الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - بابٌ
الإحرامُ:
نيةُ النسك.
وسُنَّ لمريدِه: غُسلٌ. . . . . .
ــ
باب الإحرام
الإحرام: هو لغة الدخول في الحرام، يقال: أحرم إذا دخل في الحرام. وأربع إذا دخل في الربيع (1)، وعلى هذا فلا [تظهر المناسبة](2) بين المنقول عنه والمنقول إليه، ولو قالوا (3): إن الإحرام اصطلاحًا هو: الدخول في النسك بنية، لظهرت المناسبة جدًا.
ثم رأيت الشارح (4) عرَّف الإحرام لغة بأنه: "نية الدخول في التحريم"، ثم نقل نظيره عن ابن فارس (5) وعليه فالمناسبة أيضًا ظاهرة.
* قوله: (وسن لمريده غسل) ولو حائضًا أو نفساء، لكن الحائض والنفساء إن رجتا الطهر قبل فوات الميقات، فلهما أن تؤخرا الغسل والإحرام حتى ينقطع الدم.
(1) انظر: المطلع ص (167).
(2)
ما بين المعكوفتَين في "ج" و"د": "انظر المناسبة".
(3)
في "ج" و"د": "قال".
(4)
شرح المصنف (3/ 215).
(5)
معجم مقاييس اللغة (2/ 45) مادة (حرم).
أو تيممٌ لعدمٍ -ولا يضرُّ حدثُه بين غُسل وإحرام-، وتنظفٌ، وتطيبٌ في بدنه وكُره في ثوبِه، ولُبسُ إزارٍ ورداءٍ أبيضَين نظيفَين ونعلَين، بعد تجردِ ذكرٍ عن مخيط، وإحرامُه عقبَ صلاةِ فرضٍ أو (1) ركعتَين نفلًا ولا يركعْهُما وقت نهي ولا من عدم الماء والتراب، وأن يعيِّن نُسُكًا ويلْفِظَ به، وأن يشترط فيقول: "اللَّهمَّ إنِّي أريد النُّسك الفلاني فيسِّره لي. . . . . .
ــ
* قوله: (أو تيمم لعدم)؛ أيْ: حسًّا أو شرعًا، ولو قال: لعذر لكان أظهر.
* قوله: (أبيضَين نظيفَين) ولا فرق بين أن يكونا جديدَين، أو غسيلَين.
* قوله: (أو ركعتَين نفلًا) لو قال: أو نفل، لكان أحسن، لأن هذا لا يتقيد بالركعتين، ولا يقال إنما قال ذلك لئلا يتوهم اجتزاؤه في تحصيل السنة بركعة؛ لأنها ممَّا صدق النفل به (2)، مع أنها صلاة مكروهة؛ لأنا نقول كون النفل بركعة مكروهًا لا يضر فيما هنا.
فإن قيل: الصلاة المكروهة لا تحصل السنة المطلوبة؟.
قيل: إن سلم ذلك، فيلزمه فيما إذا صَلَّى ركعتَين تائقًا أو حاقنًا، مع أنه لم يقيد الركعتين بكونهما لا كراهة فيهما، فتدبر، وحرر!.
* قوله: (ولا من عدم الماء والتراب)؛ أيْ: لا يركعهما من عدم الماء والتراب، للاستغناء عنهما.
* قوله: (وأن يشترط) ويستفيد بهذا الشرط، أنه متى حبس بمرض أو ضل الطريق حل ولا شيء عليه.
(1) سقط من: "م".
(2)
سقط من: "ج" و"د".
وتَقبَّلْه مني وإن حبسني حابسٌ" "فمَحِلِّي حيث حبستني" (1).
ولو شَرَطَ أن يحلَّ متى شاء، أو إن أفسده لم يقْضِه: لم يصح.
وبنعقدُ حالَ جماعٍ، ويبطلُ وبخرجُ منه بردةٍ، لا بجنونٍ، وإغماءٍ، وسُكرٍ، كموتٍ، ولا ينعقدُ مع وجودِ أحدِها.
ويُخيَّرُ بين تَمتعٍ وهو أفضلُها، فإفرادٌ، فقِرانٌ.
ــ
قال في المستوعب (2) وغيره (3): "إلا أن يكون معه هدي، فيلزمه نحوه، ولو قال: فلي أن أحل خُيِّر" حاشية (4).
* قوله: (فمَحلِّي حيث حبستني)؛ أيْ: مكان إحلالي، بفتح الحاء وكسرها، فالفتح مقيس، والكسر سماع، يقال: حلَّ بالمكان يَحُلَّ بضم حاء المضارع، وحل من إحرامه، وأحل منه، كذا في المطلع (5).
* قوله: (لم يصح)؛ أيْ: الشرط، والإحرام صحيح.
* قوله: (ولا ينعقد مع وجود أحدها)؛ أيْ: الجنون، والاغماء، أو السكر.
* قوله: (أفضلها) فيه عود الضمير على ما تقدم بعضه وتأخر بعضه، إذ
(1) من حديث عائشة: أخرجه البخاري في كتاب: النكاح، باب: الإكفاء في الدين (9/ 132) رقم (5089).
ومسلم في كتاب: الحج، باب: جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه (2/ 867، 868) رقم (1027).
(2)
المستوعب (1/ 619).
(3)
انظر: شرح الزركشي (3/ 94)، الإنصاف (8/ 150)، (9/ 328).
(4)
حاشية المنتهى (ق 100/ أ).
(5)
المطلع ص (168).
والتمتُّع: أن يحرم بعمرة في أشهر الحج، ثم به في عامه مطلقًا بعد فراغه منها.
والإفرادُ: أن يحرمَ بحجٍّ، ثُمَّ بعمرةٍ بعد فراغِه منه.
والقِرانُ: أن يحرمَ بهما معًا، أو بها ثم يُدخلَه عليها قبل شروعٍ في طوافِها.
ويصحُ ممن معه هديٌ ولو بعد سعيها، ومن أحرم به، ثم أدخلها عليه لم يصحَّ إحرامُه بها.
* * *
ــ
الضمير راجع إلى الأنساك الثلاثة، التي هي التمتع، والإفراد، والقران، وانظر هل مثله جائز عربية؟ وقد يقال: إن المصحح للإضمار عِلم المرجع، لا سبق ذكره، ولا ذكره (1).
* قوله: (مطلقًا) سواء كان إحرام من مكة، أو مما يقاربها، أو بعد عنها.
* قوله: (ولو بعد سعيها) ظاهر سياق المتن أنه يكون قارنًا، وصرح بذلك في شرحه (2) هنا حيث قال:"ويصير قارنًا بناء على المذهب (3) " انتهى.
ولكن صرح في شرحه (4) فيما يأتي بأنه يكون متمتعًا، وهو مخالف لذلك.
(1) قال الشيخ عثمان في حاشيته (2/ 84): "وأما الضمير في (أفضلها) فيمكن عوده على الأنساك المفهومة من قوله أول الباب (الإحرام نية النسك)؛ لأن اللام فيه للجنس وهو صادق بالمتعدد، -واللَّه أعلم-".
(2)
شرح المصنف (3/ 228).
(3)
انظر: الفروع (3/ 307)، الإنصاف (7/ 166).
(4)
شرح المصنف (3/ 233).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعبارة شيخنا في الحاشية (1) عند قول المص في الفصل الآتي (2)"وإلا صار قارنًا" بعد تقدير المتن: "ومحل هذا إذا لم يدخله عليها بعد سعيها، لكونه ساق الهدي، فإن كان كذلك فهو متمتع هذا كلامه في شرحه (3).
وفي الإنصاف (4): "يصير قارنًا، ولم يحكِ خلافًا، وتبعه في الإقناع (5) " انتهى، ويمكن التوفيق بين كلام المص هنا، وفي شرحه بأن غرضه هنا بيان صحة الإحرام بالحج على هذا الوجه المخصوص، لا بيان صفة من صفات القرآن، بدليل مقابلته بالصفة الغير الصحيحة، وغرضه في الشرح بيان أنه في هذه الحالة يسمى متمتعًا لا قارنًا، تنبيهًا على مخالفة ما في الإنصاف، وإن مشى عليه في الإقناع، وذكر المص في شرحه هنا أنه المذهب، فيكون ذلك اختيارًا له، وهذا تقرير (6) لكلامهم، فليحرر (7)!.
(1) حاشية المنتهى (ق 100/ ب).
(2)
ص (303).
(3)
شرح المصنف (3/ 233).
(4)
الإنصاف (7/ 166).
(5)
الإقناع (1/ 560).
(6)
في "ج" و"د": "تقدير".
(7)
قال الشيخ عثمان في حاشيته (2/ 85): "الأظهر -واللَّه أعلم- أنه متى أحرم بالحج قبل فراغه من العمرة -حيث جاز له الإدخال-، فإنه يصير قارنًا على كل حال، كما يؤخذ ذلك من صريح الإنصاف الخالي من الخلاف، وكذلك صريح الإقناع وشرح المنتهى في موضع بلا دفاع، وكما يُفهِمُه إطلاق قول المصنف الآتي: (وإلا صار قارنًا)، فإنك إذا قابلت هذه المواضع بما ذكره الشارح هناك ظهر لك الرجحان، واللَّه ولي التوفيق، وعليه التكلان، فتأمل وتمهل! ". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الشيخ عبد اللَّه بن جاسر في منسكه -مفيد الأنام- (1/ 88، 90)، بعد نقله كلام الخلوتي وعثمان ما نصه: "قد اختلف كلام الأصحاب في هذه المسألة اختلافًا واضحًا، ولم يأت أحد منهم بما يزيل الإشكال، فاستعنت اللَّه -جل وعلا-، وأمعنت النظر في المسألة، فظهر لي الصواب بتوفيق اللَّه الملك الوهاب، فأقول -وباللَّه التوفيق-: المتمتع إذا أحرم من الميقات بعمرة متمتعًا بها إلى الحج له حالتان: حالة ساق فيها الهدي، وحالة أخرى لم يسق فيها هديًا، فالحالة التي ساق الهدي فيها إذا طاف لعمرته وسعى ثبث على إحرامه، لسَوقه الهدي، ولزمه إدخال الحج على العمرة لسَوقه الهدي، ويثبت على إحرامه حتى يحل منهما جميعًا، وهذه الحالة يكون فيها متمتعًا لا قارنًا، وإن لم نقل بأنه متمتع لزم منه أن من ساق الهدي لا يكون متمتعًا أصلًا.
وأما الحالة التي لم يسُق فيها هديًا فإذا طاف لعمرته وسعى حلق أو قصر وحل من عمرته، ثم أحرم بالحج، لكن في هذه الحالة إذا أدخل الحج على العمرة باختياره أو اضطراره فيما إذا ضاق الوقت، وخشي فوات الحج، أو خشيت حائض ونحوها، وكان ذلك الإدخال قبل الشروع في طواف العمرة، صح الإدخال المذكور، وكان قارنًا، وحينذٍ يطوف بالبيت للقدوم إن أمكنه كسائر القارنين، فإذا كان قد شرع في طواف العمرة لم يصح إدخال الحج عليها، ولزمه التحلل من العمرة؛ لأنه قد شرع في التحلل بالشروع في طواف العمرة.
وأما القارن فله حالتان أيضًا: حالة ساق الهدي فيها، وحالة لم يسُق فيها هديًا:
فالحالة التي ساق الهدي فيها يثبت على إحرامه بعد طواف القدوم والسعي بعده إن لم يؤخر السعي إلى أن يطوف للإفاضة، ولا يحل في هذه الحالة إلا يوم النحر.
وأما الحالة التي لم يسُق فيها هديًا فالسنة أن يفسخ نِيته بالحج وينويه عمرة، ويتحلل منها، سواء كان الفسخ بعد الطواف والسعي أو قبلهما، وإن لم ينوِ فسخ الحج إلى العمرة فإنه يثبت على إحرامه، ولا يحل من حجه وعمرته إلا يوم النحر، وقد نص الإمام أحمد رحمه الله أن عمل القارن كعمل المفرد، وأنه يسقط ترتيب العمرة عن القارن، ويصير الترتيب للحج.
إذا تقرر هذا، فالفرق بين حالة القارن التي ساق الهدي فيها، وحالة المتمتع التي ساق الهدي فيها أيضًا أن المتمتع إذا طاف بالبيت، يطوف طواف العمرة الذي هو ركن، وأما القارن فإنه يطوف طواف القدوم الذي هو نفل، ولا يطوف للعمرة؛ لأن طواف العمرة =