الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - بابُ صفةِ الحج
يُسنُّ لمحلٍّ بمكةَ وقُربِها، ومتمتِّع حلَّ: إحرامٌ بحجٍّ في ثامن ذي الحجة، وهو يومُ التَّروية، إلا من لم يجدْ هديًا وصام ففي سابِعه، بعدَ فعلِ ما يفعلُه في إحرامِه من الميقات، وطوافٍ، وصلاةِ ركعتين، ولا يطوفُ بعدَه لوداعِه.
ــ
باب صفة الحج
* قوله: (ومتمتع)؛ أيْ: لم يكن ساق هديًا.
* قوله: (بعد فعل ما يفعله في إحرامه من الميقات) من الغسل، والتطيب في بدنه، والتجرد من المخيط.
* قوله: (وطواف) يصح رفعه عطفًا على "إحرام" وجره عطفًا على محل "ما" أو على "فعل"، وهذا الأخير هو الذي حلَّ عليه (1) الشارح (2).
* قوله: (ولا يطوف بعده لوداعه)؛ أيْ: لا يسن له ذلك، فلو طافه، وسعى بعده لم يجزئه عن السعي الواجب، لما سلف (3) من أنه لا يكون إلا بعد طواف مشروع، وقد تبين أن هذا الطواف غير مشروع.
(1) سقط من: "أ".
(2)
شرح المصنف (3/ 422).
(3)
ص (396).
والأفضلُ: من تحتِ المِيْزابِ، وجازَ وصح من خارج الحرمِ.
ثم يخرجُ إلى مِنًى قبلَ الزوالِ فيصلِّي بها الظهرَ مع الإمامِ، ثم إلى الفجرِ، فإذا طلعت الشمس سار فأقام بِنَمِرَةَ إلى الزوال.
فيخطبُ بها الإمام، أو نائبُه خطبةً قصيرةً مفتتحةً بالتكبير، يعلمهم فيها الوقوفَ، ووقتَه، والدفعَ منه، والمبيتَ بِمزْدلفةَ، ثم يجمعُ من يجوزُ له حتى المنفردُ بين الظهرِ، والعصرِ، ويُعجِّل، ثم يأتي عَرفة. . . . . .
ــ
* قوله: (فيصلي بها الظهر) ولا دم عليه.
* قوله: (ثم إلى الفجر) لو قال: ثم إلى طلوع الشمس، لكان أظهر.
* قوله: (فإذا طلعت الشمس)؛ يعني: من اليوم التاسع، وهو يوم عرفة.
* قوله: (ثم يجمع من يجوز له) وهو المسافر سفر قصر، على ما سبق (1) في باب صلاة أهل الأعذار (2)، حيث قال:"ومن نوى إقامة بمكة فوق أربعة أيام، أو كان مكيًّا فلا يجمع بعرفة ومزدلفة؛ لأنه ليس بمسافر سفر قصر"، انتهى المقصود.
* قوله: (حتى المنفرد) إشارة إلى خلاف أبي حنيفة، القائل: بأنه لا يجمع إلا مع الإمام أو نائبه (3).
* قوله: (ويعجل)؛ أيْ: يجمع جمع تقديم.
* قوله: (ثم يأتي عرفة) ظاهره أن المحل الذي كان فيه ليس من عرفة، مع
(1) في"أ": "سلف".
(2)
(1/ 456)، وانظر: شرح المصنف (2/ 239).
(3)
انظر: حاشية ابن عابدين (2/ 505)، المسلك المتقسط ص (129، 133).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنه منها، ولعل المراد: ثم يأتي محل الوقوف من عرفة، تأمل! (1).
وبخطه: في الصحاح (2): "عرفات اسم في لفظ الجمع، قال الفراء: ولا واحد له بصِحَّةٍ، وقولُ الناس نزلنا عرفة، شِبهُ مولد، فليس بعربي محض، انتهى. لكن اعترض على الفراء بقوله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة" (3)، وهو أفصح الفصحاء".
(1) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (26/ 129): "ونمرة كانت قرية خارجة عن عرفات من جهة اليمين".
وقال النووي في المجموع (8/ 106، 107): "واعلم أنه ليس من عرفات وادي عرفات وادي عرنة، ولا نمرة، ولا المسجد الذي يصلي فيه الإمام المسمى مسجد إبراهيم، ويقال له مسجد عرنة، بل هذه المواضع خارج عرفات على طرفها الغربي مما يلي مزدلفة، وهذا نص الشافعي".
قال الشيخ عبد اللَّه بن جاسر في مفيد الأنام ص (294): "كلام شيخ الإسلام، وابن القيم، والنووي صريح في أن نمرة ليست من عرفة، وهذا الذي اتضح لنا بعد التحري الشديد والوقوف على تلك المواضع ومشاهدتها".
(2)
الصحاح (4/ 1401) مادة (عرف).
(3)
من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي: أخرجه أحمد (4/ 309).
وأبو داود في كتاب: المناسك، باب: من لم يدرك عرفة (2/ 196) رقم (1949).
والترمذي في كتاب: الحج، باب: ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج (3/ 237) رقم (889)، وقال:"وذُكِر أن سفيان بن عيينة قال: هذا أجود حديث، رواه سفيان الثوري"، والنسائي في كتاب: مناسك الحج، باب؛ فيمن يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة (5/ 264) رقم (3044).
وابن ماجه في كتاب: المناسك، باب: من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع (2/ 1003) رقم (3015).
وابن خزيمة في كتاب: المناسك، باب: ذكر الدليل على أن الحاج إذا لم يدرك عرفة قبل طلوع الفجر من يوم النحر فهو فائت الحج غير مدركه (4/ 257) رقم (2822)، وابن حبان =
وكلُّها موقفٌ إلا بطن عُرنَة، وهي: من الجبلِ المشرفِ على عُرنَة، إلى الجبالِ المقابلةِ له، إلى ما يلي حوائطَ بني عامر (1).
وسُنَّ وقوفُه راكبًا، بخلافِ سائرِ المنَاسك، مستقبِل القبلةِ عند الصخراتِ وجبلِ الرحمة، ولا يُشرع صعودُه، ويرفعُ يديه، ويكثرُ الدعاء، ومن قولِ:"لا إله إلا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، يحيي ويميتُ، وهو حيٌ لا يموت، بيده الخيرُ، وهو على كلِّ شيء قدير"(2).
"اللهمَّ اجعل في قَلْبِي نورًا، وفي بَصَرى نورًا. . . . . .
ــ
* قوله: (وكلها موقف. . . إلخ) جملة معترضة بين الضمير ومرجعه.
= في كتاب: الحج، باب: رمي الجمار أيام التشريق (9/ 203) رقم (3892)، والحاكم في كتاب: المستدرك (1/ 464) وفي كتاب: التفسير (2/ 278) وقال: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
(1)
حوائط بني عامر: نسبة إلى عبد اللَّه بن عامر بن كريز، الذي افتتح فارس وخراسان، وهو ابن خال عثمان بن عفان رضي الله عنه. انظر: مفيد الأنام ص (300).
(2)
لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير". أخرجه أحمد (2/ 210).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 353): "رجاله موثوقون".
وفي لفظ: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا اللَّه. . . ".
وقال: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وحماد بن أبي حميد، هو محمد بن أبي حميد، وهو أبو إبراهيم الأنصاري المديني، وليس بالقوي عند أهل الحديث".
وفي سَمْعي نورًا، ويَسِّرْ لي أمْرِي" (1).
ووقتُه من فجرِ يومِ عرفةَ، إلى فجرِ يومِ النَّحر، فمن حصلَ لا معَ سُكْرٍ، أو إغماء فيه بعرفةَ، لحظةً (2)، وهو أهل، ولو مارًّا، أو نائمًا، أو جاهلًا أنها عرفةٌ: صح حجه.
وعكسُه إحرامٌ، وطوافٌ، وسعيٌ، ومن وقف بها نهارًا، ودفَعَ قبلَ الغروب ولم يَعدْ، أو عاد قبله. . . . . .
ــ
* قوله: (أو إغماء فيه)؛ أيْ: في وقت الوقوف.
* قوله: (وهو أهل) بأن كان مسلمًا، عاقلًا، مُحرِمًا بالحج، وزاد في شرحه (3):"مكلَّفًا حرًّا" وهو غير محتاج إليه، إذ ليس ذلك شرطًا للصحة، بل لإجزائه عن حجة الإسلام، نبه عليه شيخنا في الحاشية (4).
* قوله: (وعكسه إحرام وطواف وسعي) المراد: ويخالفه في الحكم ما ذُكِرَ فلا يصير من حصل بالميقات مُحرِمًا بلا نية؛ لأن الإحرام هو النية -كما سبق (5) -،
(1) لحديث علي مرفوعًا: "أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي لا إله إلا اللَّه. . . وفيه: اللهم اجعل في قلبي نورًا وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري".
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب: الدعاء، باب: ما يدعو به عشية عرفة (10/ 373).
والبيهقي في كتاب: الحج، باب: أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة (5/ 117) وقال: "تفرد به موسى بن عبيدة وهو ضعيف ولم يدرك أخوه عليًّا رضي الله عنه".
(2)
في "م": "ولو لحظة".
(3)
شرح المصنف (3/ 431).
(4)
حاشية المنتهى (ق 108/ ب).
(5)
ص (295).