الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الإمام الغزالي عن سؤال الملكين في القبر: "وقد وردت به الأخبار فيجب التصديق به؛ لأنه ممكن، إذ ليس يستدعى إلا إعادة الحياة إلى جزء من الأجزاء الذي به فهم الخطاب، وذلك ممكن في نفسه، ولا يدفع ذلك: ما يشاهد من سكون أجزاء الميت، وعدم سماعنا للسؤال له، فإن النائم ساكن بظاهره، ويدرك بباطنه من الآلام واللذات ما يحس بتأثيره عند التنبيه "
(1)
، وقال العلامة الشهرستاني:" وما ورد به السمع من الأخبار من الأمور الغائبة، فيجب إجراؤها على ظاهرها، والإيمان بها كما جاءت، إذ لا استحالة في إثباتها، وما ورد من الأخبار عن الأمور المستقبلة في الآخرة مثل: سؤال القبر والثواب والعقاب فيه حق يجب الاعتراف بها، وإجراؤها على ظاهرها، إذ لا استحالة في وجودها "
(2)
. وهذا هو مذهب أهل الحق من الإسلاميين، كما نص عليه العلماء
(3)
.
المسألة الرابعة بعض المسائل المتعلقة بفتنة القبر
ذكر العلماء في هذا الباب جملة من المسائل، بعضها يفتقر إلى شاهد يعضده وأثر يوضحه، وبعضها جرى فيها نزاع بين أهل القبلة.
ولما كانت فتنة القبر من الأمور الغيبية التي خفيت عن جملة البشر، كان لا بد حين الكلام في أخبارها وأحداثها من أدلة صحيحة، يمكن الاعتماد عليها في إثبات بعض أحكام الآخرة.
ومن المسائل التي ذكرها العلماء في هذا الشأن:
1 -
هل فتنة القبر خاصة بهذه الأمة؟
اختلف العلماء على قولين مشهورين:
(1)
الغزالي: قواعد العقائد: ص (221)، المتولي: الغنية في أصول الدين، المعهد الفرنسى للآثار الشرقيه 1986 - القاهرة: ص (56)
(2)
الشهرستاني: الملل والنحل، مؤسسة الحلبي، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (1/ 102)
(3)
الإيجي: المواقف، دار الجيل - بيروت، ط 1 1417 هـ (3/ 516)، الآمدي: غاية المرام: (1/ 292) التفتازاني: شرح المقاصد: (2/ 220)
الأول: أن سؤال الملكين خاص بهذه الأمة، ذكره الإمام ابن عبد البر دون جزم، فقال:" وفي حديث زيد بن ثابت عن النبي أنه قال: «إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا»، ومنهم من يرويه «تُسأل في قبورها»، وهذا اللفظ يحتمل أن تكون هذه الأمة خصت بذلك، وهو أمر لا يقطع عليه"
(1)
.
وجزم بهذا القول الحكيم الترمذي وقال:" كانت الأمم قبل هذه الأمة تأتيهم الرسل، فإن أطاعوا فذاك، وإن أبوا اعتزلوهم وعوجلوا بالعذاب فلما أرسل الله محمداً رحمة للعالمين، أمسك عنهم العذاب وقَبِل الإسلام ممن أظهره، سواء أسر الكفر أو لا، فلما ماتوا قيّض الله لهم فتاني القبر ليستخرج سرهم بالسؤال، وليميز الله الخبيث من الطيب، ويثبت الله الذين آمنوا ويضل الله الظالمين "
(2)
.
واحتجوا بحديث زيد السابق: «إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا «
(3)
وبحديث عائشة عند أحمد بلفظ: «أَمَّا فِتْنَةُ الْقَبْرِ: فَبِي تُفْتَنُونَ، وَعَنِّي تُسْأَلُونَ «
(4)
.
الثاني: أن السؤال لهذه الأمة ولغيرها، اختاره جماعة من أهل العلم منهم: الإمام عبد الحق الإشبيلي والإمام القرطبي والإمام ابن القيم.
واحتجوا بعموم الأحاديث الدالة على سؤال منكر ونكير لكل مقبور.
وتعقب الإمام ابن القيم ما استدل به الأولون فقال:" قوله «إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ «: إما أن يراد به: أمة الناس، كما قال تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام:38]، وكل جنس من أجناس الحيوان يسمى أمة.
(1)
ابن عبد البر: التمهيد، وزارة عموم الأوقاف - المغرب، 1387 هـ (22/ 253).
(2)
ابن حجر: فتح الباري،:(3/ 240)، الشوكاني: نيل الأوطار: (4/ 110).
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الجنائز، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه ح (2867.
(4)
أخرجه أحمد في مسنده، في مسند عائشة رضي الله عنها ح (25089)، مؤسسة الرسالة، ط 1 1421 هـ.
وإما أن يراد به: أمته الذي بعث فيهم، فإن كان هذا هو المراد، لم يكن فيه ما ينفي سؤال غيرهم من الأمم، بل قد يكون ذكرهم، إخباراً بأنهم مسئولون في قبورهم، وأن ذلك لا يختص بمن قبلهم، لفضل هذه الأمة وشرفها على سائر الأمم".
ثم قال: "والظاهر والله أعلم: أن كل نبي مع أمته كذلك، وأنهم معذبون في قبورهم بعد السؤال لهم، وإقامة الحجة عليهم، كما يعذبون في الآخرة بعد السؤال وإقامة الحجة "
(1)
.
وقال بعضهم: إن الأدلة محتملة في ذلك وليست قاطعة في الاختصاص ولذا يتوقف في هذه المسألة، وهو قول جماعة، منهم الإمام ابن عبد البر
(2)
.
2 -
هل السؤال خاص بالمسلمين والمنافقين؟ أم يشمل الكفار أيضاً؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
الأول: أن السؤال خاص بالمسلمين والمنافقين دون الكافرين. وذهب إلى هذا القول الإمام ابن عبد البر، وقال في التمهيد:" الآثار الثابتة في هذا الباب إنما تدل أن الفتنة في القبر، لا تكون إلا لمؤمن أو منافق، ممن كان في الدنيا منسوباً إلى أهل القبلة ودين الإسلام ممن حقن دمه بظاهر الشهادة، وأما الكافر الجاحد المبطل، فليس ممن يُسأل عن ربه ودينه ونبيه، وإنما يُسأل عن هذا أهل الإسلام "
(3)
.
وتأول الإمام ابن عبد البر، النصوص الواردة في عذاب القبر بأن هذا عذاب واصب للكفار إلى أن تقوم الساعة، وهذا غير الفتنة والابتلاء الذي يعرض للمؤمن، ومن الجائز أن يكون عذاب القبر غير فتنة القبر، انتصر له الإمام السيوطي
(4)
.
(1)
ابن القيم: الروح (87) فتح الباري (3/ 245) عمدة القاري (8/ 205) نيل الأوطار: (4/ 110)
(2)
صالح الفوزان: الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد: ص (271)، ابن عبد البر: التمهيد: 22/ 253)، ابن أبي العز: شرح الطحاوية: ص (397)، السفاريني: البحور الزاخرة: (1/ 180).
(3)
ابن عبد البر: التمهيد، وزارة عموم الأوقاف - المغرب، 1387 هـ (22/ 252)
(4)
ابن عبد البر: التمهيد (22/ 252)، السيوطي: شرح الصدور ص (145).
الثاني: أن الكل يسأل، فالسؤال عام شامل للجميع، وهو اختيار جماعة من الأئمة منهم: القرطبي وابن الجوزي وابن القيم، وهو الصحيح الذي تؤيده النصوص.
واحتجوا بالنصوص الواردة في سؤال الملكين، وفي بعض ألفاظ الأحاديث الواردة كما في حديث أنس في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ العَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ
…
«وزاد البخاري: «وَأَمَّا المُنَافِقُ وَالكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ «
(1)
.
فالسؤال فتنة وعذاب، والكافر أحرى بذلك من المسلم، فهو من جملة المسئولين، وأولى بالسؤال من غيره، وقد أخبر سبحانه أنه يسأل الكافر يوم القيامة، قال تعالى:{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65)} [القصص:65] وقال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)} [الحجر:92] وقال تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)} [الأعراف:6]، فإذا سئلوا يوم القيامة، فكيف لا يسألون في قبورهم
(2)
.
وترجم له الإمام البيهقي في كتابه (إثبات عذاب القبر) بباب:" إخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم -بأن المؤمن والكافر جميعاً يسألان، ثم يثبت المؤمن ويعذب الكافر"
(3)
.
3 -
اختلف الناس في سؤال الملكين للمقبور، هل هو على الروح أم على البدن أم عليهما؟ إلى ثلاثة أقوال:
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الجنائز، باب الميت يسمع خفق النعال ح (1338)، وأخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه ح (2870).
(2)
ابن القيم: الروح ص (86)، مفلطابي: شرح ابن ماجه (1/ 159)، السيوطي: شروح الصدور ص
…
(145).
(3)
البيهقي: إثبات عذاب القبر، دار الفلاقان - الأردن، ط 2 - 1405 هـ، ص (33).
الأول: أن السؤال واقع على الروح فقط، وهذا القول نصره الإمام ابن حزم وغيره، وقال:" وأما من ظن أن الميت يحيي في قبره فخطأ، لأن الآيات التي ذكرناه تمنع من ذلك، ولو كان ذلك لكان تعالى قد أماتنا ثلاثاً، وأحيانا ثلاثاً، وهذا باطل، وخلاف القرآن، إلا من أحياه الله تعالى آية لنبي من الأنبياء"
(1)
.
وذكر الإمام ابن حزم، أنه لم يصح في خبر قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرواح الموتى ترد إلى أجسادهم عند المسألة، ويحكى عن ابن عقيل وابن الجوزي وابن هبيرة
(2)
.
الثاني: أن السؤال واقع على الجسد فقط، وأنكره جمهور أهل السنة، وهو قول ابن الزاغوني، وحكي عن ابن جرير
(3)
.
الثالث: أن السؤال واقع على الروح والجسد، وهو قول جمهور أهل السنة وذهب إليه المحققون من أهل العلم، كالإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم وغيرهما، وهو القول الصحيح الذي تؤيده الأدلة، وتشهد له البراهين الصحيحة.
يقول الإمام ابن تيمية: "مع أن سائر الأحاديث الصحيحة المتواترة تدل على عود الروح إلى البدن "
(4)
، وبعد أن ذكر الإمام ابن القيم حديث البراء بن عازب الطويل في عذاب القبر، وفيه:(فتعاد روحه في جسده) قال: "وذهب إلى القول بموجب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث من سائر الطوائف "
(5)
، ثم رد على الإمام ابن حزم في استدلاله على قوله: بأن السؤال واقع على الروح دون البدن.
(1)
ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل، مكتبة الخانجي - القاهرة (4/ 56).
(2)
ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل: (4/ 57)، السيوطي: شرح الصدور: ص (147)
(3)
ابن قاسم: المستدرك على مجموع الفتاوى: (1/ 96)، ابن القيم: الروح: ص (50)، ابن أبي العز: شرح الطحاوية،، وزارة الأوقاف السعودية، ط 1 1418 هـ، ص (395).
(4)
ابن تيمية: شرح حديث النزول، المكتب الإسلامي - بيروت، ط 5 1397 هـ، ص (88).
(5)
ابن القيم: الروح دار الحديث - القاهرة، 1424 هـ، ص (43).
4 -
ما يتعلق بسؤال الملكين للمقبور وإقعاده، حق ثابت في النصوص وإنما يشكل إذا حكمنا المعتاد في الدنيا، وتحكيمه بإطلاق غير صحيح لقصوره وإمكان خرق العوائد، إما بفتح القبر حتى يمكن إقعاده، أو بغير ذلك من الأمور التي لا تحيط بمعرفتها العقول، فالله جل وعلا جعل للعقول في إدراكها حداً تنتهي إليه لا تتعداه
(1)
، ولذا "أجمع أهل السنة على وجوب الإيمان بسؤال القبر وعذابه، لآيات وأخبار متواترة المعنى"
(2)
.
5 -
واختلف الناس في سؤال القبر، كم مرة يكون؟
فقيل: ثلاث مرات، وقيل: المؤمن يسأل سبعة أيام، والكافر أربعين صباحاً وقيل: مرة واحدة، وهو الذي استظهره ابن عبد البر، فقال:"والآثار المرفوعة كلها في هذا المعنى، تدل على أن الفتنة - والله أعلم - مرة واحدة"
(3)
.
6 -
واختلف الناس في سؤال الأطفال، هل يُسألون ويمتحنون أم لا؟ على قولين مشهورين:
الأول: أنهم يمتحنون وكذا المجنون، وهو قول أكثر أهل السنة.
واحتجوا بما ورد من الدعاء للطفل: «اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»
(4)
، قالوا: وهذا يدل على أنه يفتن.
وكذا احتجوا بما ثبت عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على صبي أو صبية، فقال:«لَوْ كَانَ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ لَنَجَا هَذَا الصَّبِيُّ»
(5)
.
(1)
الشاطبي: الاعتصام: (843)،ابن رجب: تفسير ابن رجب: (1/ 600)
(2)
المناوي: فيض القدير، المكتبة التجارية الكبرى - مصر، ط 1 1356 هـ (1/ 130).
(3)
ابن عبد البر: التمهيد: (22/ 251)، انظر: السيوطي: شرح الصدور: ص (144)، النفراوي: الفواكه الدواني: (1/ 98)، ابن حجر الهيثمي: الفتاوى الفقهية الكبرى: (2/ 30)، ابن رجب: تفسير ابن رجب: (1/ 599)
(4)
أخرجه مالك في الموطأ في كتاب الجنائز: باب ما يقول المصلي على الجنازة ح (776).
(5)
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ح (2753)، وصححه الألباني في صحيح الجامع ح (3507).
وقالوا: إن الله سبحانه وتعالى يكمل لهم عقولهم، ليوفوا بذلك منزلتهم وسعادتهم، ويلهمون الجواب عما يسألون عنه، قال الإمام القرطبي: "وهذا مما تقتضيه ظواهر الأخبار، فقد جاء أن القبر ينضم عليه كما ينضم على الكبار
…
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: إن كان ليصل على النفوس ما أن عمل خطيئة قط، فيقول: اللهم أجره من عذاب القبر"
(1)
(2)
.
وقالوا: وقد دلت الأحاديث الكثيرة أنهم يمتحنون في الآخرة، فإذا امتحنوا في الآخرة، لم يمتنع امتحانهم في القبور.
الثاني: أنهم لا يمتحنون ولا يسألون، وأفتى به جماعات من أهل العلم
(3)
فهم آمنون من ذلك، لأنهم غير مكلفين.
وقالوا: إنما يكون السؤال لمن عقل الرسول والمرسل فيسأل: هل آمن بالرسول وأطاعه أم لا؟
وأجابوا عما ورد في الأثر، بالدعاء للطفل بأن يقي عذاب القبر: بأنه ليس على ظاهره، فليس المراد بعذاب القبر فيه عقوبته ولا السؤال، بل قد يراد به الألم الذي يحصل للميت بسبب غيره، وإن لم يكن عقوبة على عمله، ففي القبر من الآلام والهموم والحسرات، ما قد يسري أثره إلى الطفل فيتألم به، فيشرع للمصلي عليه أن يسأل الله تعالى له أن يقيه ذلك العذاب
(4)
.
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب عليه ح (11587).
(2)
القرطبي: التذكرة، مكتبة دار المنهاج - الرياض، ط 1 1425 هـ، ص (143)
(3)
السيوطي: الحاوي للفتاوى: (2/ 212)، عز الدين: قواعد الأحكام: (2/ 167)
(4)
ابن تيمية: مجموع الفتاوى: (4/ 277 - 280)، ابن القيم: الروح: ص (87)، السيوطي: الحاوي للفتاوى: (2/ 212)، ابن حجر الهيثمي: الفتاوى الفقهية،:(2/ 31).
7 -
استدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ»
(1)
، على أن وقت السؤال عقيب الدفن
(2)
، وفيه رد على أهل البدع كأبي الهذيل والمريسي القائلين: إن السؤال يقع بين النفختين
(3)
.
يقول الشيخ العثيمين في إجابة عن تساؤل:" متى تكون هذه الفتنة؟ هل هي بخروج الروح؟ أو بتسليم الإنسان إلى عالم الآخرة؟ والجواب: الثاني أما مجرد خروج الروح، فلا يحصل به فتنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم -كان إذا أراد أن يدفن الميت يقول:«أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا .. »
(4)
. وهذا يدل على أنها لا تصل إلى ذلك الخير، ما دامت في أيديهم، وعلى هذا: فإذا مات ميت ووضع في الثلاجة للتحقق من موته وأسبابه، فإنه لا يفتن ولا يأتيه ملكان حتى يدفن "
(5)
.
8 -
أن الفتنة عامة لكل ميت إلا الشهيد، ومن مات مرابطاً في سبيل الله وكذلك الرسل على الصحيح لا يسألون؛ لأنهم هم المسؤول عنهم.
(1)
أخرجه أبو داود كتاب الجنائز، باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف ح (3221:.
(2)
العيني: شرح أبي داود، مكتبة الرشد - الرياض، ط 1 1420 هـ (6/ 179)
(3)
ابن القيم: الروح، دار الحديث - القاهرة، 1424 هـ، ص (57).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب السرعة بالجنازة ح (1315).
(5)
العثيمين: شرح العقيدة السفارينية، دار الوطن - الرياض، ط 1 1426 هـ، ص (432)