الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى مرا ومرى ومزج ومزن
مَرَأَ أَى طَعِم. ومالك لا تَمْرَأ: أَى لا تطعم. ومرأَنى الطعام يمرؤ مُرُوءًا. ومَرَأَ الطعامُ نفسه، ومَرُؤ، ومرِئ - مثلثة -: صار مَرِيئا. وقال بعضهم: أَمرأَنى الطعام. وقال الفراءُ: هَنَأَنى الطعام ومَرَأَنى إِذا تبعت هنأَنى، فإِذا أَفردوها قالوا: أَمرأَنى. وهو طعام ممرِئ. قال تعالى: {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} .
والمُرُوءَة: كمال المرءِ، كما أَن الرُجُوليّة كمال الرجل، وهى فُعُولة من لفظ المرءِ؛ كالفُتُوَّة من الفَتَى. وحقيقتها: اتِّصاف النفس بصفات الإِنس التى فارق بها [الإِنسانُ] الحيوان والبهيمة والشيطان الرجيم. فإِن للنفس ثلاثة دواع: داعٍ يدعوها إِلى الاتِّصاف بأَخلاق الشيطان: من الكِبْر والحسد والبغى والفساد؛ وداع يدعوها إِلى أَخلاق الحيوان، وهو داعى الشهوة؛ وداع يدعوها إِلى أَخلاق المَلَك: من الإِحسان والنصح والبِرّ والطاعة والعلم. فحقيقة المروءَة: بِغْضة ذينك الداعيين وإِجابة هذا الداعى الثالث. وقلَّة المروة وعدمُها: الاسترسال مع ذينك الداعييَن [وعدم] إِجابة الداعى الثالث؛ كما قال بعض السلف: خلق الله الملائكة عقولا بلا شهوة، وخلق البهائم شهوة بلا عقل، وخلق الإِنسان وركَّبهما فيه، فمن غلب عقلُه شهوتَه التحق بالملائكة، ومن غلَبت شهوتُه عقلَه التحق بالبهائم، ولهذا قيل فى حدّ المروءَة: إِنها غلَبة العقل للشهوة.
وقال الفقهاءُ: هى استعمال مَا يجمِّل العبدَ ويزينه، وترك ما يدنِّسه ويشينه. وقيل: المروءَة: استعمال كل خُلُق حَسن، واجتناب كل خُلُق قبيح. وقيل: حقيقتها: تجنُّب الدنايا والرذائل من الأَقوال والأَخلاق والأَعمال؛ فمروءَة اللسان: حلاوته وطِيبه ولينه، وإِجتناءُ الثمار منه بسهولة ويسر؛ ومروءَة الخُلُق: سعته وبسطهُ وتركُه للخبيث والبغيض، ومروءَة المال: الإِصابة بصرفه فى مواقعه المحمودة عقلا وعُرفاً وشرعاً؛ ومروءَة الجاه بذله للمحتاج إِليه؛ ومروءَة الإِحسان: تعجيله وتيسيره وتوفيره وعدم رؤيته حال وقوعه، فهذه مروءَة البذل.
وأَمَّا مروءَة الترك، فكترك الخصام والمعاتبة والمطالبة والمماراة، والإِغضاءُ عن عَثَرات الناس، وإِشعارهم أَنك لا تعلم لأَحد منهم عثرة.
وهى على ثلاث درجات:
الأُولى: مروءَة المرءِ مع نفسه: أَن يحملها سرًّا على ما يُجَمِّل ويَزِين، وترك ما يدنِّس ويَشين؛ ليصير لها مَلكة فى العلانية، فمن اعتاد شيئاً فى سرّه وخلوته صار مَلَكة فى علانيته وجهره، فلا يكشف عورته فى الخلوة، ولا يُخرج الريح بصوت وهو، يقدر على خلافه، ولا يَنْهَم عند أَكله وحده، / وبالجملة فلا يفعل فى الخلوة ما يستحيى من فعله فى الملأ، إِلَاّ مالا يَحْظُره الشرع والعقل ولا يكون إِلَاّ فى الخلوة؛ كالجماع والتخلىِّ ونحوه.
الدرجة الثانية: المروءة مع الخَلْق بأن يستعمل معهم الأَدب. ولْيتَّخذ الناس مِرآة لنفسه، فكل ما كرهه من قول أَو فعل أَو خُلُق فليجتنبه، وما أَحبّه من ذلك فليفعل.
الدرجة الثالثة: المروءَة مع الحق سبحانه: من الاستحياءِ من نظره إِليك واطِّلاعه عليك فى كل لحظة ولمحة، وبإِصلاح عيوب نفسك جَهد الإِمكان؛ فإِنه قد اشتراها منك، وليس من المروءَة تسليم المبيع على ما فيه من العيوب وتقاضى الثمن كاملا، ورؤية شهود مِنَّته فى هذا الإِصلاح؛ فإِنه هو المتولِّى له لا أَنت، فيفنيك الحياءُ منه عن رسوم الطبيعة، وفيما ذكرناه فى الفُتوّة ما يعين فى هذه المنزلة إِن شاءَ الله تعالى.
والمَرْء: الرجل. يقال: هذا مَرْءٌ صالح، ورأَيت مَرْأً صالحاً، ومررت بمرءٍ صالح؛ وضم الميم فى الأَحوال الثلاثة لغة. وتقول: هذا مُرْء بالضمّ، ورأَيت مَرْأً بالفتح، ومررت بمِرْءٍ بالكسر معرباً من مكانين. وهذه مَرْأَة صالحة، ومَرَة أَيضاً بترك الهمز وتحريك الراء بحركتها، فإِن جئت بأَلِف الوصل كان فيها أَيضاً ثلاث لغات: فتح الراء على كل حال، حكاها الفراءُ؛ وضمُّها على كل حال؛ وإِعرابها على كل حال، قال تعالى:{وَإِنِ امرأة خَافَتْ مِن بَعْلِهَا} ، فإِن صغَّرت أَسقطت أَلف الوصل فقلت: مُرَىْءٌ ومُرَيْئة، وفى الحديث:"إِنى لأَكره أَن أَرى الرجل ثائراً فرائصُ رَقَبته، قائماً على مُرَيْئته يضربها". تصغيره صلى الله عليه وسلم المرأَة استضعاف
لها واستصغار، ليُرِى أَن الباطش بمثلها فى ضعفها لئيم. ويقال: المرءُون فى جمع المرء. وتمرَّأَ: تكلَّف المروءَة.
المُِرْية - بالكسر وبالضمّ -: التردّد فى الأَمر. وهو أَخصّ من الشك، قال تعالى:{فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ} . وماراه مماراة ومِراءً. وامترى فيه وتمارى: شكَّ، قال تعالى:{بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ} ، الشىء وقال:{فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَاّ مِرَآءً ظَاهِراً} ، وأَصل ذلك من مَرَى الناقةَ يمريها مَسَح ضرعها، فأَمْرَت هى. وهذا أَحد ما جاءَ على فَعَلته فأَفعل.
المِزَاج: ما تَمْزُج به الشىء، أَى تخلِطه، قال تعالى:{كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً} .
المُزْن: السحاب. وقيل: المُزْن من السحاب: ما كان أَبيض. وقيل: المزن: السحاب ذو الماءِ، القطعة مُزْنَةٌ. والتمزُّن التَّسَخِّى، والتفضل والتظرف، وإِظهار أَكثر مما عندك.