الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو البشارة بخلاصه بل هو عمل ينصاعون إليه وينفذونه.
وهذا الوحي الذي آتاه الله سيحاسب الناس بحسبه يوم القيامة "من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه، الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير، لأني لم أتكلم من نفسي"(يوحنا 12/ 48 - 49). (1)
رابعًا: إقرار علمائهم بوجود إنجيل المسيح وفقده
ونقل العلامة رحمة الله الهندي في كتابه الماتع إظهار الحق عن بعض علماء النصرانية إقرارهم بوجود إنجيل يسوع قبل ضياعه واختفائه، ومنهم مارش وليكرك وكوب وأكهارن وغيرهم.
يقول أكهارن: "إنه كان في ابتداء الملة المسيحية في بيان أحوال رسالة المسيح رسالة مختصرة يجوز أن يقال أنها هي الإنجيل الأصلي، والغالب أن هذا الإنجيل كان للمريدين الذين كانوا لم يسمعوا أقوال المسيح بآذانهم، ولم يروا أحواله بأعينهم، وكان هذا الإنجيل بمنزلة القلب وما كانت الأحوال المسيحية مكتوبة فيه على الترتيب".
إذن فهؤلاء الأحرار يقرون أنَّه كان هناك إنجيل يعد من المسيحية بمنزلة القلب، ولكنه غير موجود، فهل لنا أن نقول أن ذلك الإنجيل هو المشار إليه في أقوال متى ونرقس، وبولس السابقة، وهو الذي نزل على عيسى، أهو إنجيله وإنجيل الله؟ ليت، وهل ينفع ليت، ليت هذا الإنجيل قائم، وحرصت الكنيسة على بقائه، وقامت بحياطته ليكون فيصلًا بين المختلفين، وحكمًا بين الفرق والمفترقين، وليكون قسطاس المجامع القديمة والحديثة التي حكمت حين الانشقاق، وليكون مصدرًا علميًّا لمن يكتب في المسيحية الأولى ويتبعها في مدارجها في أحقاب الزمن وملابسات التاريخ. (2)
خامسًا: هل هذه الأناجيل المعتمدة الآن هي إنجيل المسيح
؟
لا بد أن نعلم أن هذه الأناجيل لم تنزل على المسيح ولم يملها وذلك لا نزاع فيه بين
(1) هل العهد الجديد كلمة الله 97 - 98.
(2)
إظهار الحق 2/ 379، هل العهد الجديد كلمة الله 98، محاضرات في النصرانية 52.
النصارى أنفسهم وإليك بيان ذلك:
نقل الشيخ رشيد رضا عن دائرة المعارف الفرنسية أن الأناجيل الأربعة المعتمدة لدى النصارى ما ظهرت إلا بعد ثلاثة قرون من تاريخ المسيح عليه السلام وهي متعارضة، مجهولة الأصل والتاريخ، بل وقع الخلاف بينهم في مؤلفيها واللغة التي ألفوا بها، كما أن نسخها الأصلية فقدت.
ويقول فضيلة الأستاذ الشيخ محمَّد أبو زهرة رحمه الله إن الأناجيل الأربعة، لم يملها المسيح، ولكنها كتبت بعده، وبالتالي فليست هي الوحي الذي أوحي إليه، وهي كما تشتمل على أخبار المسيح من وقت ولادته حتى الوقت الحكم عليه بالموت صلبًا - وصلبه بالفعل على حدّ اعتقادهم - فإنها أيضًا تشتمل على أخبار يوحنا المعمدان حتى قتله).
وأما رسل الرسائل فإن كتابها لم يدعوا لأنفسهم أنهم رسل من الله حتى يمكن القول بأن ما حرروه وحي من الله أو الهام منه. اللهم إلا ما جاء عن بولس، فهو يذكر في رسائله أنَّه يتكلم عن الله وأحيانًا يقول إنه يتكلم عن نفسه، مع أنَّه لا يوجد في كتب المسيحية ما يشهد له بالرسالة أو الإلهام أو الإيمان، سفر أعمال الرسل.
وهذه الأناجيل المعتمدة رسميًا ليست - بدون شك - ذلك الإنجيل الأصلي المنزل على عيسى عليه السلام، وهذا باعترافهم، ويعلل الإمام أبو زهرة ذلك فيقول:
ففي هذا كله نجد كلمة إنجيل أو كلمة بشارة (وهي ترجمة كلمة إنجيل اليونانية) مضافة إلى ملكوت الله، كما في إنجيل متى ومرقس، وإنجيل الابن كما في رسالة بولس إلى أهل رومية، وكلمة الإنجيل من غير إضافة كما في إنجيل مرقس ورسالة بولس إلى أهل كورنثوس الأولى، ولا شك أن الإنجيل المذكور في كل هذا ليس واحدًا من هذه الأناجيل لأنها:
لا تضاف إلا إلى أصحابها باتفاق النصارى، لأنَّ المسيح قد وعظ بهذا الإنجيل - كما جاء في عبارة متى التي نقلناها - ولم يكن واحد من هذه الأناجيل قد وجد في عهده بالاتفاق.
ليس من المعقول أن يعظ بأقوال تلاميذه وهم بعد لا يزالون في دور التعليم.
لأنَّ هذا الإنجيل قد ذكر في هذه الأناجيل على أنَّه كان قائمًا في عهد عيسى.