الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأصفيائه الذين كانوا بحق حملة دينه والمبشرين بتعاليمه. (1)
ثامنًّا: بدع بولس في النصرانية
" لقد أدخل بولس على ديانته بعض تعاليم اليهود ليجذب له العامة من اليهود كما أدخل صورًا من فلسفة الإغريق ليجذب أتباعا له من اليونان، فبدأ يذيع أن عيسى منقذ ومخلص وسيد، استطاع الجنس البشري بواسطته أن ينال النجاة
…
"لقد أحدث بولس في المسيحية أحداثًا خطيرةً،
…
، وفي كلمة واحدة خلق دينًا جديدًا وسلب له كلمة المسيحية فوضعها عليه، وطمس بذلك الديانة المسيحية الحقيقية." (2)
ونبرز هنا بإيجاز نقاطا كبيرة الأهمية كانت عماد ديانة بولس وهي تنقسم إلى قسمين:
أولًا: بدع في العقيدة.
ثانيًا: بدع في الشريعة.
أولًا: بدع العقيدة:
1 -
أن المسيحية ليست دينًا لبني إسرائيل فقط، بل هي دين عالمي.
يقول بولس في رسالته إلى أهل غلاطية: "ثُمَّ بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدْتُ أيضًا إِلَى أُورُشَلِيمَ مَعَ بَرْنَابَا، آخِذًا مَعِي تِيطُسَ أيضًا. وَإِنَّمَا صَعِدْتُ بِمُوجَبِ إِعْلَانٍ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمِ الإِنْجِيلَ الَّذِي أَكْرِزُ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ"(2/ 1 - 2). والشاهد في هذا النص هو اعتراف بولس الصريح بأنه يكرز أي (يبشر) ويذيع أقواله بين الأمم وليس فقط بين بني إسرائيل.
وفي نفس الوقت نجد نصوصًا تعارض أقواله تلك بعمومية الدعوة المسيحية، من ذلك ما نسب إلى المسيح عليه السلام أنه قال:": "لَمْ أُرْسَلْ إِلَّا إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ".
(متى 15/ 24).
ويقول أيضًا: "هؤلَاءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلًا: "إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لَا
(1) هل العهد الجديد كلمة الله؟ (44 - 46).
(2)
انظر: المسيحية، أحمد شلبي، (ص 116، 127، 129) بتصرف يسير، بولس وتحريف المسيحية (47)، الإسلام والأديان الأخرى نقاط الاتفاق والاختلاف (139 - 146)، نظرة عن قرب في المسيحية (23 وما بعدها).
تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لَا تَدْخُلُوا. بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ" (متى 10/ 5 - 6).
2 -
التثليث ويتبع ذلك ألوهية المسيح وألوهية الروح القدس.
فمن البدع التي ابتكرها بولس في النصرانية أنه نقلها من التوحيد إلى تأليه المسيح عليه السلام، ثم تطورت بعد ذلك إلى ما هي عليه الآن من القول بالتثليث (الآب والابن والروح القدس) آلهة ثلاثة في واحد! ! ، وقد اكتمل القول بهذه العقيدة في "المجمع القسطنطيني الأول" عام 381 م، والذي تقرر فيه ألوهية الروح القدس". وبعد أن اختلق بولس القصة التي أراد أن يوهم بها المسيحييين بدأ يكرز في المجامع بأن المسيح ابن الله". (1)
3 -
كون عيسى ابن الله ونزوله ليضحي بنفسه تكفيرًا عن خطيئة البشر.
وهذه أيضًا من الأمور التي ابتدعها بولس في عقائد المسيحية، والذي قد زعم بأن عيسى هو ابن الله - تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا - وذلك ليصلب ويفدي البشر تكفيرًا عن الخطيئة التي انتقلت إليهم وراثيًا من أبيهم آدم لأكله من الشجرة المنهي عنها! !
يقول في رسالته لأهل غلاطية: "أَيُّهَا الْغَلَاطِيُّونَ الأَغْبِيَاءُ، مَنْ رَقَاكُمْ حَتَّى لَا تُذْعِنُوا لِلْحَقِّ؟ أَنْتُمُ الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ المُسِيحُ بَيْنَكمْ مَصْلُوبًا"(3/ 1)
ويقول أيضًا: "وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلَّا بِصَلِيبِ رَبِّنَا يسُوعَ المسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالمِ."(رسالة بولس إلى أهل غلاطية (6/ 14).
ويقول في رسالته إلى أهل كولوسي: "شَاكِرِينَ الآبَ الَّذِي أَهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ، الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ محَبَّتِهِ، الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا."(1/ 12 - 14).
"والمسيحيون يحاولون التعليل لذلك: "بأن الله من صفاته العدل والرحمة، فبمقتضى عدله لا بد من أن يعاقب آدم وذريته لتلك الخطيئة، وبمقتضى الرحمة لابد أن يعفوا عنهم،
(1) التحريف والتناقض في الأناجيل الأربعة (ص 82).