الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى كشف
الكَشْف والكاشفة: الإِظهار. والكاشفة من المصادر الَّتى جاءَت على فاعلة كالعافية والكاذبة، قال الله تعالى:{لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ الله كَاشِفَةٌ} أَى كَشْف وإِظهار. وقال اللَّيث: الكشْف: رفعك شيئاً عمَّا يواريه ويغطِّيه. والتكشيف: مبالغة الكشف. وقال ابن دريد: كشفت فلاناً عن كذا وكذا: إِذا أَكرهته على إِظهاره. والتكشُّف: الظُّهور. وتكشَّف البرق: إِذا ملأَ السَّماءَ. وانكشف: مطاوع الكشف. واستكشف عن الشىءِ: سَأَل أَن يُكشف له عنه. وكاشفه بالعداوة: باداه بها، ويقال: لو تكاشفتم ما تدافنتم، أَى لو انكشف عيب بعضكم لبعض. واكتشفت المرأَة لزوجها: بالغت فى التكشُّف قاله ابن الاعرابىّ، وأَنشد:
واكتشفت لِناشىءٍ دَمَكْمَكِ
…
عن وارمٍ أَكظارُه عضنَّكِ
والمكاشفة فى اصطلاح الصُّوفية: مهاداة السرّ بين متباطنين، أَى المكاشفة إِطلاع أَحد المتحابين المتصافيين صاحبه على باطن سرّه وأَمره. ويعنون بالمتباطنين باطن المكاشِف والمكاشَف، فيحمل كل منهما سرّه إِلى الآخر، كما يحمل إِليه هديَّته، فيسرى سرّ كل منهما إِلى الآخر. وإِذا بلغ العبد فى مقام المعرفة إِلى حد كأَنه يطَّلع إِلى ما اتصف به الرب سبحانه من
صفات الكمال، ونعوت الجلال، وأَحسَّت روحه بالقرب الخاصّ الذى ليس كالقرب المحسوس، حتى يشاهد رفع الحجاب بين روحه وقلبه - فإِنَّ حجابه هو نفسه، وقد رفع الله عنه سبحانه ذلك الحجاب بحوله وقوته - أَفضى القلب والروح حينئذ إِلى الرَّب، فصار بعنده كأَنَّه يراه. فإِذا تحقَّق بذلك، وارتفع عنه حجاب النفس، وانقشع عنه ضياؤها ودخانها، وكُشطت عنه سُحُبها وغيومها، فهنالك يقال له:
بَدَا لك سرّ طال عنك اكتِتامُهُ
…
ولاحَ صَباحٌ كنت أَنت ظَلامُهُ
فأَنت حِجابُ القَلْبِ عن سرّ غَيْبه
…
ولَوْلاك لم يُطبَعْ عَلَيْكَ خِتامُهُ
فإِن غبْتَ عنه حَلّ فيه وطنَّبت
…
على منكب الكَشْفِ المصُونِ خيامُه
وجاءَ حديثٌ لا يُمَلُّ حديثه
…
ويُنهَى إِلينا نثره ونِظامُهُ
إِذا ذكَرَتهُ النفس زال عَناؤها
…
وزال عن القلْبِ الكَئِيب قَتَامُه
والمكاشفة الصحيحة المستديمة عبارة عن علوم يحدثها الرب - تعالى - فى قلب العبد، ويُطلعه بها على أُمور تخفى على غيره. وقد يُواليها / سبحانه وتعالى، وقد يُمسكها عنه بالغفلة عنها، ويواريها عنه بالغَيْن الَّذى يغشى على قلبه، وهو أَرَقّ الحُجُب، أَو بالغَيمْ وهو أَغلظ منه، أَو بالران وهو أَشدّها. فالأَوّل يقع للأَنبياءِ، كما قال صلى الله عليه وسلم:"إِنَّه لَيُغَان على قلبى، وإِنِّى لأَستغفر الله أَكثر من سبعين مرَّة". والثانى يكون للمؤمنين. والثالث لمن غلبت عليه الشهوة. قال الله تعالى: {كَلَاّ بَلْ رَانَ
على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} ، قال ابن عباس وغيره: هو الذنب بعد الذنب يغطِّى القلب، حتى يصير كالرَّان عليه.
والكشف الصَّحيح أَن يعرف الحقَّ الذى بعث الله به رسله وأَنزل به كتبه معاينة لقلبه، ويتجرد إِرادة القلب له وجودًا وعدمًا. هذا هو التحقيق الصحيح، وما خالفه فغرور قبيح وكلٌّ يدَّعى هذا.
وكلٌّ يدَّعون وصال ليلى
…
ولكن لا تُقِرَّ لهم بذاكا