الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى مس ومسح
المَسّ: جسّ الشىء بيدك. مسِسْته بالكسر أَمَسّه مَسا ومَسِيساً ومِسِّيسَى كخِلِّيفَى. هذه هى اللغة الفصيحة. وحكى أَبو عبيدة: مَسَسْته - بالفتح - أَمُسّهُ - بالضم- وربما قالوا: مَِسْت الشىء يحْذفون منه السين الأُولى ويحوّلون كسرتها إِلى الميم، ومنهم مَن لا يحوّل ويترك الميم على حالها مفتوحة، وهو مثل قوله تعالى:{فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} ، الأَصل ظَلِلْتم. وقوله تعالى:{وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} أَى تجامعوهن. وقرئ (تُمَاسُّوهُنَّ) والمعنى واحد.
وقوله تعالى: {الذي يَتَخَبَّطُهُ الشيطان مِنَ المس} ، أَى من الجنون يقال: به مَسٌّ أَلْسٌّ ولَمَم/. وقد مُسّ فهو ممسوس. وقوله تعالى: {ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ} ، قال الأَخفش: جُعل للمسّ مَذَاق؛ كما يقال: كيف وجدتَ طعم الضرب. ويقال: وجدت مسّ الحُمَّى، أَى أَوَّل ما نالنى منها.
وقول العرب: لا مَسَاسِ، مثال قَطامِ، أَى لا تَمَسّ. وقرأَ أَبو عمرو فى الشواذِّ وأَبو حَيْوة:{أَن تَقُولَ لَا مَسَاسِ} . وقد يقال: مَسَاسِ فى الأَمر كدَرَاكِ وتَرَاك. وأَمَسَّه الشىء فمسّه. والمماسّة كناية عن المباضعة، قرأَ حمزة والكسائىّ وخَلَف (تُماسُّوهُنَّ) .
وقوله تعالى: {لَا مِسَاسَ} بكسر الميم أَى لا أَمَسّ ولا أُمسّ؛ وكذلك التماسّ، ومنه قوله تعالى:{مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا} .
المَسْح: إِمرار اليد على الشىء، وإِزالة الأَثَر عنه، وقد يستعمل فى كل واحد منهما. ومسح الأَرضَ: ذَرَعَها. وعبّر عن السير بالمسح؛ كما عبّر عنه بالذَرْع، فقيل: مَسَح البعيرُ المفَازاة وذَرَعها. والمسح فى الشرع: إِمرار الماءِ على العضو، يقال: مَسَحت للصلاة وتمسّحت، قال تعالى:{وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ} . ومسحته بالسيف كناية عن الضرب؛ كما يقال: مَسَحْت. قال تعالى: {فَطَفِقَ مَسْحاً بالسوق والأعناق} .
فأَما المسيح [فهو] لقب عيسى بن مريم صلوات الله عليه أَو اسمه. قال تعالى: {اسمه المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ} .
وهذه لفظة فى صفة نبىّ الله وكلمة الله عيسى عليه السلام، وفى صفة عدوّ الله الدجَّال. وفى تفسير هذه اللفظة وإِيضاح معناها أَقوال كثيرة، ووجوه عديدة، تُنيف على خمسين.
قال القرطبى: اختلف فى لفظة المسيح على ثلاثة وعشرين قولا، ذكرها لحافظ ابن دِحْية فى كتاب مجمع البحرين، فى فوائد المشرقين والمغربين. وقال متبَجِّحاً: لم أَر من جمعها قبلى ممّن رحل وجال، ولقى الرجال، وذكر ثلاثة وعشرين وجهاً، فأَضفت إِليه ما كان عندى من الوجوه الحسنة، والأَقوال البديعة فتمت، خمسون وجها أَو يزيد.
بيان ذلك أَن العلماءَ اختلفوا فى هذه: هل هى عربيّة أَم لا، فقال بعضهم: سريانيّة وأَصلها مشيحا بالشين المعجمة فعرّبتها العرب، وكذا ينطق بها اليهود، قاله أَبو عبيد وهذا هو القول الأَول.
والذين قالوا: إِنها عَربية اختلفوا فى مادّتها، فقيل: من سيح، وقيل: من مسح.
ثم اختلف كل فرقة منها:
فقال الأَوّلون: مَفعِل، من ساح يسيح، لأَنه يسيح فى أَقطاع الأَرض كافَّة. وأَصلها مَسْيِح - على مَفْعِل - فأُسكنت الياء ونقلت حركتها إِلى السين لاستثقالهم الكسرة على الياء. وهذا [هو] القول الثانى.
وقال آخرون: مَسِيح، فاعل من مَسَح إِذا سار فى الأَرض وقطعها، فَعِيل بمعنى فاعل. وهذا [هو] القول الثالث. والفرق بين هذا والذى قبله أَن هذا يختص بقطع الأَرض، وذلك بقطع جميع البلاد.
والرابع: عن أَبى الحسن القابسىّ، وقد سأَله أَبو عمرو الدانىّ: كيف يُقرأ المسيح الدجال؟ قال: بفتح الميم وتخفيف السين، مثل المسيح بن مريم؛ لأَن عيسى عليه السلام مُسِح بالبركة، وهذا مُسِحت عينه
الخامس: قال أَبو الحسن: ومن الناس من يقرؤه بكسر الميم مثقَّلا، مثل سكّيت، فيفرق بذلك بينهما، وهو وجه. وأَمَّا أَنا فما أَقرؤه إِلَاّ كما أَخبرتك.
السادس: عن شيخه ابن بَشْكُوَال قال: سمعت الحافظ أَبا عُمَر بن عبد البَرّ يقول: ومنهم من قال ذلك بالخاءِ المعجمة. والصحيح أَنه لا فرق بينهما.
السابع: المَسِيح لغة: الذى لا عين له ولا حاجب، سمّى الدجال بذلك لأَنه كذلك.
الثامن: المسيح / لغة: الكذَّاب، والدجَّال أَكذب الخَلْق؛ لأَنه بَلَغ فى الكذب مبلغا لم يبلغهُ غيره، فقال: أَنا الله.
التاسع: المسيح المارد الخبيث، سمّى لذلك.
العاشر: قال ابن سيدهْ: مسحت الإِبلُ الأَرض: سارت فيها سيرًا شديدًا. فيحتمل أَنه سمّى الدجَّال به لسرعة سيره.
الحادى عشر: مسح فلان عُنُق فلان، أَى ضرب عنقه. سمّى به لأَنه يضرب عنق من لا ينقاد له ويكفر به.
الثانى عشر: قال الأَزهرى: المسيح بمعنى الماسح، وهو القتَّال، يقال: مسح القوَم إِذا قتلَهم. وهو قريب من المعنى الذى قبله.
الثالث عشر: المسيح: الدرهم الأَطلس بلا نقش، قاله ابن فارس. وهو مناسب للأَعور الدجَّال، إِذْ أَحد شِقَّىْ وجهه ممسوح، وهو أَشوهُ الخَلْق.
الرابع عشر: المَسَح - محرّكة -: قصر ونقص فى ذَنَب العُقَاب كأَنه سمّى به لنقصه وقصر مدّته.
الخامس عشر: المسيح للدجال مشتقّ من المماسحة، وهى الملايَنة فى القول، والقلوبُ غير صافية. كذا فى المحكم؛ لأَنه يقول خلاف ما يضمر. السادس عشر: المسيح: الذوائب، الواحد مَسِيحة، وهى: ما نزل من الشعر على الظهر؛ كأَنه سمّى به لأَنه يأْتى فى آخر الزمان.
السابع عشر: المَسْح: المَشْط والتزيين، والماسحة: الماشطة؛ كأَنه سمّى به لأَنه يزين ظاهره ويموّهه بالأَكاذيب والزخارف.
الثامن عشر: المسيح: الذرَّاع؛ لأَنه يَذْرع الأَرض بسيره فيها.
التاسع عشر: المسيح: الضِلِّيل. وهو من الأَضداد، ضد الصدِّيق. سمّى به لضلالته، قاله أَبو الهيثم.
العشرون: قال المنذرىّ: المسيح من الأَضداد، مسحه الله أَىْ خلقهُ خلقاً حسناً مباركاً، ومسحهُ أَى خلقه [خلقاً] قبيحاً ملعوناً، فمن الأَول يمكن اشتقاق المَسِيح رُوح الله، ومن الثانى اشتقاق المسيح عدوّ الله، لعنه الله وهذا الحادى والعشرون.
والثانى والعشرون: مَسَح الناقة ومسّحها: إِذا هَزَلها وأَدبرها وأَضعفها؛ كأَنه لوحظ فيه أَن منتهى أَمرِه إِلى الهلاك والدبار.
الثالث والعشرون: الأَمسح: الذئب الأَزَلّ المسرع؛ كأَنه سمّى به تشبيها له بالذئب فى خبثه وأَذاه وسرعة سيره فى الأَرض.
الرابع والعشرون: المَسْح: القول الحسن من الرجل، وهو فى ذلك خادِعك؛ سمّى به لخَدْعه ومكره؛ قاله ابن شُمَيل. يقال: مسحه بالمعروف إِذا قال له قولاً وليس له إِعطاء، فإِذا جاءَ ذهب المسح، وهكذا الدجال، يخدع الناس بقوله ولا إِعطاء.
الخامس والعشرون: المَسِيح: المنديل الأَخشن، والمِنديل: ما يُمسك للنَدْل وهو الوَسَخ؛ سمّى به لاتِّساخه بالكفر ودَرَن باطنه بالشرك، وكدورة قلبة، ولهوانه وذُلَّه.
السادس والعشرون: المَسْحاء: الأَرض التى لا نبات فيها. وقال ابن شُميل: الأَرض الجرداءُ الكثيرة الحصى التى لا شجر بها ولا تُنبت، وكذلك المكان الأَمسح؛ كأَنه سُمّى به لعدم خيره وعظم شره، وكثرة أَذاهُ وإِضراره، تشبيهاً بالمكان الخشن فى قلَّة نباته وكثرة أَوعاره.
السابع والعشرون: الأَمسح فى اللغة: الأَعور؛ سمّى به لعوره.
الثامن والعشرون: التِمْسَح والتِمساح: دابَّة بحرية كثيرة الضرر على سائر دوابّ البحر؛ سمّى به لضرر إِيذائه وشرّه، وبلائه.
التاسع والعشرون: مسح سيفه وامتسحه: إِذا استلَّه من غِمده؛ سمّى بذلك لاستلاله سيف الظلم والعدوان، وتشهيره رماح البغى والطغيان.
الثلاثون: المسيح والأَمسح: من به عيب فى باطن فخذيه، وهو اصطكاك إِحداهما بالأخرى، سمّى به لأَنه معِيب. ويحتمل أَن يكون به هذا العيب أَيضاً.
الحادى والثلاثون: رجل أَمسح، وامرأَة مسحاء، وصبى ممسوح إِذا لزِقت / أَلْيتاه بالعظم. وهو عيب أَيضاً.
الثانى والثلاثون: يمكن أَن الدجَّال سمّى بالمسيح من قولهم: جاءَ فلان يتمسّح، أَى لا شىء معه كأَنه يمسح ذراعهُ، وذلك لإِفلاسه عن كل خير، وفِقدانه كل بركة وسعادة.
الثالث والثلاثون: يمكن أَن عيسى صلوات الله وسلامه عليه سمّى بالمسيح من قولهم: جاءَ فلان يُتمسّح به، أَى يتبرّك به لفضله وعبادته؛ كأَنه يتقرّب إِلى الله تعالى بالدنوّ منه. قاله الأَزهرى.
الرابع والثلاثون: لأَنه كان لا يمسح ذا عاهة إِلَاّ برئ، ولا ميّتاً إِلَاّ حَيِىَ، فهو بمعنى ماسح.
الخامس والثلاثون: قال إِبراهيم النخعى: المسيح الصِدِّيق. وقاله الأَصمعىّ وابن الأَعرابىّ.
السادس والثلاثون: عن ابن عباس رضى الله عنهما فى رواية عطاء عنه: سمّى مسيحاً لأَنه كان أَمسح الرجل، لم يكن لرجله أَخمص. والأَخمص: ما لا يمس الأَرض من باطن الرِجل.
السابع والثلاثون: قيل: سمى مسيحاً لأَنه خرج من بطن أَمه كأَنه ممسوح الرأْس.
الثامن والثلاثون: لأَنه مُسح عند ولادته بالدهن.
التاسع والثلاثون: قال الإِمام أَبو إِسحاق الحربىّ فى غريبه الكبير: هو اسمه خصّه الله به، أَو لمسح زكريا إِيَّاه.
الأَربعون: سمِّى به لحُسْن وجهه، والمسيح فى اللغة: الجميل.
الوجه الحادى والأَربعون: المسيح فى اللغة: عَرق الخيل واشتداده:
إذا الجيادُ فِضْن بالمسيح
الوجه الثانى والأَربعون: المسيح: السيف، قاله أَبو عُمَر المطرِّز. ووجه التسمية ظاهر.
الثالث والأَربعون: المسيح: المُكارى.
الرابع والأَربعون: المَسْح: الجِمَاع، مسح جارِيته: جامعها.
الخامس والأَربعون: قال الحافظ أَبو نُعَيم فى دلائل النبوة: سمى ابن مريم مسيحاً لأَن الله تعالى مسح الذنوب عنه.
السادس والأَربعون: قال أَبو نُعَيم فى كتابه المذكور: وقيل: سمّى مسيحاً لأَن جبريل مَسَحه بالبركة، وهو قوله:{وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً} .
السابع والأَربعون: المسيح: القِسِىّ، الواحد مَسِيحة، سمّى به لقوّته واعتداله وعدالته.
الثامن والأَربعون: يمكن أَن يكون من المِسْح وهو الطريق المستقيم لأَنه سالكها. قال الصغانىّ: المُسُوح: الطرق الجادّة، الواحدة مِسْح. وقال قُطْرُب: مسح الشىء: إِذا قال له: بارك الله فيك.
التاسع والأَربعون: قال ابن دريد: هو اسم سمَّاه الله به، لا أَحب أَن أَتكلم فيه.