الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
51 - بابُ {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ}
(الكَهْفُ): الفَتْحُ في الجبلِ. و (الرَّقِيمُ): الكتابُ، (مَرْقُومٌ): مَكتوب مِن الرَّقْمِ. {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} : ألْهمناهم صبراً. [شَطَطاً]: إفراطاً. (الوَصِيدُ): الفِناءُ، وجَمْعُهُ: وصائِدُ ووُصُدٌ، ويقالُ:(الوَصِيدُ): البابُ، (مُؤصَدَة): مُطْبَقَةٌ، آصَدَ البابَ وأوصَدَ. {بَعَثْناهُم}: أحْيَيْناهُم. {أزكى} : أكثرُ رَيْعاً. (فَضَرَبَ اللهُ على آذانِهِم): فناموا. {رَجْماً بالغيبِ} : لم يَسْتَبِنْ.
736 -
وقالَ مجاهد: {تَقْرِضُهُم} : تَتْرُكُهُم.
(قلتُ: أسند في حديث ابن عمر في قصة نفر الغار المتقدم "ج 2/ 37 - الإجارة/ 12 - باب").
52 - بابٌ
1472 -
عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ:
"كانَ في بني إسرائيلَ رجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وتسعينَ إنساناً (63)، ثمَّ خَرَجَ يسألُ (64)،
736 - يأتي في "ج 2/ 65 - التفسير/ 18 - سورة الكهف".
(63)
قلت: زاد أحمد (3/ 20): "ثم عرضت له التوبة". وسنده صحيح.
واعلم أن هذا الحديث من أصح الأحاديث التي تتحدَّث عن بني إسرائيل والعجائب التي وقعت فيهم؛ لأنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى أولاً، ولأنه مما قد صح إسناده عنه بذلك ثانياً، فهو وأمثاله مما يشمله -ولا شك- عموم قوله صلى الله عليه وسلم المتقدِّم قريباً (1468): "
…
وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ..... "، وهذا القدر منه قد صحَّ من طرق عنه صلى الله عليه وسلم؛ كما هو مخرَّج في "الضعيفة" (3482) لمناسبة اقتضت ذلك.
(64)
أي: عن أعلم أهل الأرض؛ كما في رواية مسلم. وقوله: "فناء" بنون ومد وبعد الألف همزة؛ أي: مال.
فأتى راهِبًا فسألَهُ، فقالَ لهُ: هل مِن توبةٍ؟ قالَ: لا. فقَتَلَهُ، فجَعَلَ يسألُ، فقالَ لهُ رجلٌ: ائتِ قريةَ كذا وكذا، فأدْرَكَهُ الموتُ، فَنَاءَ بصدْرِهِ نَحْوَها، فاخْتَصَمَتْ فيه ملائكَةُ الرحمةِ وملائكةُ العذابِ، فأوحى اللهُ إلى هذه أنْ تَقَرَّبي، وأوحى إلى هذه أنْ تباعَدي، وقالَ: قِيْسُوا ما بينَهُما، فوُجِدَ إلى هذه أقرَبَ بشبرٍ، فغُفِرَ لهُ" (65).
1473 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: صلى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صلاةَ الصُّبْحِ، ثم أقبلَ على الناسِ، فقالَ:
"بينا رجُلٌ يَسوقُ بقرةً إذ رَكِبَها (وفي روايةٍ: قد حَمَلَ عليها 4/ 192)، فضَرَبها، [فالتفَتَتْ إليه، فكَلمَتْهُ]، فقالَتْ: إنَّا لَم نُخْلَقْ لهذا، إنما خُلِقْنا للحَرْثِ"، فقالَ الناسُ: سبحانَ اللهِ! بقرةٌ تَكَلمُ! فقالَ: "فإني أُومِنُ بهذا؛ أنا، وأبو بكرٍ، وعُمَرُ" -وما هما ثَمَّ- "وبينَما رجُلٌ (وفي طريق: راع) في غنمِهِ، إذ عدا [عليهِ] الذئبُ، فذَهَب منها بشاةٍ، فطَلَبَ [ـه الراعي]، حتى كأنه استنقذَها منه، [فالتفتَ إليه الذئبُ]، فقالَ لهُ: هذا استَنْقَذْتَها مني، فمن لها يومَ السَّبُعِ، يومَ لا راعيَ لها غيري؟ "، فقالَ الناسُ: سبحانَ اللهِ! ذئبٌ يتَكَلَّمُ! قالَ: "فإنى أومِن بهذا أنا وأبو بكرٍ وعمرُ"، وما هما ثَمَّ (وفي روايةٍ: قالَ أبو سلمة: وما هما يومئذٍ في القومَ).
1474 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ النبي صلى الله عليه وسلم:
"اشترى رجلٌ مِن رجل عَقَاراً لهُ، فوَجَدَ الرجلُ الذي اشترى العَقارَ في عَقارِهِ
(65) قد جاء في مسلم (كتاب التوبة/ 8 - باب)، وأحمد (3/ 20) بأتم مما هنا، فانظر "الصحيحة"(2640).
جَرَّةً فيها ذهبٌ، فقالَ لهُ الذي اشترى العَقارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مني، إنما اشترَيْتُ منكَ الأرضَ، ولم أبْتَعْ منكَ الذهبَ، وقال الذي لهُ الأرضُ: إنما بعْتُك، الأرضَ وما فيها، فتحاكما إلى رجلٍ، فقالَ الذي تَحاكَما إليهِ: ألَكُما وَلَدٌ؟ قالَ أحدُهما: لي غلامٌ، وقالَ الآخرُ: لي جارِيةٌ. قالَ: أنْكِحوا الغلامَ الجاريةَ، وأنْفِقوا على أنْفُسِهِما منه (66)، وتَصَدَّقا".
1475 -
عن عامرِ بنِ سَعْدِ بنِ أبي وقاصٍ عن أبيهِ أنه سَمِعَهُ يسألُ أسامَةَ ابنَ زيدٍ: ماذا سمعتَ مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الطاعونِ؟ فقالَ أسامةُ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
"الطاعونُ (وفي روايةٍ: الوَجَعُ 8/ 64) رِجْسٌ (وفي روايةٍ: رجز أو عذاب) أرْسِلَ على طائِفَةٍ من بني إسرائيلَ -أو على مَن كانَ قبلَكُم- (وفي روايةٍ: عُذِّبَ به بعضُ الأمَمِ، ثم بَقِيَ منه بَقِيةٌ، فيذهبُ المرةَ، ويأتِي الأخرى)، فإذا سمعتُم به بأرضٍ؛ فلا تَقْدَمُوا عليهِ، وإذا وَقَعَ بأرضٍ وأنتُم بها فلا تَخْرُجوا [إلَاّ](67) فِراراً منه.
(66) قلتُ: وفي رواية مسلم (5/ 133): "وأنفقا على أنفسكما منه". ورواية المصنف أوجه كما قال الحافظ، وهي رواية "المسند" أيضاً (2/ 316)، وثلاثتهم أخرجوه من طريق واحد: طريق عبد الرزاق.
ورواه ابن ماجه (2/ 103 - 104) من طريق آخر عن أبي هريرة بلفظ: "فأنكحا الغلام والجارية ولينفقا على أنفسهما منه، وليتصدقا"، فهذا يؤيد ما قال الحافظ؛ لكن في سنده حيان بن بسطام، لم يرو عنه غير ابنه سليمان.
(67)
ثبتت هذه الزيادة في رواية أبي النضر عند المصنف وغيره، وهي مفسدة للمعنى كما هو ظاهر، وقد تكلف بعضهم في توجيهها بما تراهُ مشروحاً في "الفتح"، فراجعه إن شئت.
(وفي طريق حبيب بن أبي ثابت: سمعتُ إبراهيم بن سعد
…
فقلتُ: أنت سمعتَهُ يُحَدِّثُ سعداً ولا يُنْكِرُهُ؟ قالَ: نَعَمْ 7/ 20 - 21).
1476 -
عن عاثشةَ زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت: سألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الطاعونِ؟ فأخبَرَني:
"أنَّه [كانَ 7/ 22] عذاب [اً] يبعَثُهُ اللهُ على من يشاءُ، وأن اللهَ جَعَلَهُ رحمةً للمؤمنينَ، ليس مِن أحَدٍ يقعُ الطاعونُ، فيَمْكُثُ في بلدِهِ، صابراً مُحْتَسِباً، يَعْلَمُ أنَّهُ لا يُصِيبُهُ إلا ما كَتَب اللهُ لهُ؛ إلا كانَ لهُ مثلُ أجرِ شهيدٍ".
1477 -
عن عبد اللهِ (ابن مسعود) قالَ: كأني أنظُرُ إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَحْكي نبيًّا من الأنبياءِ ضَرَبهُ قومُهُ، فأدْمَوْهُ، وهو يَمْسَحُ الدمَ عن وجْهِهِ (68)، ويقولُ:
"اللهُم (وفي روايةٍ: رب 8/ 51)! اغْفِرْ لقومي فإنهُم لا يَعْلَمونَ".
1478 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ:
"كانَ رجلٌ يُسْرِفُ على نفسِهِ (وفي طريق: لم يعملْ خيرًا قطٌّ 8/ 199)، فلما حَضَرَهُ الموتُ قال لبنيهِ: إذا أنا مُتُّ، فأحْرِقوني، ثم اطْحَنُوني، ثم ذَرُّوني في الريحِ (وفي طريق: واذروا نصفَهُ في البَر، ونصفَهُ في البحر)، فواللهِ لئِنْ قَدَرَ عليّ
(68) ورواه أحمد (1/ 427 و 406) بإسناد آخر حسن عن ابن مسعود قال: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين بالجعرانة ازدحموا عليه، فقالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن عبداً من عبادِ الله بعثه الله إلى قومه، فضربوه، وشجوه. قالَ: فجعل يمسح الدم عن جبهته، ويقول: رب! اغفر لقومي إنهم لا يعلمون".
قال عبد الله: كأني أنظر إلى رسولِ الله يمسح الدم عن جبهته، يحكي الرجل، ويقول "رب! اغفر لقومي إنهم لا يعلمون".
ربي (69) لَيُعَذِّبَنِّي عذاباً ما عَذَّبَهُ أحداً [من العالمينَ]، فلما ماتَ فُعِلَ به ذلك، فأمَرَ اللهُ تعالى الأرض فقالَ: اجمَعي ما فيكِ منه، ففَعَلَتْ (وفي طريقٍ: فأمرَ اللهُ البحرَ فجَمَعَ ما فيه، وأمرَ البرَّ فجَمَعَ ما فيه)، فإذا هو قائمٌ، فقالَ: ما حَمَلَكَ على ما صنعتَ؟ قالَ: يا ربِّ! خشيَتُكَ حَمَلَتْني، [وأنتَ اعْلَمُ]، فغَفَرَ لهُ".
528 -
وقالَ غيرُه:
"مخافَتُكَ يا ربِّ! ".
(69) قاله في حال دهشته وغلبة الخوف عليه؛ كما رجحه الحافظ.
528 -
هذا معلق كما ترى، فقال الحافظ:"الغير المذكور هو عبد الرزاق، كذا رواه عن معمر بلفظ: "خشيتك" بدل "مخافتك"! وأخرجه أحمد عن عبد الرزاق بهذا"!
كذا قال، وقد انقلب عليه الأمر، فإن هذا التعليق منه علقه على هذا الحديث المعلق عند المصنف بلفظ:"وقال غيره: مخافتك يا رب! "، فانقلب على الحافظ رحمه الله، فقال في "شرحه": " (وقال غيره: خشيتك)، الغير المذكور هو عبد الرزاق
…
".
ثم إنني لم أر الحديث في "المسند" باللفظ الذي ذكره الحافظ، ولا بلفظ المصنف، وإنما بلفظ:"خشيتك يا رب! أو مخافتك"، هكذا هو في "المسند" (2/ 269) على الشك: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر
…
وكذلك رواه مسلم (8/ 97 - 98).
وعليه؛ فيحتمل عندي أن يكون الغير المشار إليه عند المصنف ليس هو عبد الرزاق، وإنما هو غير أبي هريرة من الأصحاب، مثل حذيفة رضي الله عنه، فقد رواه المصنف عنه في "81 - الرقائق/ 24 - باب" بلفظ:"مخافتك"، لكن في رواية أخرى له بلفظ:"خشيتك"، كما تقدم هنا (رقم 1496)، أو أبي سعيد الخدري، فقد رواه المصنف عنه، لكن على الشك أيضاً بلفظ:"قال: مخافتك أو فرق منك"؛ كما سيأتي في "ج 4/ 97 - التوحيد/ 35 - باب".
وأخرجه أحمد (1/ 5) عن أبي بكر الصديق بلفظ: "مخافتك" دون التشكك، وإسناده جيد، وصححه جماعة كما تراه في "تخريج السنة"(812). وأخرجه (1/ 398) من حديث ابن مسعود به. وإسنادهما حسن. وكذلك أخرجه (4/ 447 و 5/ 3) عن معاوية بن حيدة، وإسناده جيد.
1479 -
عن عبدِ اللهِ بنِ عمر رضي الله عنهما أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:
"عُذِّبَتِ امرأةً في هِرَّة سَجَنَتْها حتى ماتت، فدَخَلَتْ فيها النارَ، لا هي أطْعَمَتْها، ولا سَقَتْها؛ إذْ حَبَسَتْها، ولا هيَ تَرَكَتْها (وفي روايةٍ: فقالَ (70) -واللهُ أعلمُ-: لا أنتِ أطْعَمْتِيها، ولا سَقَيْتِيها حين حَبَسْتِيها، ولا أنتِ أرْسَلْتِيها 3/ 77) تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الأرْضِ"(71).
1480 -
عن ابن عمر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قالَ:
"بينما رجلٌ يَجُرُّ إزارَهُ مِن الخُيَلاءِ خُسِفَ بهِ، فهو يَتَجَلْجَلُ (72) في الأرضِ إلى يومَ القيامَةِ".
=قلت: فيحتمل أن يكون المصنف أراد بـ "الغير" أحد هؤلاء الصحابة. ويحتمل أنه أراد غير تابعي الحديث الراوي للحديث عند. عن أبي هريرة، وهو حميد بن عبد الرحمن، فقد رواه أبو رافع عن أبي هريرة، وغير واحد عن الحسن وابن سيرين عن النبي صلى الله عليه وسلم به. هكذا أخرجه أحمد (2/ 304)، وسنده صحيح على شرط مسلم.
(70)
أي: خازن النار. وفي رواية الدارمي (2/ 331): "فقيل".
(71)
بإشباع كسر التاء في الكل، وفي رواية الحموي:"أطعمتها" بدون إشباع. و (خشاش الأرض): حشراتها.
(72)
أي: يسيخ مع اضطراب شديد.
(تنبيه) في هذا الحديث تحريم جر الثوب خيلاء، ولا خلاف في ذلك، وأما إذا لم يكن خيلاء؟ فيتوهم كثيرٌ من الكتاب المعاصرين من الأزهريين وغيرهم أنه لا بأس به، وليس كذلك، بل هو مذموم على كل حال؛ كما قال ابن عبد البر، ولا سيما إذا كان من أهل العلم؛ لحديث أبي هريرة الآتي (77 - اللباس):"ما أسفل الكعبين من الإزار فهو في النار"، وله شواهد مخرَّجة معه في "الصحيحة"(ج 5/ رقم 2037)، وهو تحت الطبع، ورد ابن عبد البر على من احتجَّ بحديث أبي بكر الآتي (1559) بأنه كان لا يتعمَّد. فراجع "التمهيد"(3/ 244 - 249).