الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا كَانَ حينَ صلاةِ العصرِ؛ قالوا: لك (4)، ما عَمِلْنا باطِلٌ، ولك الأجرُ الذي جعلتَ لنا فيه. فقال لهم: أكمِلوا بقيَّةَ عَمَلِكُم، فإنَّ ما بقيَ من النهارِ شيءٌ يَسيرٌ، فأبَوا، واستأجَرَ قوماً أنْ يَعْمَلوا لهُ بقِيَّة يومِهم، فعَمِلوا بقيَّةَ يومِهِم؛ حتى غابتِ الشمسُ، واسْتَكْمَلوا أجْرَ الفريقينِ كليهما، فذلك مَثَلُهم، ومَثَلُ ما قَبِلوا مِن هذا النُّورِ (5) ".
12 - بابُ مَن استأجَرَ أجيراً فتَرَكَ أجرَهُ فعَمِلَ فيهِ المُسْتأجِرُ، فزادَ، أومَن عَمِلَ في مالِ غيرِه فاسْتَفْضَلَ
1065 -
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:
"انطلقَ ثلاثةُ رهْطٍ ممَّنْ كانَ قبلَكُم [يَمشونَ، فأصابَهُم المطرُ 3/ 37]، حتى أوَوُا المبيتَ إلى غارٍ [في جبلٍ 3/ 69]، فدخلوه، فانْحَدَرَتْ صخرةٌ من الجبلِ، فسدَّتْ عليهِم الغارَ، فقالوا: إنَّه لا يُنجيكم من هذه الصخرةِ إلا أن تَدْعوا الله بصالح أعمالِكم (وفي طريقٍ ثانٍ: بأفضلِ عملٍ عَمِلْتُموه، وفي رواية ثانية منها: إلا الصِّدْقُ، فليدعُ كلُّ رجلٍ منكم بما يعلم أنَّه قد صدقَ فيه 4/ 147. وفي ثالثة منها: فقالَ بعضُهم لبعضٍ: انظروا أعمالاً عملتموها صالحةً لله، فادعوا الله بها؛ لعلَّهُ يُفَرِّجها عنكم)، فقال رجلٌ منهم: اللهُمَّ! [إنه] كان لي أبوانِ شيخانِ كبيرانِ، [وصبيةٌ صغارٌ، أرعى عليهِم]، وكنتُ لا أغْبِقُ (6) قبلهما أهلاً ولا مالاً،
(4) أي: لك أجرك، و (ما عملنا باطل)، جملة مستأنفة، وعائد الموصول محذوف.
(5)
يعني: الكتاب والسنة.
(6)
هو من (الغبوق): شرب العشي، والمراد بقوله:(أهلاً) ما له من زوج وولد. و (مالاً) ما له من رقيق وخدم.
(وفي روايةٍ: فكنتُ أخرجُ فأرعى، ثم أجيءُ فأحلُبُ، فأجيءُ بالحِلاب، فآتي أبَوَيَّ، فيَشْرَبانِ، ثم أسقي الصبيةَ وأهلي وامرأتي، وفي أخرى: وكنتُ آتيهما كلَّ، ليلةٍ بلبنِ غنمٍ لي)، فنأى (7) بي في طلب شيء يوماً، فلمْ أُرِحْ عليهماحتى ناما، فحلبتُ لهما غَبوقهما [كما كنتُ أحلُب]، فوجدْتُهما نائمينِ، وكرهتُ أن أغْبِقَ قبلَهما أهلاً أو مالاً، [وأهلي وعيالي (وفي روايةٍ: والصِّبْيَةُ) يتضاغَوْنَ من الجوع] [عند رجلي]، فلبثتُ [عند رُؤوسِهما]، والقدَحُ على يديَّ أنتظرُ استيقاظهما (وفي روايةٍ: فلم يزل ذلك دأبي ودأبُهما)، حتى بَرَقَ الفجرُ، فاستيقظا فشرِبا غَبوقَهما، اللهمَّ! إن كنتَ [تَعْلَم أني] فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك، ففرِّجْ عنا ما نحن فيهِ مِن هذه الصخرةِ (وفي روايةٍ: فافْرُجْ عنا فُرْجَةً نرى منها السماء، قال:)، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروجَ (وفي روايةٍ: ففرج الله لهم فرجةً حتى يرونَ منها السماءُ 7/ 70)، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:
وقال الآخَرُ: اللهُمَّ! [إن كنتَ تعلم][أنه] كانت ليَ بنتُ عمٍّ، كانت أحبَّ الناسِ إليَّ (وفي روايةٍ: أحْبَبْتُها كأشدِّ ما يُحبذث الرجالُ النساءَ)، فأردْتُها (وفي روايةٍ: راوَدْتُها) عن (وفي أخرى: فطلبتُ منها. وفي لفظ: إليها) نفسِها، فامتَنَعَتْ مني، حتى ألَمَّتْ بها سَنَةٌ مِن السنين، فجاءتني [فقالت: لا تنالُ ذلك منها حتى تُعطيَها مائةَ دينارٍ، فسَعَيْتُ فيها (وفي روايةٍ: فبَغَيْتُ (*). وفي أخرى: فطلبتُها) حتى جَمَعْتُها]، فأعطيتُها عشرينَ ومائةَ دينارٍ على أن تُخَلِّيَ بيني وبين نفسِها، ففَعَلَتْ،
(7) أي: بَعُدَ. وفي رواية مسلم: "وأنه نأى بي ذات يومٍ الشجر".
(*) ولفظ مسلم من الطريق المشار إليها: "فتعبت".
حتى إذا قَدَرْتُ عليها (وفي طريق: فلما وقعتُ بينَ رجْلَيْها)؛ قالت: [يا عبد الله!] لا أُحِلُّ لك أن (وفي الطريق المذكورة: اتَّقِ الله، ولا) تَفُضَّ الخاتَمَ إلا بحقِّهِ، فتَحرَّجْتُ من الوقوعِ عليها، فانصرفتُ عنها، وهي أحبُّ الناسِ إليَّ، وتركتُ الذهبَ الذي أعْطيْتُها، اللهُمَّ! [فـ] إن كنتَ [تعلمُ أني] [قد] فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهِكَ (وفي الطريق: مِن خَشْيَتِكَ)؛ فافرُجْ عنا ما نحنُ فيه (وفيها: فافْرُجْ عنها فُرْجَةً)، فانفرجَتْ [عنهم] الصخرةُ [حتى نظروا إلى السماءِ] (وفي الطريق الأخرى: ففَرَجَ عنهم الثُّلُثَيْنِ)؛ غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:
وقالَ الثالثُ: اللهمَّ! [إنْ كنتَ تعلمُ] أني [كنتُ] استأجرتُ أجَراءَ فأعطيتُهُم أجرَهُم؛ غيرَ رجلٍ واحدٍ [عمل لي على فَرَقٍ من أرُزٍّ (وفي طريق: ذُرَةٍ)]، [فلمَّا قضى عمَلَهُ قالَ: أعطني حقي]، [فعَرَضْتُ عليه][حقَّهُ، فـ] تَرَكَ الذي له [ورَغِبَ عنه]، وذَهَبَ، فثَمَّرْتُ أجرَهُ حتى كَثُرَتْ منه الأموالُ (وفي طريق: فعَمَدْتُ إلى ذلك الفَرَقِ، فزَرَعْتُه، حتى اشتريتُ منه بقراً وَراعِيَها)، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبدَ الله! [اتَّقِ الله، ولا تَظْلِمْني، و] أدِّي إليَّ أجري، فقلتُ له: كلُّ ما ترى من أجرِك (وفي طريق: من ذلك الفَرَق) من الإِبل والبقرِ والغنمِ والرقيقِ (وفي طريق: فقلت: اذهب إلى ذلك البقر ورُعاتِها، فخُذْ)، فقال: يا عبدَ الله! [اتق الله، و] لا تَسْتَهْزىء بي، فقلتُ: إني لا أستَهْزِىء بك، [ولكنها لكَ]، [فخُذْ]، فأخَذَهُ كُلَّهُ، فاستاقَهُ، فلم يَتْرُكْ منهُ شيئاً، اللهمَّ! فإنْ كنتَ [تَعْلَمُ أني] فعلت ذلك ابتغاءَ وجهكَ، فافرُج عنا ما نحنُ فيه (وفي طريق: ما بقيَ)، فانْفَرَجَتِ الصخرةُ، فخرجوا يمشون".