الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - فصلٌ
ويتعَيَّنُ هديٌ بهذا هديٌ، أو تقليدِه (1)، أو إشعارِه، بنيِّتِه.
وأضحيةٌ: بهذه أضحيةٌ، أو للَّهِ، ونحوِه، فيهما، لا بنيتِه حالَ الشراءِ، ولا بِسَوقِه مع نيتِه كإخراجِه مالًا للصدقة به. . . . . .
ــ
فصل
* قوله: (ويتعين هدي: بهذا هدي) اعترضه ابن نصر اللَّه في حواشي المحرر (2): "بأن الهدي منه واجب وتطوع، وليس في هذا اللفظ ما يقتضي الوجوب إذ يجوز أن يريد هذا هدي (3) تطوعت به، أو تطوع به، ولو كانت هذه الصيغة للوجوب لم يكن لهدي التطوع صيغة، وللزم أنه إذا قال هذا المال صدقة أنه يلزمه، كما لو قال: للَّه علي التصدق به"، انتهى.
قال شيخنا (4): "ويجاب: بأن هذه الصيغة للإنشاء، والتطوع لا يحتاج لإنشاء"، انتهى.
أقول: هذا الجواب فيه تسليم أن هذه الصيغة نص في الوجوب، ولِمَ لا يجوز أن يكون المراد بقولهم يتعيَّن: يتميز، بدليل أنهم عطفوا على الهدي الأضحية، مع أنها سنة عندنا، لا واجبة -كما سيأتي (5) -.
(1) التقليد: أن يُعلَّق في عنقها شيء، ليعلم أنها هدي. المطلع ص (206).
(2)
نقله الشيخ منصور في حاشية المنتهى (ق 112/ أ).
(3)
في "ج" و"د": "الهدي".
(4)
حاشية المنتهى (ق 112/ أ).
(5)
ص (444).
وما تعين جاز نقَلُ الملكِ فيه، وشراءُ خيرٍ منه، لا بيعُه في دَيْن ولو بعدَ موت.
وإن عُيِّن معلومٌ عيبة تعيَّنَ، وكذا عما في ذمتِه، ولا يُجزئُه، ويَملكُ ردَّ ما علم عيبَه بعدَ تعيينِه. . . . . .
ــ
ومعنى الكلام: أنه يتميز الهدي عن غيره، والأضحية عن غيرها بقوله: هذا هدي، أو: هذه أضحية، من الصيغ القولية، أو بالإشعار ونحوه من القرائن الفعلية، ولو كان المراد بقولهم يتعين: يجب، كما فهم ابن نصر اللَّه، لاقتضى إيجاب الأضحية، إلا أن يلْتَزم أن الأضحية في الأصل سنة، وأنها بمجرد قوله: هذه أضحية تفسير واجبة، وفيه نظر!.
* قوله: (وما تعين جاز نقل الملك فيه وشراء خير منه) بخلاف المنذور عتقه نذر تبرر، فإنهم نصُّوا على عدم جواز بيعه (1).
وظاهره ولو بقصد (2) شراء خير منه، وقد يفرق بأن الحق في العتق للعتيق، فإذا أبدل فاته الغرض، والحق في الهدي والأضحية للفقراء، وإبداله منه أروَج لهم؛ لأنه يحصل معه الغرض وزيادة.
* قوله: (وإن عين معلوم عيبه تعين) وأجزأ.
* قوله: (ولا يجزئه)؛ أيْ: المعيب الذي عينه عما في الذمة؛ لأنه لم يتعين في هذا، فليس راجعًا للصورتَين، بدليل الفصل بقوله:"وكذا".
* قوله: (ويملك رَدَّ ما علم عيبه بعد تعيينه) قال شيخنا في الحاشية (3):
(1) انظر: الإنصاف (9/ 374، 375)، كشاف القناع (3/ 11).
(2)
سقط من: "ب".
(3)
حاشية المنتهى (ق 112/ أ).
وإن أخذَ الأرْشَ فكفاضلٍ من قيمته، ولو بانتْ معيَّنة مُستحقة لزمه بدلُها.
ويركبُ لحاجةٍ فقط بلا ضررٍ، ويَضْمنُ النقص.
وإن وَلَدت ذُبح معها إن أمكن حملُه، أو سوقُه، وإلا فكهديٍ عُطِبَ، ولا يشربُ من لبنِها إلا ما فضلَ عنه، ويجُزُّ صوفَها، ونحوَه لمصلحةٍ. . . . . .
ــ
"والظاهر أنه يلزمه أن يشتري بثمنه بدله، كالأرَش لو أخذه"، انتهى.
* قوله: (وإن أخذ الأرَش فكفاضل من قيمته) لو قال: وإن أخذ الأرَش اشترى به شاة أو سُبع بَدَنة كفاضل عن قيمة، لكان أحسن، وأخصر؛ لأنه كان يكتفى به عن ذكر المسألة الآتية (1)، ولا يكون فيه إحالة على مجهول.
* قوله: (ولو بانت معينة مستحقة لزمه بدلها) ينبغي أن تقيد المسألة بالمعين (2) عما في ذمة، أما المعين ابتداء فالظاهر أنه إذا بان مستحقًّا لا يلزمه بدله، كما لو قال عن عبد غيره: هذا حُر، وعن مال غيره: هذا صدقة، لكن كلامهم ليس فيه هذا القيد (3).
* قوله: (وإلا فكهدي عطب) لو قال: وإلا ذبحه في موضعه كهدي عطب، لكان أحسن من جهة أن في كلامه إحالة على مجهول، وكان يكتفى به عن ذكر المسألة الآتية (4)، تأمل!.
* قوله: (لمصلحة)؛ أيْ: لها.
(1) ص (439) في قوله: "وإن فضل عن شراء المثل شيء اشترى به شاة".
(2)
في "ب": "بالمعنى".
(3)
انظر: الإنصاف (9/ 377)، كشاف القناع (3/ 11، 12).
(4)
ص (439) في قوله: "وإن عطب بطريقٍ هديٌ واجب أو تطوعٌ لنيةٍ دامت، ذبحَه موضعَه".
ويتصدقُ به، وله إعطاءُ الجازرِ منها هديةً، وصدقةً، لا بأجرته.
ويتصدقُ، أو ينتفعُ بجلدِها، وجُلِّها (1)، ويحرمُ بيعُ شيءٍ منها، أو منهما.
وإن سُرق مذبوحٌ من أضحية، أو هدي معينٍ ابتداءً، أو عن واجبٍ في ذمة، ولو بنذرٍ، فلا شيءَ فيه، وإن لم يُعيَّن ضُمِنَ.
وإن ذبحها ذابحٌ في وقتِها بلا إذنٍ، فإن نواها عن نفسِه معَ علمِه أنها أضحيةُ الغير، أو فرَّق لحمَها لم تُجْزئ، وضَمن ما بين القيمتين إن لم يفرِّق لحمَها، وقيمتَها إن فرَّقه. . . . . .
ــ
* قوله: (ويتصدق به)؛ أيْ: ندبًا.
* قوله: (لا بأجرته) بسبب، أو عَنْ أو "مِن"، بدلية أو بعضية.
* قوله: (وإن سرق) بغير تفريط.
* قوله: (وإن لم يعين ضمن) الظاهر أن في تسمية مثل هذا اللزوم ضمانًا تجوزًا، إذ الضمان التزام من يصح تبرعه أو نحوه ما على آخر -على ما سيأتي (2) - فتدبر!.
* قوله: (أو فرق)"أو" هذه عاطفة لمحذوف، وذلك المحذوف معطوف على قوله:"مع علمه"، والتقدير: فإن نواها عن نفسه مع علمه، أو لم يعلم وفرَّق لحمها. . . إلخ، ويكون قد حذف مع ذلك المحذوف حرف عطف أيضًا.
ويجوز أن يكون المحذوف بعد قوله: "فرق لحمها"، والتقدير: أو فرق
(1) الجُلُّ: جل الدابة كثوب الإنسان يلبسه يقيه البرد، المصباح المنير (1/ 105) مادة (جل).
(2)
(3/ 98).
وإلا أجزأتْ، ولا ضمانَ.
وإن ضحى اثنان كلٌّ بأضحية الآخرِ غلطًا: كفتهُما، ولا ضمانَ، وإن بقي اللحمُ تَرادَّاه.
وإن أتلفها أجنبيٌّ، أو صاحبُها ضمنَها بقيمتِها يومَ تلفٍ، تُصْرفُ في مثلِها، بخلافِ قِنٍّ تعيَّن لعتْق.
ولو مرضتْ فخاف عليها فذبحها فعليه بدلُها، ولو تركها فماتتْ فلا.
ــ
لحمها مع عدم علمه، وهذا أسهل (1) وأقل حذفًا من الأول، فتأمل!.
* قوله: (وإلا أجزأت)؛ أيْ: كان لم ينوها عن نفسه، بل نواها عن ربها أو أطلق، أو نواها عن نفسه ولم يفرق لحمها مع عدم علمه أنها أضحية الغير أجزأت عن ربها.
* قوله: (كفتهما) كان الظاهر: كفتاهما، لكنه فرَّ من اجتماع تثنيتَين في لفظ واحد.
* قوله: (ضمنها) فيه الجمع بين الحقيقة والمجاز.
* قوله: (بخلاف قِنٍّ تعين) فلا يلزمه صرف قيمته في مثله.
* قوله: (فعليه بدلها) يطلب الفرق بينها وبين الهدي إذا عطب، وكأن الفرق: أن الإتلاف هاهنا بفعله، بخلاف ما إذا عطب الهدي، وفي كلام الشارح (2) إشارة إليه.
* قوله: (ولو تركها فماتت فلا)؛ لأن الموت ليس من صنعه، ولعله ما لم
(1) في "ج" و"د": "سهل".
(2)
شرح المصنف (3/ 544).
وإن فضلَ عن شراء المثْلِ شيءٌ اشترى به شاةً، أو سُبع بُدنةٍ أو بقرةٍ، فإن لم يَبلغ تصدَّق به، أو بلحمٍ يُشترى به كأَرْش جنايةٍ عليه.
وإن عُطِب (1) بطريقٍ هديٌ واجبٌ، أو تطوعٌ بنيةٍ دامت، ذَبحَه موْضِعَه.
وسُنَّ غَمْسُ نعلِه في دمه، وضربُ صفحتِه بها ليأخذَه الفقراءُ، وحَرُم أكلُه وخاصَّتِه. . . . . .
ــ
يحصل منه سبب ظاهري، كترك سقيها، أو علفها.
وقد يقال: لا يحتاج إلى ذلك القيد؛ لأن تعليق الهحكم بالمشتق يؤذن بالعلية، والمعنى: وإن ماتت بسبب المرض؛ أيْ: لا بسبب غيره، كترك السقي، أو العلف مما هو فعله، ويدل على إرادة ذلك مقابلة المص له فيما يأتي (2) بقوله:"وإن تلف أو عاب بفعله. . . إلخ"، فتدبر!.
* قوله: (وإن فضل عن شراء المثل. . . إلخ) هذا ما أحال عليه فيما سبق (3).
* قوله: (كأرَش جناية عليه)؛ أيْ: الهدي.
* قوله: (ذبحَه موضعَه) هذا ما أحال عليه فيما سبق (4)، فتنبه!.
* قوله: (وخاصته) فيه العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وهو جائز عند ابن مالك تبعًا للكوفيين،. . . . . .
(1) عطب: من باب تعب، هلك. المصباح المنير (2/ 416) مادة (عطب).
(2)
ص (440).
(3)
ص (436) في قوله: "وإن أخذ الأرش فكفاضل".
(4)
ص (436) في قوله: "وإلا فكهدي عطب. . . ".
منه.
وإن تَلِف، أو عاب بفعلِه، أو تفريطه لزمه بدلُه كأضحية.
وإلا أجزأ ذبحُ ما تعيَّبَ من واجبٍ بالتَّعيين، كتعيينه معيبًا فبَرِئَ.
وإن وجبَ قبل تعيينٍ كفديةٍ ومنذورٍ في الذمة فلا، وعليه نظيرُه، ولو زاد عما في الذمة، وكذا لو سُرِق، أو ضَلَّ، ونحوه.
ــ
ومذهب البصريين امتناعه (1)، قال في الخلاصة (2):
وعَوْدُ خَافض لَدَى عَطْفِ على
…
ضَميرِ خَفْضٍ لازمًا قَدْ جُعِلَا
ولِيْس عِنْدي لازمًا إذْ قَدْ أتى
…
في النَّظمِ والنَّثْرِ الصَّحيحِ مُثْبَتَا
* قوله: (منه)؛ أيْ: من الهدي العاطب ولو تطوعًا، بخلاف ما يأتي (3) من أنه له الأكل من هدي التطوع، فإنه محمول على غير العاطب، فتدبر!.
* قوله: (فلا)؛ أيْ: فلا يجزئه؛ لأنه لم يتعين ما في الذمة فيه.
* قوله: (وعليه نظيره ولو زاد عما في الذمة) كما لو كان في ذمته شاة، فعيَّن عنها بقرة، ثم تلفت أو تعيبت تلك البقرة فعليه نظيرتها، ولا يكفيه نظير الشاة التي في ذمته، هذا معنى ما في الشرح (4).
(1) انظر: شرح الكافية الشافية (3/ 1238 - 1254)، الإنصاف في مسائل الخلاف (2/ 463)، شرح التصريح (2/ 151، 152)، حاشية الصبان على شرح الأشموني (3/ 87، 88).
(2)
ألفية ابن مالك ص (48).
(3)
ص (444).
(4)
شرح المصنف (3/ 547).