الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
هل كان الله في هذه الأيام أخرسًا بدون نطق! ! تنزه وتعالى سبحانه وتعالى عن ذلك.
هم يقولون أيضًا إنه الله وهنا أيضًا نتسائل - كما يقول ابن القيم - "أخبرونا من كان الممسك للسماوات والأرض حين كان ربها وخالقها مربوطًا على خشبة الصليب وقد شدت يداه ورجلاه بالحبال وسمرت اليد التي أتقنت العوالم فهل بقيت السموات والأرض خلوا من إلهها وفاطرها وقد جرى عليه هذا الأمر العظيم؛ أم تقولون استخلف على تدبيرها غيره وهبط عن عرشه لربط نفسه على خشبة الصليب وليذوق حر المسامير وليوجب اللعنة على نفسه ......... ". (1)
الوجه الثالث: تناقض روايات الصلب تبطل معتقدهم
.
وأيضًا إن روايات القيامة متناقضة فيما بينها تناقضًا عظيمًا - كما سبق -.
يقول شارل جنيبير: "إن روايات الإنجيل التي وصلت إلينا والتي تتعلق بقيامة المسيح لتبدو للمؤرخ الناقد نوعًا من الإنشاءات التي لا تنسجم عناصرها، قد بنيت على ذكريات مبهمة وتفاصيل متعارضة". (2)
وقد وضحنا ذلك بالأدلة في الفصول السابقة.
الفصل الثاني: تناقضات روايات قصة القيامة
.
وتتحدث الأناجيل الأربع عن قيامة المسيح بعد دفنه، وتمتلئ قصص القيامة في الأناجيل بالمتناقضات التي تجعل من هذه القصة أضعف قصص الأناجيل.
1 -
الخلاف في رؤية المسيح بعد ذلك يقول متى (28): إن ملكًا لاقى امرأتين وأخبرهما أن المسيح قام من الأموات: "فَخَرَجَتَا سَرِيعًا مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ، رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلَامِيذَهُ. 9 وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلَامِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لَاقَاهُمَا وَقَال: "سَلَامٌ لَكُمَا". فتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ. 10 فَقَال لَهما يَسُوعُ: "لَا تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولَا
(1) هداية الحيارى، ابن القيم (148).
(2)
المسيحية نشأتها وتطورها (49) وانظر: تأثر المسيحية بالأديان الوضعية (565 - 566).
لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي". "
ويقول لوقا: إن ملكين قابلا النساء، وذاكرهن بقول المسيح أنه سيقوم فرجعن من القبر وأخبرن التلاميذ فلم يصدقوهن، وحسب هذه الرواية لم يقابلن المسيح مطلقًا.
ويختلف يوحنا في الرواية كذلك، فيقول: إن المرأة قابلت المسيح أثناء وجودها مع الملكين عند القبر، وأنه قال لهما:"وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلِهَكُمْ". "
2 -
من ذهب إلى القبر؟ وماذا حدث وقتئذ؟ ومتى كان ذلك؟
يقول متى (28/ 1)"1 وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ المُجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ. 2 وَإِذَا زَلْزَلَة عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلَاكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الحجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ.".
ويقول مرقس (16/ 1)"1 وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ المُجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ. 2 وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. 3 وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: "مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟ " 4 فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأنَّهُ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا. وَلمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ الْيَمِينِ لَابِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ."
ويقول لوقا (24/ 1)" 1 ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، أَوَّلَ الْفَجْرِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلَاتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ، وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ. 2 فَوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجًا عَنِ الْقَبْرِ، 3 فَدَخَلْنَ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوعَ. 4 وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذلِكَ، إِذَا رَجُلَانِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ. "
فتأمل الاختلاف والتناقض الغريب في الحالة الواحدة:
1 -
يقول الأول: من ذهب إلى القبر هما مريم المجدلية ومريم الأخرى.
ويقول الثاني: إنهن ثلاثة لا اثنتان والثالثة هي سالومة.
ويقول لوقا (23/ 55): إنهن نساء عديدات ولم يعينهن، وذكر أن معهن أناس.
2 -
يقول الأول: حين أتيتا إلى القبر حدثت زلزلة عظيمة، والآخران يظهر من كلاهما
واضحا، أنه لم تحدث أية زلزلة.
3 -
يقول الأول: إنهما حين جاءتا إلى القبر، نزل ملاك الرب أمامهما ودحرج الحجر وجلس عليه.
ويقول الثاني: إنهن وجدن الحجر موضوعا على القبر فقلن لأنفسهن من يدحرج الحجر فرأين الحجر قد دحرج.
ويقول الثالث: إنهن أقبلن على القبر فوجدن الحجر مدحرجا من قبل.
4 -
يقول الأول: إن ملاك الرب جلس على الحجر.
ويقول الثاني: إنه كان جالسا في القبر على اليمين.
ويقول الثالث: إنهن لقين رجلين في القبر بثياب براقة.
5 -
يقول مرقس: إن مريم ومريم وسالومة ذهبن إلى القبر إذ طلعت الشمس.
ويقول يوحنا: إنه لم تكن إلا امرأة واحدة هي مريم المجدلية وقد أتت "الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظَّلَامُ بَاق."(يوحنا 20/ 1).
وأيضًا يخالفهم يوحنا مخالفات كبيرة: "1 وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ المُجْدَليَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظَّلَامُ بَاق. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعًا عَنِ الْقَبْرِ. 3 فَرَكَضَتْ وَجَاءَتْ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَإِلَى التِّلْمِيذِ الآخَرَ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ، وَقَالتْ لَهُمَا: "أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ، وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ! ". 11 أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجًا تَبْكِي. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ، 12 فَنَظَرَتْ مَلَاكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ وَاحِدًا عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ، حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعًا. 13 فَقَالا لَهَا: "يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ " (يوحنا 20).
فأي تناقض بعد هذا؟ ! ثم يزعم النصارى أن هذا هو كلمة الله، {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)} (البقرة/ 79).
3 -
متى أتت الزائرات إلى القبر؟
تتحدث الأناجيل عن زائراتٍ للقبر في يوم الأحد، ويجعله مرقس بعد طلوع الشمس، فيقول:"2 وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. 3 وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: "مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟ ""(مرقس 16/ 2 - 3).
لكن لوقا ومتَّى يجعلون الزيارة عند الفجر، وينصُّ يوحنا على أن الظلام باقٍ، يقول يوحنا:"1 وفي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ المُجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظَّلَامُ بَاق. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعًا عَنِ الْقَبْرِ."(يوحنا 20/ 1) " (انظر: متى 28/ 1، لوقا 24/ 1).
ولنقرأ محاولة الأب متى المسكين في الجمع بين الفجر وطلوع الشمس، فقد قال:"فالاختلاف ناتج أن النسوة قمن باكرًا جدًّا والظلام باق، وأتين إلى الباب، باب غربي المدينة، وانتظرن هناك إلى أن فتحوا الباب الذي لا يفتح إلا في شروق الشمس، وهكذا بين أن قمن ووصلن في الفجر عند الباب وخرجن والشمس قد طلعت؛ كانت المفارقة". (1)
ولا ريب أن القارئ يدرك أن أحدًا من الإنجيليين ولا المؤرخين يدري عما يكتبه الأب المسكين عن باب المدينة المغلق، كما يدرك أن تفسير الأب للقصة يكذب ما قاله يوحنا الذي يقول:"جَاءَتْ مَرْيَمُ المُجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظَّلَامُ بَاق."، لقد وصلت المجدلية إلى القبر والظلام باق، وليس إلى باب المدينة الغربي الذي لا يفتح إلا بعد شروق الشمس!
4 -
من زار القبر؟
أما الزائرات والزوار، فهم حسب يوحنا مريم المجدلية وحدها كما في النص السابق "جَاءَتْ مَرْيَمُ المُجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا"(يوحنا 20/ 1 - 3).
وأضاف متى مريمَ أخرى أبهمها "جَاءَتْ مَرْيَمُ المُجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ."(متى 28/ 1).
لكن مرقس يخبر قراءه أن الزائرات هن مريم المجدلية وأم يعقوب وسالومة، فيقول:"اشْتَرَتْ مَرْيَمُ المُجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ."(مرقس 16/ 1).
(1) الإنجيل بحسب القديس متى (دراسة وتفسير وشرح) الأب متى المسكين (830).
وأما لوقا فيخبر أن القادمات للزيارة كن نساء كثيرات ومعهن أناس، يقول لوقا:"55 وَتَبِعَتْهُ نِسَاءٌ كُنَّ قَدْ أَتَيْنَ مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ، وَنَظَرْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جَسَدُهُ. 56 فَرَجَعْنَ وَأَعْدَدْنَ حَنُوطًا وَأَطْيَابًا. وَفِي السَّبْتِ اسْتَرَحْنَ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ."، " 1 ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، أَوَّلَ الْفَجْرِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلَاتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ، وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ. 2 فَوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجًا عَنِ الْقَبْرِ"(لوقا 23/ 55 - 24/ 1 - 2). وهذا كله إنما كان في زيارة واحدة.
5 -
متى دحرج الحجر؟
ثم هل وجد الزوار الحجر الذي يسد القبر مدحرجًا أم دُحرج وقت الزيارة؟
يقول متى: "2 وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلَاكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ."(متى 28/ 2)، فيفهم منه أن الدحرجة حصلت وقتذاك.
بينما يذكر الثلاثة أن الزائرات وجدن الحجر مدحرجًا، يقول لوقا:"أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلَاتٍ الحنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ، وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ. 2 فَوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجًا عَنِ الْقَبْرِ"(لوقا 24/ 2)(وانظر: مرقس 16/ 4، يوحنا 20/ 1).
6 -
ماذا رأت الزائرات؟
وقد شاهدت الزائرات في القبر شابًا جالسًا عن اليمين، لابسًا حُلة بيضاء حسب مرقس (انظر: مرقس 16/ 5)، ومتَّى جعل الشاب ملاكًا نزل من السماء. (انظر: متى 28/ 2)، ولوقا جعلهما رجلين بثياب براقة. (انظر: لوقا 24/ 4).
وأما يوحنا فقد جعلهما ملَكين بثياب بيضٍ، أحدهما عند الرأس، والآخر عند الرجلين. (انظر يوحنا 20/ 12).
7 -
أين لقيت المجدلية المسيح؟ ومن الذي بشرها بقيامة المسيح؟
لقد كانت زائرات القبر أول من رأين المسيح، فأين حصل هذا اللقاء.
يجيب يوحنا بأنه كان داخل قبر المسيح، حين كانت المجدلية (وهي الزائرة الوحيدة
حسب يوحنا) تتحدث إلى الملائكة، " 13 فَقَالا لَهَا:"يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ " قَالتْ لَهُمَا: "إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي، وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ! ". 14 وَلَمَّا قَالتْ هذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ، فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. 15 قَال لَهَا يَسُوعُ:"يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟ " فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالتْ لَهُ:"يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ". 16 قَال في يَسُوعُ: "يَا مَرْيَمُ" فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالتْ لَهُ: "رَبُّونِي! " الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ." (يوحنا 20/ 13 - 16)، ونلحظ هنا أنَّها اكتشفت أن المسيح مازال حيًّا من غير إخبار الملائكة لها، فقد رأته وتعرفت عليه بعد برهة من حديثه معها.
وأما إجابة متى عن السؤال فهي مختلفة، فإنه يرى أن المجدلية وصاحبتها قد لقيتاه خارج القبر، بل بعيدًا عنه، فقد قال لهما الملاك مبشرًا بنجاة المسيح:": "لَا تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ. 6 لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لأنَّهُ قَامَ كَمَا قَال! هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعًا فِيهِ. 7 وَاذْهَبَا سَرِيعًا قُولَا لِتَلَامِيذِهِ: إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ ترَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا". 8 فَخَرَجَتَا سَرِيعًا مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ، رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلَامِيذَهُ. 9 وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلَامِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لَاقَاهُمَا وَقَال: "سَلَامٌ لَكُمَا". فتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ. 10 فَقَال لَهُمَا يَسُوعُ: "لَا تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولَا لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي"."(متى 28/ 5 - 10).
وهكذا فحسب متى كان اللقاء بعيدًا عن القبر، وكانت البشارة بقيامته من قبل الملائكة، لا المسيح نفسه، ليتجدد السؤال: أي الإنجيلين أصاب كبد الحقيقة وأيهما أخطأها؟ وهل يمكن أن يكون مصدر ذا وذاك الله؟
8 -
هل أسرت الزائرات الخبر أم أشاعته؟
ويتناقض مرقس مع لوقا في مسألة: هل أخبرت النساء أحدًا بما رأين أم لا؟ فمرقس يقول: "وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئًا لأَنَهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ."(مرقس 16/ 8)، ولوقا يقول:"9 وَرَجَعْنَ مِنَ الْقَبْرِ، وَأَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهذَا كُلِّهِ."(لوقا 24/ 9).
9 -
لمن ظهر المسيح أول مرّة؟
وتختلف الأناجيل مرّة أخرى في عدد مرات ظهور المسيح لتلاميذه، وفيمن لقيه المسيح في أول ظهور؟ فمرقس ويوحنا يجعلان الظهور الأول لمريم المجدلية. (انظر: مرقس 16/ 9، يوحنا 20/ 14). ويضيف متى: مريم الأخرى. (انظر: متى 28/ 9).
بينما يعتبر لوقا أن أول من ظهر له المسيح هما التلميذان المنطلقان لعمواس (انظر: لوقا 24/ 13).
10 -
كم مرّة ظهر المسيح؟ وأين؟
ويجعل يوحنا ظهور المسيح للتلاميذ مجتمعين ثلاث مرات. (يوحنا 20/ 19، 26) بينما يذكر الثلاثة للمسيح ظهورًا واحدًا (انظر: متى 28/ 16، مرقس 16/ 14، لوقا 24/ 36).
ويجزم لوقا المتتبع لكل شيء بتدقيق أن المسيح ظهر للتلاميذ مرّة واحدة، وقد رُفع في نهاية هذه المقابلة، فيقول:"وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسْطِهِمْ، وَقَال لهمْ: "سَلَام لَكُمْ! " 37 فَجَزِعُوا وَخَافُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحًا
…
وَأَخْرَجَهُمْ خَارِجًا إِلَى بَيْتِ عَنْيَا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَبَارَكَهُمْ. 51 وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ، انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ. " (لوقا 24/ 36 - 51).
وهذا اللقاء الأول والأخير بين المعلم وتلاميذه يرى لوقا أنه قد تم في أورشليم، فيقول:"وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ مُجْتَمِعِينَ، هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ 34 وَهُمْ يَقُولُونَ: "إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالحْقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ! 35 وَأَمَّا هُمَا فَكَانَا يُخْبِرَانِ بِمَا حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ، وَكَيْفَ عَرَفَاهُ عِنْدَ كَسْرِ الْخُبْزِ. 36 وَفِيمَا هُمْ يَتكَلَّمُونَ بِهذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسْطِهِمْ، وَقَال لهمْ:"سَلَامٌ لَكُمْ! "" (لوقا 24/ 33 - 36).
بينما يقول صاحباه (متى ومرقس) بأن ذلك كان في الجليل" 16 وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الجْلِيلِ إِلَى الجْبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. 17 وَلمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، "(متى 28/ 16 - 17)، (وانظر مرقس 16/ 7)، فهل كان لقاؤهم الأول مع المسيح في الجليل أم في أورشليم؟
11 -
هل حضر توما اللقاء الأول مع المسيح؟
وعند غض الطرف عن عدد ظهورات المسيح للتلاميذ فإنا نتساءل عن الحضور الذين رأوا المسيح في اللقاء الأول حيث كان التلاميذ مجتمعين في أورشليم أو الجليل، هل كانوا جميعًا موجودين أم أن أحدهم وهو توما الشكاك كان غائبًا عن هذا اللقاء؟
متّى يرى أن التلاميذ الاثني عشر كانوا موجودين خلا يهوذا الخائن، فيقول:"16 وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الجْلِيلِ إِلَى الجْبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. 17 وَلمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا."(متى 28/ 16 - 17)، يفهم منه أن توما كان أحد أولئك الساجدين حينذاك، ولعله هو من عناه متى حين قال:"وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا".
لكن يوحنا يجزم بغياب توما عن اللقاء الأول، ويقول:"24 أَمَّا تُومَا، أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُقَال لَهُ التَّوْأَمُ، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. 25 فَقَال لَهُ التَّلَامِيذُ الآخَرُونَ: "قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ! "."(يوحنا 20/ 24 - 25)، والحديث بالطبع عن اللقاء الأول، وقد لقيه بعد ذلك بثمانية أيام، وشكّ في شخص من يراه، وأراه المسيح يديه ورجليه كما قال يوحنا. (انظر يوحنا 20/ 26 - 27).
لكن العجب كل العجب فيما أضافه بولس في اللقاء الأول، لقد أضاف ضيفًا غريبًا ثقيلًا، وهو يهوذا الأسخريوطي، التلميذ الخائن الهالك، فقد قال:"4 وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ، 5 وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ."(كورنثوس (1) 15/ 4 - 5)، إنه تناقض صارخ آخر من تناقضات هذه الرواية التي تعتبر بحق أضعف أجزاء العهد الجديد.
12 -
كم بقي المسيح في الأرض قبل رفعه؟
ونشير أخيرًا إلى تناقض كبير وقعت فيه الأناجيل، وهي تتحدث عن ظهور المسيح، ألا وهو مقدار المدة التي قضاها المسيح قبل رفعه.
ويفهم من متى ومرقس أن صعوده كان في يوم القيامة (انظر: متى 28/ 8 - 20، مرقس 16/ 9 - 19، ولوقا 24/ 1 - 53).
بيد أن مؤلف أعمال الرسل - والمفترض أنه لوقا - جعل صعود المسيح للسماء بعد