الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - كِتَابُ الجِهَادِ
(8)
كِتَابُ الجِهَادِ
الجهادُ: قتالُ الكفار، وهو فرضُ كفاية. . . . . .
ــ
كتاب الجهاد
الجهاد: مصدر جاهد جهادًا ومجاهدة، وجاهد: فَاعَل، من جهد إذا بالغ في قتل عدوه وغيره.
ويقال: جهده المرض وأجهده: إذا بلغ به المشقة، وجهدت الفرس وأجهته: استخرجت جهده، نقلها أبو عثمان (1).
والجَهد بالفتح: المشقة، وبالضم: الطاقة (2)، وقيل: يقال بالضم والفتح في كل واحد منهما، فمادة (ج هـ د) حيث وجدتَ ففيه معنى المبالغة، مطلع (3). ثم ذكر معناه الشرعي بما يوافق كلام المص، غير أنه زاد خاصة بعد قوله:(قتال كفار)، فتدبر!.
(1) هو بكر محمد بن عدي بن حبيب بن بقية، أبو عثمان المازني، البصري، أحد الأئمة في اللغة والنحو، من مصنفاته:"ما تلحن فيه العامة"، "العروض"، "علل النحو"، توفي سنة (249 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (1/ 92)، معجم الأدباء (2/ 280)، إنباه الرواة (1/ 246).
(2)
في "ب": "الطاعة"، وفي "ج" و"د":"الطامة".
(3)
المطلع ص (209).
وسُنَّ بتأكُّد مع قيام من يكفي به.
ولا يجبُ إلا على ذكر، مسلم، حرٍّ مكلَّفٍ صحيحٍ، ولو أعشى، أو أعورَ، ولا يُمْنعَ الأعمى، واجدٍ بملكٍ، أو بذلِ إمام ما يكفيه، وأهلَه في غَيْبته، ومع مسافة قصر ما يحمله.
وسُنَّ تشييع غازٍ، لا تلقِّيه.
وأقلُّ ما يفعلُ معَ قُدرة كل عام مرةً، إلا أن تدعو حاجةٌ إلى تأخيره.
ومن حَضَره، أو حُصِر، أو بلده، أو احْتيج إليه، أو استَنْفَره من له استنفاره تعيَّن على من لا عذرَ له، ولو عبدًا.
ولا يَنْفِرُ في خُطبةِ الجمعةِ، ولا بعدَ الإقامة، ولو نُودِيَ بالصلاة والنَّفير، والعدوُّ بعيدٌ، صَلَّى ثم نفرَ. . . . . .
ــ
* قوله: (وسن بتأكد. . . إلخ) هذا مبني على أحد قولَين في الأصول من أن فرض الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وكان منهم تطوعًا لو قاموا به بعد من قام به أولًا، وقيل: إنه لا يقع إلا واجبًا، فليراجع (1)!.
* قوله: (تعين على من لا عذر له) في هذا التركيب نظر، ولو قال: تعين عليه حيث لا عذر، أو: إن لم يكن عذر أو نحو ذلك، لكان حسنًا، ويمكن أن يقال: إن الرابط ما في (مَنْ) مِن معنى العموم.
* قوله: (ولا بعد الإقامة)؛ أيْ: لصلاة، وظاهره الإطلاق، خلافًا لصريح الإقناع (2).
(1) انظر: المسودة ص (30)، مجموع الفتاوى (23/ 262، 263 - 387)، الاختيارات ص (63)، التحبير شرح التحرير (2/ 881).
(2)
الإقناع (2/ 65) وعبارته: "ولا ينفر في خطبة الجمعة، ولا بعد الإقامة لها".
ومع قُرْبِه يَنْفِر ويُصلِي راكبًا أفضلُ، ولا يُنَفَّرُ لآبق.
ولو نودي: الصلاةُ جامعةٌ لحادثةٍ يُشَاوَرُ فيها لم يتأخر أحدٌ بلا عذر.
ومُنِعَ النبي صلى الله عليه وسلم من نزع لأمَةِ الحربِ إذا لبسها حتى يلقى العدوَّ (1)، ومن الرمزِ بالعين (2)، والإشارة بها، والشعر (3)، والخطِّ (4)، وتعلُّمِهما.
وأفضلُ متطوّع به: الجهادُ، وغزوُ البحرِ أفضل، وتُكفِّرُ الشهادةُ غيرَ الدَّين.
ــ
* قوله: (وتكفِّر الشهادة غير الدين) قال الآجري (5)(6): "هذا فيمن تهاون
(1) لحديث: "لا ينبغي لنبي يلبس لأمته، فيضعها حتى يحكم اللَّه".
أخرج البخاري معلقًا بصيغة الجزم في كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: قول اللَّه -تعالى-: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38](13/ 339).
(2)
لحديث سعد بن أبي وقاص مرفاعًا: "إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين".
أخرجه أبو داود في كتاب: الحدود، باب: الحكم في المرتد (7/ 105) رقم (4359).
والحاكم في المستدرك في كتاب: المغازي (3/ 45) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
قال ابن حجر في التلخيص (3/ 148): "إسناده صالح".
(3)
للآية {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} [يس: 69].
(4)
للآية {وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: 48].
(5)
هو محمد بن الحسين بن عبد اللَّه الآجري، أبو بكر، الفقيه، المحدث، الحافظ، والآجري: نسبة إلى درب الآجر محلة ببغداد، كان من أكابر الأصحاب، فقيهًا دينًا، حجة، صدوقًا، من مصنفاته:"الأربعين حديثًا"، "النصيحة"، توفي سنة (360 هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء (16/ 133)، المقصد الأرشد (2/ 389)، المنهج الأحمد (2/ 271).
(6)
نقله في الفروع (6/ 194).
ويُغْزَى مع كل بَرٍّ (1) وفاجرٍ يحفظان المسلمين، لا معَ مُخَذِّلٍ ونحوه، ويُقدَّمُ أقواهما.
ــ
بقضائه، أما من استدان دينًا، وأنفقه في غير سرَف ولا تبذير، ثم لم يمكنه قضاؤه، فإن اللَّه يقضيه عنه مات أو قتل.
وقال الشيخ تقي الدين (2): وغير مظالم العباد، كقتل (3)، وظلم، وزكاة، وحج أخَّرهما، وقال: من اعتقد أن الحج يسقط ما عليه من الصلاة والزكاة فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، ولا يسقط حق الآدمي من دم، أو مال، أو عرض بالحج إجماعًا (4)، قاله في الفروع (5) "، حاشية (6).
ثم كتب على قوله في [هذه المقولة](7): (إجماعًا) ما نصه: لكن في الحديث
(1) في "م": "بارِّ".
(2)
الاختيارات ص (106).
(3)
في "أ": "وكقتل".
(4)
من حديث العباس بن مرداس: ولفظه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة، فأجيب أني قد غفرت لهم ما خلا الظالم، فإني آخذ للمظلوم منه"، قال:"أيْ رب إن شئت أعطيت المظلوم من الجنة وغفرت للظالم، فلم يجبه عشيته، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء، فأجيب إلى ما سأل، قال: فضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو قال: تبسَّم. . . ". أخرجه عبد اللَّه بن أحمد في زيادات المسند (4/ 14).
وأخرج أبو داود طرفًا منه في كتاب: الأدب، باب: في الرجل يقول للرجل أضحك اللَّه سنك (4/ 359) رقم (5234)، وابن ماجه في كتاب: المناسك، باب: الدعاء بعرفة (2/ 1002) رقم (3031).
(5)
الفروع (6/ 194).
(6)
حاشية المنتهى (ق 114/ أ).
(7)
سقط من: "أ".
وجهادُ المجاورِ متعيِّنٌ إلا لحاجةٍ، ومعَ تساوٍ جهادُ أهلِ الكتاب أفضلُ.
ــ
ما يقتضي إسقاطها، وقد تكلم الحافظ ابن حجر على ذلك الحديث من جهة مرتبته وتعدد طرقه، حيث سئل عن ذلك، وأفرده بالتأليف (1).
وبخطه رحمه الله: أما شهادة البحر فإنها تكفر حتى دين، كما هو صريح الحديث المذكور (2) في شرح شيخنا (3) وغيره (4).
* قوله: (وجهاد المجاور متعين)؛ أيْ: جهاد القريب من المسلمين متعين من جهاد البعيد عنهم.
* قوله: (ومع تساوٍ)؛ أيْ: في القرب والبعد.
* قوله: (جهاد أهل الكتاب أفضل)؛ أيْ: من جهاد (5) قتال أهل الحرب؛ لأن قتالهم لمحض العداوة، بخلاف أهل الكتاب فإنهم يقاتلون عن دين، حاصل الشرح (6).
(1) لم أقف عليه.
(2)
ولفظه من حديث أبي أمامة: "شهيد البحر مثل شهيدَي البر، والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر، وما بين الموجتَين كقاطع الدنيا في طاعة اللَّه؛ وإن اللَّه وكل ملك موت بقبض الأرواح، إلا شهيد البحر، فإنه يتولى قبض أرواحهم، ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين؛ ويغفر لشهيد البحر الذنوب والدين". أخرجه ابن ماجه في كتاب: الجهاد، باب: فضل غزو البحر (2/ 928) رقم (2778).
(3)
شرح منصور (2/ 93).
(4)
كالمغني (13/ 13)، والشرح الكبير (10/ 20)، والمبدع (3/ 311).
(5)
سقط من: "أ".
(6)
شرح المصنف (3/ 595).
وسُنَّ رِبَاطٌ، وهو: لزومُ ثَغْرٍ لجهادٍ، ولو ساعةً، وتمامُه: أربعون يومًا، وأفضلُه بأشدِّ خوف، وهو أفضلُ من مُقامٍ بمكةَ، والصلاةُ بها أفضلُ.
وكُرِه نقلُ أهله إلى مَخْوف، وإلا فلا كأهل الثَّغْر.
وعلى عاجزٍ عن إظهارِ دينهِ بمَحلٍّ يغلب فيه حكمُ الكفر، أو بدعٍ مُضلةٍ: الهجرةُ إن قدرَ، ولو في عِدَّة بلا راحلةِ، ومَحْرمٍ، وسُنَّت لقادرٍ.
ــ
* قوله: (وسُن رباط)؛ أيْ: مع قيام من يكفي، وإلا فهو فرض كفاية كالجهاد، ولذلك اختلف في الأفضل منهما (1).
* قوله: (وتمامه)؛ أيْ: تمام الرباط.
* قوله: (وهو أفضل من مقام بمكة)؛ أيْ: ومن الصلاة بها.
* قوله: (والصلاة بها أفضل)؛ أيْ: من الصلاة بالرباط، وأما نفس الرباط فهو أفضل منهما أيضًا، فتأمل!.
* قوله: (وإلا فلا)؛ أيْ: وإن لم يكن مخوفًا فلا يكره نقل أهله إليه، كما أنه لا يكره إقامة أهل الثغر بأهلهم فيه، ولو كان مخوفًا؛ لأنه لا بد لهم من السكنى بهم، شرح (2).
* قوله: (ولو في عدة)؛ أيْ: ولو كانت المرأة معتدة.
* قوله: (بلا راحلة ومحرم)؛ أيْ: ولو بلا راحلة، ولا محرم بخلاف الحج.
* قوله: (وسُنَّت لقادر)؛ أيْ: على إظهار دينه.
(1) انظر: الإنصاف (10/ 17، 18)، المبدع (3/ 312).
(2)
شرح المصنف (3/ 598).
ولا يتطوعُ به مدينُ آدميٍّ لا وفاءَ له، إلا مع إذنٍ، أو رَهْنٍ يُحرِزُ، أو كفيلٍ مَليء.
ولا مَنْ أحدُ أبويْهِ حرٌّ مسلمٌ، إلا بإذنه، لا جدٍّ وجدَّةٍ، ولا في سفرٍ واجب.
ولا يحلُّ للمسلمين فرارٌ من مثْلَيْهم، ولو واحدًا من اثنين، أو مع ظنِّ تلفٍ، إلا مُتحرِّفين لقتال، أو مُتَحيِّزين إلى فئة، وإن بعدت، وإن زادوا فلهم الفرارُ، وهو معَ ظن تلفٍ أولى.
وسُنَّ الثباتُ مع عدمِ ظن التلف، والقتال معَ ظنِّه فيهما أولى من الفرارِ، والأسرِ.
وإن وقع في مَرْكَبِهم نارٌ فعلوا ما يرون السلامةَ فيه من مُقامٍ، ووقوعٍ في الماء، فإن شكُّوا، أو تيقَّنوا التلفَ فيهما، أو ظنوا السلامةَ فيهما ظنًّا متساويًا خُيِّروا.
* * *
ــ
* قوله: (ولا يتطوع به مدين آدمي) سواء كان الدين حالًّا، أو مؤجَّلًا على ما يأتي (1) في الحجر، وذكره المحشِّي هنا (2).
* قوله: (لا جدَّ وجدَّة)؛ أيْ: لا يعتبر إذنهما، عُدِمَ الأبوان، أو وُجِدَا.
* قوله: (ولا في سفر لواجب)؛ أيْ: ولا يعتبر إذن الأبوَين في سفر لأمر واجب، من حج، أو علم، أو جهاد.
(1)(3/ 155، 160).
(2)
حاشية المنتهى (ق 114/ أ).