الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقدْ رأَيْتُني وإنَّ عُمرَ لمُوِثقي (37) على الِإسلامِ [أنا وأُخْتَهُ 4/ 243]، قبلَ أنْ يُسْلِمَ عُمرُ، ولو أنَّ أُحُداً ارْفَضَّ (38) (وفيِ روايةٍ: انقَضَّ) للذي صَنَعْتُم بعُثمانَ لكانَ مَحْقُوقاً أنْ يَرْفَضَّ (وفي روايةٍ: يَنْفَضَّ 8/ 56).
35 - بابُ إسلامِ عُمرَ بنِ الخطَابِ رضي الله عنه
1645 -
عن عبدِ اللهِ بنِ مسعود رضي الله عنه قال: ما زِلْنا أعزَّة منذُ أسْلَمَ عُمرُ.
1646 -
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ قالَ: بينَما هو في الدَّارِ خائفاً (وفي طريقٍ أخرى عنه: لمَّا أسْلَمَ عُمرُ؛ اجتَمَعَ الناسُ عندَ دارهِ، وقالوا: صَبَأَ عُمرُ! وأنا غُلامٌ فوقَ ظهرِ بيتي)؛ إذ جاءَهُ العاصِ بنُ وائلٍ السهميُّ أبو عمرٍو، عليهِ حُلَّةُ حِبَرةٍ، وقصيصٌ مكفوفٌ (*) بحريرٍ -وهو من بني سَهْمٍ، وهُم حُلفاؤُنا في الجاهليةِ- فقالَ له: ما بالُك؟ قالَ: زعَمَ قومُك أنَّهُم سَيَقْتُلونَني أنْ أسْلَمْتُ. قالَ: لا سبيلَ إليكَ. بعدَ أنْ قالَها (39) أَمِنْتُ، فخَرَجَ العاصِ، فلقِيَ الناسَ قدْ سالَ بهِمُ الوادي، فقالَ: أينَ تُريدونَ؟ فقالوا: نُريدُ هذا ابنَ الخطَّابِ الذي صبأَ، [فقالَ: قدْ صبأَ عُمَرُ، فما
(37) أي: ربطه بسبب إسلامه إهانة له، وإلزامًا بالرجوع عن الإسلام.
(38)
أي: زال من مكانه. (انقض)؛ أي: سقط.
(*) مكفوف): مخيط.
(39)
قوله: "بعد أن قالها": ظرف لفعل محذوف، وهو: فقال عمر رضي الله عنه بعد أن قالها -أي: بعد مقالة العاص له: "لا سبيل إليك"-: أمنتُ. فقوله: "أمنتُ": من كلام سيدنا عمر؛ أي: زال خوفي؛ لأن العاص كان مطاعاً في قومه، وهو والد عمرو بن العاص. قوله:"قد سال بهم الوادي"؛ أي: امتلأ. وقوله: "فكَّر الناس"؛ أي: رجعوا.
ذاكَ؟ فأَنا لهُ- جارٌ]، قال: لا سبيلَ إليهِ. فكَرَّ النَّاسُ، [فقلتُ: مَن هذا الرجلُ؟ قالَ: العاصِ بنُ وائلٍ].
1647 -
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ قال: ما سمعتُ عُمرَ لشيءٍ قطُّ يقول: إنِّي لأظُنُّهُ كَذا؛ إلا كانَ كما يَظُنُّ، بَيْنَما عمرُ جالسٌ؛ إذ مر بهِ رجلٌ جميلٌ، فقالَ عمرُ: لقدْ أخطأَ ظنِّي، أوْ إنَّ هذا على دينهِ في الجاهليةِ، أوْ لقدْ كانَ كاهِنَهُم، علىَّ الرَّجُلَ (40)، فدُعِيَ له، فقالَ لهُ ذلك، فقالَ: ما رأيتُ كاليومِ اسْتُقْبِلَ بهِ رجلٌ مسلمٌ! قالَ: فإني أعْزمُ عليكَ إلا ما أخْبَرْتَني. قالَ: كنتُ كاهِنَهُم. قالَ: فما أعْجَبُ ما جاءَتْكَ بهِ جَنِّيَّتُكَ؛ قالَ: بَيْنَما أنا يوماً في السُّوقِ؛ جاءَتْني أعْرِفُ فيها الفزَعَ، فقالتْ: ألمْ تَرَ الجِنَّ وإبْلاسَها (41)، ويأسَها من بعدِ إنْكاسِها، ولُحوقَها بالقِلاصِ وأحْلاسِها؟ قالَ عُمر: صدَقَ، بينَما أنا عندَ آلهَتِهِم؛ إذْ جاءَ رجلٌ بعِجْلٍ فذَبَحَهُ، فصرخَ بهِ صارخٌ، لمْ أسمَعْ صارخاً قطُّ أسند صوتاً منه، يقولُ: يا جَلِيحْ! أمر نَجِيحْ، رجلٌ فَصِيحْ! يقولُ: لا إلهَ إلا أنتَ. فوثَبَ القومُ، قلتُ: لا أبْرَحُ حتى أعْلَمَ ما وراءَ هذا؟ ثم نادى: يا جَلِيحْ! أمرٌ نَجيحْ ، رجلٌ فَصِيحْ، يقولُ: لا إلهَ إلا
(40) أي: أحضروه إلىَّ.
(41)
أي: صيرورتها مثل إبليس حائرهُ بائراً. وقوله: "من بعد إنكَاسها"؛ أي: من بعد انقلابها على رأسها، ويروى:"من بعد إيناسها"؛ أي: بعد أن كانت تأنس إلى ما تسمع. (ولحوقها) بالنصب عطفاً على "إبلاسها"، أو بالجر عطفاً على "إنكاسها"، أي: ولحوق الجن. (بالقلاص): جمع قلوص: الناقة الشابة. و (أحلاسها): جمع حلس، وهو كساء يجعل تحت رحل الإبل على ظهورها، ويروى بدل الشطر الأخير:"ورحلها العيس بأحلاسها"، والعيس -بكسر العين-: الإبل، والمراد بيان ظهور النبيّ العربي صلى الله عليه وسلم، ومتابعة الجن للعرب، إذ هو رسول الثقلين. (الجليح): الوقح، المكاشف بالعداوة. و (النجيح): من النجاح، وهو الظفر بالبغية.