الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهرم والكبر ومضاجعة الأجداث والحُفر. (1)
الوجه الثاني: أي خلاص تم لكم وأنتم ما زلتم مطالبين بالتكاليف والحساب يوم القيامة
؟
تتحدث نصوص الكتب المسيحية عن الدينونة والجزاء الأخروي الذي يصير إليه العصاة والمذنبون من المسيحيين وغيرهم، وهو مبطل لمعتقدات كافة الفرق المسيحية في الفداء، فالمسيحيون يتحدثون في أناجيلهم عن الدينونة التي يعطيها الله يومئذ للمسيح (وقد أعطاه السلطان لأن يدين)(يوحنا 5/ 27)، كما تتحدث النصوص المسيحية عن وعيد في النار لبعض أبناء البشر فدل ذلك على أنهم غير ناجين، فلم ينالهم الخلاص المزعوم (وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلَائِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ
…
ثُمَّ يَقُولُ أيضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلَاعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ المُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلَائِكَتِهِ) (متى 25/ 31: 42)، فلو كان الناس كلهم ينجون بالفداء كما قالت أكبر الكنائس لم يكن لهذه النصوص معنى (2).
ونحن نطرح سؤالًا على النصارى، فنقول لهم: إذا كان الكلمة قد تجسد لمحو الخطيئة الأصلية فما العمل في الخطايا التي تحدث بعد ذلك؟ .
والنصارى يجيبون عن ذلك فيقولون بالحرف الواحد: إذا عاد الناس إلى اجتراح الخطايا فالذنب ذنبهم؛ لأنهم نسوا النور وعشوا عنه مؤْثرين الظلمة بإرادتهم، ومعنى ذلك أن خطيئة واحدة مُحيت، وأن ملايين الخطايا سواها بقيت وجدَّت بعد ذلك، وسيُحاسب الناس على ما اقترفوه، وبعض ما اقترفوه أقسى من عصيان آدم، فلماذا كانت مظاهرة التجسد لخطيئة واحدة وتُركت خطايا لا تُعد. (3)
يقول بولس: "مُخَلِّصِنَا يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي أَبْطَلَ المَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالخُلُودَ"، فهل رُفعت العقوبات بموت المسيح، وهل رُفع حكم الصلب عن ذرية آدم؟ .
(1) تخجيل من حرف التوراة والإنجيل صى 408.
(2)
لكن شُبِّه لهم (78: 77).
(3)
موقف اليهود والنصارى من المسيح (447).
والصحيح أن شيئًا لم يتغير، فما زال الناس يموتون من لدن المسيح، يموت أبرارهم وفجارهم، فلم يبطل حكم الموت فيهم، فالمسيح لم يبطل بصلبه ولا بدعوته أي موت، لا الموت الحقيقي ولا الموت المجازي، إذ ما زال الناس في الخطيئة يتسربلون، ثم بعد ذلك يموتون.
وأما الموت الحقيقي فليس في باب العقوبة في شيء، بل هو أمر قد كتب على بني آدم، بَرهم وفاجرهم على السواء، قبل المسيح وبعده، وإلى قيام الساعة، وعليه نستطيع القول بأن ليس ثمة علاقة بين الموت وخطيئة آدم.
وكذلك فإن القصاصات الأخرى ما تزال قائمة، فما زال الرجال يكدون ويتعبون، وما تزال النساء تتوجع في الولادة
…
ويستوي في ذلك النصارى المفديون - حسب العهد الجديد - بدم المسيح وغيرهم.
والعجب من إصرار النصارى بعد وقوع هذه العقوبات على أن الذَّنْبَ ما زال مستمرًا، وأنه لابد من فادٍ بعد هذه العقوبات الشديدة التي نالها أصحابها (1).
فما السبيل للنجاة من هذه الخطايا التي لا تزال تُصدر وتُمارس من بني آدم إذا كانت التوبة والأعمال لا تؤدي إليها كما زعم بولمس، وقد تم الصلب والخلاص من خطيئة آدم منذ ألفي سنة، وقد حار علماؤنا في فهم نصوص الفداء المتناقضة كما حاروا في فهم ما يريده المسيحيون من الخلاص؟ ، هل الخلاص - أي الغفران - خاص بالمسيحيين تحديدًا أم هو لقوم يسوع من بني إسرائيل تعيينًا، أم أنه عام لكل البشر؟ (2).
وهل هو خاص بخطيئة آدم الموروثة، أم أنه خلاص عام من جميع الخطايا والذنوب؟ ، ثم إننا نسال النصارى هذين السؤالين: هل تغير حال الدنيا من بعد المسيح عما كان قبله؟ سيقولون: لا، هل أنتم امتزتم عن سائر الناس بشيء؟ سيقولون: لا، ذلك أنه لا مزية لهم عن سائر البشر، فإنهم يسعون في طلب الرزق كسائر الناس (3).
(1) هل افتدانا المسيح؟ (166).
(2)
لكن شُبِّه لهم (75: 70).
(3)
أقانيم النصارى (116).