الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على حُكْمِ سعدِ [ابن معاذ 5/ 50] بعثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم[إلى سعدٍ]، وكانَ قريباً منه، فجاءَ على حمارٍ، فلما دَنا [من المسجدِ] (91) قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم[للأنصار]:
"قوموا إلى سيِّدكُم"(92)، فجاءَ فجَلَسَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ لهُ:
" [يا سعدُ!] إنَّ هؤلاءِ نَزَلوا على حُكْمِكَ". قالَ: فإني أحْكُمُ أنْ تُقْتَلَ المقاتِلَةُ، وأنْ تُسْبَى (*) الذُّرِّيَّةُ (وفي روايةٍ: مقاتِلَتُهُم، وتُسْبَى ذَرارِيُّهُم 4/ 227).
قال:
"لقَدْ حَكَمْتَ فِيهِم بحُكْمِ المَلِكِ"(93).
169 -
بابُ قتْلِ الأسيرِ (94)، وقَتْلِ الصَّبْرِ
(قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم "ج1/ 28 - جزاء الصيد/ 17 - باب/ رقم الحديث 858").
170 - بابٌ هل يستأسِرُ الرَّجُلَ؟ ومَن لم يستأسِرْ، ومَن رَكَعَ
(91) أي: الذي أعدَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أيام محاصرته لبني قريظة للصلاة فيه، وليس المراد المسجد النبوي بالمدينة كما توهم بعضهم.
(92)
قلتُ: زاد أحمد من حديث عائشة الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 32 - باب": "فأنزلوه".
وإسناده جيد.، وقوَّاه الحافظ، وهو مخرَّج في "الصحيحة"(67).
(*) في الأصل: "تُسبي"، ولعل الصواب ما أثبته؛ فإنه مطابق لرواية "الفتح"، ولما في الرواية الآتية، وفيها الزيادة الأولى، وهي من جهة أخرى متجانسة مع الفعل الذي قبله:"تُقتَل".
(93)
قوله: "الملِك" بكسر اللام؛ أي: بحكم الله. نُقِل عن القاضي عياض أن بعضهم ضبطه في البخاري بكسر اللام وفتحها. قال الشارح: "فإن صح الفتح، فالمراد به: جبريل".
(94)
قوله: "باب قتل الأسير، وقتل الصبر"، وللكشميهني:"باب قتل الأسير صبراً"، وهي أخصر،
و (الصبر) لغة: الحبس، وإذا شُدَّت يدا رجلٍ وضُرِبتْ عُنقه يقال: قُتِلَ صبراً.
ركعتينِ عندَ القتلِ.
1329 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: بَعَثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْناً (95)، [منهم خُبَيْبٌ الأنصاريُّ 8/ 170]، وأمَّرَ عليهِم عاصِمَ بنَ ثابتٍ الأنصاريَّ، [وهو 5/ 40] جَدُّ عاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخطابِ، فانطلقوا، حتى إذا كانوا بِـ (الهَدْأَةِ)، وهو بين عُسْفانَ ومكةَ، ذُكِروا لِحَيٍّ مِن هُذَيْلٍ يُقالُ لهُم: بنو لِحْيَانَ، فنفروا لهُم قريباً من مائَتَيْ رجُلٍ، كُلُّهُم رامٍ، فاقْتَصُّوا آثارَهُم، حتى وَجَدوا مأكَلَهُم تَمْراً تَزَوَّدوهُ مِن المدينةِ [في منزلٍ نزلوه 5/ 11]، فقالوا: هذا تَمْرُ يثربَ، فاقتصُّوا آثارَهُم، فلمَّا رآهُم عاصمٌ وأصحابُهُ لَجؤُوا إلى فَدْفَدٍ، وأحاطَ بهمُ القومُ، فقالوا لهُم: انزِلوا وأعطونا بأيدِيكُم، ولكم العهدُ والميثاقُ ولا نقتلُ منكم أحداً. قالَ عاصمُ بنُ ثابت أميرُ السريةِ:[أيها القومُ!] أمَّا أنا فواللهِ لا أنزِلُ اليَوْمَ في ذِمَّةِ كافرٍ، اللهُمَّ! أخْبِرْ عنَّا نَبيَّكَ صلى الله عليه وسلم، فرَمَوْهُم بالنَّبْلِ فقَتَلوا عاصِماً في سبعةِ [نفرٍ]، فنزَلَ إليهِم ثلاثةُ رَهْطٍ بالعهدِ والميثاقِ؛ منهم خُبيبٌ الأنصاريُّ، و [زيدُ] بنُ دَثِنَةَ، ورجلٌ آخَرُ، فلمَّا اسْتَمْكَنوا منهُم؛ أطلقوا أوتارَ قِسِيِّهِمِ، فأوْثَقوهُم [بها]، فقالَ الرجلُ الثالثُ: هذا أولُ الغَدْرِ، واللهِ لا أصْحَبُكُم، إنَّ [لي] في هؤلاء لأُسْوَةً- يريد: القتلى- فجَرَّروهُ، وعالجوهُ على أن يَصْحَبَهُم فأبى، فقَتَلوهُ، فانطلقوا بخُبَيْبٍ وابنِ دَثِنَةَ، حتى باعُوهُما بمكةَ بعد وَقْعَةِ بَدْرٍ، فابتاعَ خُبَيْباً بنو الحارِثِ بن عامِرِ بنِ نوفَلِ ابنِ عبدِ منافٍ، وكانَ خُبَيْبٌ هو قتَلَ الحارِثَ بنَ عامرٍ يومَ بدرٍ، فلَبِث خُبيبٌ عندَهم أسيراً [حتى أجْمَعوا قَتْلَهُ].
(95) أي: جاسوساً.
فأخبرني عُبيدُ اللهِ بنُ عِيَاضٍ أنَّ بنتَ الحارِثِ أخْبَرَتْهُ أنَّهُم حينَ اجْتَمعوا استعارَ منها موسى يَسْتَحِدُّ بها، فأعارَتْهُ، فأَخَذَ ابناً لي وأنا غافِلَةٌ حينَ أتاهُ، قالَتْ:
فوَجَدْتُه مُجْلِسَهُ على فَخِذِهِ، والموسى بيدِهِ، ففَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ في وجهي، فقالَ: تَخْشَيْنَ أن أقْتُلَهُ؟ ما كنتُ لأفعَلَ ذلك [إن شاءَ اللهُ].
[قالت:] واللهِ ما رأيتُ أسيراً قطُّ خيراً من خُبَيْبٍ، واللهِ لقد وجَدْتُه يوماً يأكلُ مِن قِطفِ عِنَبٍ في يَدِهِ، وإنَّهُ لَمُوثَقٌ في الحديدِ، وما بمكةَ مِن ثَمَرٍ، وكانَت تقولُ: إنهُ لرِزْقٌ مِن اللهِ رَزَقَهُ خُبيباً.
فلمَّا خَرَجوا مِن الحَرَمِ لِيقتُلوهُ في الحِلِّ؛ قالَ لهُم خُبَيْبٌ: ذَروني أرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَتَركوهُ، فرَكَعَ ركعتين، ثم [انصرف إليهم، فـ] قالَ: لولا أنْ تَظُنُّوا أنَّ ما بي جَزعٌ لَطَوَّلْتُها، اللهُمَّ! أَحْصِهِم عَدَداً (96)، [واقْتُلْهُم بَدَداً (97)، ولا تُبْقِ منهُم أحداً، ثم أنشا يقولُ:]
فلستُ أُبالي حينَ أُقْتَلُ مُسْلماً
على أيِّ شِقٍّ (وفي روايةٍ: جَنْبٍ) كانَ للهِ مصْرَعي
وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإنْ يَشأْ
يُبارِكْ على أوصالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ (98)
[ثم قامَ إليه أبو سَرْوَعَةَ عقبةُ بنُ الحارثِ] فقَتَلَهُ، فكانَ خُبيبٌ هو [أولُ مَنْ]
(96) أي: عمهم بالهلاك.
(97)
بفتح الموحدة: يعني: متفرقين، فلم يحل الحول ومنهم أحد حي.
(98)
جسد متقطع.