الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أشار الإمام الغزالي في كلامه السابق إلى مسألتين، هي مثار حديث عند الأئمة وهما:
1 -
حساب الله جل وعلا للأنبياء وسؤالهم.
2 -
حساب الله جل وعلا للكفار وسؤالهم.
ومنطوق كلام الإمام الغزالي السابق، أن الأنبياء يسألون عن تبليغ الرسالة ويسأل الكافر عن تكذيبهم للرسل، وبيان هاتين القضيتين في المسألتين التاليتين:
المسألة الثالثة: حساب الأنبياء وسؤالهم عليهم الصلاة والسلام:
دلت النصوص على سؤال الأنبياء يوم القيامة، قال الله تعالى:{فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)} [الأعراف:6].
قال ابن عباس رضي الله عنهما، في هذه الآية: يسأل الله الناس عما أجابوا المرسلين ويسأل المرسلين عما بلغوا، وقال السدي: ولنسألن الرسل: هل بلغوا ما أرسلوا به؟
(1)
.
{لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} [الأحزاب:8]، قال مجاهد: يعني: المبلغين المؤدين من الرسل
(2)
، وقال السدي: يعني الأنبياء
(3)
.
وهذا السؤال سؤال تقرير، يعقبه رحمة وكرامة
(4)
، فإن قيل: وأي حكمة في سؤالهم عن تبليغ الرسالة؟ قيل: الحكمة في ذلك: تبكيت الذين أرسلوا إليهم
(5)
.
قال العلامة مكي بن أبي طالب:" ومعنى سؤال الله جل ذكره عن ذلك الرسل، وهو عالم به، أنه على التبكيت والتوبيخ للذين كفروا "
(6)
.
(1)
الطبري: جامع البيان،: ص (12/ 306)
(2)
مجاهد: تفسير مجاهد: ت: د. محمد أبو النيل، ص (547)
(3)
ابن سلام: تفسير يحي بن سلام، دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1 1425 هـ (1/ 50)
(4)
ابن عطية: المحرر الوجيز،، دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1 1422 هـ (2/ 375)
(5)
السمعاني: تفسير القرآن، دار الوطن - الرياض، ط 1 1418 هـ (4/ 262)
(6)
مكي بن أبي طالب: الهداية، مجموعة بحوث الكتاب والسنة (9/ 5790).
وأجاب الإمام الرازي عن هذا التساؤل:" إذا اثبتوا أنه لم يصدر عنهم تقصير البتة، التحق التقصير بكليه بالأمة، فيتضاعف إكرام الله في حق الرسل؛ لظهور براءتهم عن جميع موجبات التقصير، ويتضاعف أسباب الخزي والإهانة في حق الكفار، لما ثبت أن كل التقصير كان منهم"
(1)
.
يقول الشيخ حمود التويجري:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -مسؤول يوم القيامة عن تبليغ الرسالة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في حديث أبي رزين رضي الله عنه، (ألا إني مسؤول هل بلغت؟)
(2)
، ويشهد لهذا قول الله تعالى:{فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)}
(3)
.
ويشهد له حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
(يجيء نوح وأمته فيقول الله تعالى: هل بلغت؟ فيقول: نعم، أي رب فيقول لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: لا، ما جاءنا من نبي فيقول لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، فنشهد أنه قد بلغ، وهو قوله جل ذكره:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] والوسط: العدل"
(4)
.
(1)
الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط 3 1420 هـ (14/ 200)
(2)
ذكره ابن أبي عاصم في السنة، وضعفه الألباني في ظلال الجنة في تخريج السنة، (1/ 289) والحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ح (477)، (19/ 211)
(3)
التويجري: إتحاف الجماعة دار الصميعي - الرياض، ط 2 - 1414 هـ (3/ 289)
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن: ح (4487).