الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
34 - كِتَابُ البُيُوعِ
وقولِ اللهِ عز وجل: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} ، وقوله. {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ}
1 - بابُ ما جاءَ في قولِ اللهِ تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ
وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} وقوله: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}
964 -
عن أبي هُريرَة رضي الله عنه قال: إنَّكُم تَقولونَ: (وفي روايةٍ: تزعمون 8/ 158): إنَّ أبا هُريرةَ يُكْثِرُ الحديثَ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، [واللهُ المَوْعِدُ 3/ 74]، وتقولونَ: ما بالُ المهاجرينَ والأنصارِ لا يُحَدِّثونَ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بمثْلِ حديثِ أبي هُريرَةَ؛ وإنَّ إخوتي من المهاجِرينَ كانَ يَشْغَلُهُم [الـ] صَفْقُ بالأسواقِ (1)، وكنتُ ألزَمُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم على مِلْءِ (وفي روايةٍ: بشبعِ) بطني، فأشهَدُ إذا غابوا، وأحفظُ إذا نَسُوا، وكانَ يَشْغَلُ إخوتي من الأنصارِ عملُ (وفي
(1) المراد بالصَّفْقِ هنا: التبايع؛ لأنهم كانوا إذا تبايعوا تصافقوا بالأكفِّ أمارةً لانتزاع المبيع.
طريقٍ: القيامُ على) أموالِهم، وكنتُ امرأ مِسكيناً من مساكينِ الصُّفَّةِ، أعِي حينَ يَنْسَوْنَ، وقد قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم[يوماً] في حديثٍ يُحَدِّثُهُ:
"إنَّهُ لن يَبْسُطَ أحدٌ ثَوْبَهُ حتى أقضِيَ مَقالَتي هذه، ثم يَجْمَعَ إليهِ ثوبَهُ، إلا وَعى ما أقولُ (وفي روايةٍ: ثم يجْمَعَهُ إلى صدرِه، فيَنْسى من مقالَتي شَيئاً أبداً) ".
فبسَطْتُ نَمِرَةً (2)[ليس] عليَّ [ثوبٌ غيرُها]، حتى إذا قضى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مقالَتَهُ، جمعتُها إلى صدري، فـ[والذي بعثه بالحق] ما نسيتُ من مَقالَةِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تلك مِن شيءٍ [إلى يومي هذا، والله؛ لولا آيتانِ في كِتابِ اللهِ ما حَدَّثتُكم شيئاً أبداً، [ثم يتلو 1/ 37]: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى-إلى قوله -الرَّحيم} ].
(وفي طريقٍ أخرى عنهُ قالَ: قلتُ: يا رَسولَ اللهِ! إنِّي سمعتُ منكَ حَديثاً كثيراً، فأنْساهُ، قال صلى الله عليه وسلم:"ابسُطْ رداءَكَ"، فَبَسَطْتُهُ، فغَرَفَ بيدِهِ فيهِ، ثم قالَ:
"ضُمَّهُ"، فَضَمَمْتُه، فما نَسيتُ حديثاً بعدُ 4/ 188).
965 -
عن عبدِ الرحمن بنِ عوفٍ رضي الله عنه: لما قَدِمْنا المدينَةَ آخَى رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بيني وبينَ سعدِ بنِ الربيع، فقالَ سعدُ بنُ الربيع: إنِّي أكثَرُ الأنصارِ مالَاَ، فأَقسِمُ لك نِصفَ مالي، وانظُرْ أيَّ زوجَتَيَّ هَوِيتَ (3) نَزَلْتُ لك عنها، [فسَمِّها لي أُطلِّقْها 4/ 222]، فإذا حَلَّتْ (وفي روايةٍ: فإذا انقضتْ عِدَّتُها) تَزَوَّجْتَها، قال: فقال عبد الرحمن: [بارك اللهُ لك في أهلِكَ ومالِكَ]، لا حاجةَ لي في ذلك، هل
(2) أي: كساءً ملوناً، كانه من النمر؛ لما فيه من سواد وبياض، وقال ثعلب: ثوب مخطط.
(3)
أي: أحببتَ.
مِن سُوقٍ فيهِ تِجارةٌ؟ قال: [فَدَلُّوهُ على] سوق [بني] قَيْنُقاعٍ، قال: فغدا إليهِ عبدُ الرحمن، فأتى بأقِطٍ (4) وسَمْنٍ، قال: ثمَّ تابَعَ الغُدُوَّ (5)، فما لَبِثَ أنْ جاءَ عبد الرحمن عليهِ أثَرُ صُفْرَةٍ (6)، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" [مَهْيَمْ] (7) تزوَّجتَ؟ "، قال: نعم. قال: "ومَن؟ "، قال: امْرَأَةً من الأنصارِ. قال: "كم سُقْتَ [إليها]؟ "، قال: زِنَةَ نَواةٍ من ذَهَبٍ، أو نَواةً من ذَهَبٍ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
"أوْلِمْ ولو بشاةٍ".
966 -
عن أنسٍ رضي الله عنه قالَ: قَدِمَ [علينا 6/ 142] عبدُ الرحمنِ بنُ
عوفٍ المدينة (وفي روايةٍ: لما قَدِموا المدينةَ، نزلَ المهاجرون على الأنصارٍ، فنزلَ عبدُ الرحمن بنُ عوفٍ على سعد بن الربيع 5/ 142)، فآخَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بينه وبينَ سعدِ بنِ الربيعِ الأنصاريِّ، وكانَ سعْدٌ ذا غِنىً [وعندَه امرأتانِ 118/ 6]، فقال لعبدِ الرحمن:[قد عَلِمَتِ الأنصارُ أنِّي من أكثرِهم مالاً سـ 4/ 222] أُقاسِمُكَ مالي نِصفيْن، وأُزوِّجُكَ (وفي روايةٍ: ولي امرأتانِ، فانظُرْ أعجَبَهما إليكَ، فأطلِّقُها، حتى إذا حلَّت تزوجتَها). قال: باركَ اللهُ لك في أهلِكَ ومالِكَ، دُلُّوني على السوقِ، [فأتى السوقَ]، فما رجَعَ حتى استَفْضَلَ (8) أَقِطاً وسمناً، فأتى بهِ أهلَ منزلِهِ، فمكثنا
(4) الأقِطُ: لبن جامد معروف.
(5)
أي: الذهاب إلى السوق لتجارة.
(6)
أي: الطيب الذي استعمله عند الزفاف.
(7)
قال الجوهري: كلمة يستفهم بها، معناها: ما حالك وشأنك؟
(8)
أي: ربحَ، وقوله:(فأتى به)؛ أي: بالذي استفضله.