الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: أدلة إثبات الحوض المورود:
استفاضت نصوص السنة واشتهرت وتواترت في الحديث عن الحوض المورود وصفاته وأخباره، أما القرآن الكريم فلم يرد فيه التصريح بذكر الحوض، يقول الإمام السفاريني:" وأما ثبوته بالقرآن فاحتمال وليس بصريح، وأما قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} ففيه اختلاف: هل الحوض، أو الخير الكثير، أو النهر الذي في الجنة؟ "
(1)
.
وقد ذكر أئمة التفسير في تفسير الكوثر ستة أقوال:" نهر في الجنة، الخير الكثير الذي أعطي نبينا صلى الله عليه وسلم العلم والقرآن، النبوة، حوض النبي صلى الله عليه وسلم كثرة أتباعه "
(2)
، مما يدل على أن الحوض لم يرد في القرآن الكريم صريحاً.
أما السنة النبوية فأحاديثها في إثبات الحوض متواترة مستفيضة، وقد حكى الأئمة التواتر في أحاديث الحوض:
يقول القاضي عياض عن حديث الحوض:" وهو حديث ثابت متواتر النقل، رواه جماعة من الصحابة"
(3)
.
ويقول الإمام القرطبي عن أحاديث الحوض الواردة فيه أنها:" الأحاديث الكثيرة الصحيحة الشهيرة التي يحصل بمجموعها العلم القطعي واليقين التواتري، إذ قد روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة نيف على الثلاثين"
(4)
.
وذكر الإمام السيوطي أن رواة أحاديث الحوض زيادة عما ذكره القرطبي فقال: "ورد ذكر الحوض من رواية بضع وخمسين صحابيا
(5)
"، ثم سردهم.
(1)
السفاريني: لوامع الأنوار، مكتبة الخافقين - دمشق، ط 2 - 1402 هـ (2/ 202).
(2)
ابن الجوزي: زاد المسير: (4/ 497)،وذكر الإمام القرطبي ستة عشر قولاً: الجامع لأحكام القرآن
…
(20/ 216).
(3)
القاضي عياض: إكمال العلم، دار الوفاء -مصر ط 2 - 1425 هـ (7/ 260).
(4)
القرطبي: المفهم، دار ابن كثير - دمشق، ط 5 1431 هـ (6/ 90).
(5)
السيوطي: البدور السافرة، دار المعرفة - بيروت، ط 1 1426 هـ، ص (152).
وقد صرح الإمام ابن عبد البر بتواتر أحاديث الحوض فقال:" وقد ذكرنا أحاديث الحوض وهي متواترة"
(1)
وقال: "الأحاديث في حوضه صلى الله عليه وسلم -متواترة صحيحة ثابتة كثيرة "
(2)
.
وقال الإمام أبو الحسن الأشعري عن أحاديث الحوض:" وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة، وروي عن أصحابه رضي الله عنهم أجمعين بلا خلاف "
(3)
.
وقد نقل هذا التواتر جماعات كثيرة من أهل العلم
(4)
مما يدل على ثبوت هذه الأحاديث، وأنها حجة يجب الإيمان بها.
وقال الشيخ الداودي في حواشيه على الصحيح:
مما تواتر حديث من كذب ومن بنى الله بيتاً واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ومسح خفين وهذي بعض
(5)
وأما أدلة إثبات الحوض من السنة فهي كثيرة منها:
عن أنس رضي الله عنه قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم -الأنصار، ليكتب لهم بالبحرين فقالوا: لا والله حتى تكتب لإخواننا من قريش بمثلها، فقال: ذاك لهم ما شاء الله على ذلك، يقولون له، قال:«فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ»
(6)
.
(1)
ابن عبد البر: الاستذكار، دار الكتب العلمية - بيروت ن ط 1 1421 هـ (5/ 112).
(2)
ابن عبد البر: التمهيد، وزارة عموم الأوقاف - المغرب، 1387 هـ (2/ 291).
(3)
الأشعري: الإبانة، الأنصار - القاهرة، ط 1 1397 هـ، ص (245).
(4)
انظر: ابن أبي العز، شرح الطحاوية ص (199)، ابن حجر: فتح الباري (11/ 467 - 745) العراقي: طرح التثريب: (3/ 296).
(5)
الكتاني: نظم المتناثر، دار الكتب السلفية - مصر، ط 2 - ، ص (19).
(6)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجزية، باب ما أقطع النبي صلى الله عليه وسلم -من البحرين ح (3163).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم -قال: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي»
(1)
. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَذُودَنَّ رِجَالًا عَنْ حَوْضِي، كَمَا تُذَادُ الغَرِيبَةُ مِنَ الإِبِلِ عَنِ الحَوْضِ»
(2)
.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثماني سنين، كالمودّع للأحياء والأموات، ثم طلع المنبر فقال:«إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ، وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الحَوْضُ، وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هَذَا»
(3)
.
وعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:: «لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِي الحَوْضَ، حَتَّى عَرَفْتُهُمْ اخْتُلِجُوا دُونِي، فَأَقُولُ: أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ»
(4)
.
فهذه الأدلة وغيرها كلها تصب في الدلالة على إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وأنه حق لا شك فيه، وردت فيه من المواصفات في السنة النبوية الشيء الكثير
…
نبينها في المسألة التالية:
(1)
خرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة، باب فضل الما بين القبر والمنبر ح (1196)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة ح (6391).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المساقاة، باب من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه ح (2367)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم ح (2302) دار إحياء التراث العربي - بيروت، ت: محمد فؤاد عبد الباقي.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة أحد ح (4042)، وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم ح (2296).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الرقاق، باب في الحوض ح (6582)، وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم ح (2304).