الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسباب اختيار الموضوع:
كان لاختيار هذا الموضوع جملة من الأسباب منها:
1 -
أن الإيمان باليوم الآخر ركن أصيل من أركان الإيمان، لا يتم إسلام العبد وإيمانه إلا به.
2 -
وأن سعادة المرء معقودة على الإيمان بهذا الركن العظيم، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:"وهذه الأصول الثلاثة وهي الإيمان بالله وباليوم الآخر والعمل الصالح هي الموجبة للسعادة في كل ملة، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)} [البقرة:62] والشرع ما جاءت به الرسل وهو الأصل الرابع"
(1)
.
3 -
وأن الحق سبحانه وتعالى دائما يؤكد على مسألة البعث والقيامة والحساب والجزاء، وشاهد ذلك القرآن العظيم، فإنه مليء بأخبار هذا اليوم العظيم، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:" وهكذا القرآن فإنه قرر ما في الكتب المتقدمة من الخبر عن الله وعن اليوم الآخر، وزاد ذلك بيانًا وتفصيلا، وبيّن الأدلة والبراهين على ذلك"
(2)
.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في موضع آخر الأصول الثلاثة التي عليها مدار الخلق والأمر والسعادة وهي: إثبات الصفات والتوحيد والقدر، وتفصيل الشرائع وبيان ما يحبه الله تعالى ويكرهه، وبيان الجنة والنار والثواب والعقاب، وأخبار اليوم الآخر فقال:" وعلى هذه الأصول الثلاثة مدار الخلق والأمر والسعادة، والفلاح موقوف عليها، ولا سبيل لمعرفتها إلا من جهة الرسل"
(3)
.
4 -
وأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد بيّن وفصّل عن أخبار اليوم الآخر أكمل مما جاء به سائر الأنبياء، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:" فإن مما جاء به محمد من أسماء الله وصفاته ووصف اليوم الآخر، أكمل مما جاء به سائر الأنبياء"
(4)
.
(1)
ابن تيمية: جامع الرسائل ت: د محمد رشاد سالم (2/ 288)
(2)
ابن تيمية: مجموع الفتاوى ت: عبدالرحمن بن قاسم (17/ 44).
(3)
ابن تيمية: مجموع الفتاوى مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف (19/ 96).
(4)
ابن تيمية: مجموع الفتاوى ت: عبدالرحمن بن قاسم (12/ 475).
ويقول في موضع آخر: "فلا يُذكر في التوراة والإنجيل والزبور نوع من الخبر عن الله وعن ملائكته، وعن اليوم الآخر إلا وقد جاء به على أ كمل وجه، وأخبر بأشياء ليست في الكتب"
(1)
.
وذكر ـ يرحمه الله ـ أن ما عند المسلمين من أخبار اليوم الآخر أعظم وأجل بكثير مما عند غيرهم فقال: " فإن الذي عند المسلمين: من توحيد الله ومعرفة أسمائه وصفاته وملائكته وأنبيائه ورسله، ومعرفة اليوم الآخر، وصفة الجنة والنار، والثواب والعقاب، والوعد والوعيد، أعظم وأجل بكثير مما عند اليهود والنصارى، وهذا بيّن لكل من يبحث عن ذلك"
(2)
.
5 -
وأن الإيمان باليوم الآخر من مشتركات الكتب السماوية، فالنصوص السابقة تدل على اشتراك الملل في الإيمان باليوم الآخر، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:" فإن المسلمين واليهود والنصارى متفقون على أن في الكتب الإلهية: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، وأنه أرسل إلى الخلق رسلاً من البشر، وأنه أوجب العدل وحرّم الظلم والفواحش والشرك وأمثال ذلك من الشرائع الكلية، وأيضا الوعد بالثواب والوعيد بالعقاب، وهم متفقون على الإيمان باليوم الآخر وقد تنازعوا في بعض معانيها واختلفوا في تفسير ذلك"
(3)
.
ومع هذا الاشتراك إلا أن الأخبار الواردة في اليوم الآخر وصفاته قد ذكرت مجملة عند أهل الكتابين، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:"لهذا ليس في الإنجيل من صفات الله وصفات ملكوته ومن صفات اليوم الآخر، إلا أمور مجمله وكذلك التوراة ليس فيها من ذكر اليوم الآخر إلا أمور مجملة"
(4)
(1)
ابن تيمية: الجواب الصحيح (5/ 441).
(2)
ابن تيمية: مجموع الفتاوى (4/ 202).
(3)
ابن تيمية: الجواب الصحيح (2/ 441).
(4)
ابن تيمية: الجواب الصحيح (5/ 294).
وذكرالإمام ابن القيم في معرض حديثه عن الصحابة ومنافحته عنهم، ما اشتمل عليه القرآن الكريم من تفاصيل الأخبار مما لم يُذكر في كتاب قبله فقال:" وذِكرِ اليوم الآخر وتفاصيل أحواله، وذكر الجنة وتفاصيل نعيمها والنار وتفاصيل عذابها، وذكر البرزخ وتفاصيل أحوال الخلق فيه، وذكر أشراط الساعة والإخبار بها مفصلاً بما لم يتضمنه كتاب غيره، من حين قامت الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها"
(1)
.
6 -
وكذا فإن "القرآن يحدث المؤمنين عن اليوم الآخر، ويجسمه لهم كأنما يرونه اللحظة أمامهم، ويعيشون مشاهده الحية بوجدانهم بل بلغ من إعجاز القرآن في تصوير مشاهد القيامة أن يحس الإنسان كأنما يوم القيامة هو الحاضر الماثل، وكأنما الدنيا ماض قد انقضى وانطوى من زمان بعيد! "(4).
7 -
و " كان النبي يحدثهم عن اليوم الآخر وأحوال الحشر، وما ينتظر الكفار من ألوان العذاب البشع، وما ينتظر المؤمنين من ألوان المتاع التي لا تخطر على قلب بشر، ويعلمهم أن طاعة الله ورسوله هي الطريق إلى هذا المتاع الخالد الدائم، وأن الكفر بالله ورسوله هو طريق النار "
(2)
.
8 -
ولما كان لهذا اليوم العظيم، والمشهد الرهيب، الذي تحكيه أحداثه وتفاصيله العظيمة، أثر كبير في نفوس البشر، مما يعود نفعه عليهم بتقوية سلوكهم، وتصحيح مساراتهم، وتنقية حياتهم وتصفيتها من الشوائب التي كدرت معيشتهم وعكرت طريقهم، أحببت أن أسهم في بيان حقيقة هذا اليوم العظيم وبيان أخباره وتفاصيل أحداثه، وإظهار مذهب السلف في هذا الباب الذي يُعرف عند المتكلمين بالسمعيات. وكان الاختيار منصبا على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وأصّله عن اليوم الآخر في كتابه الموسوم العقيدة الواسطية، التي كُتب لها القبول، واعترف بفضلها القاصي والداني، حتى جرت له لأجلها مناظرات عديدة، أشار إليها شيخ الإسلام وقيّدها، وأبان عن الحقائق والتفاصيل التي جرت له بسببها.
(1)
ابن القيم: هداية الحيارى ت: محمد أحمد الحاج (2/ 444).
(4)
محمد قطب: منهج التربية الإسلامية (2/ 289).
(2)
محمد قطب: منهج التربية الإسلامية (2/ 293).