الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن وضاح:" سألت يحيى بن معين عنه فقال: حق "
(1)
. وهو الوارد عن بقية جماعات السلف، رحمهم الله تعالى
(2)
.
والخلاصة كما قال الإمام السفاريني:" وأما الإجماع فأجمع أكابر محققي هذه الأمة من أهل السنة، بان الإيمان بالميزان حق واجب، وفرض لازب لثبوته بالسماع وعدم استحالة ذلك عقلاً، وهو مذهب أهل السنة "، ويقول الإمام أبي زمنين:"وأهل السنة يؤمنون بالميزان يوم القيامة"
(3)
.
المسألة الثانية: أدلة ثبوته في الكتاب والسنة:
(أ) أدلة ثبوت الميزان في القرآن الكريم:
حفلت آيات الكتاب العزيز بذكر جملة من الأدلة المثبتة للميزان الذي يوزن به الأعمال يوم القيامة، يقول الإمام ابن الجوزي:" والقول بالميزان مشهور في الحديث، وظاهر القرآن ينطق به"
(4)
.
قال الله جل وعلا: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)} [الأعراف:8 - 9].
(1)
ابن أبي زمنين: أصول السنة، مكتبة الغرباء - السعودية، ط 1 1415 هـ، ص (165)
(2)
انظر: اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة: (1/ 175 - 185)، البربهاري: شرح السنة: ص
…
(42)، ابن أبي العز: شرح الطحاوية: ص (416)، ابن قدامة: لمعة الاعتقاد: ص (32).
(3)
السفاريني: لوامع الأنوار السنية: (3/ 179)، ابن أبي زمنين: أصول السنة: ص (162)
(4)
ابن الجوزي: زاد المسير، دار الكتاب العربي - بيروت ن ط 1 1422 هـ (2/ 103).
{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103)} [المؤمنون:102 - 103].، {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9)} [القارعة: 6 - 9].
هذه الآيات تدل على إثبات ميزان القيامة الحقيقي، وأهل التفسير على أن المراد بقوله جل وعلا:{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} أنه الميزان، قال عمرو دينار: قوله: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} إنا نرى ميزاناً وكفتين، ورجحه الإمام الطبري وصوبه، وهو الذي عليه جماعات أهل التفسير
(1)
.
(ب) أدلة ثبوت الميزان في السنة المطهرة:
بلغت الأحاديث الواردة في الميزان إلى حد التواتر، وقد استفاضت واشتهرت بين أئمة هذا الشأن.
يقول الإمام السفاريني عن أحاديث الميزان: "وقد بلغت أحاديثه مبلغ التواتر، وانعقد إجماع أهل الحق من المسلمين عليه"
(2)
.
ويقول الإمام أبو بكر بن أبي عاصم: "الأخبار التي في ذكر الميزان أخبار كثيرة صحاح، لا تذهب عن أهل المعرفة بالأخبار؛ لكثرتها وصحتها وشهرتها، وهي من الأخبار التي توجب العلم على ما ذكرنا "
(3)
.
وذكر الإمام عبد القاهر البغدادي، أن أحاديث الميزان من الأحاديث المستفيضة بين أئمة الحديث وهم مجمعون على صحتها
(4)
.
(1)
الطبري: جامع البيان: ص (12/ 311)، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن:، (7/ 165)
(2)
ابن أبي عاصم: السنة، المكتب الإسلامي، ط 11400 هـ (2/ 363)
(3)
السفاريني: لوامع الأنوار البهية، مكتبة الخافقين - دمشق، ط 2 - 1402 هـ (2/ 185)
(4)
البغدادي: الفرق بين الفرق، دار الآفاق الجديدة - بيروت، ط 2 - 1977 م، ص (314).
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم -قال:«كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ»
(1)
.
وأخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَان .. »
(2)
.
وأخرج أبو داود في سننه من حديث أبي الدرداء عن الني صلى الله عليه وسلم -قال: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ»
(3)
.
وأخرج الإمام أحمد في المسند من حديث علي رضي الله عنه قال: أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم -ابْنَ مَسْعُودٍ فَصَعِدَ عَلَى شَجَرَةٍ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى سَاقِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ حِينَ صَعِدَ الشَّجَرَةَ، فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوشَةِ سَاقَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا تَضْحَكُونَ؟ لَرِجْلُ عَبْدِ اللهِ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ»
(4)
.
والمتتبع لكتب السنة، يجد أحاديث إثبات الميزان مبثوثة فيها، ولذا ترجم له الأئمة في مصنفاتهم، وذكروا أخباره وأحواله.
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح ح (6406)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الذكر، باب فضل التهليل والتسبيح ح (2694).
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء ح (223).
(3)
أخرج أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب في حسن الخلق ح (4799).
(4)
أخرجه أحمد في المسند ح (9200)، مؤسسة الرسالة، ط 1 1421 هـ (2/ 43)