الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكنائس عديد من الاعتبارات، سوف تزول ويأتي الوقت الذي نفصح فيه عن كل شيء، وقد احتفظ رجال الكهنوت بكثير من الأسرار، وأباحوا الرموز للشعب، وهذه سنة جرى عليها جميع الكهنة من قبل المسيحية، وقد أشار السيد المسيح إلى هؤلاء الكهنة، عندما وجه القول إلى الفريسيين والصدوقيين من اليهود قائلًا لهم:"لا تضعوا المصباح تحت المكيال" وقد عنى المسيح بالمكيال: الرموز والطقوس.
كما عنى بالمصباح الحقائق المستورة تحت الرموز والطقوس" (1).
الفصل الثاني: العبادات في عصر المسيح عليه السلام
-.
عندما ندرس العبادات التي جاء بها السيد المسيح، لا بد أن نطلع على عبادات العقائد التي كانت سائدة آنذاك في فلسطين والحضارات المجاورة، وخاصة عبادات اليهود والرومان، باعتبار أن الطرفين كانا الأكثر وضوحًا من حيث عقائدهما عند مجيء السيد المسيح عليه السلام.
أما العبادات في اليهودية فإن كثيرًا من المصادر دونت لها ووصفتها، وكذلك بثت الأناجيل شيئًا منها.
والواقع أن الحقبة التاريخية التي سبقت مجيء المسيح بحوالي مئة عام شهدت انطلاقًا شديدًا لتابعي اليهود فالظروف التي وجد فيها اليهود لم تكن مشجعة لهم على إقامة الشعائر الدينية، لأن الحملات الآشورية ثم البابلية والفارسية واليونانية قد تركت طابعًا لم يكن من السهل إزالته، حيث انتشرت في طول البلاد وعرضها العبادات الوثنية على اختلافها، وشيدت في كل أنحاء فلسطين معابد وهياكل لآلهة عديدة وكثيرة.
وأما ديانة يهوه فاضطهدت وضعفت، بل في كثير من الأحيان لم تعد كديانة من الديانات الأخرى الموجودة في البلاد بل أصبحت ديانة مكلفة كان ثمنها في بعض الأحيان حياة الذين كانوا يتمسكون بها ويحيونها حياة عملية.
وفي عام 167 ق. م قام أنطيخوس الرابع بإقامة تمثال يحتمل أن يكون تمثال جوبيتر
(1) الأديان في كفة الميزان، نقلا من النصرانية والإسلام (98).
الأولمبي في نفس المكان الذي كان فيه ما يسمى مذبح التقدمة. وبذلك اعتبر اليهود هذا العمل بأنه نجس بيت الرب. وقد أصدر هذا الإمبراطور قرارًا يمنع اليهود من تقديم الذبائح والعبادة لله في بيت الرب. وكان هدف هذا القرار توحيد الديانة الرومانية والقضاء على تنوع الديانات. والوقع أن هذا القرار كان ضد جميع الديانات وليس الديانة اليهودية فحسب. وكان من يتعجد لآلهة أخرى ويقدم لها الذبائح يحكم عليه بالموت وآنذاك أرغم اليهود على أكل لحم الخنزير.
وكان من العادات اليهودية تعيين رئيسًا للكهنة الذين يكهنون لبيت الرب وقد عرفنا من خلال الأناجيل أن زكريا عليه السلام وهو الذي عاصر بداية حياة المسيح، كان يكهن للرب، لا سيما عندما جاء الملاك جبريل وبشر بولده يحيى.
وعندما ننظر إلى واقع العبادات لدى اليهود لابد لنا أن نشير إلى أنهم كانوا عدة فرق، وكان أهمها فرقة الفريسيين التي عاندت السيد المسيح ورفضت ما بشر به، وفي الوقت نفسه كانت جماعة الأسينيين في قمران تؤسس لنفسها عالمًا خاصًّا بها. وقد برزت أيضًا فرقة الأتقياء من الفريسيين كجماعة ترفض الاندماج وتبني الثقافة الرومانية، وبرزت أيضًا فرقة الصدوقيين التي كانت تؤيد الحكم الروماني ولكنها ظلت على يهوديتها.
وكان عدد الكهنة الصدوقيين أكثر من غيرهم حتى انقلب الأمر للفريسيين زمن المسيح، وكان الصدوقيون يؤمنون بأسفار موسى الخمسة، ويرفضون كل تقليد شفهي وكل الطقوس الخاصة بالطهارة، وكان الصدوقيون أيضًا يرفضون قيامة الأموات كما أنهم لا يؤمنون بالملائكة ولا بالشيطان، ولا يؤمنون بالعناية الإلهية، ويعتقدون أن الإنسان حر في اختيار الخير ورفض الشر.
وقبل ظهور المسيح بسنوات بدا واضحًا أن اليهود على مختلف أحزابهم آنذاك تركوا التمسك بالناموس والمكتوب، واشتركوا في عبادات ومعاملات غير يهودية وقد تواطأت طبقة الكهنة آنذاك مع الرومان.