الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتخذوا الشاقل أيضًا في عهد موسى. (1)
لكن الطامة الكبرى والداهية العظمى أن يذكر خبر وفاة موسى عليه السلام وندب بني إسرائيل له، وذلك في أسفار تنسب إلى موسى، فقد جاء في سفر التثنية "5 فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. 6 وَدَفَنَهُ فِي الجوَاءِ فِي أَرْضِ مُوآبَ، مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ إِنْسَان قَبْرَهُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. 7 وَكَانَ مُوسَى ابْنَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ، وَلَمْ تَكِلَّ عَيْنُهُ وَلَا ذَهَبَتْ نَضَارَتُهُ. فَبَكَى بَنُو إِسْرَائِيلَ مُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا. فَكَمُلَتْ أَيَّامُ بُكَاءِ مَنَاحَةِ مُوسَى."(التثنية 34/ 5 - 8)، والملاحظ دومًا أنه حديث عن الماضي البعيد، وليس إخبارًا عن المستقبل. (2)
4 - مسميات ظهرت بعد موسى
.
وتذكر الأسفار الخمسة أسمًاء كثيرة لمسميات لم يعرفها بنو إسرائيل إلا بعد موسى، ولم تسم بهذه الأسماء إلا بعد قرون من وفاة موسى، فكيف ذكرتها توراة موسى إذًا؟
1 -
ومنها "وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ"(التكوين 14/ 14) وقد سميت بهذا الاسم في عهد القضاة، أي بعد موسى بما يربو على مائة سنة، يقول سفر القضاة: "وَجَاءُوا إِلَى لَايِشَ
…
وَدَعَوْا اسْمَ الْمَدِينَةِ "دَانَ" بِاسْمِ دَانٍ أَبِيهِمِ" (القضاة 18/ 27 - 29).
2 -
ونحوه ما جاء في التكوين وفيه 15"لأَنِّي قَدْ سُرِقْتُ مِنْ أَرْضِ الْعِبْرَانِيِّينَ"(التكوين 40/ 15)، ولم تسم فلسطين بهذا الاسم في عهد موسى، إذ لم يدخل العبرانيون إليها بعد.
3 -
ومثله "27 وَجَاءَ يَعْقُوبُ إِلَى إِسْحَاقَ أَبِيهِ إِلَى مَمرا، قَرْيَةِ أَرْبَعَ، الَّتِي هِيَ حَبْرُونُ"(التكوين 35/ 27)، ولم تسم حبرون (الخليل) بهذا الاسم إلا في عهد يشوع، كما ورد في سفره" وَأَعْطَى حَبْرُونَ لِكَالبَ
…
15 وَاسْمُ حَبْرونَ قَبْلًا قَرْيَةُ أَرْبَعَ" (يشوع 14/ 13 - 15)، فالكاتب لسفر التكوين أدرك دخول يشوع لفلسطين، ورأى تغيير اسم المدينة من أربع إلى حبرون. (3)
(1) الكتب المقدسة بين الصحة والتحريف (79).
(2)
المصدر السابق (73).
(3)
وانظر: توراة اليهود وابن حزم، تأليف/ عبد الوهاب عبد السلام طويلة (60 - 72).
4 -
اعترافات مثيرة.
وبعد هذا كله كان لابد من أن يعترف أهل الإنصاف من أهل الكتاب بعدم صحة نسبة الأسفار الخمسة إلى موسى، وقد كان من أوائل من فعل ذلك منهم، ابن عزرا الحبر اليهودي الغرناطي (ت 1167 م) حين ألغز اعترافه ببراءة موسى من هذه الأسفار، وذلك لمخافته القتل والاضطهاد فقال في شرحه لسفر التثنية: "فيما وراء نهر الأردن
…
لو كنت تعرف سر الإثني عشر .. كتب موسى شريعته أيضًا
…
وكان الكنعاني على الأرض
…
سيوحي به على جبل الله
…
ها هوذا سريره، سرير من حديد، حينئذ تعرف الحقيقة" ولم يجرؤ ابن عزرا على كشف الحقيقة فألغزها.
وقد فسر اليهودي الناقد (اسبينوزا) قول ابن عزرا بأنه أراد بأن موسى لم يكتب التوراة لأن موسى لم يعبر النهر، ثم إن سفر موسى قد نقش على اثني عشر حجرًا بخط واضح، فحجمه ليس بحجم التوراة، ثم لا يصح أن تقول التوراة بأن موسى كتب التوراة، ثم كيف يذكر أن الكنعانيين كانوا حينئذ على الأرض؟ ، فهذا لا يكون إلا بعد طردهم منها، وأما جبل الله فسمي بهذا الاسم بعد قرون من موسى، وسرير عوج الحديدي جاء ذكره في التثنية (3/ 11 - 12) بما يدل على أنه كتب بعده بزمن طويل.
• ويعترف أيضًا في القرن التاسع عشر القس نورتن بعدم صحة نسبة الأسفار إلى موسى فيقول: "التوراة جعلية يقينًا، ليست من تصنيف موسى". (1)
• وفي مدخل طبعة للكتاب المقدس باللغة الإنجليزية صدرت عام 1971 م سجل محررو الطبعة تشككًا في إلصاق الأسفار بموسى فقالوا: "مؤلفه موسى على الأغلب".
• وفي مدخل التوراة الكاثوليكية نقرأ: "ما من عالم كاثوليكي في عصرنا يعتقد أن موسى ذاته كتب كل التوراة منذ قصة الخليقة، أو أنه أشرف على وضع النص الذي كتبه عديدون بعده، بل يجب القول بأن هناك ازديادًا تدريجيًا سببته مناسبات العصور التالية
(1) انظر: في مقارنة الأديان، محمد عبد الله الشرقاوي، (71 - 75)، الغفران بين الإسلام والمسيحية، إبراهيم خليل أحمد، (44 - 46).