الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجيب عن هذه الشبهة بما يلي:
1 -
أنه ليس كل ما لم نجده في الشاهد، يجب أن نجهله.
2 -
أن إمكان العبور عليه ظاهر، كالمشي على الماء، والطيران في الهواء غايته مخالفة العادة، ثم الله تعالى يسهل الطريق على من أراد فيخف على المؤمن، ويشتد على الكافر.
3 -
كيف ينكر جواز العبور على الصراط، والمشي عليه، مع أن ذلك بالنسبة إلى مقدورات الله تعالى، وخلق السموات والأرض وما فيهن، والمشي في الهواء، والوقوف على الماء وشق البحر، وقلب العصا حية، وغير ذلك من المعجزات والأمور الخارقة للعادات أسهل وأيسر، فغير بعيد أن يعين الله تعالى، وييسر ذلك لمن أطاعه ويخذل من عصاه
(1)
.
(ب) إنكار أن يكون الصراط (أحد من السيف وأدق من الشعر)
؛ لثبوت أن له جنبتين تقف عليها الملائكة. على أن هذا الوصف لم يرد في الأحاديث الصحيحة، فكونه دقيقاً وحاداً، هذا لم يثبت في أثر صحيح، فضلا على أن أصل وضعه في اللغة: بمعنى الطريق الواسع، هو الأنسب في المعنى، لكي يعبر عليه الناس، وهذه الشبهة متضمنة لمسائل:
1 -
قياس الشاهد على الغائب: ويرد عليه: بأن ما ورد من أخبار الآخرة يجب الإيمان به، والتسليم له، وأن أمور الآخرة، ليست على وفق مقاييس وموازين أمور الدنيا، حتى تستبعد مثل هذه القضايا، فالأمر مختلف تماماً.
2 -
أن الوصف الوارد في الحديث: (أحد من السيف، وأدق من الشعر)
…
غير موجود في الروايات الصحيحة، كما صرّح بذلك الإمام البيهقي
(2)
.
(1)
الآمدي: غاية المرام:، (1/ 302 - 305)، التفتازاني: شرح المقاصد: (2/ 223)، المتولي: الغنية في أصول الدين، المعهد الفرنسى للآثار الشرقيه، 1986 - القاهرة، ص (57)، ابن البناء: الرد على المبتدعة، دار الأمر الأول - الرياض، ط 2 - 1433 هـ، ص (225).
(2)
البيهقي: شعب الإيمان، مكتبة الرشد - الرياض، ط 1 1423 هـ (1/ 565).
ويرد عليه: بأن الأئمة أثبتوا هذا الوصف، في جملة من الأحاديث التي وردت في وصف الصراط، ففي صحيح الإمام مسلم: قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه:"وبلغني أن الجسر أدق من الشعر، وأحد من السيف "
(1)
.
يقول الإمام النووي:" وأصحابنا المتكلمون وغيرهم من السلف يقولون: إن الصراط أدق من الشعرة، وأحد من السيف، كما ذكره أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، هنا في روايته الأخرى"
(2)
.
وقال الإمام السخاوي:" وأما قول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه
…
(بلغني) فإن الصحابي إذا قال شيئاً مما لا مجال للرأي فيه كوصف الصراط بما تقدم حكمه حكم الرفع على الصحيح.
فنقل أبي سعيد المشار إليه، قد ورد تصريح الرفع عن غيره من طرق متعددة، يقوي بعضها بعضاً، بل أورد الحاكم في مستدركه على الصحيحين بعضها، فأخرج البيهقي وابن المبارك وابن أبي الدنيا وغيرهم جميعاً، من حديث عبيد بن عمير المتولي، رفعه مرسلاً:(الصراط على جهنم مثل حرف السيف)، وكذا أخرجه البيهقي ، وشيخه الحاكم عن ابن مسعود مرفوعاً:(والصراط كحد السيف)، والبيهقي وحده من حديث زياد النميري عن أنس مرفوعاً:(الصراط كحد الشعرة، أوحد السيف)، ومن حديث يزيد الرقاشي عن أنس رفعه أيضاً:(إنه أدق من الشعرة أحد من السيف)، ولأبي يعلى وابن منيع في مسنديهما، عن أبي هريرة مرفوعا:(الصراط كحد السيف) ولأحمد بن حنبل في مسنده، من حديث القاسم عن عائشة في حديث مرفوع أصله عند أبي داود، من حديث الحسن البصري عنها:(ولجهنم جسر أدق من الشعر، وأحد من السيف) "
(3)
.
(1)
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية ح (183).
(2)
النووي: شرح مسلم، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط 2 - 1392 هـ (13/ 20).
(3)
السخاوي: الأجوبة المرضية (3/ 905)،انظر: العراقي: المغني عن حمل الأسفار، ص (109)
وجاء عن سلمان رضي الله عنه، أنه قال: (
…
ويوضع الصراط مثل حد الموسى، فتقول الملائكة: من تجيز على هذا؟ فيقول: من شئت من خلقي فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك)
(1)
.
يقول الشيخ الألباني عن هذا الأثر: " وقد رواه الآجري في الشريعة عن عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حماد بن سلمة به موقوفاً على سلمان وإسناده صحيح، وله حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي "
(2)
. وفي حديث ابن مسعود: (والصراط كحد السيف، دحض مزلة)
(3)
.
على أن وصف الصراط في الأحاديث الصحاح بأنه: (دحض مزلة)، فيه دلالة على ما ورد في الروايات السابقة، وتوافقها في المعنى، من جهة دقة الصراط وحدته.
(3)
أن أصل وضع كلمة الصراط: الطريق الواسع، وهو الأنسب في المعنى؛ لكي يعبر عليه الناس.
يرد عليه: بما ذكره الإمام ابن تيمية في هذا المقام بأن: "الصراط في لغة العرب: هو الطريق، يقال: هو الطريق الواضح، ويقال: هو الطريق المحدود بجانبين، الذي لا يخرج عنه، ومنه الصراط المنصوب على جهنم وهو الجسر الذي يعبر عليه المؤمنون إلى الجنة، وإذا عبر عليه الكفار سقطوا في جهنم، ويقال: فيه معنى الاستواء والاعتدال، الذي يوجب سرعة العبور عليه"
(4)
.
(1)
أخرجه الحاكم في المستدرك ح (8739)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
(2)
الألباني: سلسلة الأحاديث الصحيحة، مكتبة المعارف - الرياض، 1415 هـ (2/ 619)
(3)
أخرجه الطبراني في الكبير ح (9763) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/ 236)
(4)
ابن تيمية: الجواب الصحيح، دار العاصمة، السعودية، ط 2 - 1419 هـ، ص (3/ 178)