الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د. الإشارة إلى الملائكة الموكلون بقبض الأرواح، كما قال جل وعلا:{قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)} [السجدة:11] وقوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61)} [الأنعام:61].
والقرآن الكريم اهتم بذكر الموت اهتماماً بالغاً، بينا بعض أوجه هذا الاهتمام ولهذا الاهتمام الكبير بهذا الموضوع الكبير أسباب ونتائج.
المسألة الثانية أسباب اهتمام القرآن الكريم بذكر الموت
من أسباب اهتمام القرآن الكريم بذكر الموت وأحواله وأهواله ما يلي:
1 -
أن ينتبه المرء من غفلته ويرجع إلى ربه قبل أن يفجأه الموت، فيندم على ما فرط في جنب الله تعالى، ولذا حث القرآن على العمل قبل فوات الأجل فقال سبحانه وتعالى:{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10)} [المنافقون:10].
2 -
التنبيه للمسارعة إلى التوبة النصوح قبل فوات الأوان، لأن وقت التوبة محدود، ومتى جاءت ساعة الموت أغلق هذا الباب، قال جل وعلا:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)} [النساء:18].
وقد حكى القرآن الكريم عن فرعون الطاغية أنه آمن قبل موته ولكن ذلك الإيمان لم ينفعه، لأنه لم يأت في وقته المحدد، قال جل وعلا:{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)} [يونس:91 - 92].
3 -
أن يحرص المرء أن تأتيه منيته وهو على الإسلام كما قال جل وعلا:
…
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} [آل عمران:102]، والمعنى: أي: حافظوا على الإسلام ودوموا عليه في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه، أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه
(1)
.
"والموت غيب لا يدري الإنسان متى يدركه، فمن أراد ألاّ يموت إلا مسلماً فسبيله أن يكون منذ اللحظة مسلماً، وأن يكون في كل لحظة مسلماً. وذكر الِإسلام بعد التقوى يشير بمعناه الواسع: الاستسلام، الاستسلام لله طاعة له، واتباعاً لمنهجه واحتكاماً إلى كتابه، وهو المعنى الذي تقرره السورة كلها في كل موضوع منها"
(2)
.
(1)
ابن كثير: تفسير القرآن العظيم (2/ 87)، السمعاني: تفسير القرآن (1/ 345).
(2)
سيد قطب: في ظلال القرآن، دار الشروق - بيروت، القاهرة، ط 17 1412 هـ (1/ 442).