لا طالعاً جبلاً حاضر ومنه لا خيرًا من زيد عندنا، وقول المتنبِّى:
قِفا قليلا بها علىّ فلا
…
أَقلَّ من نظرة أَزوّدها
والثانى: العاملة عمل ليس، فمثَّلوا بقوله:
مَن صَدّ عن نيرانها
…
فأَنا ابن قيس لا براحُ
الوجه الثالث: أَن تكون عاطفة، ولها ثلاثة شروط:
أَحدها: أَن يتقدّمها إِثبات، نحو: جاءَ زيد لا عمرو؛ أَو نداء، نحو: يا ابن أَخى لا ابن عمِّى.
الثانى: أَلَاّ تقترن بعاطف.
الثالث: أَن يتعاند متعاطِفاها، فلا يجوز جاءَنى رجل لا زيد؛ لأَنه يصدق على زيد اسمُ الرّجل، بخلاف جاءَنى رجل لا امرأَة.
قالوا: فإِن كان ما بعدها جملة اسميّة صدرُها معرفة أَو نكرة ولم تعمل فيها، أَو فعلاً ماضياً لفظاً أَو تقديرًا، وجب تكرارها. مثال المعرفة:{لَا الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر وَلَا الليل سَابِقُ النهار} ؛ ومثال النكرة: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ} ، والتكرار هنا واجب بخلاف:{لَاّ لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ} ، ومثال الفعل الماضى:{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صلى} ، وفى الحديث:"فإِنَّ المُنْبَتَّ لا أَرضا قَطَع ولا ظَهْراً أَبقى".
الثانى من أَوجه لا: أَن تكون موضوعة لطلب الترك، وتختص بالمضارع؛ نحو: قوله تعالى: {لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ} ، {لَا تَتَّخِذُواْ الكافرين أَوْلِيَآءَ} .
الوجه الثالث: لا الزَّائدة للتأْكيد، نحو قوله تعالى:{مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضلوا أَلَاّ تَتَّبِعَنِ} ، وقوله تعالى:{مَا مَنَعَكَ أَلَاّ تَسْجُدَ} وتوضِّحه الآية الأخرى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ} .
واختلف فى لا فى مواضع من التنزيل هل هى نافية أَو زائدة:
أَحدها: قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة} فقيل: نافية لما تقدّم منهم من إِنكار البعث. وقيل: زائدة لمجرّد التوكيد وتقوية الكلام.
الموضع الثانى: قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَاّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً} ، فقيل: لا نافية. وقيل: ناهية، وقيل: زائدة. والجمع محتمل. وحاصل القول فى الآية: أَن (ما) خبريَّة بمعنى الذى منصوبة بـ (أَتْلُ) ، (وحرَّم رَبُّكُمْ) صلة، (وعليكم) متعلق بـ (حرَّم) .
الموضع الثالث: قوله تعالى: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} فيمن فَتَح الهمز، فقال الخليل والفارسىّ: لا زائدة، وإِلَاّ لكان عُذراً لهم أَى للكفَّار. وردّه الزجَّاج بأَنهّا نافية فى قراءَة الكسر، فيجب ذلك فى قراءَة الفتح. وقيل: نافية وحُذف المعطوف، أَى أَو أَنهم يؤمنون وقال الخليل مرّة:(أَنَّ) بمعنى لعل. وهى لغة فيه.
الموضع الرابع: {وَحَرَامٌ على قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} ، وقيل: زائدة. والمعنى: ممتنع على أَهل قرية قدَّرنا إِهلاكهم لكفرهم أَنهم يرجعون عن الكفر إِلى القيامة. وقيل: نافية، والمعنى: ممتنع عليهم أَنهم لا يرجعون إِلى الآخرة.
الموضع الخامس: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيهُ الله الكتاب والحكم والنبوة ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ الله ولاكن / كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الكتاب وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الملائكة والنبيين أَرْبَاباً} قرئ فى السبع برفع (يأْمركم) ونصبه. فمن رفعه
قطعه عمَّا قبله، وفاعله ضميره تعالى، أَو ضمير الرسول، و [لا] على هذه القراءَة نافية لا غير. ومن نصبه فهو معطوف على (يُؤتيه) وعلى هذا (لا) زائدة مؤكَّدة لمعنى النفى.
وقوله تعالى: {واتقوا فِتْنَةً لَاّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ} قرأَ جماعة (لَتُصِيبَنَّ)، وخُرّج على حذف أَلف (لا) تخفيفاً؛ كما قالوا: أَمَ والله.
وأَمَّا (لا) فى قوله تعالى: {وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} فقيل: نافية، والتاء لتأْنيث اللفظة، نحو: رُبَّت وثُمَّت، وحرّكت لالتقاء الساكنين. وقيل نافية والتاء زائدة فى أَوّل الحِين. وقيل: إِنما هى كلمة واحدة، فعل ماضٍ بمعنى نَقَص، من قوله تعالى:{لَا يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً} فإِنه يقال: لات يليت، كما يقال أَلَت يأْلت، وقد قرئ بهما. وقيل: أَصلها لَيِس على زنة أَيس، قُلبت الياءُ أَلِفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وأَبدلت السين تاء.
واختلف فى عمله، فقال الأَكثرون: يعمل عمل ليس، وقيل: يعمل عمل إِنَّ: ينصب الاسم ويرفع الخبر، وقيل: لا يعمل شيئاً. فإِن وليها مرفوع فمبتدأ محذوف الخبر، أَو منصوب فمعمول لفعل محذوف. والتقدير فى الآية: لا أَرى حين مناص. وعلى قراءَة الرفع التقدير: لا حينُ مناص كائن لهم.
وقرئ: {وَلَاتَ حِينِ مَنَاصٍ} بخفض (حين) ، فزَعم الفرّاء أَن (لات) يستعمل حرفاً جارا لأَسماءِ الزمان خاصّة؛ كما أَن مذْ ومُنْذ كذلك. والله أَعلم.