الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومع ولادة المسيح وظهوره على ساحة الدعوة كانت العبادات اليهودية وكذلك المعاملات تسير جنبًا إلى جنب مع عبادات الوثنيين من الرومان ومعاملاتهم.
والواقع أنه لو رجعنا إلى تاريخ اليهود لرأينا أن الفترة التي بدأ فيها المسيح دعوته كانت فترة اضطراب وقلق وعدم استقرار من الناحية السياسية والدينية.
ومع ذلك كله فإننا نجد أن العبادات اليهودية وكذلك المعبد بقيت على حالها زمن بعثة المسيح.
إلا أن تطور العقيدة المسيحية بعد رفع المسيح لحق التطور في العبادات نفسها. فالصلاة تطورت وكذلك الصيام وكذلك بقية الأمور المتعلقة بالقرابين والمعبد والأعياد وتبرز الصلاة كأهم أنواع العبادات التي اهتم بها كتبة الأناجيل والقائمون على العقيدة النصرانية. وقد عرفنا أن اليهود قد أقاموا الصلاة، وعرف منهم الصلاة في أوقات ثلاثة، وكذلك الصلاة في أيام معروفة محددة.
وقد وردت في الأناجيل إشارات عديدة لصلاة السيد المسيح عليه السلام إن كانت في بيت الرب أو في أماكن أخرى.
وكذلك عرف السيد المسيح الصيام وقام به، وقد ظهر ذلك في الأناجيل بشكل واضح. وهناك عبادات أخرى كالأدعية وتقديم القرابين والاغتسال والقيام بالامتناع عن المحرمات كشرب الخمر أو الزنا أو هتك الأعراض والتعرش بالناس.
وكل هذه الأمور أصبحت تشريعات طورها الكهنة وكبار رجال الدين في العقيدة النصرانية.
الخدمة الكهنوتية
يورد إنجيل لوقا في الفصل الأول أن زكريا كان يقوم بالخدمة الكهنوتية أمام الله في دور فرقته، وألقيت القرعة جريًا على سنة الكهنوت فأصابته ليدخل مقدس الرب ويحرق البخور، وكانت جماعة الشعب كلها تصلي في خارجه عند إحراق البخور، فمن خلال ما جاء في هذا الإنجيل نعرف أنه مع ولادة المسيح كانت هناك طقوس سائدة لدى اليهود. فهناك خدمة كهنوتية في بيت الرب يقوم بها كبير فرقة من فرق الكهنوت اليهودية، وهناك قرعة تجرى لمعرفة دور من يكهن.
ويرافق هذا العمل حرق البخور الذي هو عادة موجودة فرضتها التقاليد التي بثتها التوراة. وإلى جانب ذلك هناك صلاة جماعية يقوم بها الناس خارج المقدس الذي يكون بداخله الكاهن الأكبر.
ويتضح أيضًا أن هناك ما يسمى مذبح البخور، حيث يحرق فيه البخور لتكملة مهمة التقديس.
وقد أورد القرآن الكريم قصة زكريا وتعبده ودعائه.
فحسب النص القرآني فإن زكريا كان يتعبد بالصلاة في المحراب.
يقول الله: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 11].
إذن فهناك صلاة وهناك تعبد في المحراب، وليس هناك شديد اختلاف في الإطار العام.
وجاء في إنجيل لوقا أنه لما انقضت ثمانية أيام فحان للطفل أن يختن سمي يسوع كما سماه الملاك قبل أن يحبل به.
وجاء أيضًا: ولما حان يوم طهوره بحسب شريعة موسى صعدا به إلى أورشليم ليقرباه للرب. كما كتب في شريعة الرب أن كل بكر ذكر ينذر للحرب وليقربا كما ورد في شريعة الرب زوجي يمام أو فرخي حمام.
فنرى أن المسيح عليه السلام يختن وهو ابن ثمانية أيام وذلك تطبيقًا لسنة إبراهيم عليه السلام وشريعة اليهود، التي سارت في الختان على نهج إبراهيم. فالختان إذًا من العبادات أو الطقوس التي كانت سائدة حين ولد المسيح عليه السلام.
ويتضح أيضًا أن هناك طقوسًا للطهارة تقوم بها المرأة بعد ولادتها بأربعين يومًا أما الغلام الذي يراد تطهيره فينذر للرب ثم يفدى بقربان.
ويتضح أيضًا أن قربان الفقراء من الناس كان عبارة عن فرخين من الحمام، أما الأغنياء فكانوا يقربون حملًا، وهذا ما ورد في نصوص التوراة، وخاصة في أسفار موسى الخمسة.
ويرد في الفصل الثاني من إنجيل لوقا أن هناك نبية هي حنة ابنة فانوئيل كانت متعبدة بالصوم والصلاة ليل نهار.
وهذه أيضًا إشارة لوجود صلاة وصوم عند اليهود زمن ولادة السيد المسيح. ويأتي في لوقا أن أبويه كانا يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح.
فعيد الفصح من أعياد اليهود المعروفة ويدوم عدة أيام.
وفي الفصل الثالث من لوقا تظهر عادة التعميد وقد ابتدعها يوحنا وهي من الأمور الهامة التي ترتبط بالعقيدة النصرانية.
جاء فيه (أنا أعمدكم بالماء)(وكان يقول للجموع التي تخرج إليه لتعتمد عن يده)(ولما اعتمد الشعب كله واعتمد يسوع أيضًا وكان يصلي).
وندرك أن التعميد من صنع يوحنا وليس من صنع المسيح بمعنى أن هذه العادة سبقت خدمة المسيح.
ويتضح من الفصل الرابع أن المسيح عليه السلام كان يصوم أربعين يومًا وليلة. وقد نجد ذلك في التوراة عند الحديث عن موسى عليه السلام عندما ذهب ليتلقى تعاليم ربه. وقد ورد ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} (البقرة: 51).
وقد ورد أيضًا قول لوقا: مكتوب: (للرب إلهك تسجد) وهذا يعني أن في العقيدة السائدة زمن السيد المسيح سجودًا. والسجود لله لا يتم إلا في صلاة.
ومن عادات العبادات أن الناس كانوا يتعبدون يوم السبت ويذهبون إلى معبد الرب، يقول لوقا ودخل المجمع يوم السبت على عادته وقام ليقرأ.
ويمر أيضًا في إنجيل لوقا أن المسيح أمر الأبرص الذي شفاه وقال له: (اذهب إلى الكاهن فأره نفسك ثم قرب برئك ما أمر به موسى شهادة لديهم)، وهذا يعني أن الذي كان يشفى من مرض ما يقدم تقدمة وقربانًا للرب حسب ما قالت شريعة موسى.
وأورد إنجيل لوقا أن تلاميذ يوحنا يكثرون من الصوم ويقيمون الصلوات.
ويرد أيضًا: (وفي تلك الأيام ذهب إلى الجبل ليصلي فأحيا الليل كله في الصلاة).
ويرد أيضًا: (وبينما هو يصلي تبدل منظر وصارت ثيابه بيضًا تتلألأ كالبرق).