الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"إن فريقًا من علماء البروتستانت يعتقدون كذب الرسالة العبرانية
…
". (1)
أما مدخل الرهبانية اليسوعية فيقول: "لا شك أن الأدلة التي تنقض صحة نسبة الرسالة إلى بولس هي كثيرة .. فللمرء أن يعتقد أن الرسالة من إنشاء واحد من أصحاب بولس، أما الاهتداء إلى اسم الكاتب على نحو أفضل فلا سبيل إلى طلبه .. فلابد آخر الأمر من التسليم بأننا نجهل اسم الكاتب".
ثالثا: الرسائل الكاثوليكية ورؤيا يوحنا اللاهوتي
وهذه الرسائل سبع رسائل ثلاث منها ليوحنا، وثنتان لبطرس، وواحدة لكل من يهوذا ويعقوب، ثم رؤيا يوحنا اللاهوتي.
وعرف المحققون بأصحاب هذه الرسائل وهم من التلاميذ الاثني عشر.
فبطرس هو صياد سمك في كفر ناحوم، ويعرف بسمعان، ويرجح محررو قاموس الكتاب المقدس أنه كان من تلاميذ يوحنا المعمدان قبل أن يصحب المسيح، ويتقدم على سائر تلاميذه، وقد دعا في أنطاكية وغيرها، ثم قتل في روما في منتصف القرن الميلادي الأول.
ويذكر بطرس قرماج في "مروج الأخبار" أن بطرس ومرقس ينكران ألوهية المسيح. وأما يعقوب فهو ابن زبدي الصياد - أخو يوحنا الإنجيلي - من المقربين للمسيح، وقد تولى رئاسة مجمع أورشليم سنة 34 م، وقد كانت وفاته قتلًا على يد أغريباس الأول عام 44 م على الأرجح، وقال آخرون: قتله اليهود حين طرحوه من جناح الهيكل ورموه بالحجارة سنة 62 م.
وأما يهوذا فلا تقدم المصادر عنه تعريفًا سوى أن تذكر أنه اختلف فيه هل هو يهوذا أخو يعقوب الصغير أي أنه ابن زبدي، أم أنه الحواري الذي يدعى لباوس الملقب تداوس؟ . (2)
وهذه الرسائل تعليمية في محتوياتها، شخصية في طريقة تدبيجها، تحوي في مقدمتها
(1) انظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي (1/ 163 - 165)، الفارق بين المخلوق والخالق، عبد الرحمن باجي، ص (306)، اليهودية والمسيحية، محمد ضياء الدين الأعظمي، ص (325 - 327).
(2)
انظر: قاموس الكتاب المقدس، ص (174 - 176، 1075)، يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء، رؤوف شلبي، ص (194 - 199).
اسم مؤلفها غالبًا.
ورغم ذلك فإن نسبة هذه الرسائل كانت محل جدل طويل في قرون النصرانية الأولى، وينطبق على أكثرها ما ذكرناه في رسالة العبرانيين، حيث تأخر الاعتراف إلى أواسط القرن الرابع الميلادي برسالة بطرس الثانية ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة ورسالتي يعقوب ويهوذا، ورؤيا يوحنا اللاهوتي الذي كان موضع جدل كبير قبل إقراره.
إذ يحوي هذا السفر رؤيا منامية غريبة هدفها تقرير ألوهية المسيح، وإثبات سلطانه في السماء، وخضوع الملائكة له، إضافة إلى بعض التنبؤات المستقبلية التي صيغت بشكل رمزي وغامض.
وهذه الرؤيا رآها يوحنا في منامه وهي مسطرة في سبعة وعشرين صفحة! ! ومثل هذا يستغرب في المنامات ولا يعهد.
وقد شكك آباء الكنيسة الأوائل كثيرًا في هذا السفر. يقول (كيس برسبتر الروم) 212 م: "إن سفر المشاهدات (الرؤيا) من تصنيف سرنتهن الملحد"، ومثله قاله ديونسيش من القدماء.
يقول لوثر: "إن هذا السفر لا يعلّم عن المسيح، ولا يشير إليه بوضوح، ولا يتضح فيه أنه من وحي الروح القدس".
وأما خلفه المصلح زونجلي فقد قال: "ليس لنا شأن بسفر الرؤيا؛ لأنه ليس سفرًا كتابيًا، فليس فيه طعم كتابات يوحنا .. وفي وسعي أن أرفضه".
ويعقب المفسر باركلي فيكتب: "وقد اشترك مع لوثر وزونجلي كثيرون".
كما نقل عن بعض المفسرين قولهم: "إن عدد الألغاز الموجودة في سفر الرؤيا يساوي عدد كلماته، وقال آخر: إن دراسة الرؤيا تصيب الإنسان بالخبل، أو إن الذي يحاول القيام بها مخبول". (1)
ويقول مدخل الرهبانية اليسوعية لهذا السفر: "لا يأتينا سفر يوحنا بشيء من الإيضاح عن كاتبه، لقد أطلق على نفسه اسم يوحنا، ولقب نبي، ولم يذكر قط أنه أحد
(1) تفسير العهد الجديد (سفر الرؤيا)، وليم باركلي، ص (9).
الاثني عشر. هناك تقليد على شيء من الثبوت، وقد عثر على بعض آثاره منذ القرن الثاني، وورد فيه أن كاتب الرؤيا هو الرسول يوحنا .. بيد أنه ليس في التقليد القديم إجماع على ذلك، وقد بقي المصدر الرسولي لسفر الرؤيا عرضة للشك
…
إن آراء المفسرين في عصرنا متشعبة، ففيهم من يؤكد أن الاختلاف في الإنشاء والبيئة والتفكير اللاهوتي تجعل نسبة الرؤيا والإنجيل الرابع إلى كاتب واحد أمرًا عسيرًا.
ويخالفهم مفسرون آخرون في الرأي، ويرون أن سفر الرؤيا والإنجيل يرتبطان بتعليم الرسول عن يد كتبة ينتمون إلى بيئات يوحنا في أفسس"، ويقول المفسر وليم باركلي في مقدمة تفسيره للسفر: "وليس من المحتمل أن يكون الكاتب رسولًا، فلو أنه كان رسولًا لوضع تبريره على هذه الحقيقة أكثر من تبريره على أنه نبي، ثم إنه يتكلم عن الرسل كأغراب عليه .. فإن هذا أسلوب شخص يؤرخ لفترة خدمة الرسل، بل إن عنوان السفر يوحي بهذه الفكرة، فهو "رؤيا يوحنا اللاهوتي" ولعل لقب "اللاهوتي" أي عالم اللاهوت قد أضيف إلى اسم يوحنا الكاتب ليميزه عن يوحنا الرسول.
ويقول ديوفيسيوس رئيس مدرسة الإسكندرية عام 250 م: إن يوحنا كاتب الرؤيا لا يمكن أن يكون هو نفسه يوحنا كاتب البشارة، لأن الأسلوب اليوناني مختلف جدًّا بين الإثنين". (1)
وهكذا فالسفر لا دليل يثبت كتابة يوحنا له، وغاية ما يمكن قوله أنه كتب على يد كتبة مجهولين تربوا على يد يوحنا في أفسس.
ومما نقله المحققون في تكذيب نسبة الرسائل الكاثوليكية أو بعضها على الأقل تكذيب هورن لها، واحتج بعدم وجودها في الترجمة السريانية القديمة.
ويقول أوسابيوس: "قبل الجميع دون جدال أسفارنا المعروفة الآن ما خلا الرسالة إلى العبرانيين ورسالة يعقوب ورسالة يهوذا ورسالة بطرس الثانية وسفر الرؤيا ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة، فقد قبلها الجمهور، ولكن البعض شكّ فيها .. وأما رسالتا يوحنا
(1) تفسير العهد الجديد (سفر الرؤيا)، وليم باركلي، ص (21).
فهما خطابان شخصيان يصعب برهنة صدق قانونيتهما". (1)
ونقل راجوس تكذيب علماء البروتستانت صحة نسبتها إلى الحواريين، ويقول جيمس ميك: إن الدلائل تثبت أن كاتب هذه الرسالة (رسالة يعقوب) ليس يعقوب.
وقال المؤرخ يوسي بيس في تاريخه: "ظُن أن هذه الرسالة جعلية، لكن كثيرًا من القدماء ذكروها، وكذا ظُن في حق رسالة يهوذا، لكنها تستعمل في كثير من الكنائس".
وعن رسالة يهوذا يقول المحقق كروتيس في كتابه "تاريخ البيبل": "هذه الرسالة رسالة يهوذا الأسقف الذي كان خامس عشر من أساقفة أورشليم في عهد سلطنة أيد دين"، فجعل هذا المحقق رسالة يهوذا من عمل أسقف عاش في القرن الثاني الميلادي.
كما لا تسلم الكنيسة السريانية حتى الآن بصحة الرسالة الثانية لبطوس، والثانية والثالثة ليوحنا، ويقول اسكالجر: من كتب الرسالة الثانية لبطرس فقد ضيع وقته. (2)
وعن كاتب رسالة بطرس الثانية تقول مقدمة الرسالة في نسخة الرهبانية اليسوعية: "لا يزال الرأي القائل أن كاتب الرسالة هو سمعان بطرس موضوعًا للنقاش، يثير كثيرًا من المتاعب، فلا يحسن من جهة أن يُجعل شأن كبير للإشارات التي أخبر فيها الكاتب عن حياته، والتي قال فيها أنه الرسول بطرس (أي كان المؤلف المجهول يكذب وهو يزعم أنه بطرس الرسول)، فإنها تعود إلى الفن الأدبي المعروف بالوصايا
…
لا يبدو أن الكاتب ينتمي إلى الجيل المسيحي الأول
…
ولما كان لا يسوغ الإفراط في تأخير تاريخ رسالة مشبعة على هذا النحو بالتقاليد اليهودية المسيحية يسوغ اقتراح نحو السنة 125 م تاريخًا لإنشاء الرسالة، وهو تاريخ ينفي عنها نسبتها المباشرة إلى بطرس".
ويقول التفسير التطبيقي عنها: "لسنا على يقين من تاريخ كتابة هذه الرسالة أو لمن كتبت، كما أن كاتبها محل جدل كثير، وبسبب ذلك كانت (رسالة) بطرس الثانية آخر سفر
(1) علم اللاهوت النظامي، جيمس أنِس، ص (64).
(2)
إظهار الحق، رحمة الله الهندي (1/ 163 - 164)، اليهودية والمسيحية، محمد ضياء الدين الأعظمي، ص (338 - 339)، يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء، رؤوف شلبي، ص (188 - 189).