الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول قدماء المصريين واليوم الآخر
يحكى التاريخ قصة الحضارة عند قدماء المصريين، وأن هذه الحضارة ومعالمها التي سطرها يراع المؤرخين، تقف بجانبها الشواهد التاريخية على مدى أزمان متطاولة تصدق هذا المسطور، وتؤكد ما فيه من منشور.
إن القدماء المصريين كغيرهم من الشعوب سيطرت على أفكارهم بعض العقائد المتعلقة بالخلود، ولهذا اعتقد المصريون أيام الأسرة الخامسة منذ عام (2600 ق م) بحياة أخرى
(1)
، وأنها باقية بعد هذه الحياة الفانية.
وأكد الباحث الأثري عبد الرحيم ريان: أن المصري القديم اهتم بمصيره بعد الموت، وما يمكن أن يلاقيه من أهوال، حتى يصل إما للنعيم أو الجحيم وذلك في نقوش على جدران المعابد، وفي كتب قدماء المصريين
(2)
.
فمصادر التاريخ المصري، تحكي لنا قصة هذه العقيدة، التي تؤكد أن فكرة الخلود والحياة بعد الموت، تحتل مكان الصدارة فيها، وأوسع ا لمصادر الدينية حظاً فيما تضمنته من عقائد مكان الصدارة فيها، وأوسع المصادر الدينية حظاً فيما تضمنته من عقائد ما بعد الموت هي: متون الأهرام، ومتون التوابيت، وكتب الموتى التي كانت تكتب على أدراج متفاوتة الأطوال من البردي، وتحفظ مع المتوفى في تابوته، أو توضع بين أكفانه
(3)
.
(1)
سيد قطب: مشاهد القيامة في القرآن، دار الشروق، ط 14 2002 م، ص (12).
(2)
من مقال منشور في موقع رصد (-) على الشبكة العنكبوتيه، بتاريخ: 11/ 2/2013، بعنوان: أهوال يوم القيامة على جدران مقابر المصريين: لولاء وحين.
(3)
عبد العزيز صالح: الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق، ص (338).
وقد أقيم في هذه العصور المتأخرة في بريطانيا، معرض تحت عنوان: رحلة إلى العالم الآخر، كتاب الموتى عند المصريين القدماء، وجمع المتحف البريطاني مجموعة فريدة من أوراق البردي، التي كتب عليها قدماء المصريين التفاصيل الدقيقة لما بعد الحياة، وقال أمين المتحف جون تايلود: الهدف الرئيسي حقا هو إعطاء الناس فهما أعمق لمعتقدات المصريين القدماء عن الحياة بعد الموت
…
وإلقاء المزيد من الضوء على آمالهم ومخاوفهم.
وبردية جرينفلد: هي أكبر كتاب للموتى إذ يبلغ طولها سبعة وثلاثون متراً، وتعرض في المتحف البريطاني لأول مرة
(1)
.
وهذا ما دعا المؤرخ اليوناني هيرودوت إلى أن يقول:" إن المصريين هم أول الشعوب التي اعتقدت بخلود النفس، فقد عُثر على نقوش مدونة على الأهرامات: أن النفس خالدة لا تموت"
(2)
.
ولم تكن بعض المعالم والعوالم التي يشاهدها المصريون في حياتهم، بمعزل عن الإيحاء إليهم، بإمكان تجدد الحياة والبعث.
ومن تلك المعالم التي كانوا يشاهدونها عياناً، نهر النيل، فهم يرون فيضانه يتجدد كل عام في موسم لا يخلفه، فيخصب التربة، وينبت البذرة، ويدفع دورة الحياة الزراعية دائماً دفعات جديدة، فبعد طول تأمل وتدبر، قدروا أن من يتعهد طبيعتهم بالحياة بعد وفاتهم، طالما أحبهم وأحبوه، وتقربوا إليه وقدسوه.
وكذا لم يغب عن خيالهم ما يرونه من عوالم الكون ومعالمه، فحين لاحظوا ما للشمس من أثر في دورة الحياة اليومية، وارتباط شروقها ببقية الكائنات بعد النوم، وبالحركة بعد الخمول، والرؤية بعد قلة الرؤية، فقدروا أن من يسيَّر الشمس لنفعهم في الدنيا، قادر على أن يوجهها لنفعهم في الآخرة
(3)
.
(1)
من خبر منشور في جريدة الاقتصادية الإلكترونية: (www.aleqt.com) بتاريخ: 5/ 1/1432 هـ وعدد رقم (6270)
(2)
يسر مبيض: اليوم الآخرفي الأديان السماوية والديانات القديمة ص (29).
(3)
عبد العزيز صالح: الشرق الأدنى القديم في بصرة العراق ص (335 بتصرف).