الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - بابُ الفواتِ والإحصار
الفواتُ: سبق لا يُدْركُ.
والإحصارُ: الحبسُ.
من طلع عليه فجرُ يوم النحر، ولم يقف بعرفةَ لعذرِ حَصْرٍ، أو غيرِه، أو لا، فاته الحج، وانقلب إحرامُه إن لم يَخْتَرِ البقاءَ عليه ليحجَّ من قابل عمرةً، ولا تُجزئ عن عمرةِ الإسلام، كمنذورة.
ــ
باب الفوات والإحصار
* قوله: (الفوات. . . إلخ)؛ أيْ: لغة، واصطلاحًا -كما يؤخذ من عبارة المطلع (1) -.
* قوله: (ولم يقف بعرفة)؛ أيْ: لم يكن وقف في وقته المعتبر له، والمراد: من طلع عليه فجر يوم النحر، ولم يتصف بكونه قد وقف به، تدبر!.
* قوله: (من قابل) جَوَّز شيخنا العلامة أحمد الغنيمي الصرف وعدمه، وشُبْهَةُ منع الصرف الوصف والعدل؛ لأنه معدول عن القابل، كما يدل عليه كلام الشارح (2).
* قوله: (كمنذورة)؛ يعني: كما لا تجزئ عن عمرة منذورة، وهو واضح،
(1) المطلع ص (204).
(2)
شرح المصنف (3/ 504).
ويلزمُه قضاءُ حتى النفلِ.
وعلى من لم يشترط أوَّلًا: قضاءُ حتى النفلِ، وهديٌ من الفواتِ يُؤخَّر إلى القضاء، فإن عدمه زمنَ الوجوب، صار كمتمتع.
وإن وقف الكلُّ، أو إلا يسيرًا. . . . . .
ــ
أو: كما لا تجزئ المنذورة عن عمرة الإسلام.
ويتصور انعقاد نِية المنذورة قبل أداء فرضه بأن كان رقيقًا، ونذرها وشرع فيها زمن رِقه، وعُتق بعد مُضِي زمن الوقوف، فإنها لا تجزئه عن عمرة الفرض، وهذا المعنى بعيد؛ لأن الكلام ليس مفروضًا في خصوص الرقيق حتى يقصر الحكم عليه، فتدبر!.
* قوله: (فإن عدمه)؛ أيْ: الهدي.
* قوله: (زمن الوجوب) وهو طلوع فجر يوم النحر -كما تقدم (1) -.
* قوله: (صام كمتمتع)؛ أيْ: في العام الذي أراد القضاء فيه، وأجزأه الصوم، ولو أيسر عند إرادة الصوم -لما تقدم (2) - من أن الاعتبار فيه وفي الكفارات بوقت الوجوب، على الصحيح من المذهب (3).
* قوله: (أو إلا يسيرًا) في هذه خلاف (4)، وعبارة بعضهم (5): "وإن وقف
(1) ص (304).
(2)
ص (348، 350).
(3)
انظر: الإنصاف (23/ 284).
(4)
انظر: الفروع (3/ 535)، الإنصاف (9/ 310، 311).
(5)
كالمقنع ص (83)، والإقناع (2/ 38).
الثامنَ أو العاشرَ خطأً أجزأهم.
ومن مُنع البيتَ، ولو بعد الوقوفِ، أو في عمرةٍ، ذبحَ هديًا بنيةِ التحلُّل وجوبًا. . . . . .
ــ
البعض خطأ فاته الحج" حرَّره! (1).
* قوله: (أجزأهم) وهل على قياسه إجزاء أضحية من ضحى في اليوم التاسع في الأولى، والثالث عشر في الثانية؟، أو نقول بتبعيض الأحكام؟ يحتاج إلى تحرير!.
* قوله: (ومن منع البيت) والمراد به جميع الحرم لما يأتي (2).
* قوله: (ذبح هديًا بنِية التحلل) حَرَّر هذا المحل مع قضية عثمان عام الحديبية، حيث تمكن من البيت ولم يطف قبله صلى الله عليه وسلم، مع أنه دخل محرمًا (3)(4).
(1) قال في الإنصاف (9/ 310): "قوله: (وإن أخطأ بعضهم) هكذا عبارة الأصحاب، وقال في الانتصار: إن أخطأ عدد يسير، وفي التعليق فيما إذا أخطأ في القبلة قال: العدد الواحد والاثنان، وقال في الكافي والمحرر: إن أخطأ نفر منهم، قال ابن قتيبة: يقال إن النفر ما بين الثلاثة إلى العشرة، وقيل: النفر في قوله -تعالى-: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: 29] سبعة، وقيل: تسعة، وقيل: اثنا عشر ألفًا، قال ابن الجوزي: لا يصح؛ لأن النفر لا يطلق على الكثير".
(2)
ص (428).
(3)
والجواب عن فعل عثمان رضي الله عنه أنه أراد الطواف مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل النبى صلى الله عليه وسلم أمره بذلك، ويدل لهذا، أن في قصة عثمان أن المسلمين قالوا: هنيئًا لعثمان، خلصّ إلى البيت فطاف به دوننا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن ظني به أن لا يطوف حتى نطوف معًا، فكان كذلك. وانظر: فتح الباري (5/ 339).
(4)
من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم وفيه: ". . . فدعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عثمان، فبعثه إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وأنه جاء زائرًا لهذا البيت، معظمًا لحرمته، =
فإن لم يجدْ صام عشرةَ أيامٍ بالنية، وحلَّ، ولا إطعامَ فيه.
ولو نوى التحللَ قبلَ أحدِهما لم يحلَّ، ولزمه دمٌ لتحلله، ولكلِّ محظور بعدَه.
ويباحُ تحلُلّ لحاجةِ قتالٍ، أو بذلِ مالٍ. . . . . .
ــ
* قوله: (صام عشرة أيام بالنِّية)؛ أيْ: بنِية التحلل.
* قوله: (وحل) ظاهره من غير حلق أو تقصير، وهو أحد قولَين في المسألة (1).
* قوله: (ويلزمه دم لتحلله) قال في شرحه (2): "في الأصح".
وقال في الإنصاف (3): "هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب، وقدمه في الفروع (4)، وقيل: لا يلزمه دم لذلك، جزم به في المغني (5)، والشرح (6) "، انتهى.
= فخرج عثمان حتى أتى مكة. . . " الحديث. أخرجه أحمد (4/ 328).
وذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (5/ 329) وعزاه للحاكم في الإكليل، والبيهقي في الدلائل.
وأصل الحديث في البخاري، أخرجه البخاري في كتاب: الشروط، باب: الشروط في الجهاد (5/ 329) رقم (2731، 7332).
(1)
والقول الثاني: وجوب الحلق أو التقصير، قدمه في الرعاية، وجزم به في الإقناع. انظر: الفروع (3/ 537)، الإنصاف (9/ 320)، الإقناع (2/ 38).
(2)
شرح المصنف (3/ 510).
(3)
الإنصاف (9/ 321).
(4)
الفروع (3/ 538).
(5)
المغني (5/ 201).
(6)
الشرح الكبير (9/ 321).
لا يسيرٍ لمسلم، ولا قضاءَ على من تحلَّل قبل فوتِ الحج. . . . . .
ــ
وقد مرَّ (1) أنه لو رفض إحرامه لا شيء عليه لرفضه، خلافًا لبعضهم (2)، فليراجع بتأمل!، قاله شيخنا في الحاشية (3).
* قوله: (لا يسير لمسلم) ظاهر ما في الإقناع (4) يخالفه، فإنه لم يقيد البدل بكونه لمسلم، بل أطلق.
* قوله: (قبل فوات الحج) قال شيخنا (5): "مفهوم تقييده بقوله: (تحلل قبل فوات الحج) أنه لو تحلل بعده عليه القضاء، ولم أجد هذا القيد في الفروع، ولا الإنصاف، ولا التنقيح، ولا غيرها، بل أطلقوا أنه لا قضاء على المحصر (6).
فإن قيل: يؤخذ هذا القيد من كلامهم أولًا حيث قالوا: من طلع عليه فجر يوم النحر، ولم يقف بعرفة لعذر حَصْر، أو غيره، أو لا فاته الحج.
وقالوا بعده: عليه القضاء (7). قلت: لا يلزم ذلك، إذ التعميم قد يكون بالنسبة إلى فوات الحج فقط، كما يرشد إليه السياق"، انتهى من الحاشية (8).
ثم ضرب عليه، وأثبت ما نصه: "وصَحَّح ابن رزين في شرحه: لا قضاء فيما
(1)(1/ 419، 420، 421)
(2)
كصاحب الترغيب حيث قال: "يلزمه دم"، انظر: الفروع (3/ 459)، الإنصاف (8/ 433).
(3)
حاشية المنتهى (ق 111/ أ).
(4)
الإقناع (2/ 39).
(5)
حاشية المنتهى (ق 111/ أ).
(6)
انظر: الفروع (3/ 536، 538)، الإنصاف (9/ 312، 321، 322)، التنقيح ص (110).
(7)
انظر: المصادر السابقة.
(8)
حاشية المنتهى (ق 111/ أ).
ومثلُه من جُنَّ، أو أُغْمِيَ عليه.
ومن حُصر عن طوافِ الإفاضةِ فقط لم يتحلَّل حتى يطوف.
ومن حُصر عن واجبٍ لم يتحلل، وعليه دمٌ، وحجُّه صحيح.
ــ
إذا أحصر بعد، وذكره في الإنصاف" (1).
* تتمة: الصغير، والبالغ في وجوب القضاء سواء، لكن لا يصح قضاء الصغير إلا بعد بلوغه، والحج الصحيح والفاسد في ذلك سواء، فإن حلَّ (2)، ثم زال الحصر وفي الوقت سعة فله أن يقضي في ذلك العام.
قال الموفق (3) والشارح (4) وجماعة (5): وليس يتصور القضاء في العام الذي أفسد حجه فيه غير هذه المسألة، حاشية (6).
* قوله: (ومثله من جُنَّ أو أغمي عليه) قال في شرحه (7): "أيْ: في عدم وجوب القضاء"، وفيه تأمل!.
قال شيخنا (8): "ولو قال في الأحكام السابقة كما قال في الإنصاف (9)، لكن أظهر".
(1) الإنصاف (9/ 303، 304).
(2)
سقط من: "ج"، وفي "د":"حصر".
(3)
المغني (5/ 200).
(4)
الشرح الكبير (9/ 325).
(5)
انظر: الإنصاف (9/ 327).
(6)
حاشية المنتهى (ق 111/ ب).
(7)
شرح المصنف (3/ 511).
(8)
حاشية المنتهى (ق 11/ أ، ب).
(9)
الإنصاف (9/ 322).
ومن صُدَّ عن عرفة في حجٍّ تحلَّلَ بعمرةٍ مجانًا.
ومن أُحصِرَ بمرض، أو ذهاب نفقةٍ، أو ضلَّ الطريقَ بقي محرمًا حتى يقدرَ على البيتِ، فإن فاتَه الحجُّ تحلل بعمرةٍ، ولا ينحر هديًا معه إلا بالحرمِ.
ومن شَرط في ابتداءَ إحرامه: "أن مَحِلِّي حيث حَبَسْتَني"، فله التحلُّل مجانًا في الجميع.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
* * *