المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الرابعة: حساب الكفار: - الإيمان باليوم الآخر وأثره على الفرد والمجتمع

[مازن بن محمد بن عيسى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الأستاذ الدكتور صلاح إبراهيم عيسى

- ‌الإهداء

- ‌شكر

- ‌مقدمة

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌سبب اختيار العنوان، وما امتازت به العقيدة الواسطية عن غيرها:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌(خطة البحث):

- ‌(منهج البحث):

- ‌الباب الأول الإيمان باليوم الآخر حقيقته، وحتميته، وأهميته، وأدلته، والرد على منكريه

- ‌الفصل الأول اليوم الآخر

- ‌المبحث الأول: الإيمان باليوم الاخر

- ‌المطلب الأول: التعريف باليوم الآخر

- ‌المسألة الأولى: معنى كلمة (اليوم):

- ‌المسألة الثانية: معنى كلمة (الآخر):

- ‌المسألة الثالثة: معنى (اليوم الآخر):

- ‌المطلب الثاني: حقيقة اليوم الآخر والإيمان به

- ‌المسألة الأولى: حقيقة اليوم الآخر والإيمان به

- ‌المسألة الثانية: أسماء اليوم الآخر:

- ‌المطلب الثالث: سبب تسمية اليوم الآخر بهذا الاسم:

- ‌المبحث الثاني حكم الإيمان باليوم الآخر

- ‌المطلب الأول: حكم الإيمان باليوم الآخر، وحكم منكره

- ‌المسألة الأولى: حكم الإيمان باليوم الآخر، وحكم منكره

- ‌المسألة الثانية: قصرُ المتكلمين أدلة إثبات اليوم الآخر في السمعيات فقط:

- ‌المسألة الثالثة: ظنُّ المتكلمين أن القول بالبعث والمعاد لا يعرف إلا بإثبات نظرية الجوهر الفرد:

- ‌المطلب الثاني اتفاق الشرائع على الإيمان باليوم الآخر

- ‌المطلب الثالث القدر المجزئ من الإيمان باليوم الآخر

- ‌المبحث الثالث الترتيب بين أركان الإسلام

- ‌المطلب الأول التلازم والترابط بين الأركان:

- ‌المطلب الثاني سر الاقتران بين ركني الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر

- ‌المبحث الرابع اختلاف موازيين الدنيا وقوانينها عن موازين الآخرة وقوانينها

- ‌المطلب الأول اختلاف قوانين الدنيا عن قوانين الاخرة وسننها

- ‌المطلب الثاني أمثلة تبين حقيقة الاختلاف في الموازيين والقوانين الدنيوية والأخروية

- ‌المبحث الخامس أقسام الناس في الإيمان باليوم الآخر

- ‌المطلب الأول مذهب أهل السنة والجماعة في اليوم الآخر

- ‌المطلب الثاني مذهب طوائف أهل الكلام في اليوم الآخر

- ‌المبحث السادس: الأدلة الإجمالية لإثبات اليوم الآخر

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول أدلة القرآن الكريم على إثبات اليوم الآخر، (الأدلة النقلية)

- ‌المطلب الثاني الأدلة العقلية على إثبات اليوم الآخر

- ‌1 - دليل العدالة:

- ‌2).2 -دليل الحكمة:

- ‌3 - دليل الفطرة:

- ‌الفصل الثاني: اليوم الآخر في الكتاب والسنة

- ‌المبحث الأول (اليوم الآخر في الكتاب العظيم)

- ‌المطلب الأول: المميزات العامة لطريقة القرآن الكريم في البيان:

- ‌المطلب الثاني اليوم الآخر في القرآن الكريم

- ‌المسألة الأولى صور عناية القرآن الكريم باليوم الآخر:

- ‌المسألة الثانية: أسباب العناية باليوم الآخر في القرآن الكريم:

- ‌المسألة الثالثة: نتائج العناية باليوم الآخر في القرآن الكريم:

- ‌المبحث الثاني: اليوم الآخر في السنة النبوية المطهرة

- ‌المطلب الأول صور العناية النبوية باليوم الاخر

- ‌المطلب الثاني أسباب عناية السنة النبوية باليوم الآخر

- ‌الفصل الثالث: اليوم الآخر عند الأديان والمِلل والنِحل

- ‌المبحث الأول اختلاف الناس في أمر البعث والمعاد

- ‌المطلب الأول أقوال الناس في المعاد

- ‌المطلب الثاني الشبه المتوهمة لإنكار البعث

- ‌المسألة الأولى: حكاية القرآن الكريم لشبه المنكرين للبعث والمعاد:

- ‌المسألة الثانية أسباب استبعاد المنكرين للبعث والمعاد

- ‌المسألة الثالثة الدلائل اليقينية الدالة على البعث والمعاد:

- ‌المسألة الرابعة شبهات منكري البعث:

- ‌المبحث الثاني: مشركو العرب والبعث

- ‌المطلب الأول العرب الجاهليون وإنكار البعث:

- ‌المطلب الثاني إيمان بعض الجاهليين بالبعث:

- ‌المبحث الثالث: اليهود واليوم الآخر

- ‌المطلب الأول عقيدة نبي الله موسى عليه السلام، وقومه في المعاد:

- ‌المطلب الثاني عقيدة الآخر في العهد القديم والأسفار:

- ‌المبحث الرابع: النصارى واليوم الآخر

- ‌المطلب الأول عقيدة نبي الله عيسى عليه السلام، وقومه في المعاد:

- ‌المطلب الثاني المعاد في العهد الجديد:

- ‌المبحث الخامس: الفلاسفة واليوم الآخر

- ‌المطلب الأول الفلاسفة وانحراف طرائقهم في المعاد والشرائع:

- ‌المطلب الثاني قول الفلاسفة في المعاد:

- ‌المبحث السادس: عقيدة اليوم الآخر عند بعض الأديان الوضعية

- ‌المطلب الأول قدماء المصريين واليوم الآخر

- ‌المطلب الثاني بعض الديانات الهندية واليوم الآخر

- ‌الباب الثاني: المسائل المتعلقة باليوم الآخر على ضوء العقيدة الواسطية

- ‌الفصل الأول: المسائل المتعلقة باليوم الآخر من الموت إلى ما قبل البعث

- ‌المبحث الأول الموت، حقيقته، والآثار الواردة فيه

- ‌المطلب الأول: تعريف الموت لغة واصطلاحاً

- ‌المسألة الأولى: تعريف الموت لغة:

- ‌المسألة الثانية تعريف الموت في الاصطلاح

- ‌المطلب الثاني الموت في القرآن الكريم

- ‌المسألة الأولى أوجه اهتمام القرآن الكريم بذكر الموت:

- ‌المسألة الثانية أسباب اهتمام القرآن الكريم بذكر الموت

- ‌المسألة الثالثة نتائج اهتمام القرآن الكريم بذكر الموت

- ‌المبحث الثاني الحياة البرزخية:

- ‌المطلب الأول: فتنة القبر:

- ‌المسألة الأولى: حكاية الإجماع على حصول الفتنة في القبور:

- ‌المسألة الثانية: تواتر الأخبار والنصوص في إثبات فتنة القبر:

- ‌المسألة الثالثة معنى فتنة القبر

- ‌المسألة الرابعة بعض المسائل المتعلقة بفتنة القبر

- ‌المطلب الثاني عذاب القبر ونعيمه:

- ‌المسألة الأولى: حكاية إجماع أهل السنة على وقوع عذاب القبر ونعيمه:

- ‌المسألة الثانية تواتر النصوص الشرعية في إثبات عذاب القبر:

- ‌المسألة الثالثة أدلة إثبات عذاب القبر

- ‌المسألة الرابعة المنكرون لعذاب القبر

- ‌المسألة الخامسة شبهات المنكرين لعذاب القبر

- ‌أ. شبه نقلية:

- ‌ب. شبهة عقلية:

- ‌الفصل الثاني: المسائل المتعلقة باليوم الآخر من البعث إلى دخول الجنة أو النار

- ‌المبحث الأول قيام الساعة وإعادة الأرواح للأجساد

- ‌المطلب الأول: قيام القيامة الكبرى

- ‌تمهيد:

- ‌المسألة الأولى: حكاية الإجماع على القيامة الكبرى:

- ‌المسألة الثانية: دلائل القرآن والسنة على القيامة الكبرى:

- ‌المطلب الثاني إعادة الأرواح للأجساد (البعث)

- ‌المطلب الثالث صفة قيام الناس من قبورهم:

- ‌المسألة الأولى: حكاية بعض أقوال العلماء في حشر الناس على هذه الصفة:

- ‌المسألة الثانية: أدلة حشر الناس على هذه الصفة:

- ‌المسألة الثالثة: جاء في وصف بعث الخليقة يوم القيامة، أنه يبعثون حفاة عراة غرلاً بهما

- ‌المبحث الثاني: أحداث القيامة الكبرى

- ‌المطلب الأول دنو الشمس ولجوم العرق

- ‌المطلب الثاني إثبات الميزان

- ‌‌‌المسألة الأولى: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في إثبات الميزان:

- ‌المسألة الأولى: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في إثبات الميزان:

- ‌المسألة الثانية: أدلة ثبوته في الكتاب والسنة:

- ‌المسألة الثالثة: المنكرون للميزان:

- ‌المسألة الرابعة: صفات الميزان:

- ‌المسألة الخامسة: هل الميزان واحد أم هناك موازين متعددة؟ وما الموزون فيه؟ وهل هو خاص للمؤمنين

- ‌المطلب الثالث نشر الدواوين

- ‌المسألة الأولى: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في نشر صحف الأعمال يوم القيامة:

- ‌المسألة الثانية: الأدلة من الكتاب والسنة:

- ‌المسألة الثالثة: كيفية أخذ الكتب يوم القيامة:

- ‌المطلب الرابع لحساب يوم القيامة

- ‌المسألة الأولى: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في إثبات الحساب يوم القيامة:

- ‌المسألة الثانية: أدلة إثبات الحساب في الآخرة:

- ‌أ - الأدلة القرآنية على إثبات الحساب:

- ‌ب - أدلة السنة في إثبات الحساب:

- ‌المسألة الثالثة: حساب الأنبياء وسؤالهم عليهم الصلاة والسلام:

- ‌المسألة الرابعة: حساب الكفار:

- ‌المطلب الخامس الحوض المورود

- ‌المسألة الأولى: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في إثبات الحوض المورود:

- ‌المسألة الثانية: المخالفون في الحوض:

- ‌المسألة الثالثة: أدلة إثبات الحوض المورود:

- ‌المسألة الرابعة: أوصاف الحوض المورود:

- ‌المسألة الخامسة: سؤالات العلماء عن الحوض:

- ‌المطلب السادس الصراط

- ‌المسألة الأول: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في إثبات الصراط:

- ‌المسألة الثانية: أدلة إثبات الصراط:

- ‌أدلة إثبات الصراط من القرآن الكريم:

- ‌أدلة السنة المطهرة في إثبات الصراط:

- ‌المسألة الثالثة: المخالفون في الصراط:

- ‌(أ) قالوا: لا فائدة من نصب الصراط إلا العبور عليه

- ‌(ب) إنكار أن يكون الصراط (أحد من السيف وأدق من الشعر)

- ‌المسألة الرابعة: صفات الصراط:

- ‌المطلب السابع القنطرة بين الجنة والنار

- ‌المطلب الثامن أول من يستفتح باب الجنة ، وأول الأمم دخولاً إلى الجنة:

- ‌المطلب التاسع الشفاعة

- ‌المسألة الأولى: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في إثبات الشفاعة:

- ‌المسألة الثانية: الشفاعات التي ذكرها الإمام ابن تيمية:

- ‌المسألة الثالثة: الأدلة العامة على إثبات الشفاعة في الآخرة:

- ‌(أ) الأدلة المثبتة للشفاعة من القرآن الكريم:

- ‌(ب) الأدلة المثبتة للشفاعة في الآخرة من السنة المطهرة:

- ‌المسألة الرابعة: المخالفون في أمر الشفاعة يوم الدين:

- ‌المبحث الثالث: تفاصيل أخبار اليوم الآخر

- ‌تمهيد:

- ‌1 - المطلب الأول: اتفاق السلف على مسائل الآخرة:

- ‌2).2 -المطلب الثاني: أن إثبات المعاد من المشتركات بين الأمم والشرائع:

- ‌3 - المطلب الثالث: صفة العلم الموروث عن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام:

- ‌الباب الثالث: أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد والمجتمع

- ‌الفصل الأول: اهتمام القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ببيان أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد والمجتمع

- ‌المبحث الأول: الإنسان سيد هذا الكون

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول مظاهر تكريم الإنسان

- ‌المطلب الثاني علاقة الإنسان بغيره: بالخالق، وبالكون، وبمثله، وبالدنيا، وبالآخرة

- ‌المسألة الأولى: علاقة الإنسان بخالقه:

- ‌المسألة الثانية: علاقة الإنسان بالكون:

- ‌المسألة الثالثة: علاقة الإنسان بالإنسان:

- ‌المسألة الرابعة: علاقة الإنسان بالحياة الدنيا:

- ‌المسألة الخامسة: علاقة الإنسان بآخرته:

- ‌(أ) نصوص القرآن الكريم في إثبات سؤال المحاسبة يوم القيامة، قال الله تعالى:

- ‌(ب) نصوص السنة المطهرة في إثبات سؤال المحاسبة يوم القيامة:

- ‌المبحث الثاني: أثر الإيمان باليوم الآخر في تقويم السلوك، في ضوء نصوص القرآن والسنة

- ‌المطلب الأول أثر الإيمان باليوم الآخر في تقويم السلوك في ضوء القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني أثر الإيمان باليوم الآخر في تقويم السلوك في ضوء السنة النبوية المطهرة

- ‌الفصل الثاني: أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد والمجتمع

- ‌المبحث الأول أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد

- ‌المطلب الأول: الثراء المعرفي الموجب للأثر التعبدي وغيره:

- ‌المطلب الثاني أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد من الناحية التعبدية

- ‌1 - الإخلاص لله تعالى:

- ‌2 - الرغبة في الآخرة، وإيثارها على الدنيا:

- ‌3 - أن ذكر الآخرة سبب من أسباب نجاة العبد:

- ‌4 - الخوف من الله تعالى:

- ‌5 - رجاء ما عند الله عز وجل:

- ‌6 - محبة الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام:

- ‌7 - حفظ الجوارح والأعضاء عن المحارم:

- ‌8 - يورث مراقبة الله جل وعلا:

- ‌9 - سبب لصلاح القلب:

- ‌10 - أنه يوجب تعزيز التقوى في نفس الفرد:

- ‌المطلب الثالث أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد من الناحية النفسية

- ‌1 - قبول الحق وعدم رده:

- ‌2 - عدم الخوف من المستقبل:

- ‌3 - الاستقامة على شرع الله تعالى:

- ‌4 - تعلق القلب بالله وحده سبحانه:

- ‌5 - تماسك المسلم عن السقوط والانهيار:

- ‌6 - التسليم والرضا بكل ما يجري من المقادير:

- ‌7 - الشعور بالراحة والطمأنينة:

- ‌8 - تسلية المؤمن عما يفوته من أمور الدنيا، وتخفيف الهموم والأحزان:

- ‌9 - الشعور بالسعادة وإحياء الأمل في النفوس:

- ‌10 - صمود الجوارح أما الرغبات النفسية:

- ‌11 - أنه يرى الموت نعمة كالحياة:

- ‌المطلب الرابع أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد من الناحية السلوكية والأخلاقية

- ‌1 - البعد عن سيء الأخلاق:

- ‌2 - يورث المحبة والتواد بين المسلمين:

- ‌3 - يمنع الظلم:

- ‌4 - يربي المؤمن على تخطي المواقف الصعبة:

- ‌5 - بذل النفوس رخيصة في سبيل الله:

- ‌6 - يغرس في النفس الإقدام والسعي نحو أبواب البر والخير:

- ‌7 - يورث علو الهمة في الطاعات:

- ‌8 - يورث محاسبة النفس:

- ‌9 - التوبة إلى الله عز وجل:

- ‌خلاصة المطلب:

- ‌المبحث الثاني أثر الإيمان باليوم الآخر على المجتمع

- ‌المطلب الأول أثر الإيمان باليوم الآخر على المجتمعات من الناحية التعبدية

- ‌1 - ينمي روح التآخي، ويزيد الألفة بين أفراد المجتمع:

- ‌2 - أن يأخذ الإنسان ما له، ويؤدي ما عليه:

- ‌3 - رد الحق لأهله (رد المظالم):

- ‌4 - الشعور بالطمأنينة والأمن الدائمين:

- ‌5 - مصدر من مصادر القوة للأفراد لمواجهة الباطل:

- ‌6 - القناعة في الدنيا، والرغبة فيما عند الله تعالى:

- ‌7 - تنمية الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين:

- ‌8 - قمع النفس عن الحرام والتزهيد فيه:

- ‌المطلب الثاني أثر الإيمان باليوم الآخر على المجتمعات من الناحية السلوكية والأخلاقية

- ‌1 - حفظ الأخلاق:

- ‌2 - ينمي في الأفراد حب البذل والعطاء:

- ‌3 - أداء الحقوق:

- ‌4 - أنه سبب لحل جميع المشكلات:

- ‌5 - انخفاض معدلات الجريمة:

- ‌الخاتمة:

- ‌التوصيات:

- ‌تراجم لبعض الأعلام الوارد ذكرهم في البحث:

- ‌المراجع

الفصل: ‌المسألة الرابعة: حساب الكفار:

فهذا القول هو الذي تدل عليه ظواهر النصوص الشرعية، وأن سؤال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ليس المقصود منه سؤال المناقشة، وإنما هو مساءلتهم عن تبليغهم الدعوة إلى أقوامهم، لإقامة الحجة على المخالفين وبمثل هذا يُجاب عما ذكره بعض العلماء: من أن الأنبياء لا يسألون ولا يحاسبون

(1)

، فنفي الحساب عنهم هو حساب المناقشة والتقريع، ولذا قال جل وعلا:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)} [الحجر: 92 - 93]، وهذا فيه دلالة على العموم، يقول الإمام الرازي:" الآية تدل على أنه تعالى يحاسب كل عباده؛ لأنهم لا يخرجون عن أن يكونوا رسلاً، أو مرسلاً إليهم، ويبطل قول من يزعم: أنه لا حساب على الأنبياء والكفار"

(2)

.

فإن كان بعض المؤمنين يدخلون الجنة بغير حساب، فكيف بأنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام، الذين حازوا كل السوابق واللواحق، لا شك أنهم أولى وأحرى، ولكن المقصود - كما ذكرنا - من سؤالهم، زيادة إقامة الحجة على المخالفين، قال الإمام القرطبي في هذا المقام:" والآية بعمومها تدل على سؤال الجميع ومحاسبتهم، كافرهم ومؤمنهم، إلا من دخل الجنة بغير حساب "

(3)

.

‌المسألة الرابعة: حساب الكفار:

تنازع العلماء في الكفار، هل يحاسبون أم لا؟

وسبب التنازع: هو مرود النصوص المثبتة لعموم الحساب، والنصوص النافية لحساب الكفار، ومن هنا وقع التنازع، وفهِم كل فريق من الآيات الكريمة ما يدل على حساب الكفار من عدمه، ولذا كان منزع استدلال الفريقين في هذه المسألة، هو تنازع النصوص في الظاهر.

فمن النصوص المثبتة لحساب الكفار، قوله تعالى:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)} [الحجر:92 - 93].

(1)

السفاريني: لوامع الأنوار، مكتبة الخافقين - دمشق، ط 2 - 1402 هـ (2/ 175)

(2)

الرازي: مفاتيح الغيب،، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط 3 1420 هـ (14/ 201)

(3)

القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: (10/ 140)، انظر: غالب عواجي: الحياة الآخرة هـ (2/ 946)

ص: 463

{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)}

[الزخرف:19].

ومن النصوص النافية لحساب الكفار، قوله تعالى:{فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39)} [الرحمن:39]. {وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)} [القصص:78].

وقد سبق توجيه كلام الأئمة في الجمع بين هذه النصوص المثبتة والنافية وأن هذا محمول على تعدد مواقف ومواطن القيامة، حيث يسألون في موقف دون آخر.

فمن نزع إلى القول بحساب الكفار، ذهب إلى النصوص الواردة المثبتة ومن نزع إلى القول بعدم حساب الكفار ذهب إلى النصوص النافية. وهما قولان للعلماء:

القول الأول: أن الكفار يحاسبون يوم القيامة، وهو منقول عن جماعات من العلماء منهم: أبو حفص البرمكي، أبو سليمان الدمشقي، وأبو طالب المكي، نقله عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية

(1)

، ونسبه الإمام أبو حيان للجمهور

(2)

.

ولذا قال الإمام أبو الفرج عبد الواحد الشيرازي في جزء " امتحان السني من البدعي ": يسأل عن الكفار هل يحاسبون أم لا؟ فإن قال: يحاسبون فهو سالمي، وإن قال: لا، فهو سني

(3)

.

وكذا نقله القاضي أبو يعلى الفراء فقال: "والكفار لا يحاسبون، خلافاً لابن سالم، وأبي حفص البرمكي من أصحابنا في قولهما يحاسبون"

(4)

.

وقد أفرد العلامة ابن البناء الحنبلي كتاباً في هذه المسألة مع السالمية

القائلون بحساب الكفار

(5)

.

(1)

ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية:(4/ 305).

(2)

أبو حيان: البحر المحيط، دار الفكر - بيروت، 1420 هـ، ت: صدقي جميل، ص (2/ 313).

(3)

الشيرازي: امتحان السنة من البدعي: ص (236).

(4)

أبو يعلى: المعتمد في أصول الدين، دار المشرق - بيروت، 1 1986 م، ص (83).

(5)

ابن البناء: الرد على المبتدعة، دار الأمر الأول - الرياض، ط 2 - 1433 هـ، ص (233).

ص: 464

وقال الإمام مكي بن أبي طالب في قوله تعالى {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)} [الأعراف:6]: "وهذا يدل على أن الكفار يحاسبون ويسألون "

(1)

.

وقال في موضع آخر: "وقد ذكر تعالى ذكره، وزن أعمال الكفار في غير موضع من كتابه، وذلك ما عظم الحساب، وهو كثير في القرآن مكرر، يدل على محاسبة الكفار"، ولذا قال الإمام القرطبي في هذه الآية:"دليل على أن الكفار يحاسبون"

(2)

.

ورجح هذا القول الإمام ابن جزي الغرناطي فقال:" والصحيح أنهم يحاسبون على ذنوبهم ويُسألون عنها لقوله {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)} [الحجر: 92]، وأن هذا السؤال المنفي، السؤال على وجه الاختبار وطلب التعريف؛ لأنه لا يحتاج إلى سؤالهم على هذا الوجه، لكن يسألون على وجه التوبيخ، وحيثما ورد في القرآن إثبات السؤال في الآخرة، فهو على معنى المحاسبة والتوبيخ، وحيثما ورد نفيه فهو على وجه الاستخبار والتعريف"

(3)

.

(1)

مكي بن أبي طالب: الهداية، مجموعة بحوث الكتاب والسنة، كلية الشريعة:(4/ 2283).

(2)

مكي بن أبي طالب: الهداية، مجموعة بحوث الكتاب والسنة:(6/ 4481)، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن (7/ 164).

(3)

ابن جزي: التسهيل لعلوم التنزيل، دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت ن ط 1 1416 هـ (2/ 120).

ص: 465

وممن ذهب إلى هذا القول الإمام البيهقي فقال في شعب الإيمان:" وقال في آية: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)} [القارعة: 9 - 11]، وهذا الوعيد بالإطلاق لا يكون إلا للكفار، فإذا جُمع بينه وبين قوله: {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)} [الأنبياء:47]، ثبت أن الكفار يُسألون عن كل ما خالفوا به الحق من أصل الدين وفروعه، إذا لو لم يُسألوا عما وافقوا فيه أصل تدينهم من ضروب تعاطيهم ولم يحاسبوا بها، لم يعتد بها في الوزن أصلاً، وإذا كانت موزونة في وقت الوزن، دل ذلك على أنهم محاسبون بها في موقف الحساب"

(1)

.

ويقول العلامة المنوفي: "والحساب: هو أن يعدد عليه كل ما فعل من حسنة وسيئة، فيحاسب المؤمن بالفضل والمنافق والكافر بالحجة والعدل "

(2)

.

وقال العلامة العدوي في حاشيته، شارحاً كلام المنوفي:" أنه لما كان في حساب المؤمنين ستر وغفران ناسب الفضل، ولما كان في حساب الكافر الهتك ناسب العدل"

(3)

.

وقد جعل الإمام الرازي محاسبة الكافر من الأمور الواجبة، بحكم الوعد الذي لا يخلف

(4)

.

وصحح هذا القول من العلماء المعاصرين جماعة، منهم: الشيخ عمر الأشقر، والشيخ أبو بكر الجزائري، والشيخ عبد الله الفوزان.

يقول الشيخ عمر الأشقر: "والصحيح أن الكفار محاسبون مسؤولون، كما أن أعمالهم توزن"

(5)

.

(1)

البيهقي: شعب الإيمان، مكتبة الرشد - الرياض، ط 1 1423 هـ (1/ 438).

(2)

انظر: العدوي: حاشية العدوي على الكفاية: (1/ 90).

(3)

العدوي: حاشية العدوي على الكفاية، دار الفكر - بيروت ن دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (1/ 90)

(4)

الرزاي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط 3 1420 هـ (31/ 147).

(5)

الأشقر: القيامة الكبرى، دار النفائس - الأردن، ط 6 1415 هـ، ص (196).

ص: 466

ويقول الشيخ الجزائري في تفسير قوله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ} [الأعراف:6]:" في الآية دليل على أن الكفار يحاسبون وإن لم توزن أعمالهم لقوله تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)} فمحاسبتهم لإظهار العدالة الإلهية، لا لأن لهم أعمالاً صالحة يجزون بها"

(1)

.

وقال الشيخ عبد الله الفوزان:" أرجح الأقوال في هذه المسألة: أن الحساب عام للمسلم والكافر، وفائدة الحساب للكافر مع أن مآله إلى النار، ولا حسنات تنفعه في مقابل ماله من السيئات التي أعظمها سيئة الكفر

محاسبة الكافر وراءها حكم عظيمة منها:

أولاً: محاسبة الكفار فيها توبيخ وتقريع لهم.

ثانياً: لأن الكفار على أرجح الأقوال مخاطبون بالأوامر والنواهي.

ثالثا: لأن الكفار يتفاوتون في الكفر، والنار دركات"

(2)

.

ولذا قال العلامة الشنقيطي في الأضواء عند قوله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)} [الأعراف:6]: " وهذا صريح في إثبات سؤال الجميع يوم القيامة"

(3)

.

وهذا القول هو ظاهر كلام ابن القيم والحافظ ابن حجر

(4)

.

القول الثاني: أن الكفار لا يحاسبون يوم القيامة، وذهب إليه جماعات من أهل العلم، منهم: أبو بكر عبد العزيز، وأبو الحسن التميمي، والقاضي أبو يعلى، كما نقله عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية

(5)

.

(1)

الجزائري: أيسر التفاسير، مكتبة العلوم والحكم - المدينة النبوية، ط 5 1424 هـ (2/ 153).

(2)

الفوزان: حصول المأمول:، ص (191)، أبو طالب المكي: قوت القلوب: (2/ 265).

(3)

الشنقيطي: أضواء البيان، دار الفكر - بيروت، 1415 هـ، (2/ 7).

(4)

ابن القيم: الروح، دار الحديث - القاهرة، 1424 هـ، ص (86).

(5)

ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية (4/ 305).

ص: 467

وذهب إليه الإمام اللالكائي فقال: "سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مما يدل على أن الكفار لا يحاسبون، روي ذلك من الصحابة عن عائشة "

(1)

، ثم ذكر حديث عائشة وغيره من الآثار.

وممن ذهب إلى هذا القول: ابن البناء الحنبلي قال:" وأما الكفار فلا يحاسبون كما قال عز وجل: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} [آل عمران: 77]

وما ورد في القرآن من ذكر حسابهم، فهو جزءا لهم، كما قال:{عَطَاءً حِسَابًا (36)} [النبأ:36]، أي: جزاء كافياً"

(2)

.

وقال العلامة البلباني: "فالكفار لا يحاسبون، فلا توزن صحائفهم، وإن فعل الكافر قربة من نحو صدقة، أو عتق، أو ظلمه مسلم، رجونا له أن يخفف عنه العذاب"

(3)

.

وذكر الإمام ابن أبي حاتم هذا القول عن جماعة من أهل التفسير عند تفسير قوله جل وعلا: {وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)} [القصص: 78]، فنقل عن قتادة قوله:{وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)} يقول: المشركون لا يسألون عن ذنوبهم، يعذبون ولا يحاسبون.

وعن الربيع بن أنس قال: لا يسألون عن إحصائها، يقول: هاتوا فبينوها لنا ولكن أعطوها في كتب، فلم يشكوا الظلم يومئذ، ولكن شكوا الإحصاء

(4)

.

(1)

اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة، دار طيبة - السعودية، ط 8 1423 هـ (6/ 1246).

(2)

ابن البناء: الرد على المبتدعة، دار الأمر الأول - الرياض، ط 2 - 1433 هـ، ص (233).

(3)

البلباني: مختصر نهاية المبتدعين، الدار الأثرية، ط 1 1429 هـ، ص (107).

(4)

ابن أبي حاتم: تفسير ابن أبي حاتم، مكتبة الباز -مكة المكرمة، ط 3 1419 هـ (9/ 3031).

ص: 468

وقد ناظر الإمام ابن شاقلا أبا سليمان الدمشقي في مسائل، ومنها مسألتنا هذه - حساب الكفار يوم القيامة - وفي هذه المناظرة فوائد أسوقها بلفظها: قال: ثم ذكرت حساب الكفار فقال لي: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الْكَافِرَ لَيُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُلْجِمَهُ الْعَرَقُ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَرِحْنِي وَلَوْ إِلَى النَّارِ» ، فهلا قلت به؟ فقلت له: ليس يحل ما روي صحيحاً أو سقيماً أن نقول به، وإنما تعبدنا بالصحيح دون السقيم، والصحيح معلوم عند أهل النقل بعدالة ناقليه، متصلاً إلى المخبر عنه، والسقيم معلوم بجرح ناقليه وهذا الخبر الذي رويته، رواه إبراهيم بن مهاجر بن مسمار، يعني: وهو متروك الحديث، ضعيف عند أهل العلم، وليس هذا مما تقوم به حجة فقال لي: فأي شيء معك في أنهم لا يحاسبون؟ فقلت له: إن شئت من كتاب الله وإن شئت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم -وإن شئت من قول صحابته رضي الله عنهم فقال لي منكراً لقولي في الصحابة من قال هذا؟ فقلت: نعم قرأت على أبي عيسى يحي بن محمد بن سهل الخصيب العكبري بعكبرا قال: حدثنا محمد بن صالح بن ذريح العكبري، قال: حدثنا محمد هناد بن السري قال: حدثنا معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: من حوسب دخل الجنة، يقول الله تعالى:{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9)} [الإنشقاق:7 - 9]، ويقول للآخرين:{فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41)} [الرحمن:39 - 41]، فقال لي: قد سمعت هذا الحديث من أبي علي الصواف قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الخالق قال: حدثنا أبو الحسن عبد الوهاب الوراق عن أبي معاوية الضرير، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بمثل معناه، يعني: من حوسب دخل الجنة، فقال لي: هو المسلم

ص: 469

المحترم، فقلت له: جمعت بين ما فرق الله عز وجل، لأن الله عز وجل يقول:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)} [القلم:35 - 36]

(1)

.

ومع ختام هذه المسألة ينبه لبعض الأمور:

1 -

أن السؤال يوم القيامة لا يكون في الأفضلية بين فلان وفلان يقول الإمام ابن عبد البر: "وقد أجمع علماء المسلمين، أن الله تعالى لا يسأل عباده يوم الحساب من أفضل عبادي، ولا هل فلان أفضل من فلان، ولا ذلك مما يُسأل عنه أحد في القبر"

(2)

.

وأما ما يُسأل عنه البشر يوم الدين فعن الإيمان بالرسول وما جاء به من ربه يقول الإمام ابن تيمية:" ولا يُسأل الناس يوم القيامة إلا عن الإيمان به واتباعه وطاعته، وبه يمتحنون في القبور"

(3)

، ولذا قال الإمام أبو العالية:"خصلتان يُسأل عنهما كل أحد، يقال: لمن كنت تعبد، وبماذا أجبت المرسلين "

(4)

.

2 -

أن المخالفة في هذه المسألة غير موجب للتبديع، أو التفسيق، أو التحرج عن الصلاة خلف المخالف.

وقد أفتى ابن بشار الحنبلي بأن من زعم أن الكفار يحاسبون لا يصلي خلفه فقال:" من زعم أن الكفار يحاسبون ما يستحي من الله، من صل خلف من يقول هذه المقالة يعيد"

(5)

.

(1)

الفراء: طبقات الحنابلة، دار المعرفة - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (2/ 136).

(2)

ابن عبد البر: الاستذكار، دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1 1421 هـ (5/ 107).

(3)

ابن تيمية: الرد على الإخنائي، دار الخراز - جدة، ط 1 1420 هـ، ص (308).

(4)

ابن تيمية: النبوات، أضواء السلف - الرياض، ط 1 1420 هـ (1/ 411).

(5)

الفراء: طبقات الحنابلة، دار المعرفة - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (2/ 59 - 127).

ص: 470

في حين ذكر الإمام ابن تيمية، أن هذه المسألة مما لا يُضَيَّق فيها، ولا يهجر المخالف، يقول:" هي مسألة لا يكفر فيها بالاتفاق، والصحيح أيضاً: أن لا يُضيّق فيها ولا يهجر، وقد حكي عن أبي الحسن بن بشار أنه قال: لا يصلى خلف من يقول: إنهم يحاسبون، والصواب الذي عليه الجمهور: أنه يصلى خلف الفريقين، بل يكاد الخلاف يرتفع عند التحقيق"

(1)

.

3 -

أن التحقيق في هذه المسألة أن يقال: إن لفظ الحساب يراد معنيان

أ. يُراد به الإحاطة بالأعمال، وكتابتها في الصحف، وعرضها على الكفار، وتوبيخهم على ما عملوه، وزيادة العذاب ونقصه، بزيادة الكفر ونقصه، فهذا الضرب من الحساب ثابت بالاتفاق.

ب. يُراد به: وزن الحسنات بالسيئات ليتبين أيها أرجح، فالكافر لا حسنات له توزن بسيئاته، إذ أعماله كلها حابطة

(2)

.

قال الإمام ابن تيمية: "ولهذا لما تنازع أهل السنة في الكفار، هل يحاسبون أم لا؟ كان فصل الخطاب إثبات الحساب، بمعنى عد الأعمال وإحصائها وعرضها عليهم، لا بمعنى إثبات حسنات نافعة لهم، في ثواب يوم القيامة تقابل سيئاتهم"

(3)

.

وهذا القول هو الذي تجتمع به الأدلة، فمن أثبت الحساب للكفار، لم يلزم من كلامه موازنة بين الحسنات والسيئات، ومن نفى الحساب لم يلزم من كلامه عدم التقرير بالذنوب، وهذا التفصيل جامع بين القولين.

قال العلامة ابن العماد:" والحق أنهم تحصى أعمالهم، ويطلعون عليها ويقرّعون بها تقريعاً، من غير وزن ولا حساب"

(4)

.

(1)

ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية:(6/ 487).

(2)

ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية (6/ 487).

(3)

ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل، جامعة الإمام محمد بن سعود - السعودية:(5/ 229).

(4)

ابن العماد: شذرات الذهب، دار ابن كثير - دمشق، ط 1 1406 هـ (4/ 67).

ص: 471