الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
534 -
وفي رواية معلقة عنها: أنها قالت: ألا يُعجبُك أبو فلانٍ؟ جاءَ فجلس إلى جانبِ
حُجْرَتي، يُحدِّثُ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يُسمِعُني ذلك، وكنتُ أُسبحُ، فقام قبل أن أقضي سُبحَتي، ولو أدركتهُ لرَدَدت عليه؛ أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم لم يَكنْ يَسرُدُ الحديثَ كَسَرْدِكِم.
24 - بابٌ كانَ النبي صلى الله عليه وسلم تنامُ عينُهُ ولا ينامُ قلبُهُ
535 -
رواه سعيد بن مِيناءَ عن جابرٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
25 - بابُ علاماتِ النبوَّة في الإسلام
1523 -
عن أنس رضي الله عنه قالَ: أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بإناءٍ وهو ب (الزَّوْرَاءِ)(20)، فَوَضَعَ يدَهُ في الإناءِ، فجَعَلَ الماءُ يَنْبُعُ مِن بينِ أصابِعِهِ، فتوضأ القومُ، قالَ قتادةُ: قلتُ لأنسٍ: كم كنتُم؟ قالَ ثَلَاثمِاثةٍ، أو زُهاءَ ثلاثمِائةٍ.
1524 -
عن أنسِ بنِ مالك رضي الله عنه قالَ: خَرَجَ النبي صلى الله عليه وسلم في بعضِ مخارِجِهِ، ومعه ناس مِن أصحابِهِ، فانطَلَقوا يسيرونَ، فحَضَرتِ الصلاةُ، ولم يَجِدوا ماء يتوضؤون، فـ[دعا بإناءٍ من ماء، ف 1/ 58] انطلَقَ رجل مِن القومِ، فجاءَ بقَدَح [رَحْراحٍ، فيه شيءٌ] من ماءٍ يسيبر، فأخذَهُ النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ، ثم مَدَّ أصابعَهُ الأربَعَ على القَدَحِ (وفي طريق: فوضعَ أصابعَهُ فيه، قالَ أنس: فجعلتُ أنظرُ إلى الماءِ ينبُعُ مِن بين أصابعِهِ)، ثم قالَ:
534 - قلتُ: وصلها أحمد (6/ 118 و 157)، ومسلم (7/ 167).
535 -
وصله المصنف فيما يأتي من "ج 4/ 96 - الاعتصام/ 3 - باب".
(20)
موضع بالمدينة قرب المسجد.
"قوموا فتوضؤوا"، فتَوَضأ القوْمُ حتى بَلَغوا فيما يُريدونَ مِن الوضوء، وكانوا سبعينَ أو نحوَهُ (وفي الطريقِ الأخرى: فحزرتُ مَن توضأ منه ما بين السبعينَ إلى الثمانين).
1525 -
عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قال: عَطِشَ الناسُ يومَ الحديبِيَةِ [وقد حضرتِ العصرُ 6/ 252]، والنبى صلى الله عليه وسلم بينَ يدَيْهِ رَكْوَة (21)، فتوضأ [منها 5/ 63]، فجَهَشَ (22) (وفي روايةٍ: ثم أقبلَ) الناسُ نحوَهُ، فقالَ:"ما لكُم؟ "، قالوا: ليس عندنا ماءٌ نتوضأ [به] ولا نشرَبُ؛ إلا ما بين يَدَيك، فوضَعَ يدَهُ في الركْوَة، [وفَرَّج أصابعهُ]، فجَعَل الماءُ يثورُ (وفي روايةٍ: يفورُ من) بين أصابِعِهِ كأمثالِ العيونِ، [ثم قالَ:
"حَيَّ على أهل الوضوءِ! البركةُ مِن اللهِ"]، [قالَ:] فشَرِبْنَا وتوضأنا (وفي روايةٍ: فجعَلْتُ لا آلو ما جعلتُ في بطني منه، فعلمتُ أنه بركة)، قلتُ: كم كنتُم؟ قالَ: لو كُنا مائة ألفٍ لكفانا؛ كنا خَمس عَشْرَةَ مائةٍ.
1526 -
عن أنسِ بنِ مالكٍ يقولُ: قالَ أبو طلحةَ لأم سُلَيم: لقد سَمِعْتُ صوت رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَعِيفاً، أعرِف فيه الجوعَ، فهلْ عندَكِ من شيءٍ؟ قالت: نعم، فأخرَجَتْ أقراصاً من شعيرٍ، ثم أخرَجَتْ خِماراً لها، فلَفَّتِ الخُبْزَ ببعضهِ، ثم دسَّتهُ (23) تحت يدي (وفي روايةٍ: ثوبي 6/ 197)، ولاثَتْني (وفي روايةٍ: ورَدتني)
(21) بتثليث الراء: إناء صغير من جلد يشرب فيه.
(22)
أي: أسرعوا إلى الماء متهيئين لأخذه.
(23)
أي: أخفته تحت إبطي، وقوله:"لاثتني ببعضه"؛ أي: لفتنى ببعض الخمار على رأسي اتقاه الحر.
بِبَعْضِهِ، ثم أرسلَتْني إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قالَ: فذهبت به، فوجدت رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في المسجدِ ومعهُ الناس، فقمتُ عليهم، فقالَ لي رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم:
"أأرْسَلَك أبو طلحة؟ ". فقلت: نعم. قالَ: "بطعام؟ ". قلت: نعم. فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لمَن معه: "قوموا"، فانطلق [ـوا 7/ 231]، وانطلقت بينَ أيدِيهم حتى جئتُ أبا طلحة، فأخبرْتُهُ، فقالَ أبو طلحة: يا أمِّ سُلَيم! قد جاءَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم بالناسِ، وليس عندنا [من الطعامِ] ما نُطْعِمهُم، فقالت: الله ورسولهُ أعلم.
فانطلقَ أبو طلحة، حتى لَقِيَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأقبلَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه [حتى دخلا]، فقالَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم:
"هَلمّ [ـي] يا أمِّ سُليم! ما عندكِ"، فأتَتْ بذلك الخُبْزِ، فأمَرَ به رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فَفُتّ، وعَصرَتْ [عليه] أم سُلَيم عُكَّةً [لها]، فأدَمَتْهُ (24)، ثم قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيه ما شاءَ اللهُ أن يقولَ، ثم قالَ:
"ائذَنْ لِعَشَرَةٍ"، فأذِنَ لهم، فأكلوا حتى شَبِعوا، ثم خرجوا، ثم قالَ:"ائذَنْ لِعَشَرةٍ"، فأذِنَ لهُم، فأكلوا حتى شَبِعوا، ثم خرجوا، ثم قالَ:"ائذن لعَشَرَةٍ"، فأذنَ لهُم، فأكلوا حتى شَبِعوا، ثم خَرَجوا، ثم قالَ:"ائذن لعَشَرَةٍ"، فأكلَ القومُ كلُّهم حتى شبِعوا، والقومُ ثمانون رجلًا (25).
(24)(عكة) بضم العين: إناء من جلد يجعل فيه السمن والعسل. وقوله: "فأدمته"؛ أي: جعلته إداماً للمفتوت، ويجوز في همزته المد.
(25)
قلتُ: لأنس حديث آخر فيه قصة تشبه هذه، وهي قصة أخرى تختلف عن هذه في بعض فصولها، تأتي في "ج 3/ 70 - الأطعمة/ 48 - باب".
1527 -
عن عبد اللهِ قالَ: كنا نَعُدُّ الأياتِ بَرَكَةً، وأنتُم تعُدُّونَها تخويفاً، كُنا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سَفَر، فقَلَّ الماءُ، فقالَ:
"اطْلُبوا فَضْلَةً مِن ماءٍ". فجاؤوا بإناءٍ فيهِ ماءٌ قليلٌ، فأدخَلَ يدَهُ في الإناءِ ثم قالَ:
"حَيَّ على الطَّهُورِ المُبَارَكِ، والبركةُ من اللهِ".
فلقد رأيتُ الماءَ ينبُعُ من بينِ أصابِعِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ولقد كنَّا نسْمَع تسبيحَ الطعامَ وهو يُؤكَلُ.
1528 -
عن عبد الرحمنِ بن أبي بكرٍ رضي الله عنهما أن أصحابَ الصُّفَّةِ كانوا أُناساً فقراءَ، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قالَ مرَّة:
"مَن كانَ عندَه طعامُ اثنينِ فلْيَذْهَبْ بثالِثٍ، ومَن كانَ عندَهُ طعامُ أربعةٍ فلْيَذْهَبْ بخامِس، أو سادِسٍ" -أو كما قالَ- وأنَّ أبا بكرٍ جاءَ بثلاثةٍ، وانطلق النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَشَرَةٍ، وأبو بكرٍ ثلاثةً، قالَ: فهو أنا، وأبي، وأمي، ولا أدري هل قالَ: امرأتي وخادِمي بين بيتِنا وبين بيتِ أبي بكرٍ؟ [فقال لعبدِ الرحمن: دونَكَ أضيافَكَ، فإني منطلقَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فافْرغ مِن قِراهم قبلَ أن أجيءَ 7/ 105].
[فانطلق عبد الرحمن، فأتاهم بما عنده، فقالَ: اطعَموا. فقالوا: أينَ ربُّ منزِلنا؟ قالَ: اطعَموا. قالوا: ما نحن بآكلينَ حتى يجيءَ ربُّ منزِلنا. قالَ: اقبلوا عنا قِراكُم؛ فإنه إنْ جاءَ ولم تَطْعَموا لَنَلْقَيَنَّ منه، فأبوا، فعرفتُ أنه يجِدُ عليَّ].
وإنَ أبا بكرٍ تعشَّى عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لبثَ حتى صلى العشاءَ، ثم رَجَعَ، فَلَبِثَ حتى تعشَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فجاءَ بعدما مضى مِن الليلِ ما شاءَ اللهُ.
قالت لهُ امرأتُهُ: [و 1/ 149] ما حَبَسَكَ عن أضيافِكَ -أو [قالَ:] ضيفِكَ-؟ قالَ: أوَ [مَا] عَشَّيتِهِم؟ قالت: أبَوْا حتى تجيءَ، قد عَرَضوا عليهم فغَلبوهُم. فذهبتُ [أنا]، فاختبأتُ، [فقالَ: يا عبدَ الرحمن! فسكت. ثم قالَ: يا عبدَ الرحمن! فسكتُّ]. فقالَ: يا غُنْثَرُ (26)! فجَدَّعَ وسبَّ، [أقسمتُ عليكَ إنْ كنتَ تسمعُ صوتي لَمَّا جئتَ، فخرجتُ، فقلتُ: سَلْ أضيافَكَ. فقالوا: صَدَقَ، أتانا بهِ]، [فحَلَفَتِ المرأةُ لا تَطْعَمُهُ حتى يطْعَمَهُ 7/ 105]، وقالَ:[فإنَّما انتظرتموني]، كُلوا [لا هنيئاً!]، وقالَ:[واللهِ] لا أطعمُهُ [الليلة] أبداً، [فقال الآخرون: واللهِ لا نَطْعَمُهُ حتى تَطْعَمَهُ! قالَ: لم أرَ في الشرِّ كالليلةِ، وَيْلَكُم ما أنتم؟! لم لا تقبلونَ عنا قراكُم؟! هاتِ طعامَكَ، فجاءَهُ، فوضعَ يدَهُ، فقالَ: بسمِ اللهِ، الأولى للشيطانِ، فأكلَ وأكلوا".
قالَ: واْيمُ اللهِ ما كنا نأخذُ مِن اللُّقْمَةِ إلا رَبا مِن أسفَلِها أكثرُ منها حتى شَبِعوا، وصارتْ أكثرَ مما كانت قبلَ [ذلك]، فنظرَ [إليها] أبو بكرٍ، فإذا شيءٌ (وفي روايةٍ: فإذا هي كما هي 1/ 150) أو أكثرُ! [فـ] قالَ لامرأتِهِ: يا أختَ بني فِراسٍ! [ما هذا؟] قالت: لا وقُرَّةِ عَيْنِي؛ لهي الآنَ أكثرُ مما قبلُ بثلاثِ مراتٍ.
فأكلَ منها أبو بكرٍ، وقالَ: إنما كانَ [ذلك من] الشيطانِ -يعني: يمينَهُ- ثم أكلَ منها لُقْمَةً، ثم حَمَلَها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأصْبَحَتْ عندَهُ، [فَذَكَر أنَّه أكلَ منها]، وكانَ بيننا وبينَ قوم عهد، فمضى الأجَلُ، فَعَرَّفْنا اثنا (27) عَشَرَ رجُلًا، معَ كُلِّ رجُلٍ
(26) أي: يا جاهل.
(27)
بألف على لغة من يجعل المثنى كالمقصور في أحوالهِ، وفي رواية مسلم:"اثني عشر"، وهو ظاهر؛ أي: جعلناهم عرفاء نقباءَ على بقية أصحابهم. وفي نسخة العيني: "ففَرَّقَنا" بفتح القاف من التفريق=
منهم أناسٌ، اللهُ أعلمُ كم مع كلَّ رجل؟ غيرَ أنه بعَثَ معهُم، قالَ: أكَلوا منها أجْمَعونَ -أو كما قال- وغيرُهم يقولُ: فتفَرقْنا.
1529 -
عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما: كانَ النبي صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إلى جِذْع، فلما اتَّخَذَ المنبَرَ تَحَوَّلَ إليهِ، فحَنَّ الجِذعَّ، فأتاهُ فمَسَحَ يدَهُ عليهِ.
1530 -
عن قيسٍ قالَ: أتينا أبا هريرة رضي الله عنه، فقالَ: صَحِبْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثلاثَ سنينَ، لم أكنْ في سِنيِّ أحرَصَ على أن أعِيَ الحديثَ مِنِّي فيهِن، سمعْتُهُ يقولُ -وقال هكذا بيدِهِ-:
"بينَ يَدَيِ الساعةِ تقاتِلونَ قوماً نعالُهُم الشعَرُ، وهو هذا البارِزُ (28) "، وقالَ سفيانُ مَرة: وهم أهلُ البازِرِ.
(وفي طريقٍ عنه: عنِ النبي صلى الله عليه وسلم قالَ:
"لا تقومُ الساعةُ حتى تقاتِلوا قوماً نِعالُهُم الشَّعَرُ، و [لا تقومُ الساعةُ 3/ 223] حتى تقاتِلوا التُّزْكَ (وفي طريق ثالثة: خُوزاً وكَرْمَانَ من الأعاجِمِ)؛ صِغارَ الأعينِ، حُمْرَ الوجوِه، ذُلفَ (29) (وفي طريق: فُطْسَ) الأنُوفِ، كأنَّ وجوهَهُم المَجانُّ المُطْرَقَةُ".
= على أن يكون الضمير المرفوع فيه للنبي صلى الله عليه وسلم، و (نا) مفعوله.
(28)
بتقديم الراء المفتوحة وتكسر على الزاي المعجمة؛ يعني: البارزين لقتال أهل الإسلام، وقيل:"أهل البازر": بتقديم الزاي المفتوحة وتكسر على الراء المهملة، والمعروف الأول.
(29)
(ذلف الأنف) ذلفًا من باب تعب: قصر، وصغر، فالرجل أذلف، والأنثى ذلفاء، والجمع ذلف مثل أحمر وحمراء وحمر؛ كذا في "المصباح"، و (الفطوسة): تطأ من قصبة الأنف، وانتشارها، والصفة أفطس في الرجل، وفطساء في المرأة، والجمع فطس، كذلف، وهى الرواية الآتية.
1531 -
"وليأتِيَنَّ على أحدِكُم زَمانٌ؛ لأنْ يراني أحبُّ إليهِ مِن أنْ يكونَ لهُ مثلُ أهلِهِ ومالِهِ").
1532 -
عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما قالَ: سمعتُ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:
"تُقاتِلُكُم (وفي روايةٍ: تقاتِلونَ 3/ 232) اليهود، فتُسَلَّطونَ عليهِم، حتى [يَخْتَبِئَ أحدُهم وراءَ الحَجَرِ، ف 3/ 232، يقولُ الحجرُ: يا مُسْلِمُ! هذا يهوديٌّ وَرَائِي فاقْتُلْهُ"(30).
1533 -
عن عدىَّ بنِ حاتم قالَ: بَيْنَا أنا عندَ النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاهُ رجُل، فشكا إليهِ الفاقَةَ (وفي روايةٍ: العَيْلَةَ 2/ 113)، ثم أتاهُ آخر، فشكا إليه قطعَ السبيلِ، فقال:
"يا عَدىُّ! هل رأيتَ الحِيرةَ؟ "، قلتُ: لم أَرَهَا وقد أنْبِئْتُ عنها. قالَ:
"فإنْ طالتْ بكَ حياةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِيْنَةَ ترْتَحِلُ مِن الحِيرةِ حتى تطوفَ بالكعبةِ [بغير خفيرٍ]، لا تخافُ أحداً إلا اللهَ"، قلتُ فيما بيني وبين نفسي: فأيْنَ دُعَّارُ طَيِّءٍ (31) الذينَ قد سَعَّروا البلادَ.
"ولَئِنْ طالَتْ بكَ حياةٌ لَتُفْتَحَنَّ كنوزُ كِسرى"، قلتُ: كسرى بن هُرْمُزَ؟! قالَ:
(30) قلت: هذا يكون بعد خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام كما في بعض الأحاديث الصحيحة، وفي بعضها أن ذلك بعد قتل عيسى للدجال، وانهزام اليهود، فلا علاقة لهذا الحديث بالحرب التي قامت بين العرب واليهود في رمضان سنة 1393 هـ، ولا حظَّ للعرب في مثلِ هذا التسليط حتى ينصروا دين الله، ويقاتلوا من أجلِهِ!
(31)
أي: قطاع الطريق من هذا الحي الذين أوقدوا نار الفتنة في البلاد.
"كِسْرى بنِ هُرْمُزَ".
"ولَئنْ طالتْ بكَ حياةٌ لتَرَيَنَّ الرجُلَ يُخْرِج في مِلْءَ كَفِّهِ مِن ذَهَب أو فِضةٍ، يَطْلُبُ مَن يقبَلُهُ منهُ (وفي روايةٍ: فإنَّ الساعةَ لا تقومُ حتى يطوفَ أحدُكُم بصدقتِهِ)، فلا يجِدُ أحداً يقبَلُهُ منه، ولَيَلْقَيَنَّ اللهَ أحدُكُم يومَ يلقاهُ (وفي طريق: ما منكم من أحدٍ إلا وسيكلِّمه اللهُ يومَ القيامةِ 7/ 198)، وليسَ بينَهُ وبينَهُ تَرْجُمانٌ يُتَرْجِمُ لهُ، [ولا حِجابٌ يَحْجُبُهُ 8/ 185]، فيَقولَنَّ: ألم أَبْعَثْ إليكَ رسولاً فَيُبَلِّغَكَ؟ فيقولُ: بلى. فيقولُ: ألم أُعطِكَ مالًا وأفْضِلْ عليك؟ فيقولُ: بلى. فينظرُ عن يمينِهِ فلا يرى إلا جهَنَّمَ، وينظرُ عن يسارِهِ فلا يرى إلا جَهَنمَ (وفي طرَيق: فينظرُ أيمَنَ منهُ فلا يرى إلا ما قَدمَ من عملِهِ، وينظرُ أشأمَ منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظرُ بينَ يديهِ فلا يرى إلا النارَ تِلقاءَ وجهِه 8/ 202) ".
قالَ عديٌّ: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقولُ (وفي طريقٍ: ذَكَرَ النبي صلى الله عليه وسلم النارَ، فتَعَوَّذَ منها، وأشاحَ بوجههِ، ثم ذكرَ النارَ، فتَعَوَّذ منها، وأشاحَ بوجْهِهِ [ثلاثاً]-قال شعبةُ: أما مرتين فلا أشكُّ-[حتى ظَنَنا أنه ينظرُ إليها]، ثم قالَ 7/ 79):
"اتَّقوا (وفي طريق: فمَن استطاعَ منكُم أنْ يَتقِيَ) النارَ ولو بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ، فمن لم يجِدْ شِقةَ تمرةٍ؛ فبكلمةٍ طيبةٍ".
قال عديَّ: فرأيتُ الظعينَةَ ترتَحِلُ مِن الحِيرةِ حتى تطوفَ بالكعبةِ لا تخافُ
إلا اللهَ، وكُنْتُ فيمَن افتَتَحَ كنوزَ كِسرى بن هُرْمُزَ، ولَئِنْ طالت بكم حياةٌ لَتَرَوُنَّ ما قالَ النبي أبو القاسمِ صلى الله عليه وسلم؛ يُخْرِجُ ملءَ كَفهِ.
1534 -
عن زينب بنتِ جحش أن النبي صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عليها [يوماً 8/ 104]
فزِعاً (وفي روايةٍ: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النومِ مُحْمَرًا وجْهُهُ 8/ 88) يقولُ:
"لا إلهَ إلا اللهُ، ويلٌ للعَرَبِ مِن شرٍّ قد اقتَرَبَ! فُتحَ اليومَ مِن رَدمِ يأجوجَ ومأجوجَ مثلُ هذا"، وحَلَّق بإصبَعِهِ [الإبهامٍ]، وبالتي تليها (وفي روايةٍ: وعَقَدَ سفيان تسعينَ أو مائةً)، فقالت زينبُ: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! أنَهْلِكُ وفينا الصالِحونَ؟!
قالَ:
"نعم؛ إذا كَثُرَ الخَبَثُ".
1535 -
عن أبي صَعْصَعَةَ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قالَ:
قالَ لي: إنَّي أراكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وتتخِذُها، فأصْلِحْها وأصْلحْ رُعامَها (32)؛ فإني سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:
([يوشِكُ أنْ 1/ 10] يأتيَ على الناسِ زَمانٌ تكونُ الغَنَمُ فيهِ خيرَ مالِ المُسْلِمِ، يَتْبَعُ بها شَعَفَ الجِبالِ (33) -أو سَعَفَ الجبالِ- في مواقعِ القَطْرِ؛ يَفِرُّ بدينِهِ مِن الفِتَنِ".
1536 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم:
"ستَكونُ فِتَنٌ؛ القاعِد فيها خير مِن القائِمِ، والقائِمُ فيها خيرٌ مِن الماشي، والماشي فيها خير مِن الساعي، ومَن يُشْرِفْ (34) لها تَسْتَشْرِفْهُ، ومَن وَجَدَ مَلجأ أو
(32) بضم الراء وتخفيف العين المهملتين: ماء يسيل من أنوفها، وفي نسخة:"رغامها"، بالغين المعجمة: وهو التراب، فكأنه قال فى الأول: داوِ مرضها، وفي الثانى: أصلح مرابضها.
(33)
(شعف الجبال): رؤوسها. و (السعف): بالسين المهملة جرائد النخل، ولا معنى له هنا.
(34)
وفى رواية: "ومن تشرف"؛ أي: من تطلع لها دعته إلى الوقوع فيها.
مَعاذاً فَلْيَعُذْ بهِ".
1537 -
عن نَوْفَلِ بنِ معاويةَ مِثْلَ حديثِ أبي هريرةَ هذا؛ إلا أنه زاد:
"مِنَ الصلاةِ صلاةٌ (35)؛ مَن فاتَتْهُ فكأنَّما وُتِرَ (36) أهلَهُ ومالَهُ".
1538 -
عن ابنِ مسعودٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:
"سَتكونُ أثَرَةٌ (37) وأُمورٌ تُنْكِرونَها"، قالوا: يا رسولَ اللهِ! فما تأْمُرُنا؟ قالَ:
"تؤدُّونَ الحقَّ الذي عليكُم، وتسألونَ اللهَ الذي لكُم".
1539 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
"يُهْلِكُ الناسَ هذا الحَيُّ مِن قُريشٍ" قالوا: فما تأمُرُنا؟ قالَ:
"لو أنَّ الناسَ اعْتَزَلوهُم".
1540 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه عنِ النبي صلى الله عليه وسلم قالَ:
"لا تقومُ الساعةُ حتى يَقْتَتِلَ فِئتانِ، فيكونُ بينَهُما مَقْتَلَةٌ عظيمةٌ، دعْواهُما واحدةٌ".
(35) هي صلاة العصر، فقد أخرجه النسائي من طريق أخرى عن نوفل بن معاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وزاد: فقالَ ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هي صلاة العصر". انظر "التعليق الرغيب"(1/ 169).
(36)
أي: نقص هو أهله وماله وسلبهما، فبقي بلا أهل ومال، وروي فيهما الرفع، والأكثر على النصب.
(37)
بفتح الهمزة والمثلثة، وبضمها وسكون المثلثة؛ كما في "الشرح". ومعناها: الاستبداد والاختصاص بالأموال فيما حقه الاشتراك.
1541 -
"ولا تقومُ الساعةُ حتى يُبْعَثَ دجَّالونَ كذَّابونَ، قريباً مِن ثَلاثِيْنَ؛ كلُّهُم يزْعُمُ أنه رسولُ اللهِ".
1542 -
عن خبَّابِ بنِ الأرَتِّ قالَ: شَكَوْنا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظلِّ الكعبةِ -[وقد لقينا من المشركينَ شدةً 4/ 238]- قلنا لهُ: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا؟! ألا تدعُو اللهَ لنا؟! [فقَعَدَ وهو مُحْمَرٌّ وجهُهُ، فـ] قالَ:
" [قد 8/ 56] كانَ الرجُلُ فيمَنْ قبلَكُم يُحْفَرُ لهُ في الأرضِ، فيُجْعَلُ فيه، فيُجاءُ بالمِيشارِ (وفي روايةٍ: المِنشار)، فيوضعُ على [مَفْرِق] رأسهِ، فيُشَقُّ باثنتينِ، وما يصُدُّهُ ذلك عن دينِهِ، ويُمْشَطُ بأمْشاطِ الحَديدِ ما دُونَ لَحْمِهِ مِن عَظْم أوْ عَصَبٍ، وما يَصُدُّهُ ذلك عنْ دِينِهِ، واللهِ لَيُتِمَّنَّ [اللهُ] هذا الأمرَ، حتى يسيرَ الراكِبُ مِن صنعاءَ إلى حَضْرَموتَ؛ لا يخافُ إلا اللهَ أو الذئبَ على غنمهِ، ولكنَّكُم تستعجلونَ".
1543 -
عن أنسِ بنِ مالك رضي الله عنه أن النبي رضي الله عنه افتَقَدَ ثابتَ بنَ قيس، فقالَ رجلٌ: يا رسولَ اللهِ! أنا أعلمُ لك عِلْمَهُ، فأتاهُ، فوجَدَهُ جالساً في بيتِه، مُنَكِّساً رأسَهُ، فقالَ: ما شأنُكَ؟ فقالَ: شَرٌّ؛ كانَ يرفَعُ صوتَهُ (38) فوقَ صوتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقد حَبِطَ عملُهُ، وهو مِن أهل النارِ، فأتى الرجُلُ [النبي صلى الله عليه وسلم 6/ 46]، فأخبَرَهُ أنهُ قالَ كذا وكذا، فقالَ موسى بنُ أنسٍ (39): فرَجَعَ [إليه] المرَّةَ الآخِرَةَ ببشارَةٍ
(38) فيه عدول عن التكلم إلى الغيبة.
(39)
هو راوي الحديث عن أنسٍ، وظاهره أن باقى الحديث مرسل، لكن أخرجه مسلم متصلًا؛ كما في "الفتح".
عظيمةٍ، فقالَ:
"اذهَبْ إليهِ فقُلْ لهُ: إنَّكَ لستَ مِن أهل النار، ولكن [ـك] مِن أهلِ الجنةِ".
1544 -
عن البراءِ بنِ عازِبٍ قالَ: جاءَ أبو بكرٍ رضي الله عنه إلى أبي في منزِلهِ، فاشترى منه رَحْلاً [بثلَاثةَ عَشَرَ درهماً 4/ 189]، فقالَ لعازِبٍ: ابعَثِ ابنَكَ يحْمِلُهُ معي، [فقالَ عازِبٌ: لا؛ حتى تُحَدِّثَنا كيف صنعتَ أنت ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حين خرجْتُما مِن مكةَ، والمشركون يطلبونَكُم]؟ قالَ: فَحَمَلْتُهُ معهُ، وخَرَجَ أبي ينْتَقِدُ ثمنَهُ، فقالَ له أبي: يا أبا بكرٍ! حدِّثْني كيف صنعتما حين سَرَيْتَ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟
قالَ: نعم؛ [أَّخِذَ علينا بالرَّصَدِ، فخرجنا فـ 4/ 262] أسْرَينا ليلَتَنا ومِن الغَدِ حتى قامَ قائِم الظهيرةِ، وخلا الطريقُ، لا يَمُرُّ فيه أحَدٌ، [فرَمَيْتُ ببصري؛ هل أرى مِن ظلٍّ فآوي إليهِ]؟ فرُفِعَتْ لنا صخرةٌ طويلةٌ، لها [شيءٌ من 4/ 262]؛ ظِلٍّ، لم تأتِ عليه الشمسُ، فنَزَلْنا عندَهُ، وسَوَّيْتُ للنبي صلى الله عليه وسلم مكاناً بيدي ينامُ عليه، وبَسَطْتُ فيه فروةً [معي]، وقلت: نَمْ يا رسولَ اللهِ! وأنا أنفُضُ لك ما حَوْلَكَ، فنامَ، وخَرَجْتُ أنفُضُ ما حولَهُ (وفي روايةٍ: ثم انطلقتُ أنظرُ ما حولي؛ هل أرى من الطلبِ أحداً؟) فإذا أنا براعٍ مقبل بِغَنَمِهِ إلى الصخرةِ، يريدُ منها مثلَ الذي أردنا، فقلتُ: لمَنْ أنتَ يا غُلامُ؟ فقالَ: لرَجُل مِن أهل المدينةِ -أو مكةَ- (وفي روايةٍ: من قريش، فسمَّاهُ، فعَرَفتُه 3/ 96)، قلت: أفي غَنَمِكَ لبنٌ؟ قالَ: نعم. قلتُ: أفتَحْلُبُ؟ قالَ: نعم. [فأمَرْتُه]، فأخذَ شاةً، فقلتُ: انْفضِ الضَّرْعَ مِن الترابِ والشَّعَرِ
والقَذَى، [ثم أمرتُهُ أنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فقالَ: هكذا]، قالَ: فرأيتُ البراءَ يضرِبُ إحدى يَدَيْهِ على الأخرى ينفُضُ، فحَلَبَ في قَعْبٍ (40) كُثْبَةً مِن لَبَنٍ، ومعي إداوَةٌ [من ماءٍ عليها خِرقةٌ قد روَّاتُها لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم]، حملْتُها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْتوي منها؛ يَشْرَبُ ويتوضأ.
فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فكَرِهْتُ أن أُوقِظَهُ، فوافَقْتُهُ حينَ استيقَطَ، فصبَبْتُ من الماءِ على اللبنِ حتى بَرَدَ أسفَلُهُ، فقلتُ: اشْرَبْ يا رسولَ اللهِ! قالَ: فشَرِبَ حتى رَضِيْتُ، ثم قالَ:
"ألم يانِ للرحيلِ؟ "، قلتُ: بلى، قالَ: فارْتَحَلْنا بعدما مالتِ الشمس [الطلبُ في أثرِنا]، واتَّبَعَنَا سراقةً بنُ مالِكٍ، فقلتُ: أُتِينا يا رسولَ اللهِ! فقالَ:
"لا تَحْزَنْ إن اللهَ مَعَنا"، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فارْتَطَمَتْ (41) (وفي روايةٍ: فساخت 4/ 259) به فرسُهُ إلى بَطْنِها، أُرَى في جَلَدٍ مِن الأرض -شكَّ زهيرٌ- فقالَ: إني أُراكُما قد دعوتُما عليَّ، فادْعُوَا لي، فاللهُ لكُما أنْ أرُدَّ عنكُما الطَّلَبَ (وفي روايةٍ: ادعُ اللهَ لي ولا أضُرُّك)، فدعا لهُ النبي صلى الله عليه وسلم، فنَجا، فجَعَلَ لا يَلقى أحداً إلا قالَ: كَفَيْتُكُم ما هنا، فلا يَلْقى أحداً إلا رَدَّهُ. قالَ: ووَفَى لنا.
[قالَ البراءُ: فدخلتُ مع أبي بكرٍ على أهلِهِ، فإذا عائشةُ ابنتهُ مضطجِعَةٌ قد أصابَها حُمَّى، فرأيتُ أباها فقبَّلَ خدَّها، وقالَ: كيف أنتِ يا بُنَيَّةُ؟ 4/ 262].
(40) هو القدح من الخشب. وقوله: "كثبة": أي: شيئًا قليلاً.
(41)
أي: غاصت به قوائمها. "في جلد"؛ أي: صلب من الأرض. قوله: "فالله لكما: مبتدأ وخبر؛ أي: ناصر لكم وحافظكما. وقوله: "أن أردَّ"؛ أي: لأن أردَّ.
1545 -
عن أنسٍ رضىِ اللهُ عنه أنَّه قالَ: كان رجلٌ نصرانيًّا، فأسْلَمَ، وقرأ {البقرةَ} و {آلَ عِمْرانَ} ، فكانَ يكتُبُ للنبي صلى الله عليه وسلم، فعادَ نصرانياً، فكانَ يقولُ: ما يَدْري محمد إلا ما كَتَبْتُ لهُ، فأماتَهُ اللهُ، فدَفَنُوهُ، فأصبَحَ وقد لَفَظَتْهُ الأرضُ، فقالوا: هذا فِعْلُ محمدٍ وأصحابِهِ، لما هَرَبَ منهم نَبَشوا عن صاحِبِنا، فألْقَوهُ، فحَفَروا لهُ، فأعمَقوا، فأصبَحَ وقد لَفَظَتْهُ الأرضُ، فقالوا: هذا فعلُ محمدٍ وأصحابِهِ، نبَشوا عن صاحِبِنا لما هَرَبَ منهم، فألْقَوهُ خارِجَ القبرِ، فحَفَروا لهُ، فأعمَقوا لهُ في الأرضِ ما اسْتطاعوا، فأصْبَحَ قد لَفَظَتْهُ الأرضُ، فعَلِموا أنَّه ليس مِن الناسَ، فألْقَوْهُ.
1546 -
عن أبىِ موسى أُراهُ عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ: "رأيتُ في المنامِ أنِّي أُهاجِرُ من مكةَ إلى أرضٍ بها نخلٌ، فذَهَبَ وَهَلي (42) إلى أنها اليمامةُ أو هَجَرُ، فإذا هي المدينةُ: يثرِبُ، ورأيتُ في رُؤيايَ هذه أني هَزَزْتُ سيفاً، فانْقَطَع صدرُهُ، فإذا هو ما أُصيبَ من المؤمِنينَ يومَ أُحُدٍ، ثم هززتُهُ بأخرى، فعادَ أحسَنَ ما كانَ، فإذا هُو ما جاءَ اللهُ بهِ مِن الفَتْحِ واجتِماعِ المؤمِنينَ، ورأيتُ فيها بَقَراً، واللهُ خيرٌ، فإذا هُمُ المؤمنونَ يومَ أُحُدٍ، وإذا الخيرُ ما جاءَ اللهُ من الخيرِ وثوابِ الصِّدْقِ الذي آتانا اللهُ بعد يومِ بدرٍ".
1547 -
عن جابرٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:
"هل لَكُم مِن أنْمَاطٍ (43)؟ "، قلتُ: وأنَّى يكونُ لنا الأنماطُ؟! قالَ:
(42)(الوهل): الوهم.
(43)
جمع (نَمَط) بفتحات: وهو بساط له خمل رقيق.
"أما إنَّهُ سَيكونُ لكُمُ الأنماطُ"، فأنا أقولُ لها -يعني: امرأتَهُ- أخِّرِي عنَّا أنماطَكِ، فتقولُ: ألم يقُلِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّها سَتكونُ لكُمُ الأنماطُ"، فأدَعُها.
1548 -
عن عبدِ اللهِ (ابن عمر) رضي الله عنه أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "رأيتُ الناسَ مجتمعينَ في صَعيدٍ (وفي روايةٍ: أرِيتُ في المنامِ أني أنْزِعُ بِدَلْو بَكرَةٍ على قَليبٍ 4/ 198)، فقامَ أبو بكرٍ، [فأخَذَ الدّلْوَ 8/ 78]، فنَزَعَ ذَنوبًا (44) أو ذَنوبينَ، وفي بعضِ نَزْعِهِ ضَعْفٌ، واللهُ يَغْفِرُ لهُ، ثم أخذها عمرُ [بنُ الخطابِ]، [من يدِ أبي بكرٍ 4/ 197]، فاستحالَتْ بيدِهِ غَرْباً، فلم أرَ عَبْقَرباً في الناسِ يَفْرِي (45) فَرِيَّهُ، [فنزع]، حتى [رَوِيَ الناسُ و] ضَرَبَ الناسُ [حولَهُ]، بعَطَنٍ (46).
[قالَ وَهبٌ: (العَطَنُ): مَبْرَكُ الإِبلِ، يقولُ: حتى رَوِيَتِ الإبلُ فأناخَتْ].
[قال ابن جُبَيْر: (العَبْقَرِيُّ): عِتَاقُ الزَّرَابِيِّ. وقال يحيى (47): (الزرَابِيُّ): الطَّنَافِسُ، لها خَمَلٌ رقيق، مَبْثُوثَةٌ].
536 -
وقالَ أبو هريرةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم:
[ننَزَعَ أبو بكرٍ ذَنُوبُينِ].
(44) أي: دلواً مملوءاً ماءً من كبارِ الدلاء. و (الغرب): أكبر منه.
(45)
أي: يقطع قطعة، وأصله التخفيف، كالرمي، والفري بالتشديد من قولهم:"هو يفري الفريُّ"؛ أي: يأتي بالعجب في عمله؛ كما في "القاموس".
(46)
أي: وجدوا مناخًا واستراحوا، والعَطَنُ للإبل كالوطن للناس.
(47)
هو ابن زياد الفراء، ذكر ذلك في كتاب "معاني القرآن" له.
536 -
وصله المصنف في "ج 4/ 91 - التعبير/ 29 - باب".