الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف لا تطمئن نفوسهم وقد قالوا "ربنا الله ثم استقاموا بالوفاء على ترك الجفاء، تتنزل عليهم الملائكة بالرضا ألاّ تخافوا من العناء، ولا تحزنوا على الفناء، وأبشروا بالبقاء مع الذين كنتم توعدون من اللقاء، لا تخافوا، فلا خوف على أهل الاستقامة، ولا تحزنوا فإن لكم أنواع الكرامة، وأبشروا بالجنة التي هي دار السلامة، لا تخافوا فعلى دين الله استقمتم، ولا تحزنوا فبحبل الله اعتصمتم، وأبشروا بالجنة وإن ارتبتم وأحزنتم، لا تحزنوا فطالما رهبتم، ولا تحزنوا فقد نلتم ما طلبتم، وأبشروا بالجنة التي فيها رغبتم، لا تخافوا فأنتم أهل الإيمان، ولا تحزنوا فأنتم أهل الغفران، وأبشروا بالجنة التي هي دار الرضوان، لا تخافوا فأنتم أهل الشهادة، ولا تحزنوا فأنتم أهل السعادة، وأبشروا بالجنة التي هي دار الزيارة، لا تخافوا فأنتم أهل النوال ولا تحزنوا فأنتم أهل الوصال، وأبشروا الجنة التي هي دار الجلال"
(1)
.
4 - تعلق القلب بالله وحده سبحانه:
إن تعلق القلب بما لا مطمع في حصوله نوع من الجنون
(2)
فإذا كانت الدنيا والآخرة، ملك لله جل وعلا، وأنه هو المتصرف فيهما، والقائم بأمرهما والمدبر شأنهما، وأن أمر الخلائق فيهما قائم على إرادته ومشيئته، كما قال تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)} [الملك:1]؛ استراحت النفس واطمأن الفؤاد، وسكنت الروح، وتعلق القلب بالله تعالى، وقطع كل العلائق بغيره.
(1)
الثعلبي: الكشف والبيان، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط 1 1423 هـ، (8/ 295).
(2)
ابن القيم: زاد المعاد، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط 2 - 7 1415 هـ، (4/ 251).
فإن كل ما يؤمله المرء، من خير يرجوه، أو نعيم تهفو النفس إليه، لا يحصله إلا بتمام التعلق بالله تعالى والافتقار إليه، "فإن علامة الخير، وزوال الشدة، إذا تعلق القلب بالله تعالى تعلقاً تاماً، وانقطع عن المخلوقين"
(1)
فحين يوقن المرء، بألاّ مفزع، ولا مهرب، ولا منجا من الله إليه، يأتي الفرج القريب، والنصر العجيب، فهؤلاء المخلفون، "لما صدق منهم اللجاء، تداركهم بالشفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحق يكور نهار اليسر، على ليالي العسر، ويطلع شموس المحنة، على نحوس الفتنة، ويدير فلك السعادة، فيمحق تأثير طوارق النكاية، سنة منه تعالى لا يبدلها، وعادة منه في الكرم، يجريها ولا يحولها"
(2)
.
(1)
السعدي: تيسير الكريم الرحمن، مؤسسة الرسالة، ط 1 1420 هـ، ص (354).
(2)
القشيري: لطائف الإشارات، الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر، ط 3، (2/ 71).