الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى موت
الموت أَنواع، كما أَنَّ الحياة أَنواع.
فمن الموت ما هو بإِزاءِ القوّة النَّامية الموجودة فى الإِنسان والحيوان والنبات، نحو قوله تعالى:{لِّنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً} ، لم يقل: مَيْتَة لأَنَّ المَيْتَ يستوى فيه المذكَّر والمؤَنث.
وموتٌ هو زوال القوّة الحسّاسة، قال تعالى:{وَيَقُولُ الإنسان أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً} .
وموت هو زوال القوّة العاقلة، وهى الجهالة، قال تعالى:{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} ، وإِيّاه قَصَد بقوله:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الموتى} .
وموت بالتشّبه، وهو كل أَمر جليل يكدّر العيش وينقص الحياة. وإيّاه قَصَدَ بقوله:{وَيَأْتِيهِ الموت مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} .
ومنها النوم؛ كما يقال: النوم موت خفيف، والموت نوم ثقيل، وعلى هذا النحو سمّاه الله توفِّيا، قال الله تعالى:{الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} ، وقد مات يموت ويَمَات أَيضاً. وأَكثر من يتكلَّم بها طيِّىءٌ. وقد تكلَّم بها سائر العرب، قال:
بُنَيَّتى يا خَيْرة البنات
…
عيشى ولا تأْمَنُ أَن تماتى
وقال يونس: يميت لغة ثالثة فيها، فهو ميّت ومَيْتَ، وقوم مَوْتَى وأَموات وميّتون. وأَصل ميّت مَيْوِت على فيعِل، ثم أدغم، ثم يخفَّف فيقال: مَيْت. قال عَدِىُّ بن الرَّعْلَاءُ:
ليس من مات فاستراح بِمَيْتٍ
…
إِنَّمَا المَيْت مَيِّت الأَحياءِ
إِنما المَيْتُ مَن يَعيش ذليلاً
…
كاسفاً بالُه قليل الرَّجَاءِ
قال الفراءُ: يقال لمن لم يمت: إِنه مائت عن قليل وميّت، ولا يقال لمن مات: هذا مائت.
والموت: السّكون، ماتت الرّيح أَى سكنت. ومات الرّجل وهَوّم أَى نام. ومات الثوبُ أَى بَلى. والمَوْتة: الواحدة من الموت. ومَوْت مائت كلَيلٍ لائلِ، والمُواتِ - بالضم -: الموت. والمَوَات - بالفتح -: ما لا روح فيه. والمَوَات أَيضاً: الأَرض لا مالك لها من بنى آدم، ولا يَنتفِع بها أَحد. والمَوَتان: خلاف الحيوان. وفى المثل: اشتر المَوَتَان، ولا تشتر الحَيَوَان. أَى اشتر الأَرضين والدُّور ولا تشتر الرّقيق والدّواب. والمَوَتَان من الأَرض: الَّتى لم تُحْىَ بعد. وفى الحديث: "مَوَتان الأَرض لله ولرسوله، فمن أَحيا منها شيئاً فهو له".
وقوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الذين قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ} قيل: نفى الموت عنهم والمراد نفيُه عن أَرواحهم، تنبيهاً على ما هم فيه من النعيم. وقيل: نفى عنهم / الحزن المذكور فى قوله: {وَيَأْتِيهِ الموت مِن كُلِّ مَكَانٍ} . وقوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الموت}
المراد زوال القوّة الحيوانيّة، ومفارقة الروّح البدَن. وقوله:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ} قيل معناه: ستموت تَنْبيهاً على أَنه لابدّ لكلّ أَحد من الموت، وقيل: بل إِشارة إِلى ما يعترى الإِنسان دائماً من التحَلّل والنقص؛ فإِن البشر ما دام فى الدّنيا يموت جزءا فجزءا.
والمَيْتة من الحيوان: ما مات بغير تذكية. والمستميت: المتعرّض للموت الذى لا يُبالى فى الحرب من الموت. والمستميت للأَمر: المسترسل. والمُوتة - بالضمّ - شِبْه الجنون والصَّرْع، كأَنه من موت العلم والعقل. ومنه رجل مَوْتان القلب وامرأَة مَوْتانة. وأَماته الله ومَوّته للمبالغة. وأَمات فلان: إِذا مات له ابن أَو بنون، وكذلك الناقة والمرأَة، فهى مُمِيت ومميتة، وجمعها: مَمَاويت. وأَمات الشىء طبخاً: بالغ فى نضجه، وموّتت الإِبلُ: ماتت، فهو لازم ومتعدّ. قال مجنون عامر:
فعُروةُ مات موتاً مستريحاً
…
فها أَنا ذا أُموَّتُ كُلَّ يوم
والمتماوت من صفة الناسك.