الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - كِتَابُ الزَّكَاةِ
(4)
كِتَابُ
الزكاةُ: حقٌّ واجبٌ في مال خاصٍّ. . . . . .
ــ
كتاب الزكاة
قال في المطلع (1): "قال ابن قتيبة (2)(3): الزكاة من الزكاء، وهو النماء والزيادة، وسميت بذلك، لأنها تثمِّر المال وتنمِّيه، يقال: زكا الزرع: إذا بورك فيه.
وقال الأزهري (4)(5): سميت زكاة لأنها تزكي الفقراء؛ أيْ: تنمِّيهم.
قال: وقوله -تعالى-: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} [التوبة: 103]؛ أيْ: تطهر المخرجين، وتزكي الفقراء"، انتهى.
* قوله: (حق واجب)؛ أيْ: بأصل الشرع، فخرج عن التعريف النذر بمعين
(1) المطلع ص (122).
(2)
هو عبد اللَّه بن مسلم بن قتيبةالدينوري، أبو محمد، الكاتب، النحوي، اللغوي، كان فاضلًا، ثقة، صاحب تصانيف حسان مفيدة، من كتبه:"المعارف"، و"أدب الكاتب"، و"غريب القرآن"، مات فجأة سنة (276 هـ).
(3)
غريب الحديث (1/ 184).
(4)
هو: محمد بن أحمد الأزهر بن طلحة الأزهري، الشافعي، من أئمة اللغة، مع معرفته بالفقه، والحديث، ولد سنة (282 هـ)، من كتبه:"تهذيب اللغة"، و"التقريب في التفسير"، و"تفسير ألفاظ مختصر المزني" مات سنة (371 هـ).
(5)
الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص (107).
لطائفةٍ مخصوصة، بوقتٍ مخصوص.
والمالُ الخاص: سائمةُ بهيمةِ الأنعام، وبقر الوحش وغنمه، والمتولِّدُ بين ذلك، وغيرُه، والخارجُ من الأرض، والنحلُ، والأثمانُ، وعروضُ التجارة.
وشروطُها: وليس منها بلوغٌ، وعقلٌ.
الإسلامُ، والحريةُ لا كمالُها، فتجب على مبعَّض بقدر ملكه، لا كافرٍ ولو مرتدًّا، ولا رقيق ولو مكاتبًا، ولا يملك رقيقٌ غيرُه ولو مُلِّك.
ــ
لمعينٍ، من مال معين، في وقت معين.
كأن قال: إن قدم؛ أيْ: من السفر في وقت كذا، فلزيد من مالي الذي في الكيس الفلاني مقدار كذا، فإنه يصدق على ما جعله لزيد نذرًا، أنه حق واجب في مال خاص، في (1) وقت خاص، لطائفة مخصوصة، لأن الطائفة يوصف بها الواحد، فيقال: نفس طائفة، لكن وجوبه ليس بأصل الشرع، بل بالإيجاب.
* قوله: (وشروطها)"شروطها"(2) مبتدأ، خبره "الإسلام" وما عطف عليه، بملاحظة العطف قبل الربط.
* قوله: (ولو ملك) خلافًا للشافعي (3) القائل بأنه يَمْلِك إذا مُلِّك (4)، وهو قول عندنا أيضًا (5).
(1) سقط من: "ج" و"د".
(2)
سقط من: "ج" و"د".
(3)
انظر: نهاية المحتاج (3/ 126)، حاشية الجمل على شرح المنهج (2/ 285).
(4)
في "أ": "ملكه".
(5)
انظر: الفروع (2/ 318)، الإنصاف (6/ 303، 304).
وملكُ نصاب تقريبًا في أثمان وعروض، وتحديدًا في غيرهما، لغيرِ محجورٍ عليه لفلسٍ، ولو مغصوبًا، وبرجع بزكاته على غاصبٍ، أو ضالًّا. . . . . .
ــ
* قوله: (وملك)؛ أيْ: في غير الركاز، لأنه بالغنيمة أشْبَه، ولذلك وجب فيه الخمس.
* قوله: (وتحديدًا في غيرهما)؛ أيْ: غير الأثمان والعروض، فلو نقص نصاب الحب أو الثمر يسيرًا لا يتداخل في الكيل، أو نصاب السائمة واحدة أو بعضها لم تجب.
قال في الفروع (1): "ولا اعتبار بنقص يتداخل في الكيل في الأصح، جزم به الأئمة (2)، وقال صاحب التلخيص: إذا نقص ما لو وزع على الخمسة أوسق ظهر فيها سقطت الزكاة، وإلا فلا"، انتهى.
* قوله: (لغير محجور عليه لفلس) هذا لا تظهر له فائدة إلا على القول بأن الدين ليس مانعًا من وجوب الزكاة، وإلا فسيأتي (3) أنه لا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب، سواء كان محجورًا عليه لفلس أو غيره، فتدبر!.
ثم رأيت الشيخ صرح في كل من الشرح (4) والحاشية (5) أن هذا يتمشى على كل من القولَين؛ أيْ: ولو قلنا إن الدين لا يمنع وجوبها، قال: "لأنه ممنوع من
(1) الفروع (2/ 321).
(2)
انظر: المغني (4/ 169).
(3)
ص (87).
(4)
شرح منصور (1/ 365).
(5)
حاشية المنتهى (ق 80/ ب).
لا زمنَ مُلْكِ ملتقط، ويرجُع بها على ملتقط أخرجها منها.
ــ
التصرف في ماله حكمًا، ولا يحتمل المواساة، وتجب في مال المحجور عليه لسفه، أو صغر، أو جنون"، انتهى.
* قوله: (لا زمن ملك ملتقط) قال في شرحه (1): "وهو ما بعد حول التعريف حكمًا، كالمال الموروث، فيصير كسائر أمواله، يستقبل به حولًا في الأصح (2) ويزكى، نص عليه، لوجوب الزكاة عليه بالدخول في ملكه من حين مُضِي حول التعريف"، انتهى.
أقول: هذا ملك مراعى، لا تام، مع أنه يشترط تمام الملك -كما سيأتي (3) - في الشرط الرابع، وسيأتي الجواب هناك.
* قوله: (ويرجع بها على ملتقطه أخرجها منها) قال في شرحه (4): "يعني أن الملتقط متى أخرج زكاة المال الذي التقطه (5) زمن وجوبها على رب المال وهو حول التعريف من عين (6) اللقطة، ثم أخذها رجع على الملتقط بما أخرج منها لتعدِّيه بالإخراج، لعدم إجزائه عن ربها، وإن أخرجها من غيرها، لم يرجع بشيء على ربها لم تقدم"، انتهى.
أقول: هذا التقدير فيه إخراج للمتن عن ظاهره؛ لأن قوله: (لا زمن ملك
(1) شرح المصنف (2/ 558).
(2)
انظر: الفروع (2/ 326)، الإنصاف (6/ 337).
(3)
ص (85).
(4)
شرح المصنف (2/ 558).
(5)
في "ج" و"د": "التقط".
(6)
في "ج" و"د": "غير".
أو غائبًا، لا إن شكَّ في بقائِه، أو مسروقًا، أو مدفونًا منسيًّا، أو موروثًا جهلَه أو عند مَنْ هو؟ ونحوَه، ويزكيه إذا قدر عليه، أو مرهونًا، ويخرجُها راهنٌ منه لا إذن إن تعذر غيره، ويأخذُ مُرْتَهِنٌ. . . . . .
ــ
ملتقط) يقتضي أن الكلام فيما بعد حول التعريف، كما أسلفه عند شرح هذه الجملة (1).
* قوله: (لا إن شك في بقائه) انظر ما فائده هذا الاستثناء، مع أن المشكوك في بقائه أيضًا تجب عليه زكاته إذا عاد إلى ملكه.
* قوله: (ونحوه)؛ أيْ: نحو ما ذكر، كالمال الموهوب قبل قبضه.
* قوله: (ويزكيه إذا قدر عليه)؛ أيْ: لا يلزمه إخراجْ زكاة ما تقدم من الغائب، والمسروق، والمدفون المنسي، والموروث المجهول إلا إذا قدر عليه، ولا زكاة الموهوب (2) إلا إذا قبضه.
[ومراده إذا قبضه](3) كلًّا، أو بعضًا، فلا يشترط يقبض جميع النصاب لوجوب الزكاة، بل كلما وصل إليه منه شيءٍ زكَّاه، بدليل ما يأتي (4) في قوله:"ولو قبض دون نصاب. . . إلخ"، وإلا يلزم التعارض.
* قوله: (إن تعذر غيره) فإن لم يتعذر غيره جاز الإخراج منه أيضًا، لكن بإذن مرتهن، وهذه هي التي في الإقناع (5)، فلا تخالف بين الكتابين.
* قوله: (ويأخذ مرتهن. . . إلى آخره) حيث أخرجها راهن بلا إذنه.
(1) شرح المصنف (2/ 558).
(2)
في "ج" و"د": "الموهوب".
(3)
ما بين المعكوفتَين سقط من: "أ".
(4)
ص (82).
(5)
الإقناع (1/ 391).
عوضَ زكاةٍ إن أيسر.
أو دينًا -غير بهيمة الأنعام، أو ديةٍ واجبةٍ، أو دين سَلَمٍ ما لم يكن أثمانًا، أو لتجارة- ولو مجحودًا بلا بينة.
وتسقط زكاته إن سقطَ قبل قبضِه بلا عوضٍ ولا إسقاط، وإلا فلا. فيُركَّى إذا قُبِض، أو أُبْرِئ منه لما مضى، ويجزئ إخراجُها قبل.
ولو قبضَ دون نصابِ، أو كان بيدِه وباقيه دينٌ أو غصبٌ أو ضالٌّ زَكَّاه.
وإن زكتْ صداقها كلَّه، ثم تنصف بطلاقِه رجع فيما بقي بكلِّ حقه، ولا تجزئُها زكاتُها منه بعد.
ويزكي مشترٍ مبيعًا متعينًا، أو متميزًا. . . . . .
ــ
* قوله: (أو دَيْنًا) على مليء أو غيره.
* قوله: (ولو مجحودًا بلا بينة)؛ لأنه لا أثر لجحده في سقوط الزكاة، ولا ضرر على المالك؛ لأنه لا يجب إخراج الزكاة إلا بعد قبضه.
* قوله: (فيزكى إذا قبض أو أبرئ منه) لا حاجة إليه بعد قوله: (وإلا فلا)؛ لأن معناه: أن ما لا يسقط بعِوض أو إسقاط لا تسقط زكاته، ومعنى عدم السقوط: المطالبة بما مضى إذا قبض، أو أبرئ منه، إلا أن يقال: معنى الأولى أن الزكاة لا تسقط بل تتعلق بذمته.
ومعنى الجملة الثانية المفرعة: أنه يجب عليه الإخراج بالفعل إذا حصل أحد هذَين الأمريَن، فتدبر!.
* قوله: (ولا يجزئها زكاتها منه بعد)؛ أيْ: بعد طلاقها قبل الدخول، ولو
ولو لم يقبضه حتى انفسخ بعد الحول، وما عداهما بائعٌ.
ــ
حال الحول، لأنه مال مشترك، فلا يجوز لأحدهما التصرف فيه (1) قبل القسمة.
* قوله: (حتى انفسخ بعد الحول) بتلف مطعوم قبل قبضه، أو خيار مجلس، أو شرط، أو عيب؛ لأن الفسخ رفع للعقد من حين فسخ، لا من أصله.
وقال ابن حامد (2): "إذا دلَّس البائع العيب فرد عليه، فزكاته عليه"، انتهى. وللبائع إخراج زكاة مبيع فيه خيار منه، فيبطل البيع في قدره.
* قوله: (وما عداهما. . . إلخ) قالوا: كالمشاع، والموصوف في الذمة (3).
أقول: وهو مشكل؛ لأنه لا تتصور الزكاة فيهما.
أما الأول: فلأنه خرج عن ملك البائع بالبيع، ولا تلزمه زكاة غير ملكه.
وأما الثاني: فلأنه لا جود له حتى يزكي، إلا أن يصور بما إذا كان عنده مثل المبيع الموصوف، ثم سلَّمه للمشتري بعد الحول، على ما فيه.
أقول: انظر هل يجوز أن يكون المراد من المشاع الذي تجب زكاته على البائع الجزء الذي لم يتصرف فيه، وهو ما عدا الجزء المبيع؟.
لكن يعارضه قول الشارح (4): "وما عداهما من المبيعات"، وقوله (5):"يعني أن المبيع غير المتعين، كأربعين شاة موصوفة في الذمة، أو غير المتميز كنصف مشاعًا في زيرة من فضة وزنها أربع مئة درهم، يزكيه البائع"، انتهى. فإنه صريح في
(1) سقط من: "أ".
(2)
نقله في الفروع (2/ 329).
(3)
انظر: شرح المصنف (2/ 563)، كشاف القناع (2/ 174).
(4)
شرح المصنف (2/ 563، 564).
(5)
المصدر السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن الكلام مفروض في الجزء المبيع.
ثم رأيت في حواشي ابن مفلح (1) نقلًا عن شيخه ابن قندس (2) ما نصه: "قال شيخنا ابن قندس: المراد بغير المتعين ما في الذمة، مثل أربعين شاة موصوفة في الذمة، فإنها غير متعينة، بخلاف هذه (الأربعون أو أربعون)(3)، أو شاة موصوفة من هذا (4) القطيع، فإنها متعينة.
وأما المتميزة فهي هذه الأربعون شاة، فكل متميزة متعينة، ألا ترى أن هذه الأربعين متميزة عن غيرها، وهي متعينة بخلاف الأربعين من هذا القطيع، فإنها متعينة غير متميزة، فليس كل متعينة متميزة.
وإذا علم أن كل غير (5) معينة غير متميزة لزم من نفي غير المتعينة نفي غير المتميزة، فحينئذٍ قوله:"ولا متميزة" غير محتاج إليه، ويكتفى بقوله غير متعين، والمعنى: فأما مبيع في الذمة فيزكيه البائع"، انتهى.
قال شيخنا (6): "وينبغي ملاحظة ما قررناه من أنه كان عنده أربعون شاة مساوية للموصوفة في الذمة، ومضى الحول عليها عند البائع، ثم سلمها للمشتري، ما لم يكن البائع عليه دين".
(1) لم أقف عليه.
(2)
حاشية ابن قندس على الفروع (ق 12/ ب، 13/ أ).
(3)
في "أ": "الأربعين أو أربعون"، وفي "ج" و"د":"الأربعين أو أربعون".
(4)
في "ج" و"د": "هذه".
(5)
سقط من: "أ".
(6)
حاشية المنتهى (ق 81/ أ).
وتمامُ الملك، ولو في موقوف على معيَّن من سائمة، وغلة أرض وشجرٍ، ويُخْرِج من غيرِ السائمة.
فلا زكاةَ في دين كتابةٍ، وحصةِ مُضَارِب قبل قسمة، ولو مُلكت بالظهور، ويزكي ربُّ المال حصَّته كالأصل، وإذا أدَّاها من غيره فرأسُ المال باقٍ، ومنه تحتسبُ من أصل المال وقدر حصته من الربح.
وليس لعاملٍ إخراجُ زكاةٍ تلزم ربَّ المال بلا إذنِه. . . . . .
ــ
* قوله: (وتمام الملك) قال في الفروع (1): "في الجملة"، انتهى.
ومراده إدخال نحو الصداق من اللقطة، والموهوب قبل قبضه، وما أشبه ذلك.
وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: بأن يكون النصاب الذي بيده لم يتعلق به حق غيره، ويتصرف فيه على حسب اختياره، وفوائده حاصلة له، قاله أبو المعالي (2).
* قوله: (فلا زكاة في دين كتابة) لنقص الملك فيه، لعدم استقراره.
* قوله: (قبل قسمة) أو تنضيضه مع محاسبة.
* قوله: (كالأصل) تبعًا له، فمن دفع لرجل ألفًا مضارية على أن الربح نصفَين فحال الحول وقد ربح ألفَين، زكى رب المال ألفَين.
* قوله: (وقدر حصته من الربح) فينقص ربع عشر (رأس المال مع ربع عشر)(3) حصته من الربح.
* قوله: (بلا إذنه) فيضمنها، ولا تجزئ لعدم النيابة.
(1) الفروع (2/ 323).
(2)
نقله الشيخ منصور فى شرحه (1/ 367)، وانظر: الفروع (2/ 323).
(3)
ما بين المعكوفتَين سقط من: "د".
ويصح شرطُ كلٍّ منهما زكاةَ حصته من الربح على الآخر، لا زكاةَ رأسِ المال أو بعضه من الربح.
وتجب إذا نذر الصدقةَ بنصاب أو بهذا النصابِ إذا حال الحولُ، ويبرأ من زكاة ونذر بقدر ما يُخْرِج منه بنِيَّته عنهما. . . . . .
ــ
* قوله: (ويصح شرط كل منهما. . . إلخ) فيه أن العامل لا زكاة عليه على الصحيح (1)، فلعل ما هنا على القول الثاني (2).
* قوله: (لا زكاة رأس المال أو بعضه من الربح)؛ لأنه قد يحبط بالربح رأسًا، وظاهر كلام المص أن الفاسد الشرط فقط، ومقتضى القواعد فساد عقد المضاربة للجهالة.
* قوله: (بنصاب)؛ أيْ: إذا حال الحول.
* قوله: (إذا حال الحول) من تمام الصيغتَين، لا متعلق بـ "يجب".
* قوله: (بنيته عنهما)؛ أيْ: عن النذر، والزكاة؛ لأن كلًّا منهما صدقة، كما لو نوى بالصلاة الراتبة والتحية، وفي التمثيل بالراتبة والتحية توقف؛ لأنه لا ملاءمة بين النفل والواجب، فكان الأولى التمثيل بغسل الجنابة والإسلام، إذا اغتسل لهما غسلًا واحدًا بنيتِهما؛ لأن في كل منهما تشريكًا بين واجبَين بالنية، بخلاف ما مثل به.
وقد يقال: المنظور إليه في التمثيل جهة الإجزاء فقط، ولا يلزم في التشبيه المشابهة من كل وجه.
(1) انظر: الفروع (2/ 337، 338)، الإنصاف (6/ 317، 318).
(2)
انظر: المصدرَين السابقَين.
لا في معيَّن نذَرَ أن يتصدق به، وموقوفٍ على غير معيَّن أو مسجدٍ، وغنيمةٍ مملوكة إلا من جنسٍ إن بلغت حصةُ كل واحد نصابًا، وإلا انبنى على الخُلطة.
ولا في فَيْءٍ، وخمسٍ، ونقد موصَّى به في وجوه برٍّ، أو (1) يُشترى به وقف، ولو ربح، والربحُ كأصل.
ولا في مالِ مَنْ عليه دينٌ يَنْقُص النصاب، ولو كفارةً ونحوَها. . . . . .
ــ
* قوله: (لا في معين نذر أن يتصدق به) بأن قال: نذر علي للَّه -تعالى- أن أتصدق بهذا، أو قال: هو صدقة، ولم يقل فيهما إذا حال الحول، فلا زكاة لزوال ملكه أو نقصه.
* قوله: (وموقوف)؛ أيْ: ولا زكاة في موقوف. . . إلخ.
* قوله: (وإلا انبنى على الخلطة)؛ أيْ: وإن لم تبلغ حصة كل واحد نصابًا، بأن لم تبلغ حصة واحد منهما نصابًا، أو بلغت حصة واحد منهما نصابًا، ومعنى قوله:(انبنى على الخلطة) أنه يلاحظ ما يأتي (2) فيها، من أنهما لا تؤثر (3) في غير الماشية، ولا يلزم الخليط الإخراج قبل القبض.
* قوله: (أو يُشترى به وقف) لعدم تعين مالكه.
* قوله: (ولا في مال من عليه دين)؛ يعني: لا فرق في ذلك الدين بين أن يكون للَّه -تعالى-، أو لآدمي.
(1) في "م": "أو أن".
(2)
ص (114).
(3)
في "أ": "من".
أو زكاة غنم عن إبل، إلا ما بسبب ضمان، أو حصادٍ، أو جُذَاذٍ، أو دِيَاس ونحوه، ومتى بَرِئ ابتدأ حولًا.
ــ
وبخطه: ما لم يكن خليطًا، كما يأتي (1) في أواخر باب زكاة السائمة في قوله "ومن بينهما ثمانون شاة نصفَين، وعلى أحدهما دين. . . إلى آخره" فتنبه لها!.
* قوله: (أو زكاة غنم عن إبل) إن صُوِّرت بما إذا كان عنده خمس من الإبل، وأربعون شاة من الغنم، وحول الإبل سابق على حول الغنم، بأن ملك الإبل في المحرَّم مثلًا، والغنم في صفر، فواضح أن نصاب الغنم ينقص بما وجب منه عن الإبل، سواء أخرج الشاة بالفعل أو لم يخرجها؛ لأنه دين ينقص النصاب.
أما إذا كان الحولان متساويين بأن ملكهما في وقت واحد، فهل تجب شاة واحدة عنهما، أو عن الإبل، ويحكم بنقص نصاب الغنم فلا يجب فيه شيء، أو يجب عن كل شاة؟ حرر (2).
وأما إذا كان حول الغنم سابقًا، فوجوب الشاتَين ظاهر.
* قوله: (إلا ما بسبب ضمان)؛ أيْ: فلا يمنع؛ لأنه فرع أصل في لزوم الدين، فاختص المنع بأصله لترجحه، وفي منع الدين أكثر من قدره إجحاف بالفقراء، ولا قائل بتوزيعه على الجهتَين.
فلو غصب ألفًا، ثم غصبه منه آخر واستهلكه، ولكل منهما ألف، فلا زكاة على الثاني، وأما الأول فيجب عليه؛ لأنه لو أدى الألف لرجع به على الثاني، ذكره الشارح (3).
(1) ص (110).
(2)
قال الشيخ عثمان في حاشيته (1/ 442): "الظاهر وجوب شاتَين".
(3)
شرح المصنف (2/ 659).
ويمنع أرْشُ جنايةِ عبدِ التجارة زكاةَ قيمته.
ومن له عرضُ قُنْيَةٍ، يباعُ لو أفلس يَفِي بديِنه، جُعل في مقابلة ما معه ولا يزكيه، وكذا من بيده ألفٌ، وله على مَلِئ ألفٌ، وعليه ألفٌ.
ولا يمنع الدينُ خمسَ الرِّكاز.
ولأثمانٍ، وماشيةٍ، وعروضِ تجارة مضيُّ حولٍ. . . . . .
ــ
* قوله: (ويمنع أرش جناية. . . إلخ) ظاهر الإطلاق، سواء كانت بإذن السيد، أو لا، لأنه لا يخرج عن كونه دينا مانعًا من الزكاة.
* قوله: (ومن له عرض قنية. . . إلخ) وأما عرض التجارة فإنه يجعل الدين في مقابلته.
* قوله: (يباع) بأن كان زائدًا على الحاجة.
* قوله: (يفي بدينه)؛ أيْ: ومعه مال زكوي، غير ما يتحصل من عرض القنية، وكان الأولى التصريح بذلك في صدر المسألة بأن يقول: ومن معه مال زكوي وله عرض قنية. . . إلخ.
* قوله: (جعل)؛ أيْ: الدين.
* قوله: (ما معه) من المال الزكوي.
* قوله: (ولا يزكيه)؛ أيْ: المال الزكوي.
* قوله: (وكذا من بيده ألف. . . إلخ) فيجعل ما بيده في مقابلة ما عليه، فلا يزكيه ويزكي الدين إذا قبضه.
* قوله: (ولا يمنع الدين خمس الركاز)؛ لأنه لا يُشترط له نصاب ولا حول.
ويُعفَى فيه عن نصف يوم، لكن يستقبلُ بصداقٍ، وأجرةٍ، وعوض خلعٍ معينين، ولو قبل قَبْضٍ من عقدٍ، وبمبهمٍ من ذلك من تعيينٍ.
ويتْبع نِتاجُ السائمة وربحُ التجارةِ الأصلَ في حوله إن كان نصابًا. . . . . .
ــ
* قوله: (ويعفى فيه عن نصف يوم)، قال في تصحيح الفروع (1):"وهو الصحيح"، انتهى.
وقيل: وعن يوم، وقيل: ويومَين، وفي الروضة: وأيام (2).
* قوله: (من عقد) لثبوت الملك في عين ذلك بمجرد العقد، فينفذ فيه تصرف من وجب له.
* قوله: (وبمبهم من ذلك)؛ أيْ: وبما يصح أن يُبْهَم من ذلك فـ "من" تبعيضية على صنيع الشارح (3)، واسم الإشارة حينئذٍ مستعمل في موضوعه، فإنه لكل ما ذكر، فتدبر!.
وبخطه: قال في شرحه (4): "أيْ: من صداق وعوض خُلع"، انتهى.
ولم يذكر الأجرة، لعله؛ لأنها لا تكون مبهمة، إلا أن يراد بالمبهم ما يشمل الموصوف.
* قوله: (من تعيين) فلو وقع الصداق أو الخلع على أحد نصابَين من ذهب أو فضة أو سائمة في رجب مثلًا، فلم يعين إلا في المحرم، فهو أول الحول.
* قوله: (إن كان نصابًا)؛ أيْ: الأصل.
(1) تصحيح الفروع (2/ 339).
(2)
انظر: الفروع (2/ 339)، الإنصاف (6/ 351، 352).
(3)
شرح المصنف (2/ 572).
(4)
شرح المصنف (2/ 572).
وإلا فحَولُ الجميع من حين كَمُل، وحولُ صغار من حينِ ملكٍ ككبار.
ومتى نقَص، أو بِيع، أو أُبْدِلَ ما تجب في عينه بغير جنسه لا فرارًا منها انقطع حولُه، إلا في ذهب بفضة، وعكسِه، ويُخرج ممَّا معه، وفي أموال الصيارف. . . . . .
ــ
* قوله: (وحول صغار)؛ أيْ: يمكن أن تسوم، لا إن كانت تتغذى باللبن، كما صرح به في الإنصاف (1).
* قوله: (ومتى نقص) ما تجب في عينه أو جنسه بغير بيع، لئلا يتكرر.
* قوله: (أو بيع)؛ أيْ: أو بعضه، ولو مع خيار.
وبخطه: قوله: (أو بيع) كان الأولى أن يقول بدله: أو زال ملكه (2) عنه، ليدخل نحو الهبة، وجعله صداقًا، أو أجرة، أو عوض خُلع.
* قوله: (أو ي علىأبدل) يغني عنه قوله: (بيع) إلا أن يحمل الأول على ما فيه إيجاب وقبول، والثان المعاطاة.
* قوله: (ما تجب في عينه) بخلاف ما تجب في قيمته، كعروض التجارة، فإنه لا ينقطع الحول ببيعه، نعم لا تجب الزكاة بنقصه فقوله (ما تجب. . . إلخ) متعلق بـ (بيع) فقط.
* قوله: (وعكسه) كفضة بذهب، فلا ينقطع؛ لأن كلًّا منهما يضم إلى الآخر في تكميل (3) النصاب.
* قوله: (وفي أموال الصيارف)؛ أيْ: وإلا. . . إلى آخره. هذا لا يحتاج إلى
(1) الإنصاف (6/ 359).
(2)
في "ج" و"د": "الملك".
(3)
في "ج" و"د": "تكمل".
لا بجنسِه فلو أبدلَه بأكثرَ زكَّاه إذا تمَّ حولُ الأول كنِتاج.
وإن فرَّ منها (1) لم تسقط بإخراجٍ عن ملكه، ويزكِّي من جنس المبيع لذلك الحول، وإن ادعى عدمَه وثَمَّ قرينةٌ عُمِل بها، وإلا قُبل قولُه.
ــ
استثنائه، إلا على القول بأن إبدال الذهب بالفضة يقطع الحول (2).
وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: هذا يغني عنه قوله: (إلا في ذهب بفضة وعكسه) وجعله الشيخ في شرحه على الإقناع (3) من قبيل عطف الخاص على العام، ولم يذكر نكتته (4).
* قوله: (لا بجنسه) محترز قوله: (بغير جنسه) ولم يتعرض لمحترز الذي قبله وهو قوله: (في عينه) وكان عليه أن يتعرض، لكونه احترازًا عن عروض التجارة، التي تجب الزكاة في قيمتها.
* قوله: (وإن فرَّ منها) محترز قوله: "لا فرارًا منها".
* قوله: (بإخراج عن ملكه) ومقتضاه صحة البيع.
* [قوله: (وإن ادعى عدمه)؛ أيْ: عدم الفرار.
* قوله: (وثم قرينة)؛ أيْ: تكذبه] (5).
* قوله: (وإلا قبل قوله)؛ أيْ: في أنه لم يفعل ذلك فرارًا منها.
(1) سقط من: (م).
(2)
انظر: الفروع (2/ 341)، الإنصاف (6/ 361).
(3)
كشاف القناع (2/ 179).
(4)
قال الشيخ عثمان في حاشيته (1/ 445): "وكأن نكتته الإشارة إلى أنه لا فرق بين تكرر الإبدال وعدمه".
(5)
ما بين المعكوفتين سقط من: "ج" و"د".
وإذا مَضَى وجبت في عينِ المال ففي نصابٍ لم يُزَكَّ حولين، أو أكثرَ زكاةٌ واحدة، إلا ما زكاتُه الغنمُ من الإبل فعليه لكل حول زكاةٌ، وما زاد على نصاب يُنقص من زكاته كلَّ حول بقدرِ نقصه بها.
وتعلُّقها كأرش جناية، لا كدين برهن، أو بمال محجور عليه لفلس، ولا تعلُّق شركة، فله إخراجُها من غيره، والنماءُ بعد وجوبها له.
ــ
* قوله: (وجبت في عين المال)؛ أيْ: الذي لو أخرج من زكاته لأجزأت، بخلاف عروض التجارة، وما زكاته الغنم من الإبل، فإنها تجب في ذمة المزكِّي، لا في عين المال.
* قوله: (فعليه لكل حول زكاة) ظاهره يشمل ما إذا كان خمسًا من الإبل، ولا مال له غيرها، مع أنه تقدم (1) أنه لا زكاة على من عليه دين ينقص النصاب، إلى أن قال:"أو زكاة غنم عن إبل"، فينبغي أن يمثل لما هنا بغير الخمس، كما أشار إليه شيخنا في كل من الشرح (2) والحاشية (3).
* قوله: (لا كدين برهن. . . إلخ) أما كونه ليس كالأخيرين فواضح، وأما كونه ليس كالدين برهن (4) ففيه نظر، بل هو مثله، إذ له توفية الدين من الرهن، وله توفيته من غيره، وليس الدين متعلقًا بعين الرهن فلا يجوز توفيته من غيره حتى يقال إن تعلق الزكاة ليس مثله.
وقد يقال: إنها ليست مثله من جهة أن الراهن ليس له أن يتصرف في الرهن
(1) ص (88).
(2)
شرح منصور (1/ 372).
(3)
حاشية المنتهى (ق 82 / أ).
(4)
في "أ": "بالرهن".
إن أتلفه لزم (1) ما وجبَ فيه، لا قيمتُه. وله التصرفُ ببيع وغيره، ولا يرجع بائعٌ بعد لزوم بيعٍ في قدرها، إلا إن تعذَّر غيرُه. . . . . .
ــ
بعد لزومه إلا بإذن المرتهن، بخلاف رب المال، فإن له أن يتصرف في المال الزكوي بعد مضي الحول، وتتعلق الزكاة بذمته، ولا يتوقف ذلك على إذن من أهل الزكاة، وحينئذٍ فالمراد أنه ليس كتعلق الدين بالرهن من سائر الوجوه، وإن ساواه في بعضها، كما أن المراد أن تعلقها كأرش جناية في الجملة، لا من سائر الوجوه، إذ المال الزكوي إذا تلف بعد وجوب الزكاة فيه لا تسقط زكاته، والعبد الجاني إذا مات حتف أنفه، أو هرب قبل مطالبة سيده، أو بعده ولم يمنع منه، لا يتبع به السيد، وقد أشار إلى ذلك شيخنا في شرحه (2) في هذا المحل حيث قال:"ولا يعتبر لوجوبها أيضًا بقاء مال وجبت فيه، فلا تسقط بتلفه فرط أو لا؛ لأنها حق آدمي، أو مشتملة عليه، فأشبهت دين الآدمي؛ ولأن عليه مؤنة تسليمها إلى مستحقها فضمنها بتلفها بيده، كعارية وغصب، وبهذا فارقت العبد الجاني"، انتهى.
* قوله: (وله التصرف ببيع وغيره) ظاهر عطفه على المفرع (3) أن الرهن لا يصح التصرف فيه ببيع ولا غيره مطلقًا، مع أنه ليس كذلك، فكان الظاهر أن يقول: بإذن أو غيره؛ لأن الرهن يصح التصرف فيه بالبيع أو غيره بالإذن، فتدبر!.
* قوله: (إلا أن تعذر غيره)؛ أيْ: فإنه يرجع في قدرها، ولعله وجوبًا، واللام في كلام الشارح (4) للجواز، بمعنى عدم الامتناع الصادق بالوجوب (5).
(1) في "م": "لزمه".
(2)
شرح منصور (1/ 373).
(3)
في "ج" و"د": (الفروع).
(4)
شرح المصنف (2/ 581).
(5)
أيْ: لا يمنع، بل يجب، انظر: حاشية عثمان (1/ 447).
ولمشترٍ الخيار، ولا يُعتَبر إمكانُ أداء، ولا بقاءُ مال، إلا إذا تلف زرعٌ، أو ثمرٌ بجائحة قبل حصادٍ وجذَاذٍ.
ومن مات وعليه زكاةٌ أُخذت من تركتِه، ومع دينٍ بلا رهن وضيق مال: يَتَحاصَّان. . . . . .
ــ
* قوله: (ولمشترٍ الخيار)؛ أيْ: بين الإمضاء والفسخ، كتفريق (1) الصفقة.
* قوله: (ولا يعتبر إمكان أداء)؛ أيْ: في وجوبها، أما في لزوم الإخراج فإنه معتبر، فلو اقتصر على ما سبق (2) من قوله:"ويزكيه إذا قدر عليه"، لكان أحسن.
* قوله: (ولا بقاء مال إلا إذا تلف) أو كان دينًا وسقط بغير عوض ولا إسقاط، كما تقدم (3).
* قوله: (قبل حصاد. . . إلخ)؛ أيْ: أو بعده، لكن قبل وضع في جرين، أو بيدر، أو مسطاح -كما يأتي (4) -.
* قوله: (أخدت من تركته) ولو لم يوصِ بها.
* قوله: (يتحاصان) كان الظاهر تقديم الزكاة، لأنها متعلقة بعين المال، بخلاف الدين بلا رهن، فإنه مرسل في الذمة، فتعلقه بها، وما تعلق بعين المال، مقدم على ما تعلق بالذمة، فليحرر (5)!.
(1) في "ج": "كتصريف".
(2)
ص (81).
(3)
ص (82).
(4)
ص (127).
(5)
قال الشيخ عثمان في حاشيته (1/ 448): ". . . فإذا مات وترك ثلاث شياه مثلًا، وكان قد نذر قبل موته بواحدة معينة من الثلاث، وعيَّن أخرى أضحية، وترك الثالثة، وكانت =
وبه يقدَّم بعد نذر بمعيَّن، ثم أُضحيةٍ معيَّنة، وكذا لو أفلس حيٌّ.
ــ
ذكره شيخنا في شرحه (1).
* قوله: (وبه يقدم)؛ أيْ: إذا كان الدين برهن قدم ربه بالرهن.
* قوله: (بعد نذر. . . إلخ) متعلق بـ (يتحاصان).
* قوله: (وكذا لو أفلس حيٌّ) وقد نذر الصدقة بشيء معين، وعين أضحية، وعليه زكاة ودين.
* * *
= تساوي عشرة دراهم مثلًا، وعليه عشرة دراهم زكاة، ومثلها دينا لآدمي، فيتصدق بالشاة المنذورة، ويضحي بما عينها، وتباع الثالثة، ويصرف من ثمنها خمسة للزكاة، وخمسة للدين. . . ".
(1)
شرح منصور (1/ 373، 374).