المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أ - الأدلة القرآنية على إثبات الحساب: - الإيمان باليوم الآخر وأثره على الفرد والمجتمع

[مازن بن محمد بن عيسى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الأستاذ الدكتور صلاح إبراهيم عيسى

- ‌الإهداء

- ‌شكر

- ‌مقدمة

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌سبب اختيار العنوان، وما امتازت به العقيدة الواسطية عن غيرها:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌(خطة البحث):

- ‌(منهج البحث):

- ‌الباب الأول الإيمان باليوم الآخر حقيقته، وحتميته، وأهميته، وأدلته، والرد على منكريه

- ‌الفصل الأول اليوم الآخر

- ‌المبحث الأول: الإيمان باليوم الاخر

- ‌المطلب الأول: التعريف باليوم الآخر

- ‌المسألة الأولى: معنى كلمة (اليوم):

- ‌المسألة الثانية: معنى كلمة (الآخر):

- ‌المسألة الثالثة: معنى (اليوم الآخر):

- ‌المطلب الثاني: حقيقة اليوم الآخر والإيمان به

- ‌المسألة الأولى: حقيقة اليوم الآخر والإيمان به

- ‌المسألة الثانية: أسماء اليوم الآخر:

- ‌المطلب الثالث: سبب تسمية اليوم الآخر بهذا الاسم:

- ‌المبحث الثاني حكم الإيمان باليوم الآخر

- ‌المطلب الأول: حكم الإيمان باليوم الآخر، وحكم منكره

- ‌المسألة الأولى: حكم الإيمان باليوم الآخر، وحكم منكره

- ‌المسألة الثانية: قصرُ المتكلمين أدلة إثبات اليوم الآخر في السمعيات فقط:

- ‌المسألة الثالثة: ظنُّ المتكلمين أن القول بالبعث والمعاد لا يعرف إلا بإثبات نظرية الجوهر الفرد:

- ‌المطلب الثاني اتفاق الشرائع على الإيمان باليوم الآخر

- ‌المطلب الثالث القدر المجزئ من الإيمان باليوم الآخر

- ‌المبحث الثالث الترتيب بين أركان الإسلام

- ‌المطلب الأول التلازم والترابط بين الأركان:

- ‌المطلب الثاني سر الاقتران بين ركني الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر

- ‌المبحث الرابع اختلاف موازيين الدنيا وقوانينها عن موازين الآخرة وقوانينها

- ‌المطلب الأول اختلاف قوانين الدنيا عن قوانين الاخرة وسننها

- ‌المطلب الثاني أمثلة تبين حقيقة الاختلاف في الموازيين والقوانين الدنيوية والأخروية

- ‌المبحث الخامس أقسام الناس في الإيمان باليوم الآخر

- ‌المطلب الأول مذهب أهل السنة والجماعة في اليوم الآخر

- ‌المطلب الثاني مذهب طوائف أهل الكلام في اليوم الآخر

- ‌المبحث السادس: الأدلة الإجمالية لإثبات اليوم الآخر

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول أدلة القرآن الكريم على إثبات اليوم الآخر، (الأدلة النقلية)

- ‌المطلب الثاني الأدلة العقلية على إثبات اليوم الآخر

- ‌1 - دليل العدالة:

- ‌2).2 -دليل الحكمة:

- ‌3 - دليل الفطرة:

- ‌الفصل الثاني: اليوم الآخر في الكتاب والسنة

- ‌المبحث الأول (اليوم الآخر في الكتاب العظيم)

- ‌المطلب الأول: المميزات العامة لطريقة القرآن الكريم في البيان:

- ‌المطلب الثاني اليوم الآخر في القرآن الكريم

- ‌المسألة الأولى صور عناية القرآن الكريم باليوم الآخر:

- ‌المسألة الثانية: أسباب العناية باليوم الآخر في القرآن الكريم:

- ‌المسألة الثالثة: نتائج العناية باليوم الآخر في القرآن الكريم:

- ‌المبحث الثاني: اليوم الآخر في السنة النبوية المطهرة

- ‌المطلب الأول صور العناية النبوية باليوم الاخر

- ‌المطلب الثاني أسباب عناية السنة النبوية باليوم الآخر

- ‌الفصل الثالث: اليوم الآخر عند الأديان والمِلل والنِحل

- ‌المبحث الأول اختلاف الناس في أمر البعث والمعاد

- ‌المطلب الأول أقوال الناس في المعاد

- ‌المطلب الثاني الشبه المتوهمة لإنكار البعث

- ‌المسألة الأولى: حكاية القرآن الكريم لشبه المنكرين للبعث والمعاد:

- ‌المسألة الثانية أسباب استبعاد المنكرين للبعث والمعاد

- ‌المسألة الثالثة الدلائل اليقينية الدالة على البعث والمعاد:

- ‌المسألة الرابعة شبهات منكري البعث:

- ‌المبحث الثاني: مشركو العرب والبعث

- ‌المطلب الأول العرب الجاهليون وإنكار البعث:

- ‌المطلب الثاني إيمان بعض الجاهليين بالبعث:

- ‌المبحث الثالث: اليهود واليوم الآخر

- ‌المطلب الأول عقيدة نبي الله موسى عليه السلام، وقومه في المعاد:

- ‌المطلب الثاني عقيدة الآخر في العهد القديم والأسفار:

- ‌المبحث الرابع: النصارى واليوم الآخر

- ‌المطلب الأول عقيدة نبي الله عيسى عليه السلام، وقومه في المعاد:

- ‌المطلب الثاني المعاد في العهد الجديد:

- ‌المبحث الخامس: الفلاسفة واليوم الآخر

- ‌المطلب الأول الفلاسفة وانحراف طرائقهم في المعاد والشرائع:

- ‌المطلب الثاني قول الفلاسفة في المعاد:

- ‌المبحث السادس: عقيدة اليوم الآخر عند بعض الأديان الوضعية

- ‌المطلب الأول قدماء المصريين واليوم الآخر

- ‌المطلب الثاني بعض الديانات الهندية واليوم الآخر

- ‌الباب الثاني: المسائل المتعلقة باليوم الآخر على ضوء العقيدة الواسطية

- ‌الفصل الأول: المسائل المتعلقة باليوم الآخر من الموت إلى ما قبل البعث

- ‌المبحث الأول الموت، حقيقته، والآثار الواردة فيه

- ‌المطلب الأول: تعريف الموت لغة واصطلاحاً

- ‌المسألة الأولى: تعريف الموت لغة:

- ‌المسألة الثانية تعريف الموت في الاصطلاح

- ‌المطلب الثاني الموت في القرآن الكريم

- ‌المسألة الأولى أوجه اهتمام القرآن الكريم بذكر الموت:

- ‌المسألة الثانية أسباب اهتمام القرآن الكريم بذكر الموت

- ‌المسألة الثالثة نتائج اهتمام القرآن الكريم بذكر الموت

- ‌المبحث الثاني الحياة البرزخية:

- ‌المطلب الأول: فتنة القبر:

- ‌المسألة الأولى: حكاية الإجماع على حصول الفتنة في القبور:

- ‌المسألة الثانية: تواتر الأخبار والنصوص في إثبات فتنة القبر:

- ‌المسألة الثالثة معنى فتنة القبر

- ‌المسألة الرابعة بعض المسائل المتعلقة بفتنة القبر

- ‌المطلب الثاني عذاب القبر ونعيمه:

- ‌المسألة الأولى: حكاية إجماع أهل السنة على وقوع عذاب القبر ونعيمه:

- ‌المسألة الثانية تواتر النصوص الشرعية في إثبات عذاب القبر:

- ‌المسألة الثالثة أدلة إثبات عذاب القبر

- ‌المسألة الرابعة المنكرون لعذاب القبر

- ‌المسألة الخامسة شبهات المنكرين لعذاب القبر

- ‌أ. شبه نقلية:

- ‌ب. شبهة عقلية:

- ‌الفصل الثاني: المسائل المتعلقة باليوم الآخر من البعث إلى دخول الجنة أو النار

- ‌المبحث الأول قيام الساعة وإعادة الأرواح للأجساد

- ‌المطلب الأول: قيام القيامة الكبرى

- ‌تمهيد:

- ‌المسألة الأولى: حكاية الإجماع على القيامة الكبرى:

- ‌المسألة الثانية: دلائل القرآن والسنة على القيامة الكبرى:

- ‌المطلب الثاني إعادة الأرواح للأجساد (البعث)

- ‌المطلب الثالث صفة قيام الناس من قبورهم:

- ‌المسألة الأولى: حكاية بعض أقوال العلماء في حشر الناس على هذه الصفة:

- ‌المسألة الثانية: أدلة حشر الناس على هذه الصفة:

- ‌المسألة الثالثة: جاء في وصف بعث الخليقة يوم القيامة، أنه يبعثون حفاة عراة غرلاً بهما

- ‌المبحث الثاني: أحداث القيامة الكبرى

- ‌المطلب الأول دنو الشمس ولجوم العرق

- ‌المطلب الثاني إثبات الميزان

- ‌‌‌المسألة الأولى: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في إثبات الميزان:

- ‌المسألة الأولى: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في إثبات الميزان:

- ‌المسألة الثانية: أدلة ثبوته في الكتاب والسنة:

- ‌المسألة الثالثة: المنكرون للميزان:

- ‌المسألة الرابعة: صفات الميزان:

- ‌المسألة الخامسة: هل الميزان واحد أم هناك موازين متعددة؟ وما الموزون فيه؟ وهل هو خاص للمؤمنين

- ‌المطلب الثالث نشر الدواوين

- ‌المسألة الأولى: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في نشر صحف الأعمال يوم القيامة:

- ‌المسألة الثانية: الأدلة من الكتاب والسنة:

- ‌المسألة الثالثة: كيفية أخذ الكتب يوم القيامة:

- ‌المطلب الرابع لحساب يوم القيامة

- ‌المسألة الأولى: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في إثبات الحساب يوم القيامة:

- ‌المسألة الثانية: أدلة إثبات الحساب في الآخرة:

- ‌أ - الأدلة القرآنية على إثبات الحساب:

- ‌ب - أدلة السنة في إثبات الحساب:

- ‌المسألة الثالثة: حساب الأنبياء وسؤالهم عليهم الصلاة والسلام:

- ‌المسألة الرابعة: حساب الكفار:

- ‌المطلب الخامس الحوض المورود

- ‌المسألة الأولى: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في إثبات الحوض المورود:

- ‌المسألة الثانية: المخالفون في الحوض:

- ‌المسألة الثالثة: أدلة إثبات الحوض المورود:

- ‌المسألة الرابعة: أوصاف الحوض المورود:

- ‌المسألة الخامسة: سؤالات العلماء عن الحوض:

- ‌المطلب السادس الصراط

- ‌المسألة الأول: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في إثبات الصراط:

- ‌المسألة الثانية: أدلة إثبات الصراط:

- ‌أدلة إثبات الصراط من القرآن الكريم:

- ‌أدلة السنة المطهرة في إثبات الصراط:

- ‌المسألة الثالثة: المخالفون في الصراط:

- ‌(أ) قالوا: لا فائدة من نصب الصراط إلا العبور عليه

- ‌(ب) إنكار أن يكون الصراط (أحد من السيف وأدق من الشعر)

- ‌المسألة الرابعة: صفات الصراط:

- ‌المطلب السابع القنطرة بين الجنة والنار

- ‌المطلب الثامن أول من يستفتح باب الجنة ، وأول الأمم دخولاً إلى الجنة:

- ‌المطلب التاسع الشفاعة

- ‌المسألة الأولى: حكاية إجماع العلماء وأقوالهم في إثبات الشفاعة:

- ‌المسألة الثانية: الشفاعات التي ذكرها الإمام ابن تيمية:

- ‌المسألة الثالثة: الأدلة العامة على إثبات الشفاعة في الآخرة:

- ‌(أ) الأدلة المثبتة للشفاعة من القرآن الكريم:

- ‌(ب) الأدلة المثبتة للشفاعة في الآخرة من السنة المطهرة:

- ‌المسألة الرابعة: المخالفون في أمر الشفاعة يوم الدين:

- ‌المبحث الثالث: تفاصيل أخبار اليوم الآخر

- ‌تمهيد:

- ‌1 - المطلب الأول: اتفاق السلف على مسائل الآخرة:

- ‌2).2 -المطلب الثاني: أن إثبات المعاد من المشتركات بين الأمم والشرائع:

- ‌3 - المطلب الثالث: صفة العلم الموروث عن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام:

- ‌الباب الثالث: أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد والمجتمع

- ‌الفصل الأول: اهتمام القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ببيان أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد والمجتمع

- ‌المبحث الأول: الإنسان سيد هذا الكون

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول مظاهر تكريم الإنسان

- ‌المطلب الثاني علاقة الإنسان بغيره: بالخالق، وبالكون، وبمثله، وبالدنيا، وبالآخرة

- ‌المسألة الأولى: علاقة الإنسان بخالقه:

- ‌المسألة الثانية: علاقة الإنسان بالكون:

- ‌المسألة الثالثة: علاقة الإنسان بالإنسان:

- ‌المسألة الرابعة: علاقة الإنسان بالحياة الدنيا:

- ‌المسألة الخامسة: علاقة الإنسان بآخرته:

- ‌(أ) نصوص القرآن الكريم في إثبات سؤال المحاسبة يوم القيامة، قال الله تعالى:

- ‌(ب) نصوص السنة المطهرة في إثبات سؤال المحاسبة يوم القيامة:

- ‌المبحث الثاني: أثر الإيمان باليوم الآخر في تقويم السلوك، في ضوء نصوص القرآن والسنة

- ‌المطلب الأول أثر الإيمان باليوم الآخر في تقويم السلوك في ضوء القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني أثر الإيمان باليوم الآخر في تقويم السلوك في ضوء السنة النبوية المطهرة

- ‌الفصل الثاني: أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد والمجتمع

- ‌المبحث الأول أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد

- ‌المطلب الأول: الثراء المعرفي الموجب للأثر التعبدي وغيره:

- ‌المطلب الثاني أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد من الناحية التعبدية

- ‌1 - الإخلاص لله تعالى:

- ‌2 - الرغبة في الآخرة، وإيثارها على الدنيا:

- ‌3 - أن ذكر الآخرة سبب من أسباب نجاة العبد:

- ‌4 - الخوف من الله تعالى:

- ‌5 - رجاء ما عند الله عز وجل:

- ‌6 - محبة الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام:

- ‌7 - حفظ الجوارح والأعضاء عن المحارم:

- ‌8 - يورث مراقبة الله جل وعلا:

- ‌9 - سبب لصلاح القلب:

- ‌10 - أنه يوجب تعزيز التقوى في نفس الفرد:

- ‌المطلب الثالث أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد من الناحية النفسية

- ‌1 - قبول الحق وعدم رده:

- ‌2 - عدم الخوف من المستقبل:

- ‌3 - الاستقامة على شرع الله تعالى:

- ‌4 - تعلق القلب بالله وحده سبحانه:

- ‌5 - تماسك المسلم عن السقوط والانهيار:

- ‌6 - التسليم والرضا بكل ما يجري من المقادير:

- ‌7 - الشعور بالراحة والطمأنينة:

- ‌8 - تسلية المؤمن عما يفوته من أمور الدنيا، وتخفيف الهموم والأحزان:

- ‌9 - الشعور بالسعادة وإحياء الأمل في النفوس:

- ‌10 - صمود الجوارح أما الرغبات النفسية:

- ‌11 - أنه يرى الموت نعمة كالحياة:

- ‌المطلب الرابع أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد من الناحية السلوكية والأخلاقية

- ‌1 - البعد عن سيء الأخلاق:

- ‌2 - يورث المحبة والتواد بين المسلمين:

- ‌3 - يمنع الظلم:

- ‌4 - يربي المؤمن على تخطي المواقف الصعبة:

- ‌5 - بذل النفوس رخيصة في سبيل الله:

- ‌6 - يغرس في النفس الإقدام والسعي نحو أبواب البر والخير:

- ‌7 - يورث علو الهمة في الطاعات:

- ‌8 - يورث محاسبة النفس:

- ‌9 - التوبة إلى الله عز وجل:

- ‌خلاصة المطلب:

- ‌المبحث الثاني أثر الإيمان باليوم الآخر على المجتمع

- ‌المطلب الأول أثر الإيمان باليوم الآخر على المجتمعات من الناحية التعبدية

- ‌1 - ينمي روح التآخي، ويزيد الألفة بين أفراد المجتمع:

- ‌2 - أن يأخذ الإنسان ما له، ويؤدي ما عليه:

- ‌3 - رد الحق لأهله (رد المظالم):

- ‌4 - الشعور بالطمأنينة والأمن الدائمين:

- ‌5 - مصدر من مصادر القوة للأفراد لمواجهة الباطل:

- ‌6 - القناعة في الدنيا، والرغبة فيما عند الله تعالى:

- ‌7 - تنمية الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين:

- ‌8 - قمع النفس عن الحرام والتزهيد فيه:

- ‌المطلب الثاني أثر الإيمان باليوم الآخر على المجتمعات من الناحية السلوكية والأخلاقية

- ‌1 - حفظ الأخلاق:

- ‌2 - ينمي في الأفراد حب البذل والعطاء:

- ‌3 - أداء الحقوق:

- ‌4 - أنه سبب لحل جميع المشكلات:

- ‌5 - انخفاض معدلات الجريمة:

- ‌الخاتمة:

- ‌التوصيات:

- ‌تراجم لبعض الأعلام الوارد ذكرهم في البحث:

- ‌المراجع

الفصل: ‌أ - الأدلة القرآنية على إثبات الحساب:

عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد قال:" حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتجهزوا للعرض الأكبر، وإنما يخف الحساب يومئذ على من حاسب نفسه في الدنيا"

(1)

.

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه:" إن أخوف ما أخاف، إذا وقفت على الحساب أن يقال لي: قد علمت فما عملت فيما علمت؟ "

(2)

ونقل ابن أبي نجيح عن الحسن البصري: أنه سئل فقيل له: أمؤمن أنت؟ فقال: إن كنت تسألني عن الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر والجنة والبعث والحساب، فأنا بها مؤمن، وإن كنت تسألني عن قوله:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2] فلا أدري أمنهم أنا أم لا

(3)

؟

فالحساب يوم الدين في الآخرة مما أجمعت عليه الأمة، واستقرت عليه أقوالهم، وقد أشار العلامة الإيجي إلى هذا الإجماع قبل ظهور المخالف

(4)

.

‌المسألة الثانية: أدلة إثبات الحساب في الآخرة:

حفلت نصوص الكتاب والسنة بذكر أخبار الحساب يوم الدين، والكيفية التي يكون عليها في ذلك اليوم العظيم، وهذا دليل على عناية القرآن والسنة

بذكر الحساب وأحواله وعظيم شأنه.

‌أ - الأدلة القرآنية على إثبات الحساب:

جاءت الدلائل القرآنية المثبتة للحساب يوم القيامة، على أوجه متعددة وصور متنوعة، يجمعها بيان إثبات أحقية الحساب، والرد على منكريه والمتشاغلين عنه.

ومن أوجه دلائل القرآن الكريم على إثبات الحساب ما يلي:

1 -

تأكيد وقوع الحساب يوم القيامة وأنه آت لا محالة، ولذا سمى الله تعالى يوم القيامة بيوم الحساب: قال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1)} [الأنبياء:1].

(1)

البغوي: شرح السنة، المكتب الإسلامي - بيروت، ط 2 - 1403 هـ، (14/ 309)

(2)

البغوي: شرح السنة، المكتب الإسلامي - بيروت، ط 2 - 1403 هـ، (14/ 335)

(3)

البغوي: معالم التنزيل، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط 1 1420 هـ، (2/ 268)

(4)

الإيجي: المواقف، دار الجيل - بيروت، ط 1 1417 هـ (3/ 523)

ص: 447

يقول الإمام ابن كثير: "هذا تنبيه من الله عز وجل على اقتراب الساعة ودنوها وأن الناس في غفلة عنها، أي: لا يعملون لها، ولا يستعدون من أجلها"

(1)

"وهذا تعجب من حالة الناس، وأنه لا ينجع فيهم تذكير، ولا يرعون إلى نذير وأنهم قد قرب حسابهم ومجازاتهم على أعمالهم الصالحة والطالحة"

(2)

.

واقتراب الحساب هو: اقتراب الوقت الذي يحاسبون فيه، ولذا سمى القرآن الكريم الساعة قريبة؛ لأنها كائنة لا محالة، وكل ما هو كائن لا محالة فهو قريب، وأيضاً فإن ما بقي من الدنيا في جنب ما مضى قليل

(3)

.

وفي تسمية يوم القيامة بيوم الحساب فائدة، كما قال جل وعلا:{لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} [ص:26]، قال الإمام الرازي:" الفائدة في تسمية يوم القيامة بيوم الحساب، أن الحساب هو الكاشف عن حال المرء فالخوف من ذكره أعظم "

(4)

.

- وقال جل وعلا في تأكيد الحساب: {فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (25)} [آل عمران:25]، ولذا أقسم الرب جل وعز على وقوع سؤالهم وحسابهم فقال سبحانه:

{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)} [الحجر:92 - 93]، قال العلامة النسفي:" أقسم بذاته وربوبيته، ليسألن يوم القيامة واحداً واحداً من هؤلاء المقتسمين، عما قالوه في رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في القرآن، أو في كتب الله"

(5)

.

(1)

ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ت: سامي سلامة (5/ 331)

(2)

السعدي: تيسير الكريم الرحمن، مؤسسة الرسالة، ط 1 1420 هـ، ص (518)

(3)

السمعاني: تفسير القرآن، دار الوطن - الرياض، ط 1 1418 هـ (3/ 367)

(4)

الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط 3 1420 هـ (22/ 119)

(5)

النسفي: مدارك التنزيل، دار الكلم الطيب - بيروت، ط 1 1419 هـ (2/ 20)

ص: 448

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "والذي لا إله غيره ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة، كما يخلوا أحدكم بالقمر ليلة البدر، فيقول: يا ابن آدم، ماذا غرك مني بي يا ابن آدم؟ ماذا عملت فيما علمت ابن آدم؟ ماذا أجبت المرسلين؟ "

(1)

.

2 -

تأكيد الحساب يوم الدين بتوفية الجميع جزاء أعمالهم فيه:

قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39)} [النور:39].

قال أهل التفسير: (فوفاه حسابه): أي جزاء عمله

(2)

.

- وقال جل وعز: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)} [النور:25].

قال ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى:{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} أي: حسابهم، وقال ابن عباس: كل شيء في القرآن الدين فهو الحساب وروي عن سعيد بن جبير مثل ذلك

(3)

.

وقال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)} [البقرة:281].

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)} [آل عمران:161].

وقال تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)} [هود:111].

(1)

الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط 1 1420 هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (17/ 150)

(2)

السمعاني: تفسير القرآن، دار الوطن - الرياض، ط 1 1418 هـ (3/ 536)

(3)

الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط 1 1420 هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (19/ 141)

ص: 449

وقال تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111)} [النحل:111].

وقال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19)} [الأحقاف:19].

وقال تعالى: {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70)} [الزمر:70].

3 -

أن حساب الخلائق من خصائص الرب جل وعز، ولذا نسبه إلى نفسه الشريفة المقدسة:

قال جل وعلا: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)} [الأنبياء:47].

وقال سبحانه وتعالى: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)} [الرعد:40].

وقال سبحانه وتعالى: {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (113)} [الشعراء:113].

وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)} [الغاشية: 25 - 26].

4 -

أن يوم الجزاء والحساب، يظهر فيه مشهد الحق والعدل، فيؤتى بالعباد للحساب، فينبوأ كل فرد بما عمل، ليجازى ويحاسب، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

قال الله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)} [المائدة:48].

وقال سبحانه وتعالى: {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60)} [الأنعام:60].

وقال سبحانه وتعالى: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)} {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} الأنعام 108

ص: 450

وقال سبحانه وتعالى: {ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23)} [يونس:23].

والآيات الكريمات في هذا المعنى كثيرة، كلها تدل على موقف الحق، في يوم الحق، بين يدي الحق، لفصل القضاء بين الخلائق.

5 -

أخبر الرب جل وعلا عن نفسه سبحانه بأنه سريع الحساب

وأسرع الحاسبين في آيات كثيرة، كلها تؤكد هذه الحقيقة.

يقول المولى جل وعلا: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)} [إبراهيم:51].

يقول الإمام الطبري:" وإنما وصف جل ثناؤه نفسه بسرعة الحساب، لأنه جل ذكره يحصي ما يحصي من أعمال عباده بغير عقد أصابع، ولا فكر ولا روية، فعل العجزة الضعفة من الخلق ولكنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما، ثم هو مُجاز عباده على كل ذلك، فلذلك امتدح نفسه جل ذكره بسرعة الحساب"، وقال الإمام البغوي في معنى الآية:" أي: حسابه واقع لا محالة، وكل ما هو واقع لا محالة فهو سريع "

(1)

، ولذا امتدح الرب نفسه في الآية الأخرى بأنه جل في علاه أسرع الحاسبين فقال:{ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)} [الأنعام:62].

وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم -على الأحزاب قوله: (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب، اللهم اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم)

(2)

.

(1)

الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط 1 1420 هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (22/ 487).

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة ح (2933)، وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الجهاد والسير، باب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو ح (1742) دار إحياء التراث العربي - بيروت، ت: محمد فؤاد عبد الباقي.

ص: 451

فهو سبحانه وتعالى سريع الحساب يوم القيامة، حيث لا يشغله محاسبة واحد عن الآخر، سريع المجازاة للعباد بأعمالهم، فيحاسبهم في حالة واحدة لا يشغله شأن عن شأن، قال الحسن: حسابه أسرع من لمح البصر

(1)

.

6 -

بيان تعنت الكفار وتكذيبهم بالحساب، أو تناسي بعض العصاة له:

قال الله تعالى عن الكفار: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27)} [النبأ: 27].

قال مجاهد في تفسير الآية: لا يبالون الحساب ولا يخافونه ولا يصدقون بالغيب والبعث

(2)

، فلم يكونوا يعتقدون أن ثَم داراً يجازون فيها ويحاسبون

(3)

، ولهذا قال في الآية بعدها:{وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (28)} [النبأ: 28]، وقال جل وعلا في هذا المعنى:{وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27)} [غافر:27]، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} [ص:26].

ومعناه: لهم عذاب شديد يوم الحساب بما نسوا: أي تركوا أمر الله وغفلوا عن القيامة

(4)

.

7 -

التعبير بالمساءلة الدال على الحساب:

يقول جل وعلا: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)} [الأعراف:6]، ويقول جل وعلا:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)} [الحجر:92]، ويقول جل وعلا:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)} [العنكبوت:13]، ويقول جل وعلا:

{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)} [الصافات:24]، ويقول جل وعلا:{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} [التكاثر:8].

(1)

القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط 2 - 1384 هـ، (2/ 435).

(2)

مجاهد: تفسير مجاهد ت: د. محمد أبو النيل، ص (695).

(3)

ابن كثير: ت: سامي سلامة (8/ 307).

(4)

السمعاني: تفسير القرآن (4/ 437).

ص: 452

قد نبه العلماء في هذا الموضع وأمثاله الذي تذكر فيه الآيات المثبتة للسؤال والمحاسبة ما قد يشكل من ورود جملة أخرى من الآيات الكريمة التي تنفي السؤال والحساب من مثل قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39)} [الرحمن:39]، {وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)} [القصص:78].

وظاهر هذه الآيات يوهم التعارض مع ما سبق من الآيات الأخرى المثبتة للحساب، وقد أجاب العلماء عن هذا التعارض الظاهر ودُفع بما يلي:

أ. أن المسألة التي نفاها الله تعالى عن نفسه بقوله: {وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)} [القصص:78]، ونحوها، فهي محمولة على المسألة التي هي مسألة استرشاد واستثبات، فيما لا يعلمه السائل عنها، ويعلمه المسؤول ليعلم السائل علم ذلك من قِبَلِ من سأل منه، وهذا غير جائز أن يوصف الله تعالى به؛ لأنه العالم بالأشياء قبل كونها، وحال كونها، وبعد كونها، فهو العالم بذلك كله وبكل شيء غيره

(1)

.

ب. أن المنفي في السؤال هو سؤال الاستعلام، والمثبت هو سؤال التقريع والتوبيخ، فلا يقال لهم: هل فعلتم؟ بل يقال لهم: لم فعلتم؟

(2)

.

ج. أن القيامة مواطن؛ لطول ذلك اليوم، فيسأل في بعض، ولا يسأل في بعض، وعليه فتحمل الآيات الكريمات على تعدد المواقف في القيامة فيسألون في مواقف دون مواقف

(3)

.

د. وقيل: نفي السؤال عن المجرمين محمول على أنهم لا يسألون سؤال من له عذر في الجواب، وإنما يسألون على معنى إظهار قبائحهم؛ ليفتضحوا على رؤوس الجمع

(4)

.

(1)

الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط 1 1420 هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (12/ 308)

(2)

السمعاني: تفسير القرآن: (5/ 332)، البغوي: معالم التنزيل: (4/ 338)

(3)

القرطبي: الجامع الأحكام القرآن:، (17/ 174)، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: (7/ 449)

(4)

السمعاني: تفسير القرآن، دار الوطن - الرياض، ط 1 1418 هـ (4/ 157)

ص: 453

هـ. وقيل: المراد أنهم لا يسألون عن إحصاء أعمالهم، ويعطون الصحائف فيعرفونها، ويعترفون بها

(1)

.

8 -

ذكر خوف أنبياء الله تعالى ورسله من هول الموقف، وما فيه من الحساب والجزاء، قال تعالى عن نبيه إبراهيم الخليل عليه السلام:

{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)} [إبراهيم:41]

وقال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل وأنت رسول الله: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13)} [الزمر:13]، واليوم العظيم: يوم القيامة، وهذا شرط ومعناه: التعريض بغيره بطريق الأولى والأحرى. ولهذا فأنبياء الله جل وعز يخوفون أقوامهم بهذا اليوم وما فيه من الجزاء والحساب:

قال الله تعالى حكاية عن نبيه نوح عليه السلام، {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)} [الأعراف:59].

وقال شعيب لقومه: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84)} [هود:84]، قال الإمام ابن كثير:" أي في الدار الآخرة "

(2)

.

9 -

أشار القرآن الكريم إلى أحوال المحاسبين يوم القيامة:

(1)

العز بن عبد السلام: تفسير القرآن، دار ابن حزم - بيروت ن ط 1 1416 هـ، (2/ 501)

(2)

ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، ت: سامي سلامة (4/ 342)

ص: 454