الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإنسان الفطرية من نكاح وتناسل وطعام وشراب، هل محبة هذه المحبوبات عداوة لله؟ !
2 -
وفي مرة أخرى ينسب متى إلى المسيح أنه قال: "وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أنفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ"." (متى 19/ 12).
3 -
ويذكر متى دعوة المسيح إلى التخلي عن الدنيا بما فيها الحاجات الأساسية والضرورية للحياة الإنسانية السوية، فقد جاءه رجل فقال للمسيح بأنه حفظ الوصايا كلها:"21 قَال لَهُ يَسُوعُ: "إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تكُونَ كَامِلًا فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلَاكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَال اتْبَعْنِي". فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرةٍ.
فَقَال يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ: "الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ! وَأَقُولُ لَكُمْ أيضًا: إِنَّ مُرُورَ جَمَل مِنْ ثَقْب إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إلى مَلَكُوتِ الله! ". 25 فَلَمَّا سَمِعَ تَلَامِيذُهُ بُهِتُوا جِدًّا قَائِلِينَ: "إِذًا مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟ " 26 فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَال لَهُمْ: "هذَا عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ عِنْدَ الله كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ"." (متى 19/ 20 - 25).
فهذا النص وأمثاله محارب لدفعة الحياة التي بها يقوم العمران والحضارات.
ثانيًا: العجز التشريعي للعهد الجديد:
ورأى المحققون أيضًا أن تشريعات الأناجيل عاجزة عن إقامة الحياة المستقيمة المتكاملة بما تحمل هذه الأناجيل من مثالية مقيتة يستحيل أن تصلح الحياة معها.
1 -
ومن ذلك ما نسبه متى إلى المسيح: "، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أيضًا"(متى 5/ 39)، وقد ورد النص في مقابل القصاص، ولذلك فهو إلغاء لشريعة القصاص، أو إضافة أخلاقية تفتقر إلى المعقولية، وكأني به يحث على الرضا بالضيم والظلم، وهو ولا ريب سبب عظيم في ظهور الفساد والبغي.
ومثله قول لوقا: "مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أيضًا، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلَا تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أيضًا. وَكُلُّ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَخَذَ الَّذِي لَكَ فَلَا تُطَالِبْهُ."(لوقا 6/ 29 - 30)، فهل يصنع هذا أحد من العقلاء؟ ولو صنعه الناس فأي واقع من الظلم
والاضطهاد والشرور سيكون؟ !
وهنا نتساءل: لو كان هذا النص من كلام المسيح، فلم خالفه عندما ضربه خدم رؤساء الكهنة فلم يعرض له الخد الآخر، بل قال له:"23 أَجَابَهُ يَسُوعُ: "إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟ ""(يوحنا 18/ 23).
كما ثمة تساؤل آخر يبحث عن إجابة: هل طبقت الكنيسة هذا الخلق في جولة من جولاتها أم أن واقع الحال يؤذن بأن هذا المقال من المحال، وإذا عجزت الكنيسة والمسيح عن ذلك، فغيرهما عنه أعجز.
2 -
ويحرم العهد الجديد الطلاق إلا بعلة الزنا، فيقول:"فَالَّذِي جَمَعَهُ الله لَا يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ "
…
9 وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلَّا بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي"."(متى 19/ 6 - 9).
وهذا التشريع سبب من أسباب انتشار البغاء، إذ هو المخرج والسبيل الذي يلجأ إليه أولئك الذين حالت مشاكل الحياة واختلافات البشر دون إكمال مسيرتهم الزوجية، وحرم عليهم العهد الجديد أن يبنوا حياتهم على الطُهر من جديد، ولا يمكن أن تستقيم الحياة مع هذا التشريع العجيب، إذ ثمة أمور كثيرة تجعل الحياة بين الزوجين ضربًا من المحال، ولا مخرج من ضنكها إلا الطلاق، الذي بمنعه تقع الكثير من المضار، وهو ما دفع الكنيسة البروتستانتية لإباحة الطلاق، وهو ما تحاول الكنائس الأخرى إقراره بغية الخروج من هذا التشريع الغريب. وأما ما ذكره متى من علة تحريم الطلاق وهو قوله:"فَالَّذِي جَمَعَهُ الله لَا يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ"" (متى 19/ 6) فليس بصحيح، لأن الزواج ليس جمعًا إلهيًا بين اثنين، بل هو اتفاق بين اثنين على الزواج وفق شريعة الله وسنّته، فمثله في ذلك مثل سائر الشعائر التي أمر بها الله.
3 -
وثمة عجز تشريعي آخر تواجهه أسفار العهد الجديد في مواجهة متطلبات الحياة الإنسانية، وهو منع الزواج بأكثر من واحدة كما يفهم من (كورنثوس (1) 7/ 1 - 5)، وهو ما تجمع عليه الكنائس النصرانية المختلفة، بينما تشير الإحصائيات إلى زيادة مطردة في
أعداد النساء، ففي انجلترا تزيد النساء على الرجال أربعة ملايين امرأة، وفي ألمانيا خمسة ملايين، وفي أمريكا ثمانية ملايين، فكيف يحل العهد الجديد هذه المشكلة التي ستتفاقم آثارها إذا تابع النصارى قول بولس في الحث على التبتل وترك الزواج " 8 وَلكِنْ أَقُولُ لِغَيْرِ المتزَوِّجِينَ وَللأَرَامِلِ، إِنَّهُ حَسَنٌ لهمْ إِذَا لَبِثُوا كَمَا أَنَا. 9 وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَضْبُطُوا أنفُسَهُمْ، فَلْيَتَزَوَّجُوا."(كورنثوس (1) 7/ 8 - 9)، إن نتيجة هذا التعليم هي الفضائح التي تهز جنبات الكنيسة وتقرعها كل يوم، لتثبت أن الفطرة لا تُغلب، وأن هذا التوجيه ليس من كلمة الله، لأن الله يعلم ما يصلح عباده ويناسب أحوالهم.