الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه ذكر من غير نسبته إلى أحد - كما جاء في إنجيل مرقس ورسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس، وليس واحد من هذه الأربعة تنصرف إليه كلمة إنجيل من غير نسبته إلى صاحبه.
ولأنه ذكر في رسالة بولس إلى أهل رومية منسوبًا إلى المسيح الابن. وليس واحد من هذه الأناجيل يستحق هذا الاسم.
لهذا كله نقول: ليس هذا الإنجيل واحدًا منها كما تقضي بذلك طبيعة السياق، وكما يقضي بذلك العقل وإذا كان الأمر كذلك، فهل لنا أن نفهم أن هناك إنجيلًا أصيلًا نزل على عيسى وكرز به على حدّ تعبيرهم ووعظ ويعتبر الأصل لهذه الديانة؟ . (1)
وهل إذا وجد ذلك الإنجيل يكون حجة في أيدي المسيحيين؟
إننا نعتقد - بلا شك - أنَّه لو كان موجودًا بعينه لكان حجة في أيدي المسلمين لأنَّ منزل كل من الإنجيل والقرآن الكريم واحد وهو الله تعالى، فلا يمكن عقلا أن يختلفا أو يتناقضا. (2)
المبحث الخامس: إنجيل برنابا
تمهيد:
لقد ظهر إنجيل جديد كشف عنه البحث العلمي، وقد حمل من الإمارات ما يدلّ على أنَّه في نشأته يمتد إلى أبعد أعماق التاريخ المسيحي، وأبعد أغواره.
وهو يشبه الأناجيل القائمة في أنَّه قصة المسيح من ولادته إلى اتهامه، ويحكي محاوراته، ومناقشاته، وخطبه، ولكن الكنيسة لم تعترف به، وأنكرته. فليس معتبرًا عند المسيحيين مصدرًا دينيًا، ولكنه متداول بين علماء الأمم الأوروبية، وقد اتجهوا إليه بالبحث والعناية، والاهتمام ولم يمنعهم من ذلك إنكار الكنيسة له وذلك الإنجيل هو إنجيل برنابا، فما هي قصته؟ (3).
أولًا: من هو برنابا
؟
يقول قاموس الكتاب المقدس: "برنابا: اسم آرامي معناه" ابن الوعظ"، وهو لاوي
(1) ماذا تعرف عن المسيحية 85 - 86، التحريف والتناقض في الأناجيل الأربعة 60.
(2)
التحريف والتناقض في الأناجيل الأربعة 59.
(3)
محاضرات في النصرانية (63).
قبرصي الجنس، اعتنق المسيحية في زمان الرسل فترك علاقاته العلمية وابتدأ يجاهد في نشر بشرى الخلاص في العالم، ويحث الناس على اعتناق المسيحية، ويعزيهم في مصابهم، ولذلك سماه الرسل برنابا أي ابن الوعظ بعد ما كان اسمه أولًا يوسف" (1).
وجاء ذكره في أعمال الرسل التي ينسب تدوينها إلى لوقا، فقد جاء في 4/ 36 - 37:" 36 وَيُوسُفُ الَّذِي دُعِيَ مِنَ الرُّسُلِ بَرْنَابَا، الَّذِي يُتَرْجَمُ ابْنَ الْوَعْظِ، وَهُوَ لَاوِيٌّ قُبْرُسِيُّ الْجِنْسِ، 37 إِذْ كَانَ لَهُ حَقْلٌ بَاعَهُ، وَأَتَى بِالدَّرَاهِمِ وَوَضَعَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ."
وقد ذهب برنابا للدعوة في أنطاكية وكان داعية ناجحًا: "22 فَسُمِعَ الْخَبَرُ عَنْهُمْ فِي آذَانِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَأَرْسَلُوا بَرْنَابَا لِكَيْ يَجْتَازَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. 23 الَّذِي لمَّا أَتَى وَرَأَى نِعْمَةَ الله فَرِحَ، وَوَعَظَ الْجَمِيعَ أَنْ يَثْبُتُوا فِي الرَّبِّ بِعَزْمِ الْقَلْبِ 24 لأَنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَمُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَالإِيمَانِ. فَانْضَمَّ إِلَى الرَّبِّ جَمْعٌ غَفِيرٌ. 25 ثُمَّ خَرَجَ بَرْنَابَا إِلَى طَرْسُوسَ لِيَطْلُبَ شَاوُلَ. وَلمَّا وَجَدَهُ جَاءَ بِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ."(أعمال 11/ 22 - 25).
وذكر المؤرخون أن وفاته كانت سنة 61 م في قبرص، حيث قتله الوثنيون رجما بالحجارة ودفنه ابن أخته مرقس الإنجيلي (2).
فيتضح من هذا أن برنابا إما من الحواريين الإثنى عشر (3) وإما من الرسل السبعين، ولا يحتمل وجود برنابا آخر؛ لأنه لم يرد ذكر لغير برنابا واحد في جميع المراجع، وملامحه واحدة فيها كلها. (4)
ومهما يكن من شيء في هذا الأمر، وهو كونه من الحواريين أو ليس منهم، فإن برنابا حجة عند المسيحيين، وهو من الملهمين في اعتقادهم، فإن صحت نسبة هذا الإنجيل إليه كان ما
(1) ص 172.
(2)
هل العهد الجديد كلمة الله؟ ، منقذ السقار (ص 111). نقلا عن: اليهودية والمسيحية، تأليف/ محمَّد ضياء الدين الأعظمي (ص 353 - 356).
(3)
انظر إنجيل برنابا (الفصل الرابع عشر/ فقرة 13) حيث ذكر اسمه ضمن الاثنى عشر الذين اختارهم المسيح.
(4)
المسيحية، تأليف/ أحمد شلبي (ص 219).