الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى فتح
قد ورد الفتح فى القرآن على وجوه:
الأَوَّل: بمعنى القضاءِ والحكومة، نحو قوله تعالى:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} ، أَى حكمنا وقضينا، {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بالحق} أَى يقضى، {متى هاذا الفتح} أَى القضاء، {قُلْ يَوْمَ الفتح} أَى يوم القضاء
الثانى: بمعنى إِرسال الرَّحمة: {مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ} ، أَى ما يُرسل.
الثالث: بمعنى النُصْرة: {فَعَسَى الله أَن يَأْتِيَ بالفتح} أَى بالنصرة.
الرَّابع: بمعنى إِزالة الأَغلاق. وهذا يأْتى على وجوه:
الأَوَّل: بمعنى فتح أَبواب النُّصْرة: {وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ} .
الثانى: بمعنى فتح أَبواب الغنيمة والظفر بها: {فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ الله} .
الثالث: فتح خزائن القدرة: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب} .
الرَّابع: فتح أَبواب النعمة: {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} .
الخامس: فتح أَبواب السَّماءِ: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السمآء} .
السَّادس: فتح مغاليق الخُصومات: {رَبَّنَا افتح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالحق} .
السَّابع: فتح أَبواب البركة: {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السمآء} .
الثامن: فتح أَبواب القتل والإِهلاك: {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ الفتح} .
التاسع: فتح باب البضاعة: {وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ} .
العاشر: فتح أَبواب السَّمَاءِ على طريق الإِعجاز: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السماء} .
الحادى عشر: فتح السَّدّ يوم القيامة: {حتى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} .
الثانى عشر: فتح أَبواب العذاب: {حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ} .
الثالث عشر: فتح بيوت الأَصدقاء وَذوى القُرْبى: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ} .
الرَّابع عشر: فتح باب الدُّعاءِ رجاءً للإِجابة: {فافتح بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً} .
الخامس عشر: فتح أَبواب الجنَّة: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأبواب} {وَسِيقَ الذين اتقوا رَبَّهُمْ إِلَى الجنة زُمَراً حتى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} .
السَّادس عشر: فتح أَبواب جهنَّم: {وَسِيقَ الذين كفروا إلى جَهَنَّمَ زُمَراً حتى إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} .
السَّابع عشر: فتح أَبواب الثواب والكرامة: {وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} .
الثَّامن عشر: فتح أَبواب الطوفان: {فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السمآء بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ} .
التَّاسع عشر: فتح البلاد على يَدىْ أَهل الإِسلام: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح} .
قال أَبو القاسم الأَصبهانىّ: الفَتْح ضروب:
أَحدها: ما يُدرك بالبصر، كفتح الباب والقُفْل والمتاع.
والثانى: ما يدرك بالبصيرة، كفتح الهمّ و [هو] إِزالة الغمّ، وذلك ضربان: غَمّ يُفَرَّج، وفقر يزال، ونحوه قوله:{فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} ، أَى وسَّعنا عليهم:{لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السمآء والأرض} ، أَى أَقبل عليهم الخيرات من كلّ جانب.
/ والثالث: فتح المستغِلق من العلوم. قلت: وذلك على ضربين: الأَوَّل بتوفيق الاستكثار من العلوم الظَّاهرة وتحقيق معانيها، والثانى بفتح باب القلب إِلى العلم اللَّدنِّىّ كما تقدَّم بيانه فى "بصيرة العلم"
وقيل فى قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} إِنه عنى فتح مكَّة. وقيل: بل عنى ما فتح عليه من العلوم والهدايات التى هى ذريعة إِلى الثواب العظيم، والمقامات المحمودة التى صارت سبباً لغفران ذنوبه.
وفاتحة كل شىء مبدؤه الذى يفتح به ما بعده، وبه سمّى فاتحة الكتاب. ويقال: افتتح فلان كذا أَى ابتدأَه، وفتح عليه كذا: أَعلمه ووقَّفه عليه: {أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ الله عَلَيْكُمْ} .
وقيل: فى قوله تعالى: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح} يحتمل النَّصر والظفر والحكم وما يفتح الله من المعارف، وعلى ذلك:{نَصْرٌ مِّن الله وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} وقوله: {قُلْ يَوْمَ الفتح} أَى يوم الحكم، وقيل يوم إِزالة الشُّبهة بإِقامة القيامة، وقيل: ما كانوا يستفتحون من العذاب ويطلبونه.
والاستفتاح: طلب الفتح [أَو الفِتَاح قال: {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ الفتح} ] أَى إِن طلبتم الظفر أَو الفِتَاح أَى الحُكْم، أَو طلبتم مبدأَ الخيرات، فقد جَاءَكم ذلك بمجىء النبىّ صلى الله عليه وسلم. وقوله:{وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ} أَى يستنصرون ببَعثة محمدّ صلى الله عليه وسلم، وقيل: يستعلمون خبره من النَّاس مرَّة، ويستنبطونه من الكُتُب مرَّة، وقيل: يطلبون من الله الظفر بذكره، وقيل: كانوا يقولون
إِنا نُنْصر بمحمّدٍ صلى الله عليه وسلم على عَبَدة الأَوْثان.
وقوله: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب} ، أَى ما يتوصَّل به إِلى غَيْبه المذكور فى قوله:{فَلَا يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً} .
وقوله: {مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بالعصبة} أَى مفاتح خزائنه، وقيل: عنى بالمفاتح الخزائن نفسها، قال الشَّاعر:
يا سيد الأُمراء والأَلباب
…
أَشكو إِليك فظاظة البوّاب
قد كنت جئت لخدمةٍ أَبغى بها
…
عزّا فقابلنى بذلِّ حجاب
إِن كنت ترغب سيدى فى خدمتى
…
فأَقلُّ ما فى الباب فتح الباب